سفر التكوين: الفصل الأوّل

Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin-top:0in; mso-para-margin-right:0in; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0in; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;}

سفر التكوين:

الفصل الأوّل

أعتدنا خصوصًا في بعض الشيع أن نقرأ الكتاب المقدّس بسرعة. هناك من يقول يحب أن نقرأه من الغلاف إلى الغلاف، في سنة كاملة، كأنّ الأمور هو أن نقرأ ونسرع في القراءة. كلاّ، الأشياء الجميلة، الأشياء العظيمة، لا نسرع في النظر إليها، في السمع إليها. هي تحتاج إلى وقت وإلى وقت عظيم. إسألوا أمّ عندما تستمع إلى إبنها، تحتاج إلى وقت طويل حتّى تصبح أذنيها في قلبه، على قلبه، في كلّ حياته. ونحن نقرأ سفر التكوين أوّل مرّة حتّى آية 13. والمرّة الثانية من 14 إلى 25 - انتهينا عند خلق الدواب، عند خلق وحوش الأرض. ونظرنا نظرة سريعة إلى خلق الإنسان كالموسيقى الكلاسيكيّة تحتاج إلى وقت، كالشّعر نقرأه على مهل. وهكذا يجب أن نقرأ الكتاب المقدّس ولا نسرع فيه. الله أمامه الأبديّة فلا يسرع أبدًا. هو يريد أن ينمّينا، أن تنمّينا كلمته، كلمته نور وحياة. تصبح حياة في حياتنا ولهذا كما تنمو شيئًا فشيئًا كما نحتاج سنوات لكيّ ننمو ونصبح هذا الإنسان الكامل. كما يقول عنه بولس الرسول. كذلك في قراءتنا للكتاب المقدّس نذهب على مهل، نقرأ ونعيد القراءة ونهزّ بكلام الربّ نهارًا وليلاً ونخاف ولا نتردّد ونقرأ في 1/26 إلى النهاية.

- نعود إلى خلق الإنسان، الإنسان هو على صورة الله كمثاله:

نلاحظ كلمتين هو على الصورة كالمثال. على الصورة يعني يشبه الله كمثالنا تشدّد هذه الكلمة أنّنا مهما حاولنا أن نتشبّه بالله نبقى بعيدين عنه. الله يبقى المثال البعيد. مهما حاول الإنسان أن يجعل في قلبه الحبّ، أن يكون له العقل، أن تكون عنده الحريّة، أن تكون عنده الإرادة، فهو يبقى بعيدًا وبعيدًا جدٌّا عن الله. إذا أحببنا الإنسان هو كالإصبع يدلّ علىالله يجعلنا نرى وننظر أبعد من الإصبع. لكن الويل لنا إذا توقّفنا عند الإصبع ولم نذهب إلى ما يشير إليه هذا الإصبع. هنا نشدّد على هؤلاء الأشخاص الذين يريدون أن يجعلوا الإنسان كبيرًا على حساب الله. نسوا أن الله يكون كبيرًا عندما يكون الإنسان كبيرًا. والإنسان يكون كبيرًا عندما يمتلئ من حضور الله، من عمل الله، من قدرة الله، من عظمة الله. مثلاً قال بعضهم: أو أنا موجود أو أنّ الله موجود. بما أنّني أنا موجود فالله غير موجود. أو هناك عمل. أو أنا حرّ وأمل هذا العمل، أو أنّني عبده، والله يعمل عنّي هذا العمل. ضاعت الفكرة الأساسيّة التي تقول أنّ مجد الله هو عظمة الإنسان. نحن نعمل مع الله وسوف نقرأ في الفصل الرابع: لمّا حوّاء وآدم يكون عندهم الولد الأوّل. تقول اقتنيت ولدًا من عند الله. مثلما تقول المرأة اليوم: »ربّنا طعمنا ولد«. لا شكّ هناك عمل الزواج مع الرجل والمرأة ولكن كلّ أعمالنا ترتبط بأعمال الله. يدنا هي في يد الله، كلّ منّا يرتبط بقدرة الله، فالله هو يخلقنا الآن: نعمل، نتكلّم، نمشي، نسير،ناكل، نشرب إلخ... إذًا هذا الإنسان الذي هو على صورة الله، الذي هو كمثال الله هو أعظم شيء على وجه الأرض. لهذا يقول المزمور 8: »أيّها الربّ، ما أعظم اسمك في كلّ الأرض« ويقول كيف خلق الإنسان وجعله قريبًا من الله بالروح الذي فيه، بالنفس التي فيه، كلّ ما يرفعه فوق سائر الخلائق يجعله قريبًا من الله. وخصوصًا هذا الإنسان يُطلب منه أن يتسلّط على سمك البحر وطير السماء والبهائم وجميع وحوش الأرض، والمسلّط باسم الله وحده. الله هو سلطان الكون والإنسان هو سلطان الكون باسم الله ومع الله شيء عظيم جدٌّا أن يكون الإنسان مسلّط على الكون كلّه. كان يقول أحد الفلاسفة: الإنسان ضعيف مثل قصبة مكسورة بعض الشيء ولكنّه قويّ بعقله، قويّ بإرادته لأنّه يوجّه الكون كلّه. لمّا صعد الإنسان على سطح القمر تشكّك البعض ولكن الذي يعرف الكتاب المقدّس فرح لأنّ هذا الإنسان وصل لا إلى الفضاء فقط بل إلى القمر وهو يستعدّ إلى أن يذهب إلى جميع الكواكب. فهو باسم الله يسيطر على جميع الكواكب. فإذًا الكواكب لا تسيطر علينا. ولا نبحث عن الأبراج لنرى ما هو مستقبلنا. مستقبلنا بيد الله، مستقبلنا نحن نضعه، نصنعه بقدرة الله، بحضور الله،نصنعه بقوّة الله.

- فخلق الإنسان على صورته:

الإنسان يعني بصورة الجمع، يعني كلّ البشر مخلوقون علىصورة الله. ليس عندنا أشخاص من درجتين، درجة أولى ودرجة ثانية: هناك الحُرّ والعبد، هناك الغني والفقير، هناك الرجل والمرأة، هناك من ذاك البلد وابن ذاك البلد. كلاّ الإنسان، كلّ إنسان عبدًا كان أم حرٌّا، ذكرًا أم أنثى، غنيٌّا أم فقيرًا، متعلّمًا أم أميٌّا، كلّ إنسان هو على صورة الله ولو كان مريضًا، لو كان معاقًا على مستوى الجسد أو على مستوى العقل. كلّهم مخلوقون على صورة الله. قد تغيب هذه الصورة لِسبب من الأسباب.

شخص مثلاً يتشوّه مثل البرص أو السرطان أو غيره ولكن مع ذلك يبقى على صورة الله. يقول الكتاب: خلق البشر ذكرًا وأنثى خلقهم. يعني بالماضي كانوا يعتبرون أنّ الرجل وحده على صورة الله، المرأة كلاّ. هذا الكلام خاطئ وحتّى في القرون الوسطى عند الفلاسفة المسيحيّين، كانوا يعتبرون أنّ الإنسان، أنّ المرأة ليس فيها نفس. واليهود كانوا يقولون لا يطلب منها أن تحفظ الوصايا، لا يطلب منها أن تصلّي فهي أقلّ قدرًا من الرجل. وهذا الكلام خطأ وخطأ كبير والحمد ؟ إنّنا تخلّصنا منه. خصوصًا منذ الإنجيل، منذ كلام مار بولس »لا رجل ولا امرأة«، الرجل وحده ليس صورة الله. المرأة وحدها ليست صورة الله. لكن الرجل والمرأة الإثنين هم على صورة الله. وما هي صورة الله؟ هو الخالق. متى يخلق الرجل والمرأة عندما الإثنين مع بعضهم يعيشون سرّ الزواج، يخلقون طفلاً ذكرًا أم أنثى. فإذًا الرجل وحده ليس صورة الله والمرأة وحدها ليست صورة الله لكن الإثنين هما صورة الله. الإثنين مع بعضهم يخلقون مثل الله. لا شك يعملون مع الله مثلما قالت حوّاء: »اقتنيت ولدًا من عند الله« والربّ هو الذي يعطي ولكن الربّ يجعل في الرجل والمرأة قوّة الخلق حتّى تتابع خلائق الأرض، حتّى يتابع جنس البشر.

- وباركهم الله:

كما بارك الحيوانات، بارك أيضًا الإنسان حتّى يقول لهم: انموا واكثروا واملأوا الأرض واخضعوها وتسلّطوا على سمك البحر وطير السّماء وجميع الحيوان الذي يدبّ على الأرض:

هنا تشديد على نقطة مهمّة جدٌّا، وهي أنّ هذه الصورة مطبوعة فينا صورة الله. نحن نحافظ عليها، لا يستطيع أحد أن يحافظ عليها فينا. يعني لا نسمح أن تتشوّه هذه الصورة وكيف تتشوّه.

* تتشوّه أوّلاً بالخطيئة، بالشرّ الذي فيّ (مثل واحد وجهه جميل ويضع تراب، وحل، وسخ على وجهه...) لا شك يبقى وجهه كما هو ولكنّه تغطّى بالأوساخ، بالنجاسات، تغطّى بالوحل.

إذًا فنحن أوّل من يشوّه صورة الله فينا. كيف نسمح بأن تتشوّه صورة الله؟ ونستطيع أن نشوّه الصورة في أولادنا، عندما نعطيهم تربية عاطلة، عندما نعلّمهم على الشرّ، على الخطيئة، عندما نبعدهم عن الله، عندما لا نعطيهم كلام الله، نشوّه هذه الصورة فيهم ونستطيع أيضًا أن نشوّه صورة الله عند الآخرين... لمّا رجل يضرب امرأته يشوّهها. تصبح عنده كالحمار،كالبقرة، لم تعد على صورة الله، يحتقرها، يعاملها كأنّها شيء، تلبّي لذّاته، تلبّي شهواته، هي خادمة تحت قدميه، لم نقبل. لا يقبل الرجل أن يتشوّه، لا يقبل الولد أن يتشوّه، لا تقبل المرأة أن تشوّه.

بأفريقيا، بالقرن التاسع عشر، كان هناك نوع من فعل الزنى. الملك مع عظمائه، مع أطفال، مع أولاد عشرة، 12 سنة، يعملون عمل الذكر مع الذكر، هولاء الأولاد صاروا مسيحيّين. اكتشفوا أنّهم على صورةالله، ورأوا أنّ الملك وأمراءه هم يشوّهون صورة الله فيهم. رفض هؤلاء الأولاد وفضّلوا أن يموتوا في أن يشوّهوا بالعمل الجنسي السافل... والكنيسة طوّبتهم، جعلتهم قدّيسين لأنّهم أرادوا أن يحافظوا على صورة الله في وجوههم، في قلوبهم، في حياتهم. يقول لنا مار بولس: »أنتم هيكل الله، ما تخلّ هيكل الله يصير مجنّس أبدًا...«.

ويخبرون عن امرأة ببلدان آسيا. المرأة اعتادت أن تُضرب من زوجها كلّ مساء. يأتي سكران ويضربها، يعاملها كما يعامل الإنسان بقرته. (من المؤسف، هنا في لبنان، زرب شخص امرأته مع البقر) انظروا كم يستطيع الإنسان أن يشوّه امرأته. يشوّه الآخر هذه المرأة. اعتادت أن تُضرب. ولكن في يوم من الأيّام، أحسّت أنّها على صورة الله، فهمت هذا الكلام في أعماق قلبها، في أعماق حياتها، رفضت منذ ذلك الوقت أن تُعامَل معاملة الحيوانات، رفضت كلّ الرفض. ولمّا جاء زوجها كالعادة يريد أن يضربها، قالت له: لا يحقّ لك أن تمسّني بأذى. قال لها: ولماذا؟ أجابته: أنا على صورة الله... وقالت هذا الكلام بيقين عميق، بعقيدة قويّة، ثابتة لا تتزعزع. فجمد الرجل مكانه للمرّة الأولى، أحسّ أنّه أمام قوّة تسيطر على قوّته. وتُخبر المرأة أنّه منذ ذلك الوقت تغيّر هذا الرجل. أوّلاً غيّر ماملته معها بانتظار أن يتبدّل هو. هنا نتذكّر كلام القدّيس بولس: »الرجل غير المؤمن يتقدّس بالمرأة المؤمنة، والمرأة غير المؤمنة تتقدّس بالرجل المؤمن« هذه المرأة لمّا عرفت أنّها على صورة الله، ارادت أن تظهر أيضًا صورة الله على وجه زوجها. كانت الصورة مشوّهة على وجهه وعلى وجهها. في النهاية صارت الصورة نقيّة، شفّافة جميلة على وجهه وعلى وجهها.

وهكذا إذا أردنا أن ندافع على صورة الله، القضيّة تكلّف غاليًا. هذه المرأة خاطرت بنفسها. كان ممكن من زوجها أن يضربها ويزيد ضربه ضربًا وهنا يتذكّر لمّا موسى طلب من المسخّرين المصريّين أن يخفّفوا العمل عن الشعب العبراني في العبوديّة. ماذا فعلوالله زادوا النير نيرين، عذّبوهم قالوا لهم: في الماضي كنّا نعطيكم القش لتعملوا منها حجارة للبناء. أمّا اليوم فأنتم تذهبون وتبحثون عن القش وتعملون عددًا مماثلاً من الحجارة من أجل البناء.

إذا أردنا أن نحافظ على صورة الله. ليست القضيّة بهذه السهولة أبدًا، هي صعبة وصعبة جدٌّا.

وشهداء أغندا بأفريقيا كلّفهم هذا البحث عن صورة الله، كلّفتهم هذه المحافظة على صورة الله، كلّفتهم حياتهم... ماتوا شهداء ولم يفهم الملك ولم يفهم عظمائه. وحده المؤمن وحده المسيحيّ، فهم أنّ هؤلاء الأشخاص المخلوقين على صورة الله ومثاله لا يمكن أن يسمحوا أن تتشوّه هذه الصورة. خلق الله الإنسان على صورته ومثاله، على صورة الله، خلق البشر ذكرًا وأنثى خلقهم... وهنا نعود إلى نشيد الأناشيد. عندما تتكلّم العروس مع عريسها، العروس هو الشعب والعريس هو الربّ ماذا تقول:

»سوداء أنا سوداء من عمل العبوديّة، من الشمس التي تلفحني«

ولكنّها تتابع ولكن جميلة لماذا، جميلة في عين حبيبها، في عين إلهها في عين ربّها. فهو من خلال هذه الشمس التي لوّحتها، التي أعطت بشرتها اللّون الأسود، من خلال هذه الشمس أبقتها علىجمالها وجمال النفس. وجمال كلّ واحد منّا هو انعكاس لجمال الله فينا ويقول الكتاب إلى البشر: إنموما واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها وتسلّطوا على سمك البحر وطير السّماء وجميع الحيوان الذي يدبّ على الأرض. وهذا ما يفعله الإنسان بقدرة الله. هذا الإنسان هو يسيطر شيئًا فشيئًا على الخليقة كلّها. يستخرج منها كلّ غناه، يجمّلها، يجمّل الطبيعة بالحدائق، بالجنات، بالقصور، بالأبنية ويحافظ على هذا الجمال ومن هنا نفهم أهميّة المحافظة على البيئة. البيئة هذا الجمال الذي وضعه الله بالكون، نحن لا نشوّه جنّات الورود، جنّات الأزهار. كلّ هذا يدلّ على أنّنا نحافظ على هذه الطبيعة، نخضعها حتّى تصبح خاضعة للربّ، فهذه الطبيعة في النهاية ستكون الأرض الجديدة والسماء الجديدة وهذا بعد أن خلق الله الكون من جماد ونبات وحيوان. ونظر الله مثل فنّان: ينظروا إلى عمل جميل جدٌّا، يقولوا عن الفنّان رودان لما رأى التمثال قال له: »تكلّم« وهل يتكلّم الحجر. أراد الفنّان من هذا التمثال، من هذا الحجر أن يتكلّم.

ونظر الله إلى كلّ ما صنعه. نعم سيتكلّم هذا الذي صنعه، نظر الله إلى كلّ ما صنعه، فرح الله بكلّ ما صنعه ولهذا قال الكتاب: »رأى أنّه حسن جدٌّا«.

هناك قال هو حسن فقط، هو جميل، هو صالح. هنا كلاّ يوجد عندنا التفضيل: حسن جدٌّا يعني أحسن الحسنات، أجمل الجميلات، أكبر الكبر، أغظم العظماء. الإنسان هو أعظم ما في الأرض وهو أعظم كلّ شيء وهنا نفهم خصوصًا في القرن الماضي والثورة الصناعيّة يوجد بعد آثار منها اليوم حيث الآلة أهمّ من الإنسان لأنّها أغلة من الإنسان. كلاّ الإنسان هو أعظم ما في الكون، أغلى ما في الكون، أرفع ما في الكون، كلّ ما في الكون، هو وسيلة. الإنسان وحده هو غاية وكلّ شيء خلق من أجله. ويقول لنا يسوع حتّى السبت هذا النظام الذي وضع من أجل الصلاة هو في خدمة الإنسان، كلّ شيء هو في خدمة الإنسان لأنّه هو تاج الخليقة، هو الذي يكلّل الخليقة. لولا الإنسان لظلّت الخليقة ناقصة ولكن مع الإنسان صارت الخليقة كاملة وستكتمل بشكل خاص مع من هو الإنسان الكامل، الإنسان الحقيقي، صورة الله المنظورة على الأرض، يسوع المسيح ربُّنا، له المجد إلى أبد الآبدين. آمين.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM