لا مجال للخوف.

 

لا مجال للخوف

آ26. فلا تخافوهم. لا ينهى هنا عن الخوف الطبيعيّ من الموت أو العذابات، بل عن الفشل الصادر عن الخوف، حتّى يجعلهم يزيغون عن الإيمان أو البرّ، أو يهملون الوظيفة المسلَّمة إليهم. لأنَّه لا خفيّ إلاّ سيَظهر ولا مكتومٌ إلاّ سيُعلم. والمديح الخفيّ زمانًا يظهر أعظم ظهور إذ ينير الله خفيّات الظلام (1 كو 4: 5). كأنَّه يقول: وإن ثلبكم اليهود بأنَّكم لستم رسلاً، بل رسل بعلزبوب، فلا تخافوهم ،لأنَّ الله سيُظهر صدق إيمانكم وتعليمكم، لا في يوم الدين فقط، بل في هذه الحياة أيضًا.

آ27. فالذي أقوله لكم بهذا الشأن في الظلمة، يعني خفية، قولوه أنتم في النور، أي جهرة. وما سمعتموه بآذانكم، أي سرًّا، فاكرزوا به على السطوح، أي علانية، وأذيعوه على الجميع في المسكونة كلِّها.

آ28. لا تخافوا ممَّن يقتلُ الجسد ولا يستطيعُ أن يقتُلَ النفس، خافوا خاصَّة ممَّن يُمكنُه أن يُهلكَ النفسَ والجسدَ في جهنَّم. كأنَّه يقول: لا تُنكروا إيماني أو تكفُّوا عن الإنذار به، أو تفعلوا شيئًا لا يليق به خشية الموت الذي يهدِّدكم به المضطهِدون. فإن صنعتم ذلك تقعون بموت الجسد والنفس معًا، وهو أشدُّ قساوة وأكثر دوامًا، أي أنَّه أبديّ. قال فم الذهب* في ميمره للشعب: "من خاف جهنَّم دائمًا لا يقع في نار جهنَّم أبدًا".

آ29. أليس عصفوران يُباعان بفلسٍ واحد، وواحدٌ منهما لا يسقطُ على الأرضِ دونَ إرادةِ أبيكم؟ معناه أنَّ العصافير الزهيدة القيمة جدًّا، تدبِّرها عناية الله وتهتمُّ بها، ولا يثوي ولا يموت أحدها دون عنايته، فكم الأحرى بالله أن يسوسكم ويهتمّ بكم، أنتم أعوانه الذين تُنذرون بمجده؟ ومع أنَّه جعل

آ30. شعورَ رؤوسِكم كلَّها محصاةٌ***، أي معدودة ولا تسقط شعرة واحدة منها دون إرادته، كما روى لو 21: 18. فإذًا

آ31. لا تخافوا. إنَّكم لأفضلُ من عصافيرَ كثيرة. فإذًا لا يستطع أحد أن يُفقدكم الحياة أو أن يضربكم بشيء دون إرادة سيِّدكم. فكونوا آمنين ومطمئنِّين في كلِّ شدَّة واضطهاد.

آ32. كلُّ مَنْ يعترفْ بي قدّامَ الناس، أي ُيقرُّ باعتراف مطلق وبثبات أنّى المسيح ابن الله، ربّه وفاديه، ويعبدني بما أنّي كذلك، متمسِّكًا بتعليمي (ومن هنا أخذ اسم المعترفين)، أو يُقرُّ أمام الولاة والمضطهدين بأنّي المسيح ابن الله، أعترفْ به قدّامَ أبي الذي في السماء، وأمام الملائكة والناس، وأحسبه تلميذًا لي ومعترفًا لي وشهيدًا لأجلي، وأكرمه وأكلِّله في بيت أبي ومجده.

آ33. ومَنْ يُنكرْني قدّام الناس أنكرْه قدّام أبي في السماوات. زاد المسيح ذلك حتّى من لا يحرِّكه عِظم الوعد يخيفه جسيم الوعيد والتهديد، فكما يعترف المخلِّص بمن يعترف به، كذا ينكر من ينكرونه، قائلاً لهم: لا أعرفكم، اذهبوا عنّي يا فعلة الإثم (مت 7: 23)

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM