الخاتمة

 

الخاتمة

وهكذا سرنا مسيرتنا مع هؤلاء الذين سيسمَّون: عبرانيّين، مع أنّ ارتباطهم بقبائل »عبيرو« صار قريبًا من المعقول. هذه القبائل تعمل في السلب والنهب في أوقات السلم، وتكون جنودًا مرتزقة في زمن الربّ. هذه القبائل جاءت مع من جاءت من سكّان آسية خلال القرن الثامن عشر قبل المسيح، ووصلت إلى مصر. وهكذا سيطرت جماعة الملوك، أو ما دُعيَ خطأ »الملوك الرعاة«، على الحكم في مصر. فاجتاحت البلاد ثورة انطلقت من الجنوب، فطردت هؤلاء »الغرباء« خلال القرن السادس عشر. ولكن بقي عددٌ كبير من الذين وجدوا عملاً في أرض مصر الغنيّة، تجاه ما يحيط بها من صحراء، أو أراضٍ تحتاج إلى مطر لكي ينبت فيها العشب والنبات والقمح والأشجار المثمرة.

ولكن هؤلاء ساءت حالهم، يوم لم تَعُد لهم قوّة تسندهم، فصاروا عرضة للمضايقات. فلا بدّ من الهرب، بعد أن طُرد رفاقهم. وهكذا بدأ ما دُعيَ خروج الشعب العبرانيّ من مصر، بقيادة موسى. هذا الذي اعتاد أن يقود غنمه في البرّيّة، طُلب منه أن يقود الهاربين، ربّما من الملاحقات القضائيّة بحيث يكونون في النهاية شعبًا مرتّبًا، بقيادة الربّ نفسه الذي يمثّله موسى بعصاه.

في الخطوة الأولى، والخروج ما تمّ بعد، فلا بدّ من إقناع الفرعون بترك هذه المجموعة من العمّال الذين لا يكلّفونه شيئًا. هناك الأعمال الزراعيّة. وبناء المدن التي تكون قلاعًا لتخزين المؤن من الطعام والسلاح. وأعمال أخرى لم تُذكر هنا. مثل هؤلاء »العمّال« ضروريّون. فلماذا يعطّلهم موسى عن أعمالهم، بل هم إن توقّفوا عن العمل، قاموا بثورة في البلاد. دعاهم موسى للتحرّك، فقال له فرعون: أعِدْهم إلى أشغالهم (5: 4). ثمّ هم ثقل على البلاد التي تضيق بهم. فلماذا يعطَون راحة قد تجعلهم يتنشّقون رائحة الحرّيّة.

هل يقبل هؤلاء »الغرباء« بأن يتركوا البلاد وفيها ما فيها من غنًى؟ وهل يرضى الفرعون؟ لن يرضى بإرادته. ولكن الربّ سيجبره على ذلك، مع عبارة تتكرّر المرّة بعد المرّة: أطلق شعبي ليعبدني. واستفاد موسى من ظروف خاصّة، فربطها با؟ الذي يوجّه الأحداث من أجل مخطّطه ومن أجل من يُخرجهم من هنا ليكونوا شعبًا له.

والمعارضة كانت بين موسى وهارون من جهة، وسحرة مصر من جهة أخرى. ولكن هؤلاء السحرة سيتراجعون بسرعة، بعد أن حاولوا أن يقفوا في وجه الربّ، فوجب على موسى وهارون أن يبيّنا قدرة الله على الطبيعة، بعد أن ذكرا كوارث حدثت في سنوات سابقة. وأعلنا: كلّ هذا هو عمل الربّ. فمن يقف في وجهه؟ ولكن فرعون ما زال واقفًا. غير أنّ وقوفه لن يدوم طويلاً.

مع الضربة العاشرة وموت بكره، يستسلم ويُطلق الشعب. تلك تكون المحطّة الثانية في سفر الخروج. فإلى تلك المحطّة.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM