الربّ نجّاني من مخاوفي

Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;}

 

الربّ نجّاني من مخاوفي

مزمور 34

 

أحبّائي، قراءتنا للمزامير ترافقنا يومًا بعد يوم. هي الصلاة اليوميّة للمؤمنين، والربّ هو الذي يعلّمنا كيف نصلّي كما علّم آباءنا في الإيمان. سواء في الشعب الأوّل أو في الشعب الثاني. الشعب الأوّل صلّى هذه المزامير وتوسّع فيها وأغناها مرّة بعد مرّة. والشعب الجديد خصوصًا مع يسوع المسيح، أعطاها معنًى جديدًا. وآباء الكنيسة توسّعوا في هذه المزامير، وعظوها، صلّوها، ردّدوها في حياتهم، فكانت رفيقة دربهم.

ونحن أبناء الشعب الجديد، نحن الذين نتابع مسيرة المسيح، الذين نعيش مسيرة الكنيسة، نستطيع أيضًا أن نتابع هذه المسيرة ونتابع المزامير. نقرأ اليوم المزمور 34: الربّ نجّاني من مخاوفي ولكنّ هذا العنوان سيكون له عنوان أحسن: ذوقوا وانظروا ما أطيب الربّ. ونقرأ المزمور: أبارك الربّ في كلّ حين... ومن يطلب الربّ لا يعوزه خير.

1 - أبارك الربّ

قرأنا، أحبّائي، المزمور 34 حتّى آ 11. هذا المزمور يتلوه المؤمن ليشكر الربّ الذي خلّصه من الشدائد والمخاطر. هو مزمور تعليمي، عن ثواب الأبرار العائشين في مخافة الربّ، وعقاب الأشرار الذين يكون لهم التأديب. وهو مزمور أبجديّ. يبدأ الشعر الأوّل بحرف الألف «أبارك» ويتابع كلّ حروف الأبجديّة وكأنّه يريد أن يجمع صلوات ومدائح البشر في صلاته.

أبارك الربّ في كلّ حين. أبارك يعني أقول: الله مبارك. ولماذا اله مبارك؟ لأنّ بركته تحلّ علينا، لأنّه يباركنا. بركته ترافقنا، ونحن نقول له: مبارك أنت يا رب، كما يقول المزمور: علّمني رسومك. المباركة هي فعل شكر إلى الربّ. وهذا الفعل لا يكون في وقت من الأوقات، هو في كلّ حين. أبارك الربّ في كلّ حين. مباركة الربّ يجب أن لا تتوقّف في فمي، أبدًا. هي مباركة متواصلة على ما قال لنا يسوع في الإنجيل. صلّوا ولا تملّوا. ونستطيع أن نقول هنا: نبارك الربّ ولا نملّ. وعلى الدوام يهلّل له فمي، كلّ حين، على الدوام. لا نستطيع أن نتوقّف عن رفع الصلاة إلى ا؟، عن الشكر إلى ا؟. كلّ حين وعلى الدوام. يهلّل له فمي، ينشد له فمي، يسبّح له فمي.

وهل يكفي الفم؟ لا شكّ أنّ الفمّ يعبّر عن الإنسان كلّه. لا شكّ. عندما أتكلّم بفمي أعبّر عن شخصي. ولكن المزمور يتابع: تهلّل نفسي للربّ. نفسي، أحبّائي، لا تقابل جسدي. لا. على المستوى المسيحيّ بل على مستوى الكتاب المقدّس، لا نميّز في الإنسان بين النفس والجسد. الإنسان كلّه نفس، الإنسان كلّه جسد. النفس هي الأنا بما هو خفيّ. والجسد هو الأنا بما هو منظور. بما يرتبط بالخلائق. تهلّل نفسي للربّ تعني: أنا بكلّيّتي أهلّل للربّ.

2 - بكلّ حواسّي

إذًا ليس فمي فقط، بل عيناي، أذناي وقلبي. يداي ترتفعان، حياتي، تنفّسي. كلّ ما فيّ يهلّل للربّ. وهكذا أصبح تقدمة، قربانًا ينشد تهاليل الربّ، ينشد عظمة الربّ. تُهلّل نفسي للربّ فيسمع المساكين ويفرحون. يسمعون ما أقول لهم من خبرة، ويفرحون لما صنع الربّ لبائس من بائسيه، لمسكين من مساكينه. خاف المساكين أن يباركوا، خاف المساكين أن يهلّلوا. فقد يوقفهم أناس. أحد الناس من البشر. رأوا الملك نفسه يهلّل للربّ، يبارك للربّ. فماذا ينتظرون هم لكي يباركوا.

يسمع المساكين ويفرحون. ويتابع النصّ في آية 4: عظّموا الربّ معي لنرفع اسمه وحده. تعالوا قولوا: معي الربّ هو عظيم، رافقوني في صلاة التعظيم على مثال مريم العذراء التي أنشدت تعظّم نفسي الربّ. لكنّ هذا المؤمن لا يريد أن ينشد وحده نشيد التعظيم. يريد رفقة المؤمنين، خصوصًا المساكين الذين جعلوا كلّ اتّكالهم على الربّ. عظّموا الربّ معي ولنرفع اسمه وحده.

الاسم يدلّ على الله. حين كانوا يرفعون تابوت العهد، رمز حضور الله كانوا كأنّهم يرفعون اسمه. حين كانوا يرفعون الرايات باسم الربّ، كانوا يرفعون اسمه. الوثنيّون كانوا يرفعون اسم آلهتهم، صنم آلهتهم. أمّا نحن فلا نرفع إلاّ اسم الربّ وحده ولا أحد سواه. جميعُنا نرفع اسم الربّ. هكذا بدأ المرتّل ينشد نشيد شكره.

3 - تعالوا معي، عظّموا

بارك الربّ الذي يخلّص البائس. ثمّ دعا الناس، دعا الجميع. تعالوا، شاركوني في النشيد، تعالوا عظّموا الربّ معي، تعالوا لنرفع اسمه جميعًا، تعالوا لنرفع اسمه وحده. ولكن لماذا هذا التعظيم؟ لماذا هذا التهليل وهذه المباركة؟ هنا المرتّل سوف يروي كيف اختبر شخصيٌّا معونة الربّ في حياته. قال: طلبت الربّ فاستجاب لي، يكفي. هنا فعل إيمان.

آية 5: طلبت الربّ فاستجابني. تكفي هذه الكلمة لتعلن بداية التماس الربّ والنتيجة التي حصلت لهذا المؤمن. يكفي أن نطلب ليستجيب الربّ. من يقرع يُفتح له، من يسأل يجد، من يطلب ينل. تلك هي كلمات يسوع التي نسمعها نحن يومًا بعد يوم ونحاول أن نعيشها.

يكفي أن أكون طلبت من الربّ حتّى يستجيب لي. وكيف استحاب لي؟ من كلّ مخاوفي نجّاني. لا يحدّد، لا يفصّل المؤمن المخاوف التي مرّ بها. لو حدّد، لو فصّل، لكنّا توقّفنا عند تفصيل بسيط وما استطاع الناس كلّهم أن يصلّوا هذا المزمور. ولكن ترك الأمر واسعًا بحيث يَدخل كلّ واحد فيه. يمكن مخاوف المرض والموت، يمكن مخاوف القضاة، مخاوف الحاكم. مخاوف عديدة في حياة المؤمن. المهمّ أنّ الربّ استجاب له، أنّ الربّ نجّاه من ضيقاته، نجّاه من مخاوفه.

4 - خبرة المؤمن عبرة

نلاحظ، أحبّائي، أنّ الخبرة جاءت في آية واحدة فقط، آية 5: طلبت الربّ فاستحاب لي، ومن كلّ مخاوفي نجّاني، يكفي. بهاتين الكلمتين أرانا المسيرة التي سارها مع الربّ، والتي دعته إلى أن يبارك اسم الربّ. انظروا. طلبتُ الربّ فاستجاب لي، ونجّاني من مخاوفي. وهو سوف يستخلص العبرة، آية 6: انظروا إليه واستنيروا. أنا تطلّعت إلى الربّ، نظرت إلى الربّ فكان لي ما كان. أنا طلبت من الربّ فاستجاب لي. رفعت عينيّ إلى الربّ فنجّاني من مخاوفي.

ماذا يجب عليكم أن تفعلوا؟ افعلوا مثلي، انظروا إليه واستنيروا. انظروا إليه، نظركم إليه، لا إلى البشر الضعفاء، المساكين، الذين يريدون أن يستغلّوكم. كلاّ. انظروا إليه واستنيروا. خذوا النور من عنده. إن نظرنا إلى الربّ كان لنا النور. وإن أبعدنا نظرنا عن الربّ كان لنا الظلام. يكفي أن تنظروا إلى الربّ، ولا يعلو وجوهَكم خجل. من يسير مع الربّ لا يمكن أن يخجل، لا يمكن أن يفشل أبدًا. لماذا؟ وضع يده بيد الربّ. ويقول هنا بعد خبرته الشخصيّة: طلبت الربّ فاستجاب لي.

هو يعطي تعليمًا حكميٌّا. ليس أنا وحدي بل كلّ مسكين (آية 7) يدعو، يسمعه الربّ، ويخلّصه من جميع ضيقاته. صارت الصلاة عامّة: لست أنا وحدي الذي استفدت من حضور الربّ، من عملِ الربّ، من استجابة الربّ، من نجاة الربّ.

المسكين، كلّ مسكين، يدعو فيسمع الربّ. والمسكين لا شكّ، هو الفقير إذا أردنا. ولكن أبعد من الفقر المادّيّ هو الذي يعرف أنّه لا يستطيع أن يتدبّر أمره بنفسه. هو يحتاج إلى تدبير الربّ. المسكين يدعو فيسمع الربّ. فإن كان لا يسمع فيكون صنمًا له أذن ولا تسمع. ولكن لا، الربّ يسمع. الربّ يسمع صراخ المساكين. المسكين يدعو فيسمع الربّ ويخلّصه من جميع ضيقاته.

5 - من الأنا إلى كلّ واحد

نلاحظ، أحبّائي، هذا التشابه بين آية 5 وآية 7. في آية 5، صيغة المتكلّم أنا، أنا طلبتُ من الربّ. في آية 7، المسكين هو يدعو. ولكن إذا قابلنا النصّ، نحسّ أنّ ذاك الذي طلب من الربّ هو المسكين الذي يدعو. في الحالتين، المؤمن هو هنا ويخبر كيف أنا المسكين دعوتُ الربّ فسمع الربّ لي. وماذا كانت النتيجة؟ خلّصَني من جميع ضيقاتي.

هناك من كلّ مخاوفي نجّاني، في آية 5 يخلّصه من جميع ضيقاته، يحرّره، يعطيه الراحة. ويتابع في آية 8: ملاك الربّ حول أتقيائه، يحنو عليهم ويخلّصهم. ملاك الربّ هو أوّلاً رمز عن حضور الربّ. واعتاد الكتاب المقدّس أن لا يذكر الربّ. لهذا يقول ملاك الربّ. كأنّه يقول الربّ الحاضر هو حول أتقيائه، لكنّه لا يريد أن يجعل الربّ وكأنّه رفيق معنا (خوش بوش معنا) كلاّ.

ملاك الربّ حول أتقيائه يحيط بهم. نتذكّر أليشاع يخبر كيف كانت الملائكة تحيط به وتحميه. ملاك الربّ حول أتقيائه يحنو عليهم ويخلّصهم. يحنو، يعني ينزل من السماء. هو الربّ ينزل من السماء ويحمل الخلاص إلى المؤمنين، إلى الأتقياء، إلى المساكين. وتأتي العبارة الهامّة: ذوقوا تروا ما أطيب الربّ. اختبرت الربّ، اختبرت نجاته، اختبرت نعمته. والآن يبقى عليكم أنتم.

لهذا يقول في آية 9: ذوقوا تروا ما أطيب الربّ، اختبروا الربّ وسوف ترون ما طعم الربّ، ما أطيب الربّ. ذوقوا تروا ما أطيب الربّ. كلّ هذا يدلّ على خبرة معاشة لدى هذا المؤمن. يكفي أن تذوقوا حتّى تروا. يكفي أن تسيروا خطوة مع الربّ، أن تسمعوا له، أن تفتحوا قلوبكم له. عندئذ ترون ما أطيب الربّ. هنيئًا لمن يحتمي به.

ويتابع المؤمن خبرته. أنا احتميت بالربّ (نيّالي)، هنيئًا لي. ربّما حاول أن يحتمي بالبشر، فلم يقدروا أن يحموه. هم لا يستطيعون أن يحموا أنفسهم. أمّا هذا المؤمن فاحتمى بالربّ.

وتأتي خبرة ثانية خبرة المخافة. خافوا الربّ يا قدّيسيه، فخائفوه لا يعوزهم شيء. القدّيسون هم الذين فرزهم الربّ ليكونوا له. خائفوه لا يعوزهم شيء. نتذكّر هنا اللاويّين: لم تكن لهم حصّة في أرض إسرائيل. كان الربّ حصّتهم. وهنا خائفوه لا يعوزهم شيء.

وننتهي من هذا القسم الأوّل: الكافرون يحتاجون ويجوعون، ومن يطلب الربّ لا يعوزه خير. عندنا ترجمتان، الترجمة الأولى: الكافرون ولو كان الغنى في أيديهم يحتاجون ويجوعون ومن يطلب الربّ لا يعوزه خير. وهناك ترجمة ثانية: الأشبال، الأشبال في السريانيّة وفي اليونانيّة: الأغنياء يحتاجون ويجوعون.

نلاحظ كيف أنّ هؤلاء الذين استندوا إلى قوّتهم سوف يحتاجون ويجوعون. ومن يطلب الربّ لا يعوزه خير. الكافر، الغنيّ، القدير، يستند إلى نفسه فيجوع ويحتاج. أمّا المسكين، أمّا من يطلب الربّ، فلا يعوزه خير.

شكرًا لك يا ربّ، شكرًا لك. ترافقني، تعلّمني، تعلّمني بشكل خاصّ مخافتَك. أنا مسكين أحتاج إليك، أنا محتاج، أنا معوز. آتي إليك فاملأ حياتي بكلّ خير، فأباركك يا ربّ في كلّ حين، وعلى الدوام يهلّل لك فمي. آمين.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM