الله إله غيور

 

الله إله غيور

1- الإله الشخصيّ

أحبّائي، نتابع قراءة سفر الخروج فصل 20، ونستطيع أن نقول الوصايا العشر تابع. لأنّ الوصايا تأخذ أكثر من حلقة. الحلقة السابقة قلنا إنّ الربّ وقف أمام شعبه. وطلب من شعبه ومن كلّ واحد منّا أن يقف أمامه. وكانت خبرة خلاص من أرض مصر، من دار العبوديّة. هذا الربّ الذي فعل في الماضي يفعل الآن. يفعل لأنّه الإله الأمين، الإله الثابت، الذي لا يتبدّل. يفعل لأنّه الإله الرحيم، الذي يرحم شعبه، يرحم أحبّاءه.

وكانت وصيّتان. الأولى: لا يكن لك إله سواي. فالعبرانيّ لا يعبد مثلاً إله صور، إله صيدا، إله جبيل، إله أوغاريت. فهو يعبد إلهه،الذي سمّي إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب. ونلاحظ خصوصًا أنّ الإله في الشعب العبرانيّ لا يرتبط بمدينة، لأنّ الشعب العبرانيّ كان شعبًا من البدو. فالبدويّ لا مكان يستقرّ فيه. أمّا سائر الشعوب، فهناك إله بيت إيل، هناك إله حرّان، هناك إله أور، هناك آلهة عديدة ترتبط بمكان من الأمكنة. أمّا عند الشعب العبرانيّ، فالإله يرتبط بالشخص، وهنا ارتبط بإبراهيم، بإسحق، يعقوب، بموسى.

هذا الإله لا يُرى، ولا يستطيع أحد أن يدنو منه لئلاّ يحترق. وإن ظهر، فعلى الإنسان أن يُخفي وجهه لئلاّ يموت. هكذا كانوا يعتبرون. لا شكّ في أنّنا مع يسوع المسيح قد تبدّلت الحالة. فيسوع ظهر في الجسد. في إنجيل يوحنّا يقول الكاتب لنا: »الله لم يره أحد قطّ. ولكنّ الابن الذي في حضن الآب هو أخبر عنه«. وقال لنا يسوع: »من رآني فقد رأى الآب«. يكفي أن نرى يسوع المسيح، أن نتعرّف إلى يسوع المسيح، أن نتعبّد ليسوع المسيح حتّى نصل إلى الله الآب.

2 - الصور والتماثيل

هذا الإله يسند الوصيّة الأولى، وخصوصًا الوصيّة الثانية. قلنا فيما سبق إنّنا نحن الكنائس الشرقيّة أو الكنائس الكاثوليكيّة في أوروبّا وأميركا، نضع تماثيل، نضع صورًا. هل هذا يتعارض مع الكتاب المقدّس؟ كلاّ. لا شكّ. لا نستطيع أن نصوّر الإله الآب. فالله الآب لا يُرى ولكنّنا نشير إليه. مثلاً عندنا إشارة مهمّة جدٌّا في سفر الرؤيا، حيث نصوّر الروح بشكل حمامة. فكما أنّ الطير يقف، ينام على بيضه فيُخرج منه الحياة، كذلك الروح القدس يقف على الماء فيُخرج منه كلّ حياة. كان الماء في الماضي علامة الموت والشرّ، فصار مع الروح القدس علامة الحياة وكلّ الخير. وبالنسبة إلى الآب، نصوِّر العرش، كما يقول سفر الرؤيا، وفي العهد القديم، كان تابوت العهد ذلك العرش الذي يجلس عليه الربّ، محاطًا بالكروبيم.

لكن يُطرح سؤال آخر: عندما نصوّر العذراء مريم والقدّيسين أما نتعبّد لهم؟ كلاّ. فنحن عندما نضع أمامنا صورة، فالصورة تأخذنا أبعد من الصورة. تأخذنا إلى الشخص الذي نفكّر به. في حياتنا اليوميّة مثلاً، عندما أجعل أمامي صورة أبي الذي توفّي منذ 15 سنة، لا أتعلّق بالورقة ولا بالألوان، حتّى لا أتعلّق بأبي الذي مات، إنّما أتعلّق بذاك الذي كنت في علاقة معه ولا أزال من خلال الموت.

وعندما أضع صورة مار شربل مثلاً أو مار مارون أو مار الياس أو أيّ قدّيس من القدّيسين، أنظر إلى ذاك الذي حاول أن يعيش الإنجيل. وخصوصًا عندما نتعلّق بالقدّيسين، فنحن نتعلّق بالذي أخذوا منه كلّ قداسة، يعني يسوع المسيح. هنا تشبيه جميل. يسوع هو الشمس، الشمس الساطعة. هو يرسل إلينا أنوارًا، وهذه الأنوار تتجسّد في القدّيسين. لأنّ لا أحد يستطيع أن يعيش كلّ الإنجيل، أن يعيش كلّ حياة يسوع. هذا القدّيس مثلاً يعيش الصلاة، أو عمل الرحمة، أو المحبّة أو التعليم أو غيره من الأمور. لكن المهمّ أنّه عندما أتعلّق مثلاً بمار شربل، وبروح الصلاة عنده، أتعلّم منه بعض الشيء فأصل إلى يسوع المسيح.

3 - القدّيسون رفاقنا إلى الله

هنا نتذكّر بولس الرسول. قال: اقتدوا بي كما أنا أقتدي بالمسيح. هذا لا يعني أنّنا نتوقّف عند بولس، كلاّ. ولكن نمشي مع بولس، نسير مع بولس، لنصل إلى المسيح. فبولس ليس البداية، المسيح هو البداية. وبولس يسير نحو المسيح، ونحن نسير معه، نسير في رفقته. صار لنا مثالاً. لا شكّ هو مثال ناقص، ولكن مسيرتنا معه تساعدنا حتّى نكتشف المثال الكامل يسوع المسيح.

فنحن إذًا لا نسجد للصورة مهما كنت جميلة، ولا نعبد التمثال مهما كان عظيمًا وكبيرًا. الصورة تدلّ على الشخص، والتمثال يشير إلى شخص نتعلّق به. ولا نتوقّف كذلك مثلاً على الحرف. حرف الكتاب نحن لا نتوقّف عليه. نتوقّف على الروح الذي يحيي. وهذه الصور تحمل حياة في داخلها بسبب المسيح الذي مجّد هؤلاء القدّيسين، هؤلاء الأبرار منذ آباء العهد القديم إبراهيم، إسحق، يعقوب، موسى، إيليّا، إشعيا حتّى العهد الجديد وخصوصًا الرسل بطرس، بولس، يعقوب، يوحنّا...

ولماذا التشديد: هنا الربّ يقول، بكلّ قوّة وبالتأكيد، بلسان موسى: أنا الربّ إلهك، إله غيور. الغيرة. نتذكّر هنا الغيرة ولا نخاف. يغار الرجل على امرأته، تغار المرأة على زوجها، فهي لا تريد أن يتطلّع إلى أحد، وهو لا يريدها أن تتطلّع إلى أحد، أن تكون له كلّها وأن يكون لها كلّه. والربّ هكذا يعاملنا، فهو إله الحبّ ويعاملنا بالحبّ. لأنّه أحبّنا حتّى الغاية، علينا نحن أن نحبّه حتّى الغاية. هو إله غيور، والغيرة تجعل المحبّ مجروحًا عندما يتركه المحبوب أو يتطلّع يمينًا أو شمالاً. وأوّل غيرة تظهر في العقاب: أعاقب ذنوب الآباء في الأبناء إلى الجبل الثالث والرابع ممّن يبغضونني (كلمة صعبة وقاسية)، ممّن لا يحبّونني كما يجب. نصفُ محبّة هي بغض. ا؟ نحبّه بكلّ قلبنا وكلّ نفسنا، وكلّ فكرنا وكلّ ذهننا. من لم يكن هكذا، محبّته ناقصة.

وهنا نلاحظ إلى الجيل الثالث وإلى الجيل الرابع. الربّ يعاقب ذنوب الآباء بالأبناء إلى الجيل الثالث وإلى الجيل الرابع لأنّ الربّ يريدنا مسؤولين، مسؤولين عن أعمالنا، عن تصرّفاتنا، عن حياتنا، عن أقوالنا. لا نستطيع أن نتصرّف كأنّنا قصّار، كأنّنا أطفال على مستوى العقل، على مستوى الذهن والقلب. كلاّ. والربّ يعاقب لأنّه يحسبنا مسؤولين.

4 - الله يعاقب ويرحم

ولكنّه يرحم أيضًا لأنّه يعرفنا ضعفاء. مهمّ كثيرًا أحبّائي. يحاسبنا لأنّه يعرفنا مسؤولين، ويرحمنا لأنّه يعرفنا ضعفاء. وهناك مقابلة ثانية مهمّة جدٌّا. هذا العقاب محدود، الجيل الثالث، الجيل الرابع فقط، يعني فترة محدودة. أمّا الرحمة (آ 6) فما أوسعها! »وأرحم إلى ألوف الأجيال«. إذًا رحمة الربّ لا حدود لها، أبًا عن جدّ حتّى نهاية الكون. قرأنا في آية 5. »ممّن يبغضونني«. الذين يبغضون الربّ، الذين لا يحبّونه المحبّة اللائقة، ينالهم العقاب. لا لأنّ الربّ يعاقبهم، بل لأنّهم يخسرون حين يبتعدون عن الله، وتجاه ذلك آية 6 من يحبّونني. إذًا تجاه البغض أو المحبّة الأقلّ، هي المحبّة الكاملة.

وكيف تظهر هذه المحبّة؟ هل تظهر بالأقوال، هل تظهر بالكلام؟ كلاّ ثمّ كلاّ. فالكلام وحده لا يكفي. أن نعلن محبّتنا لله، وأن لا نعبّر عن هذه المحبّة بأعمالنا، فنحن كذّابون. لهذا يقول النصّ، من يحبّونني ويعملون بوصاياي. العمل بوصايا الله هو البرهان الوافي الذي به ندلّ على محبّتنا لله. وهذه الوصايا يقول عنها يسوع في إنجيل يوحنّا: »من أحبّني يحفظ وصاياي وأبي يحبّه وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً«. من يحفظ وصايا الربّ، يجعل من قلبه، من عائلته، من بيته، منزلاً للربّ، حيث الجميعُ يعملون بوصاياه.

وهذا واضح. لمّا جاء الشابّ الغنيّ إلى يسوع، سأله: »ماذا أعمل لأرث الحياة الأبديّة؟« قال له: »احفظ الوصايا«. وافتخر الشابّ بأنّه حفظها منذ صباه. وصيّةٌ طلبَتْ إذًا من المؤمنين أن لا يعبدوا إلاّ الله. أن لا يسجدوا إلاّ لله. فالربّ إله يحبّنا ويريدنا أن نحبّه. فإن لم تكن محبّتنا على قدر محبّة لله، فإن لم تكن محبّتنا من كلّ قلبنا وفكرنا، تصبح وكأنّها تشبه البغض وتنال العقاب. أمّا المحبّة الحقيقيّة، المحبّة التي تنال الرحمة، فهي تتجسّد في أعمال نقوم بها، في وصايا نمارسها بكلّ متطلّباتها.

والمسيح سوف يبيِّن لنا متطلّبات هذه الوصايا. لن يتوقّف عند الخارج، لا تقتل فقط، بل يصل إلى الغضب. ولا يتوقّف عند الزنى فقط، بل يصل إلى النظرة المشينة، إلى النظرة السيّئة إلى الآخر. هذه الوصايا عمّقها يسوع وفتحها، بحيث نفهم أنّنا وإن قمنا بهذه الوصايا فهذا لا يكفي. فسيقول لنا في إنجيل متّى: »إن لم يزد برّكم على برّ الكتبة والفرّيسيّين فلن تدخلوا ملكوت السموات«. إذا اكتفيتُ بالظاهر من الوصايا فهذا لا يكفي أبدًا. العمل بالوصايا يذهب بعيدًا جدٌّا حتّى بذل الذات، حتى التضحية بالذات. أنا هو الربّ إلهك لا يكن لك آلهة سواي، لا تصنع لك تمثالاً منحوتًا ولا صورة.

5 - لا تحلف

آية 7: لا تحلف باسم الربّ إلهك باطلاً، لأنّ الربّ لا يبرّر من يحلف باسمه باطلاً. الكلمة المهمّة هي »باطلاً«. يعني بدون حاجة، يعني بالكذب، يعني بالسوء. تجعل الله شاهدًا لكذبك، شاهدًا لأعمالك السيّئة. أسرق وأحلف أنّني ما سرقت، هذا يعني أنّني أجعل الله كاذبًا. أدعوه أيّها الربّ تعالى كن شاهدًا لكلامي، وفي الواقع أدعوه ليكون شاهدًا كاذبًا. لا سمح الله! هذا ما لا يرضاه الربّ أبدًا.

هناك حلف باسم الربّ يدلّ على شهادتنا له على أنّنا نرتبط باسمه. وهو يبتعد كلّ الابتعاد عن الحلف بالآلهة، يعني التعلّق بهذه الآلهة. ولكن عندما نحلف باسم الربّ، ندلّ على تعلّقنا باسم الربّ، على إيماننا باسم الربّ. إيماننا عظيم بأنّ الربّ حاضر وهو يشهد لي. وهنيئًا لنا إن طلب منّا أن نحلف في المحكمة مثلاً أو بمكان هامّ، ويكون حلفُنا مثبتًا لصدقنا، صدق نيّتنا، صدقِ أقوالنا، صدق أعمالنا.

لكنّ يسوع سيطلب منّا بطولة كبيرة. يقول لنا: لا تحلف أبدًا، لا تحلف بالله، لا شكّ. بل لا تحلف بالسماء، السماء عرش الله. ولا تحلف بالأرض، لماذالله فالأرض موطئ قدميه. السماء هي سماء الله وقد صنعها. والأرض هي أرض الله فكيف تحلف بها. وإذا كان خصوصًا حلفك كذبًا تحمل إلى الأرض اللعنة لا البركة. تحمل للأرض اللعنة فتنال العقاب. لهذا كانوا يقولون لئلاّ تتنجّس الأرض بسبب الشرّ الذي عليها.

يسوع كان جذريٌّا، كان واضحًا: لا تحلفوا البتّة، أبدًا، لا بالسماء ولا بالأرض. حتّى لا تحلفوا بشعر رؤوسكم، فأنتم لا تملكون حتّى شعر رؤوسكم. وكان كلامه واضحًا: ليكن كلامكم نعم نعم، لا لا. يعني، إذا كان الجواب نعم، تقولون نعم بدون كلاّ. كلاّ. وإذا كان الجواب كلاّ تقولونه بدون مواربة، بدون كذب. وهنا يتابع دائمًا ويقول الوصيّة ثمّ السبب.

آية 5: »لا تحلف باسم الله باطلاً«. إذًا الربّ يقول السبب. هو لا يفرض علينا شيئًا من خارج الأمور، من خارج حياتنا. بل يفرض علينا شيئًا من داخل حياتنا. من داخل مخطّطه الخلاصيّ. لا تحلف باسم الربّ إلهك باطلاً، لأنّ الربّ لا يبرّر من يحلف باسمه باطلاً. نلاحظ أنّنا نجد في آية 7 ما وجدناه في آية 2: أنا الربّ إلهك، يعني أنا الربّ الحاضر، أنا الربّ الأمين.

إذا حلفت باسمي، فأنا حاضر. وإذا حلفت كذبًا وباطلاً، فأنا أفعل، فأنا أعاقب، كما قال في الآية 5: أعاقب ذنوب الآباء في الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع. لأنّ الربّ لا يبرّر من يحلف باسمه باطلاً. يعني لا يجعله بارٌّا. يتركه في خطيئته، لا يسمح له بأيّ عذر من الأعذار، لا عذر له. كلام يسوع واضح: لا تحلف، وكلام العهد القديم: لا تحلف باسم الله باطلاً. نتذكّر أنّ الاسم يدلّ على الشخص. عندما أنادي اسم الله، فكأنّني أنادي الله بالذات. لهذا فالربّ لا يقبل أيّ عذر من قبلنا إن نحن حلفنا باسمه.

6 - اذكر يوم السبت

آية 8: »اذكر يوم السبت وكرّسه لي«، اذكر يقابله انسَ. اذكر يعني لا تنسَ يوم السبت. لماذا ننسى؟

لأنّ الأيّام تتوالى الأحد، الإثنين، الثلاثاء، الاربعاء، الخميس، الجمعة،السبت، الأحد، الإثنين....إلخ. الأيّام تتوالى ونحن يمكن أن نسقط في التجربة، ونحسب يوم السبت الذي هو يوم الراحة، يوم راحة الربّ، نحسبه وكأنّه كسائر الأيّام، نعمل فيه كما نعمل في سائر الأيّام. كلاّ. يوم السبت ليس لك. يوم السبت هو لله. فإذًا لا يحقّ لك أن تتصرّف بهذا اليوم كما تشاء أنت. هو للربّ. لهذا قال: اذكر يوم السبت وكرّسه لي، قدّسه لي، يعني هو مقدّس وأنت تعتبره مقدّسًا.

وبما أنّ السبت مقدّس، لا يحقّ لك أن تفعل فيه كما تشاء. كما الكنيسة هي بيت الله هي مكرّسة لله، كذلك هذا اليوم، يوم السبت. هو مكرّس ؟. ونحن لا يحقّ لنا أن نفعل به ما نشاء. ننتبه هنا: كرّسْه لي، قدّسْه لي. كأنّ الربّ اختار له يومًا يجمعنا حوله. هذا اليوم، يوم السبت، صار لنا في المسيحيّة يوم الأحد. يوم الأحد نجتمع حول الربّ، في القدّاس أو في أيّ صلاة حسب المناسبات. نجتمع حول الربّ، فنسمع كلامه ونرفع إليه طلباتنا.

أذكر يوم السبت، لا تنسَ أبدًا يوم السبت. وهذا التشديد يدلّ على أنّ الشعب اعتاد أن ينسى يوم السبت، خصوصًا في أيّام الزراعة، في أيّام الحصاد أو غيرها من الأيّام. اعتادوا أن ينسوا أنّ هذا اليوم هو يوم الربّ. كلاّ. فالربّ لا يرضى بهذا التعامل مع يوم كرّسه له.

نتذكّر هنا سفر التكوين فصل 2. عندما يقول الله لآدم وحواء، يعني البشريّة كلّها. عندما يقول للرجل والمرأة: اليوم هو مكرّس. أنا عملت ستّة أيّام وارتحت في اليوم السابع. فأنتم إذًا ترتاحون في اليوم السابع. هذا اليوم هو يوم الصلاة، يوم اللقاء مع الإخوة، هو يوم الراحة، هو يوم حقيقة العودة إلى الله من أجل أسبوع جديد يبدأ بعد يوم الراحة هذا.

وهكذا، أحبّائي، توقّفنا عند الوصايا الأولى من وصايا الله العشر. هي تتعلّق بشكل خاصّ بالله. بعد أن نفسّر ماذا سيقال عن السبت، نفهم بأنّ الوصايا الباقية ترتبط بالقريب، علاقتنا بالقريب نقرأها في شرعة العهد التي نقرأها بعد الوصايا. سوف يفسّر الكاتب الملهم كيف نحترم القريب. في العهد الجديد، سيقول لنا: لا تقتل، لا تسرق، لا تزنِ. ويقول: لا تظلم أحدًا. هي ليست في الوصايا العشر كما تعرفون، لكنّ هذا الظلم يمكن أن يكون عشرين وصيّة بعد هذه الوصايا. إذًا الوصايا التالية ستكون خصوصًا وصايا مرتبطة بحياتنا مع القريب. لا نقتله، لا نزني معه، لا نسرقه، لا نشهد عليه شهادة زور.

لكن في أيّ حال هذه الوصايا ترتبط بالله. فالله هو الذي يكفل هذه الوصايا، والربّ هو الذي يطلب منّا حفظ هذه الوصايا. نتذكّر هنا موسى لمّا نزل من الجبل ومعه لوحا الوصايا. لمّا رأى الشعب يعبد التمثال، تمثال العجل، كان بإمكانه أن ينزع وصيّة واحدة: لا تصنع لك تمثالاً منحوتًا. كلاّ. حطّم الوصايا العشر، لأنّنا إن لم نكن أمناء لله، فكيف نكون أمناء لإخوتنا؟ وإن كنّا لا نحبّ الله فكيف نحبّ إخوتنا؟ ومن لم يكن عاملاً بوصايا تتعلّق بالله، فهو ينسى من دون شكّ القريب.

هذه، أحبّائي، هي وصايا الله، قرأناها في العهد القديم، ردّدتها الأناجيل، ردّدها العهد الجديد. هي هي حاضرة. ولكن المسيح تعمّق في متطلّباتها، لأنّ المحبّة لا حدود لها. الوصيّة تقف عند حدّ من الحدود، أمّا المحبّة فلا حدود لها تجاه الذي أحبّنا حتّى الغاية. آمين.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM