الكتـــاب الســـادس

الكتـــاب الســـادس

ثمانية وعشرون بيتًا من الشعر. لا يبدو أنَّها نبيئة(1) من السيبلَّة، واسم السيبلَّة لا يظهر في أيِّ مكان. بل هي بالأحرى مديح لابن (الله) الخالد، اللامائت. ولكن بما أنَّ هذه القصيدة أدرجت في مجموعة الأقوال السيبلِّيَّة، وبما أنَّ لاكتانس نسب صراحة بعض الأشعار إلى السيبلَّة، لم يبقَ سببٌ للشكّ بالهويَّة البسودوغرافيَّة(2) للصوت الذي نسمعه فيها. هذا المديح الذي لا شكَّ في أصله المسيحيّ وطابعه، يرسم باختصار المحطّات الكبرى في حياة المسيح، دون أن يُذكر اسمُ المسيح مرَّة واحدة. وينتهي بدعاء موجَّه إلى خشب الصليب.

أراد بعضهم أن يرى هنا علامةَ هرطقة(3) في آ6، حين ضُمَّت النار إلى المعموديَّة، وإشارة ارتباط أدبيّ ولاهوتيّ بين الكتاب السادس والكتاب السابع في التوازي الذي يقدِّمه هذا الضمُّ في 7: 84. إذا كان لا شيء يتيح لنا أن نسند القول الأوَّل، فهناك عناصر أخرى تثبت القول الثاني، على ما يبدو.(4)

لا يمكن أن تكون هذه القصيدة دُوِّنت بعد لاكتانس، لأنَّه يورد منها عددًا كبيرًا من الأِشعار في بداية القرن الرابع في الكتاب الرابع من النظم الإلهيَّة(5). أمّا الطبقات الأقدم، مثلاً تلك التي تتطرَّق إلى المعموديَّة، فيمكن أن تعود إلى القرن الثاني. غير أنَّ التدوين الآخر جاء بلا شكّ بعد ذلك الوقت. أمّا التجذُّر الجغرافيّ لهذا النصّ، فيصعب التأكُّد منه. ولكنَّ هناك ميلاً إلى الكلام عن سورية أو فلسطين.

مديح لابن الله الخالد

من عمق قلبي، أُنشد لابن الخالد، القدير والمعبود(1)،

الذي أعطاه العليُّ والدُه أن يقاسمه عرشَه(2)،

ساعةَ لم يكن بعدُ وُلد(3). ونهض(4) بعد أن اغتسل

مرَّة ثانية، بحسب البشريّ(5)، في مجاري نهر

5 الأردنّ الذي تقدَّم في خطوة خضراء وهو يبسط أمواجَه(6).

حينئذٍ، وبعد أن أفلت من النار(7)، يكون أوَّل من يرى الله العذب،

آتيًا في الروح على أجنحة حمامة بيضاء.

زهرةٌ(8) نقيَّة تُزهر، والينابيع تتفجَّر.

يبيِّن للبشر الطريق، يبيِّن لهم السبيلَ

10 السماويّ. ويعلِّمهم جميعًا بأخبار حكيمة(9).

يدعو الشعب العنيد(10) للمحاكمة(11) ويقنعه،

معتزٌّا بالنسل(12) المجيد، نسل الآب السماويّ.

يمشي على الأمواج(13)، ينجّي الناس من المرض،

يُنهض الموتى(14)، يطرد الآلام المريعة.

15 بجذرٍ واحد يكون للبشر كفايتُهم من الخبز(15)،

حين يلد بيتُ داود فرعه(16). في يده(17)

يركُن الكونُ كلُّه، والأرض والسماء والبحر.

يُشعُّ على الأرض مثل البرق(18) كما سبق ورآه المولودان من الضلع(19)،

هذا من ذاك، حين يتجلّى للمرَّة الأولى(20).

20 وهذا يحصل حين الأرض تبتهج في انتظار ولد.(21)

لكِ وحدكِ(22)، يا أرضَ سدوم، حُفظتْ محنٌ مُرَّة،

لأنَّكِ وحدك، يا جاهلة، ما عرفتِ إلهك

الذي أتى في سمات المائتين، ولكنَّك توَّجتِه

بإكليل من الأشواك(23) ومزجتِ المرَّ الهائل(24)

25 بشكل إهانة ومحنة.(25) هذا يأتيك بالمحن المرَّة.

أيُّها الخشب(26)، أيُّها المغبوط، يا من عليك مُدِّد الله(27)

لا تستطيع الأرضُ أن تحتفظ بك، ولكنَّك تشاهد السماء مسكنًا

حين يُشعُّ من جديد كالبرق، وجهُ الله الحارق.(28)

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM