الخاتمة.

 

خاتمة الكتاب

مع قراءات، من سفر التكوين إلى العهد الجديد، انتهينا من التأمّل في نصوص من سفر التكوين. شرحناها وما استنفدناها. بدأنا في »محطات كتابية« (26) وواصلنا في »محطات كتابية« (31). فهذا السفر الذي قدّم لنا لاهوت الخلق، خلق الكون والانسان: الانسان على صورة الله ومثاله. هو واحد قبل أن يصير اثنين في الزواج. والخطيئة الحاضرة منذ حضر الانسان على الأرض. أراد الانسان (آدم) أن يصير الله، فيقرّر ما هو خير وما هو شرّ. ثم طلب قايين أن يُلغي أخاه، بانتظار حرب مدمّرة تُفني القبائل على مثال لامك الذي ما عرف أن يضع حدٌّا لشريعة الانتقام. وكانت خطيئة ضد الخالق، أعادت فيها المياه كل شيء إلى »العدم؛ فمات كل حيّ. وخطيئة الكبرياء التي برزت في بابل، قبل أن تتشتّت البشريةُ، منتظرةً أن تجتمع في شخص يسوع المسيح (أف 1:10).

وبرزت وجوه ستكون في أصل الذين يطلبون الربّ. ارتبط الشعب العبرانيّ بهم وكأنهم أجداده. لا على مستوى اللحم والدم، بل على مستوى الايمان والقرابة الروحيّة. اعتبروا في وقت من الأوقات أنه يكفي الانسان أن يُختن لكي يكون من نسل ابراهيم. فنزع يوحنا المعمدان القناع عن الوجوه فقال: يستطيع الله أن يخرج من هذه الحجارة نسلاً لابراهيم (مت 3:9). في هذا الإطار، زكا العشار الخاطئ، هو إبن ابراهيم (لو 19:9). والسورية الفينيقيّة كانت ابنة ابراهيم بسبب إيمانها. وكذا نقول عن قائد المئة. قال لها يسوع: »ما أعظم إيمانك يا امرأة« (مت 15:28). وقال لقائد المئة: كثيرون من الناس يجيئون من المشرق والمغرب، ويجلسون إلى المائدة (مائدة الملكوت، في حياة من السعادة مع الله) مع ابراهيم واسحاق ويعقوب (مت 8:11).

نحن جئنا من المشرق الذي وصل إلى الهند والصين ومنغوليا، كما جئنا من المغرب، مغرب الشمس، وصولاً إلى أوروبا، بل أميركا. نحن قريبون من ابراهيم بإيمانه. وهو يعلّمنا الكثير من الاتكال على الله، والسماع لكلامه في طاعة تامة. ونحن قريبون من يعقوب: بدأ بالحيلة لكي يتدبّر حياته. وفي النهاية، عاد إلى وجه ابراهيم، فتعلّم الاستسلام لله: »إن كان الله معي، وحفظني في هذه الطريق التي أسلكها...« (تك 28:20). كم نحن قريبون ممَّن دُعيَ أبا الآباء، بعد أن اجتمعت على اسمه القبائل الاثنتا عشرة. في أي حال، مع الكنيسة التي أسّسها يسوع، الاثنا عشر رسولاً يجمعون المؤمنين من العالم كله، بعد أن مضوا من أورشليم واليهودية والسامرة، فوصلوا إلى أقاصي الأرض (أع 1:8). وصلوا إلى رومة »ملخص« العالم الوثني الذي اضطهد الكنيسة محاولاً إفناءها. ولكن أبواب الجحيم لا تقوى عليها (مت 16:18).

أجل، ابراهيم يخصّنا. وكذلك اسحاق في قبوله بأن يكون ذبيحة تكريمية لله. ويعقوب يخصّنا. وهو من اختاره الله، كما يعني اسمه: يعقب إيل. لا بحسب الاشتقاق الشعبي: تعقّب أخاه. فيعقوب يمثل الشعب العبري، تجاه عيسو الذي يمثل الشعب الادومي. ولابان، الشعب الأرامي. فكل شعب يجد جذوره في شخص من الأشخاص. أما نحن شعب الله الجديد، فنجد جذورنا في يسوع المسيح. هو الابن الوحيد ونحن أبناء معه. هو الوارث ونحن الوارثون معه. هو الكلمة العائش لدى الله. فإليه تصل كلمات العهد القديم وعنده تكتمل. أما كلماتنا فتنطلق منه لتحمل البشارة إلى الآخرين، فنسمع من يمتدحنا: »ما أجمل أقدام المبشّرين، المنادين على مسامعنا بالسلام، الحاملين بشارة الخير والخلاص«. (أش 53:7).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM