الخاتمة.

 

الخاتمة

تلك كانت مسيرتنا في هذه المحطّة الخامسة لقراءة سفر الخروج. وكانت في ثلاثة أقسام. أوّلها تنظيم العبادة. دُوِّنت نصوص كادت تضيع. فنظّمت حياة الكهنة وعملهم في الهيكل، بل وفي حياة الجماعة الدينيّة. وما نسيَ الجامع تفصيلاً من التفاصيل. أمّا عنوان القسم الثاني فكان: العجل الذهبيّ ونقض العهد. هذا العجل، وفي اللفظ ما فيه من سخريّة! من جهة المصريّين الذين كرّموا الثور أبيس الرامز إلى الخصب والإنجاب. ومن جهة الفينيقيّين حيث يركب بعل الثور ليصل إلى المؤمنين به. غضب موسى أكثر ممّا غضب الربّ. عاقبهم موسى. أمّا الربّ فرحمهم وأعطاهم لوحي وصايا أخرى. عرفهم شعبًا قاسي الرقاب، فأخذ ضعفهم في عين الاعتبار.

والموضوع الثالث في هذه المحطّة الخامسة، سار بالشعب من جديد، وكأنّ مغامرة سيناء الأولى لم تكن. بعد الخطيئة الكبيرة، كانت نعمة كبيرة، لأنّه حيث تكثر الخطيئة، هناك تفيض النعمة. لا. لا يمكن الربّ أن يتخلّى عن أناس تعب كثيرًا لكي يجعل منهم شعبًا، مرتّبًا، يستطيع أن يصطفّ في عشرات وخمسينات ومئات. لهذا أرسل ملاكه. بل هو كان حاضرًا في الليل عبر عمود النار، وفي النهار عبر الغمام.

توقّفنا عند هذه الفصول، وتأمّلنا في الخبرة الروحيّة التي عاشها موسى مع الربّ، فاستطاع أن يرى مجده، ويحسّ بحضوره. لهذا أضاء وجهه، بحيث ينتقل بعض من هذا الضياء إلى الآتين إليه من الشعب، ومن رؤسائه. وكان الإشعاع قويٌّا بحيث وجب عليه أن يضع برقعًا على وجهه. ما اكتفى بأن يحمل إلى الناس كلام الله، وهو الذي دُعيَ كليم الله, بل حمل إليهم وجه الله، فكان صورة بعيدة عن يسوع المسيح الذي هو صورة الله الكاملة الذي من يراه يرى الآب. الذي أخبرنا عن الآب لا بأعماله وأقواله وحسب، بل بكلّ حياته. هذا ما اختبره الرسل في خبرة التجلّي، حين شعّ وجه يسوع »الواقف« بين موسى وإيليّا، حين »أشرق وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور«.

في ف 24 - 40 التي تشكّل ما قرأناه في هذا القسم الخامس، تركنا خصوصًا ف 35 - 40، لأنّها تكرار لها قرأنا في ق 25 - 31. ما قيل هنا لموسى عن صنع المعبد والتابوت وأدوات العبادة، فأوصله موسى إلى الشعب، قد نفّذه الشعب عبر صنّاع امتلأوا حكمة. وهكذا لمّا انتهى كلّ شيء، لمّا أعدّ الشعب ما يليق باستقبال الله على أنّه الضيف العظيم العظيم، جاء الربّ. دلّ بحضوره بواسطة السحاب الذي صار »شخصًا حيٌّا«. يرتفع فيرفع الشعب خيامه وينطلق. يتوقّف فيتوقّفون ولا يتابعون السفر. هو الربّ في البداية، وهو في النهاية. هو أطلق المسيرة حين دعا موسى، وهو يكمّل ما بدأ له إكرامًا لأحبّائه.

وهكذا انتهينا من قراءة سفر الخروج في سلسلة »من عهد إلى عهد«. كما قيلت على صوت المحبّة. وهي مناسبة لكي نشكر أيضًا رسل الكلمة، الذين استمعوا إلى التسجيلات ودوّنوها قبل أن تذهب إلى المطبعة. ولكن المشروع ما انتهى بعد. ونحن نرجو أن نقدّم في كتب لاحقة تأمّلات في سفر المزامير. فنستعدّ لأن نقرأ، ونسمع، ونتأمّل، ونصلّي. فإلى هذا الكتاب الذي رافق الشعب الأوّل وهو لا يزال يرافق الشعب الثاني بعد أن أورده يسوع، ولا سيّما من أعلى صليبه حين قال: »إلهي إلهي لماذا تركتني«. وقال: »في يديك أستودع روحي«.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM