المقابلةُ الأولى – الأقنوم الثاني في قلب الثالوث

المقابلةُ الأولى – الأقنوم الثاني في قلب الثالوث

تتوجّه المقابلةُ الأولى مباشرة إلى قلب الجدال بين اليهود والمسيحيّين. أن نقول إن المسيح هو ابن الله ليس بالأمر العبث. فالتاريخ بأسراره، والطبيعة بما تقدّم من تشابيه، تجعلان وجود الأقنوم الثاني في الثالوث أمراً يقبل به العقل: هناك خلقُ الرجل الأول والمرأة الأولى. هناك تأمّل في الشمس والنار. والكتب المقدّسة تجعلنا نستشفّ وجود الثالوث. ولا سيّما ما قاله الأنبياء.

يا كاتباً، كن لي معلِّماً مليئاً بالحكمة

وأنا أكون لكلمتك تلميذاً مليئاً بالفهم.

ليكن فمي لك موضعَ الحكم والاستقامة،

وأنت تكلّم بي الحقّ الجليّ، بالصوت العالي.

5     لساني قلمك(مز 45:2) هو، فاكتب به الحقيقات،

فتتعلّهم الشعوبُ والعوالم في سفرك وتستنير.

 

الذي صُلب هو ابن الله

حصل لي جدال مع يهوديّ وهو يُقلقني،

فيا ربّ موسى، هب النصرَ لمن يستحقّ.

تواجهتْ ختانةُ الشعب مع لاختانة الشعوب،

10.    فيا ربّ ابراهيم، ليُدانوا بك ولأجلك.

استقامةَ القلب هب لي، يا ربّنا، والبساطةَ،

والكلمةَ التي تفصل الجدالات والانقسامات.

أنت تكلّم بي، وأنا بك، ولأجلك أتكلّم،

قبالة شعب يعارضني لأجلك.

15.    الليلُ يصارع النهار الذي يسكن فيّ (يو 17:23).

يا شمس الشعوب، يا ليتني أَطردُ بنورك كلّ الظلال (يو 8:12).

شعب يعارض (فيقول) إنه علّق انساناً على خشبة،

فتعال، أيها العادل، وأقنِع الأعمى الذي ظلمك.

يكفر ويُكثر: الله لا ابنَ له.

20.   لنبحث الآن إلى أين (يصل) باقي الكذب.

يجب الآن أن يأتوا بلفائفِ الأنبياء:

بها نقرأ، وهي تبيّن لنا الابنَ الحقيقيّ.

لنبحث في عهود الآب، فان وجدنا

الوارث هناك، اقتنع اليهوديّ الذي لا يسجد له.

25.   من تجلّيات بيت الله، نتعلّم الحقّ:

إن كان لله ابن، ضحك اليهودُ.

ليأتِ الكتبةُ وليأتوا بأسفار الأنبياء.

ومن هو ماهر، ليقرأ ويصرخ ويفسّر لنا:

شعبٌ أصمّ هو، فارفع صوتك ايها القارئ.

30.   واهتف في أذنيه فيسمع أن لله ابناً.

تعال أنت، يا موسى، يا من رأى الابن في حضن أبيه،

ومعنا أقنع أبناء شعبك من أجل ربّك.

 

خلق آدم على صورة الله

لماذا قال الآب: »لنصنع الانسان على صورتنا«؟

وآدمُ الذي كان، من شابه؟ ها نحن نعرف.

35.   المسيح الذي كان منّا هو آدم الثاني،

وإياه يشبه ذاك الأولُ الذي صوِّر على صورته.

نظر الله إلى ما سوف يكون لابنه:

بأي شبه يَخرجُ إلى العالم حين يخلّصه.

فجبل آدم على هذا الشبه عينه حين جبله،

40.   ليأخذ السيّدُ شبه العبد حين يخلّصه.

قبل أن يأتي علّم العالمَ كيف يأتي،

لئلاّ يعتبروه غريباً حين يرونه.

فمنذ خلقهم، عرفهم، رسم

بيتَ آدم على شبه صورة ابنه.

45.   وإن هو قال: »لنصنع الانسان على صورتنا«،

فلأن الربّ صنع آدمَ على صورة ابنه.

بالعقل شابه آدمُ الآبَ شبهاً روحياً،

وشابه الابنَ بجسمه شبهاً جسدياً.

كان في آدم شبهُ الآب وصورة الابن،

50.   ولهذا قال: »على صورتنا ومثالنا«.

المسيح الذي أتى ليكون بنعمته آدمَ،

شابه آدم كما كان آدمُ شبيهاً به.

بدأ فوهب له شبهَه حين جبله،

وعاد فأخذه، من الحشا، حين خلّصه.

55.   وإلاّ لقلنا: أيّة صورة هي لله؟

وأيّ شبه في المسيح لما لا يُرى؟

نظر الآب أن ابنه تجسّم،

فخلق آدم على شبه جسده.

ولادة حواء ورمز الصليب

حين نظر إلى صليب وحيده،

60.   صوَّر في آدم كلَّ صورة صلبه.

وما حدث له إذ أنامه وأخذ منه ضلعاً،

حدث لابن الله على الجلجلة.

مات على الصليب لأن نوم آدم موتُه.

لهذا أنام الربُّ آدمَ حين خلقه.

65.   فاض من جَنبه أمٌ ثانية، المعموديّة،

وهذا السرّ صُوّر في حواء حين خُلقت.

أن يكون الرجل ولد امرأة بدون زواج،

فهذا يشهد كم كانت بتوليّة مريم حقيقيّة.

رجلٌ وَلَد، والكلام أعظم من السماع،

70.   والبتول ولدتْ، أمران شبيهان لمن ينظرهما.

قد يكون صعباً أن يلد رجلٌ. أما يصعب

بالأحرى أن تلد امرأة في بتوليّتها؟

الاثنان متساويان، هذا وذاك:

البتول والرجل وَلدا بلا اتحاد، يا للعجب!

75.   فالطبيعة لا تعصي ربّها حين يأمرها،

ولا تصنع فقط حسب طبيعتها حين يشير إليها.

أمرَ الرجلَ فولد حوّاء في عجب عظيم،

وأمر البتول فوهبت ثمرة بدون زواج.

فالأمران حقيقيّان جداً. ولكن اليهوديّ

80.   يرى الواحدَ دجلاً والآخر حقاً، مع أنهما لا يصدَّقان.

أيها العبريّ، إن صعُب عليك (أن تؤمن) ببتول تلد،

فلا تؤمن حين تسمع بأن رجلاً وَلَدَ.

أنظر في صورةٍ رُسمت في بيت آدم،

تعال وانظر هنا أن الصورة واحدة لمن يتبيّن.

85.   في ذلك الوقت قال موسى: آدم ولد المرأة،

لئلاّ ترتاب حين تسمع أن البتول ولدت.

 

موقع الابن في الثالوث

في وحيده صوّر الله بيتَ آدم،

ليكون العهدُ صورة ابنه في خلائقه.

بالابن الذي هو منه، بالكلمة الذي من جوهره،

90.   أقام العوالم لتكونَ شيئاً من لا شيء.

فبكلمة الربّ صُنعت السماواتُ، وداود شاهدٌ،

وبروح فمه، القوّات الخفيّة في العلاء.

الله واحد، وله كلمة وله روح،

الربّ واحد هو، ومعه هما كلمتُه وروحُه.

95.   ثلاثة أقانيم، إله واحد، لا يُحدّ،

ثالوث واحد، سيادة (واحدة) لا تتلقّى أمراً.

تعال يا يهوديّ يعترف بالآب ويكفر بالابن

ويظلم الروح، تعال وانظر الحقيقة في القراءات (الكتابيّة).

ما قلتُ ولا أقول: ثلاثة آلهة،

100.  بل اعترفتُ أن للآب روحاً وكلمة.

واحدة هي الشمس ولها النور والحرارة،

وما من أحد يدعو الثلاثة ثلاث شموس.

 

الشمس صورة الثالوث

الشمسُ شمسٌ، والنورُ نور، والحرارة حرارة،

والثلاثة شمس واحدة لا (شموس) كثيرة.

105.  هكذا الآب والابن والروح إلهٌ واحد،

لا آلهة، كما يظنّ الشعبُ الجاهل.

أراد أن يقول أن لا كلمة ولا روحَ

لله، بل يُوجد فقط ربّ واحد.

وأنا أيضاً ما قلت أبداً: أرباب،

110.  بل ربّ وكلمته وروحه الذين هم واحد.

يطلب أن يتواقح على الشمس ويعارضها ويقابلها:

ليس لها نور ولا حرارة.

أيها اليهوديّ، إن نزلت الشمسُ على الأرض بنورها،

وسارت فيها ساعة ترتاح حلقتُها في العلاء،

115.  (وإن) أنضجت بحرارتها الثمارَ والأزهار،

فهي تصوِّر في ثلاثة أشكال صورةَ هذه العظمة.

تلد (الشمسُ) الشعاعَ وتُرسله ليزور الأرض،

وهذا الشعاع الذي وُلد منها هو (بعدُ) مع الشمس.

ما هو شمس أخرى خرج منها وخارجاً عنها،

120.  بل الشمس عينها معها ولأجلها.

وابنُ الله الذي هو شعاع البرّ،

هو إله أيضاً من أجل الآب ومع الآب.

هو صورة مجده والشعاع المولود من جوهره،

به يزور (الله) كلَّ شيء كما الشمس تنير بشعاعها.

 

صورة النار

125.  والنار أيضاً لها النور والحرارة:

فالنار واحدة وهي تقوم كلها في ثلاثة أشكال.

الطبائعُ تصوِّر أقانيم اللاهوت الثلاثة،

والكتبُ تشهدُ أن الابنَ والروح هما مع الآب.

اسمع، يا ابن الشعب، للطبيعة أو للكتاب،

130.  وهبْ لله الكلمةَ والروح اللذَين هما له.

 

ما تقوله الكتب

ما قيل من أجل آدم يبيّن الأقانيم:

»لنصنع الانسان على صورتنا«، ان هذا لسرّ عظيم.

و(ما قيل): يكون آدم واحداً منّا. وهذا أيضاً

يشهد بجلاء أن في اللاهوت أقانيم.

135.  وفي بابل ايضاً، أعلم (اللهُ) أيضاً أن له ابناً وهو معه،

بهذا الذي قال: »ننزل ونقسم ألسنتهم«.

حين طرد البابليّ من المملكة،

دعاه وقال له: »لك يقولون، يا نبوخذ نصر«.

بهذه الأقوال أشير إلى الثالوث:

140.  ثلاثة أقانيم وإله واحد وغير مقسوم.

ليكن السرافيم شاهدين في قول تقديساتهم،

وقد دلّوا، كما بالاصبع، على وجود الثالوث.

رأوا، بعقل اللهيب العظيم، أقانيم

اللاهوت، ورتّبوا التقديس ترتيباً سرياً.

145.  قدوسٌ، قدوس، قدوس الربّ، هتف النوريّون،

فدلّوا بالتجلّيات، على وجود الثالوث.

للأقانيم وهبوا أقوالاً تدلّ على خفائهم،

فشهدوا على وجود الآب والابن والروح.

عرّفوا بالأقانيم وما سمّوهم آلهة،

150.  وما دعوهم هناك ارباباً، بل رباً.

قدوس الآب، قدوس الابن، قدوس الروح،

ثلاثتهم ربّ واحد، لا (أرباب) كثيرون.

وبما أن هناك ثلاثة فالتقديسات ثلاثة،

والربّ واحد هو، لا ثلاثة أرباب.

 

أقوال الأنبياء

155.  إن كنتَ أنتَ تلميذ الأنبياء، أيها العبريّ،

إقرأ وتعلّم أن الابن تكلّم في كتاباتهم.

كُتب بالنبي: »أرسل كلمتَه فشفاهم«:

إنه هذا الابن الذي أُرسل ليشفينا.

إذ توسّل موسى إلى الآب، على الجبل:

160.  »أطلب منك، ربّي، أرسل (من يتكلّم) بيد من ترسل«،

رأى الابنَ الذي استعدَّ ليأتي على الأرض،

ومن أجل هذا توسّل إلى الآب ليكون هذا.

ولأن موسى تجرّأ فأعطى أمراً لا يخصّه،

سقط عليه غضب الربّ وامتنع وما تجلّى.

165.  عرف الأنبياء في السرّ النبويّ،

وبالأمثال تكلّموا عنه في مكان ومكان.

قال اشعيا: »أرسلني الربّ وروحُه لأكرز«،

فابحث، أيها اليهوديّ، من هو الربّ ومن هو روحه.

فلو لم يكن الروحُ أقنوماً، كما سمعتم،

170.  ما كان تكلّم وأوضح: الربُّ وروحُه.

بما أن له ابناً، له كلمة، وارسله ليشفي،

حسناً قيل: أرسل كلمته فشفاهم.

وبما أن له أيضاً روحاً قدساً، كُرز:

»الربّ أرسلني عليكم هو وروحه للبشارة«.

 

موسى ويسوع

175.  ها بالأنبياء عُرِفُ الآبُ والابن والروح،

وهذا ما لا يريد أن يتعلّمه شعبٌ لا يفهم.

»مثلي يقيم الربّ نبياً من إخوتكم«.

من هو هذا إلاّ المسيح الابن الحقيقيّ؟

أي نبيّ يشبه موسى سوى ربِّنا:

180.  رسمه موسى في كل طريق افتقاده.

أخذ موسى لنفسه أماً مستعارة وجعلها أمّه،

كما أخذ المسيحُ له أماً بنت المساكين.

حين وُلد موسى وكمُل في ولادته،

اقتنى له أماً فصوَّر مريم أمَّ الابن.

185.  هما ما احتاجا أماً. لا موسى

ولا ربُّنا اللذان وُلدا وكانا كاملَين.

حين أرسِلا من أجل الخلاص، أخذا أماً،

كلُّ واحد منهما، من الموضع الذي أُرسل له.

كانت أمّ موسى مصريّة إذ كان هو عبريّاً،

190.  ومثل المصريّين سار في موضع أرسِل إليه.

وأم ربّنا كانت ابنة انسان، إذ كان هو إلهاً،

ومثل انسان خرج إلى الخليقة لكي يخلّصها.

عصا الأسرار حمل موسى في كل طريقه،

ليصوَّر بها صليبُ الابن لمن ينظر إليه.

195.  بها سَحَق الحيّاتِ التي هاجمته،

وبها أخجل السَحرة حين التقى بهم.

بها شقّ البحر، وفتح الصخر، وأنزل المنّ،

وأصعد السلوى، وحلّى المياه التي كانت مرّة.

صوّر صليبَ ابن الله صورةً جليّةً،

200.  ولهذا دعاه: »النبيّ مثلي«.

 

يعقوب ويسوع

هو الذي رآه يعقوب على السلّم، في بيت إيل،

فمسح الحجر وصنع صورة عن عمل المسيح.

صوّر ربَّ الرعاة بقطيع يرعاه،

وبالزوجات اللواتي اقتلعهنّ من أثقالهن.

205.  صوّره بالقضبان التي وضعها في الاجران قبالة القطيع،

الذي حبل وولد من جوف المياه، كما في السرّ.

بألوان مختلفة صوّر يعقوب الشعوب الممزوجة،

الذين ولدتهم المعموديّة لابن الله.

يا يهودياً قرأ في الكتب، أنظر في الكتب،

210.  فتجد الابن هناك في القراءات.

موسى ويعقوب خادما اللاهوت،

صوّرا الابن الحقيقيّ في كتبهما.

إقرأ في بركات ذاك الذي تَصارعَ مع الملاك،

ومنها تعلّم العلمَ الحقيقيّ عن ابن ربّك.

 

يهوذا ويسوع

215.  لماذا سُمّي يهوذا جرو الأسد،

إلاّ لأن منه ظهر المخلّص العظيم؟

قال: »لئلاّ يزول من عنده نبيّ ولا ملك،

حتى يأتي من تخصّه الرئاسة«.

أتى المسيح وزال الملكُ والرائي،

220.  من هذا السبط الذي مورست فيه الرئاسة.

وعرف العالم أن المُلك أيضاً يخصّه،

والنبوءة والرئاسة والأمر.

لنبحث في يهوذا: هل هناك ملك أو راءٍ؟

أنظر حسناً في سبطه القائم: هل يأتي ملك؟

225.  وإن زال أيضاً المُلكُ والنبوءة،

لن يأتيَ بعدُ من هذا السبط ملِكٌ آخر.

تجلّى أن الذي أتى وصلبه الشعب،

أخذ منهم الرئاسة لأنها تخصّه.

يعقوب الشيخ وهب الآيات إذ كان يموت،

230.  ولأن الشعب كان أعمى ما نظر إليها.

صبغ لباسه بالخمرة، وكساءه بدم العنب،

أي جسده في دمه، والشعب عميَ وما فهم.

»بالجفنة جحشَه (ربط) وبالكرمة ابن أتانه«.

ربط، حين أتى، فما تحقّقوا أنه الملك.

نبوءة زكريا

235.  هتف زكريا: »أتى الملك وهو راكب على جحش،

وإذ أتى ما فتحتْ له ابنةُ العبريّين.

يا يهودياً يلوم النبي: لماذا كرز؟

فإن كرز حسناً، إقبَلْ كلماتِه وكأنها نبوءة.

أو وافِقْ على النبوءة فاقبلْ الملك،

240.  أو تنكّر للنبوءة ولا تختلط بها.

علّمك يعقوب أن كان له جحشٌ ابنُ أتان،

وهتف النبيّ: يأتي الملك وهو راكب جحشاً.

فأتى المسيح وهو راكب جحشاً، كما في النبوءة،

فأهملتَ الأنبياء، والمسيحَ أيضاً.

245.  إن كان ملِكٌ أو رؤيات أنبياء

في الشعب، اليوم، فهم يقولون: سوف يأتي ملك.

ولكن إن زال النبيّ والملِك من أسباطهم،

فمن ينتظرون أن يأتي إذ لا وجودَ لمن ينتظرون.

يا عبرياً احتقر أسرار الأنبياء،

250.  في أي شكل يأتي المسيح كما تقول؟

هل تُقرّ أنه (يأتي) راكباً على جحش ابن أتان،

كما رسم زكريا ويعقوب في كتبهما؟

إن أقررتَ بالأنبياء وبالآباء أيضاً،

فتعلّم منهم أن المسيح أتى وما قبلْتَه.

 

نبوءة ميخا والمزامير

255.  كُتب في النبيّ: »من افراته يخرج ملك«.

وكما كُتب، ظهر المخلّص وما اقررتَ به.

صوّر داودُ صورة الصلب العظيمة،

في سفر أشير، فلماذا ما تثبّته؟

سبق وبيّن أن يديه ورجليه تُثقَب،

260.  أنهم يهبون له الخلّ ليشرب، في وقت عطشه.

وأنهم يمزجون المرارة في طعامه، على الجلجلة،

وأن بيت الاثم يقتسمون ثيابه،

وعلى لباسه يرمون القرعة. (هذا ما) وضعه (داود) في كتابه.

وكل ما يكون، وقبل أن يكون، أنشده في الروح:

265.  جراحُ ظهره، فتحُ يديه، اقتسامُ ثيابه،

وآلام تضافُ إلى آلام. هذا ما أنشد الرائي.

أنصتَ وسمعَ (المسيحَ) يصرخ على الجلجلة »إيل، إيل«،

وسبق فكتب (هذه الكلمة) لتكون جليّة حين تُسمَع.

أقوالٌ وكلمات وأعمال تمّت،

270.  في الصلب. تكلّم داودُ (كانسان) صادق.

 

اشعيا وتتمّة النبوءات

كل كلمات النبوءة قامت بالفعل،

فظهرتْ وبرزتْ كلُّ الأسرار التي كانت خفيّة.

وأظهر المسيحُ نفسه في العالم، مثل النهار،

وما سار فيه (= في النهار) بنو العبريّين لكي ينيرهم.

275.  هتف اشعيا: »البتول تلدُ بدون زواج«،

فاحتقر الشعب البتولَ كما (احتقر) اشعيا.

من ينتظر؟ أمسيحاً آخر لا وجود له؟

وفي أي شكل يرونه آتياً إن لم يكن موجوداً؟

يقولون: »بتول أخرى تلد«. لننظر.

280.  إن كان موضع في كتبهم، تلد فيه اثنتان.

إن كانت واحدة فقط تلد، فها هي قد ولدت.

وإلاّ ليبيّنوا أين توجد اثنتان، في الكتاب.

ربُّنا الذي أتى، أمسك حدود النبوءة،

وما وهب إشارة أن يأتي آخر، ولا وجود له.

285.  أخذ ربُّنا بتولاً وجعلها أمّه،

وما وهبوا بتولاً أخرى للذي يأتي.

صوّر ابنُ الله النبوءة وختمها،

واشعيا صوّر الشهادة متنبئاً.

سار ربُّنا وأتى في طريق النبوءة،

290.  فما عادت تقبلُ مسيحاً آخر يسير فيها.

لا مسكن يُقيم فيه مسيح آخر على الأرض،

لأن ابن الله الذي أتى أمسك المكان كلّه.

أخِذتْ بتولٌ وعُرف إيلادُها في الكون كله،

ولذاك الذي قد يأتي، ما من بتولٍ تكلّموا عنها.

295.  في بيت لحم ليس له مكان ليقيم هناك،

فقد أخذه الأول الذي هو الحقيقيّ.

وإن هو أتى لا يقدر أيضاً أن يدخل إلى الناصرة،

التي تستقبل فقط ناصرياً واحداً، لا (ناصريّين) عديدين.

 

فرع يسّى

فرعٌ واحد فقط ينبت من بيت يسّى،

300.  فلا يسهل أن تُكنّى فروعٌ أخرى ولا ناصريون.

يسوع الذي أتى، قاد الجحش ابنَ الأتان،

وما عرفت النبوءةُ إلاّ واحداً ركب على جحش.

أنبياء الآب لا يستقبلون ذاك الذي يأتي.

واحد هو الذي أتى، كما تكلّمت كتبُهم.

305.  فمن تجرّأ وأتى بعده لن يُقبَل،

فلا مكان له ولا موضع، في ما تجلّى لهم.

في فم الأطفال تكوّنت تسبحةٌ واحدة للذي هو الوحيد.

هم لا يهبونها لآخر، بل له (وحده).

لا نبيّ ولا تجلّيات لدى الرائين،

310.  لذاك الذي ترجّاه بنو العبريّين وانتظروه.

هو الذي أتى، ولأجله تكلّم الأنبياء،

وما من خبر عن آخر في تجلّياتهم.

كيف يأتي، متى يأتي، ولماذا يأتي؟

هم ينتظرون ذاك الذي لا يأتي، إذ لا وجود له.

 

كلام إلى اليهود

315.  والآن، قل لي أيها اليهوديّ، ماذا تظنّ

حول الذي يأتي ان هو يأتي كما قلتَ.

هل تهيّئ له الصليب والمسامير والرمح والخلّ؟

أو تستقبله بسلام ولا يقاسي الجراح.

إن لم يُجلَد فليس هو المسيح. لا تنتظره.

320.  وإن جُلد فهو الذي جُلد من قِبَل الصالبين.

أتطلب أن تضربه، حين تراه، كما تقول،

أم تعتبر حلقة النبوءات دجلاً؟

لو لم يرَ زكريا الجراح في يديه،

لما سأل: ماذا تُبصر بين يديك؟

325.  إن لم يُجلَد فليس هو راعي البشر،

ولا يعنيه ما قيل فيه: »ضُرب الراعي«.

جُلد المسيح وآخر لا يختارون،

ولا يضربون ذاك الذي ليس راعي البشر.

في ربّنا الذي أتى، وجدتْ كلُّ الكتب حدّها،

330.  فلماذا تبحث عن طريق أخرى وغير معروفة؟

أيها العبريّ، كيف تبني بلا أساس؟

وبدون أنبياء كيف تميّز مسيحاً تكرز به؟

من عرفه؟ من تنبّأ عن مجيئه؟

من شعر به؟ وفي أيّ كتاب رُسم تجلّيه؟

335.  في موسى لن تجد شيئاً إن نظرتَ في كتاباته.

ففي كل طريقه رسم موسى صورة ربّنا الذي يأتي.

ومن أجله تكلّم أشعيا فأكثر،

إذ رأى مجدَه، ورسمَ الطريقَ قبل مجيئه.

أنشد أشعيا: »البتول تحبل بلا زواج«،

340.  فرمى الرهبة في كل طغمة البتولات.

وحين تكلّم عن ذاك الذي يظهر من مريم،

بطُلت الضجّات والكلمات والبلبلات والأسئلة.

وعرف الشعوب والملوك والأماكن،

أن بتولاً واحدة ولدت في يهوذا الالهَ الواحد.

345.  وإن قال انسان: له رفيقة، لا يُقبل (قوله)،

وإن انتظر مسيحاً آخر، فالجميع يحتقرونه.

لام الشعبُ الشمس لأنها لا تنير.

مبارك من بدنحه بدّد ظلام الكفر.

كملت المقابلة الأولى

مع اليهود.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM