الخاتمة

 

الخاتمة

وهكذا عشنا محطّة رابعة في قراءتنا للمزامير والتأمّل في نصوصها ومع الأبعاد الروحيّة والكنسيّة، مع الوجهات التاريخيّة والنظرات الخلقيّة. وجعلنا هذا الكتاب بعنوان: معونتنا باسم الربّ.

في قسم أوّل (مز 38 - 40)، رافقنا المؤمن الذي أحسّ بالمرض، فطلب الشفاء. فالموت نهاية لمن لا يعرف الآخرة، لمن يعتبر أنّ القبر نهاية الحياة. وأحسّ المرتّل بالضيق. فطلب من الربّ أن يوسّع له. وفي هذه المسيرة وصلنا إلى يسوع المسيح، لأنّ المزامير لا تجد كامل معناها إلاّ في العهد الجديد، في حياة يسوع وموته وقيامته، في الكنيسة وامتدادها في العالم.

عرف الإنسان أنّ حياته عابرة، فما وجد أمامه منفذًا. الغنيّ والفقير يكونان معًا في القبر. الخاطئ والبارّ. والحكيم والجاهل. فلم يبقَ لنا سوى الاستسلام بين يدي الله، كما الطفل في حضن أمّه أو أبيه. والإعلان في النهاية كلامًا أعلنه يسوع: أنا لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الذي أرسلني.

في قسم ثانٍ (مز 40 - 45)، اكتشفنا الألم الذي يعيشه المؤمن، وهو البعيد عن أرضه التي اعتاد أن يعمل فيها، وقد نالها هديّة من الربّ حين قسم موسى ويشوع الأرض بين القبائل، وكلّ قبيلة بحسب عدد الذكور الذين فيها. كما هو البعيد عن وطنه وعن الهيكل الذي اعتاد أن يأتيه مصلّيًا، شاكرًا، ماشيًا مع الصاعدين إلى تلّة أورشليم حيث يقيم الملكُ العظيم.

هو يتألّم بشكل خاصّ، لأنّ الآباء أخبروه بالماضي المجيد، وبما عمله الله لهم منذ الخروج من مصر، وصولاً إلى البرّيّة وإلى أرض الموعد. فما بال ا لله تبدل؟

أتراه غاب فكان الفاعل فقط في البرّيّة، لا في الأرض المزروعة، حيث يسيطر بعل إله المطر والخصب. لا، ما غاب الربّ. هُدمت المدينة وهو يعيد بناءها. أتلفت المزروعات، وها هي الغلاّت ستكون وافرة. بل ينتشر الراجعون، فيشعّون كالزيتون، ويزهرون كالكرم، وتكون رائحتهم مثل لبنان، على ما قال النبيّ هوشع.

في قسم ثالث (مز 46 ، 50). تطلّع المؤمن من عمق ضيقه. إلى ذاك الإله القدير الذي هو عمّانوئيل، هو معنا، وقدرته لا تجاريها قدرة. إنّه الملك العظيم، بل ملك الملوك وربّ الأرباب. وإن وُجد آلهة، فالربّ هو إله الآلهة. لا في أرض محدّدة فقط، بل في الكون كلّه. نبوخذنصّر وشراسته، لبث خاضعًا للربّ. وكورش اختاره الربّ كما اختار داود وغيره من أجل مهمّة خلاصيّة.

أين يقيم هذا الإله؟ في السماء. من هناك يوجّه سهامه البرّاقة. من هناك يرسل حجارته، البرَد. من هناك تنطلق رعوده فتدلّ على صوته الذي يُلقي الرعب في القلوب. وهو يقيم في مدينة أورشليم. تعالوا وانظروا مدينة الربّ فتتخيّلوا أكثر من الخبر. تتخيّلون عظمة الإله الذي يحيط به السرافيم وكأنّهم يمنعون الخطأة من النظر إليه.

تلك هي المواضيع التي صلّيناها وتأمّلنا فيها، فكلَّمنا الربّ من خلالها، في صمت القلب بعد صمت الشفاه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM