الكتـــاب الســابـــع

 

الكتـــاب الســابـــع

يبدو الكتاب السابع في الأقوال السيبلِّيَّة مجموعة نبيئات وأقوال لامتجانسة، ولا مرتَّبة ترتيبًا محدَّدًا. وهو يتألَّف من دعوات عديدة على جزر، على مدن، على أمم (1-6؛ 12-23؛ 49-63؛ 96-117). وهذه الدعوات يمكن أن تُرسَم على نماذج وثنيَّة ونبوءات من العهد القديم.

إنَّ المتتالية التي تضمُّ الدعوات هي شواشيَّة، وتعكس إحدى الميزات الرئيسيَّة في الفنَّ النبيئيّ، مع عبور مفاجئ من فكرة إلى أخرى دون انتقال منطقيّ. هذا يفسِّر لماذا تُضَمُّ نبيئة أجزائيَّة (7-11)، ترتبط بالكتاب الأوَّل، إلى نبيئات كوسمولوجيَّة وجليانيَّة (24-39) وإسكاتولوجيَّة، حيث نبيئة تخبر باشتعال العناصر والحكم الأبديّ على الخطأة (118-131)، ونبيئة أخرى تنبئ بإعادة بناء العالم (139-149). ويسبق تذكُّرًا قصيرًا لعماد المسيح (64-70) خمسةُ أشعار مُلغزة حول أمَّهات الله أو الأبراج السماويَّة (71-75)، وفرائض ذات طابع طقوسيّ (76-84) وتوصيات من النمط الأخلاقيّ حول استقبال البائسين (85-95). بعد ذلك تأتي أبيات حول الأنبياء الكذبة (132-138)، فتتَّخذ مكانًا بين لوحة تصوِّر اشتعال العناصر في الكون (118-131) ولوحة أخرى ترسم إعادة بناء الكون (139-149). كلُّ هذا ينتهي في اعتراف طويل للسيبلَّة (150-162) نجد ما يوازيه في الكتاب الثاني.

يعود الكتاب السابع إلى القرن الثاني إو القرن الثالث، ولكن لا شيء يتيح لنا بأن نجزم بشكل مقنع. أمّا آخر تاريخ فيحدِّده لاكتانس (القرن الرابع) الذي يورد بيت شعر واحد (123) في الكتاب السابع (16: 13) من النظم الإلهيَّة.

أين دُوِّن الكتاب السابع هذا؟ الوضع هنا يشبه الوضع في الكتاب السادس. ولكن تذكُّر المسيح في الدعوة على سورية المجوَّفة (Coelé-syrie) وفينيقية (64-67)، يجعلنا نفكِّر في سورية، وإن لم تكن هذه الإشارة كافية.

أقوال على الجزر

يا رودس(1)، أنت أيُّها التعيسة، ستكونين أولى من أَبكي.

تكونين أولى المدن، الأولى التي تهلك،

فتُحرَمين من الناس، وتسلَب(2) كلُّ حياة فيك.

وأنتِ، يا ديلوس، تندفعين، وعلى المياه تنقلبين(3).

5 يا قبرص(4)، موجةٌ من البحر العرائسيّ(5) تفنيكِ يومًا.

يا صقلِّية، النار التي تشتعل فوقك سوف تلهبك.(6)

الطوفان

وأقول: ها هي مياه الله المرعبة والمجتاحة(7).

ونوحٌ وحده(8) بين جميع البشر، استطاع الهروب.

الأرض تندفع(9)، الجبال تندفع، بل الأثير يندفع.

10 كلُّ شيء يكون ماء، وبواسطة المياه يعود كلُّ شيء إلى لا شيء.

الرياح تهدأ ويبدأ عهدٌ ثانٍ.(10)

أقوال على الأمم

يا فريجية(11)، سوف تكونين أولى من يشعُّ على سطح المياه،

ولكن بعد أن سقطتِ في الكفر، ستكونين أولى من ينكر الله،

فتُرضين الأصنام التي لا صوت لها(12)، وهي كلُّها، أيَّتها الشقيَّة،

15 تدمِّرك خلال عدَّة ثورات سنويَّة آتية.

والأثيوبيّون(13) المساكين الذين تؤلمهم أوجاعٌ تثير الشفقة،

يُضرَبون بالسيف تحت الجلد وهم يتكوَّرون من الخوف.

ومصر الثريَّة المهتمَّة دومًا بغلالها،

التي يغمرها النيل بقنواته(14) الصالحة للملاحة،

20 تُعدمها الحربُ الأهليَّة(15)، ودون أن ينتظر ذلك أحد،

يرذل الناس أبيس(16) الذي لا يكون إلهًا للبشر.

ويلاه! يا لاودكيَّة(17)، أنتِ ما رأيتِ الله يومًا،

تكذبين، أيَّتها الوقحة! فموج ليكوس(18) يغطّيك.

الدينونة

هو المولود(19)، الإله العظيم، يُجري عددًا من المعجزات،

25 ويعلِّق القطب المتوسِّط عبر الأثير.

ثمَّ يقيم من أجل الناس غرضَ مخافةٍ كبيرًا حين ينظرون إلى العلاء،

عمودًا أعطاه قياسَ نار عظيمة، حيث قطراتُه

تدمِّر أجيال الناس الذين ارتكبوا الشرور.

ففي يوم من الأيّام يأتي هذا الزمنُ الفريد، الذي فيه الناس

30 يطلبون أن يهدِّئوا (غضب) الله، فلا يقدرون أن يُوقفوا المشقّات

التي لا فائدة منها. لأنَّه ببيت داود(20) يتمُّ كلُّ شيء،

لأنَّ الله ذاته أعطاه عرشًا(21)، بيدين نظيفتين.

أمَّا مرسَلوه(22) فيرتاحون تحت قدميه(23)،

أولئك الذين يجعلون النيران تشعُّ وأولئك الذين يجعلون الأنهار تجري.(24)

35 أولئك الذين يحمون الحواضر وأولئك الذين يُرسلون الرياح.

ولكنَّ حياة صعبة تنصبُّ على الناس العديدين،

فتتسلَّل إلى النفوس وتبدِّل قلب البشر.

ولكن(25) حين النبتة الصغيرة تجعل براعم(26) الجذور(27) تتفتَّح،

الخليقة التي أعطت يومًا طعامًا وافرًا ]...[

أقوال على أمم أخرى

40 وحينئذٍ يكون الملءُ(28) في مسيرة الأزمنة. ولكن حين

فُرسٌ(29) آخرون، قبيلةُ محاربين، يملكون، في الحال،

تُلعَن أخدار العرائس بسبب قبائل سيِّئة الشرائع.

فالأمُّ(30) تحسب ابنها أيضًا زوجًا. والابن

يأخذ والدتَه بالعنف. والبنتُ التي رقدَت على أبيها،

45 تنام بحسب هذه العادة البربريَّة. ولكن بعد ذلك

يشعُّ أريس(31) الرومانيّ عليهم برماحٍ عديدة.

وهي (الرماح) تبصق دم البشر على قسم كبير من الأرض.(32)

حينئذٍ يهرب رئيسُ إيطالية من أمام قوَّة السيف.(33)

ويتركون على الأرض زهرةَ ذهب مرفوضة

50 تحملُ دومًا علامة الضرورة حين تطلع(34).

إذًا،(35) يأتي زمن فيه طروادة كلُّها، المريضة والبائسة،

تشرب، يا ويلها، حتّى الثمالة، لا الزواج، بل الجنازات،

حيث العرائس يذرفن الدموع المرَّة لأنَّهنَّ لم يعرفن إلههنَّ،

بل يحدثن ضجيجًا لا ينقطع بالدفوف(36) والجلاجل.(37)

55 تنبَّأي دومًا، يا كولوفون(38)! عُلِّقتْ فوقك نارٌ كبيرة، هائلة.

يا تسالية(39)، يا زوجة غير موافقة، لن تراك الأرضُ بعدُ،

لا أنت ولا رمادك: تندفعين وحدك هاربة من الأرض اليابسة.

وهكذا(40)، أيَّتها الشقيَّة، تكونين نفاية حرب أهلاً للشفقة

أنت يا من سقطتِ في الأنهار السريعة وتحت السيوف.

60 أيَّتها(41) الشقيَّة كورنتوس، تستقبلين من حولك أريس المخيف،

أيَّتها التعيسة، وسوف تقاتلون بعضُكم بعضًا.

ويا صور(42)! كيف ستكونين وحدك! تُحرَمين من أناس

أتقياء، وتتميَّزين بخفَّة عقلك.

معموديَّة المسيح

يا سورية المنخفضة(43)، يا آخر ملجأ للفينيقيّين

65 حيث يركن بحرُ بيروت الذي ينصبُّ عليهم.

أيَّتها التعيسة(44)، أنتِ لم تعرفي إلهك(45)، ذاك الذي الأردنُّ

غسلَه في الماضي في مجاريه(46) وحلَّق الروح فوقه مثل حمامة.

هو(47) (المسيح) الذي (كان) قبل الأرض والسماء بنجومها،

كان الكلمةَ السامي(48) لدى الآب والروح القدس

70 والذي بعد أن ارتدى الجسم البشريّ(49) طار بسرعة إلى بيت الآب.(50)

الأبراج السماويَّة الثلاثة وأمَّهات الإله

له شيَّدت السماء(51) ثلاثة أبراج،

حيث تعيش(52) الآن أمَّهات الإله النبيلات:

الرجاء والتقوى، والعبادة المرغوبة.

هي لا تبتهج بالذهب ولا بالفضَّة بل بأفعال عبادة

75 الناس، بذبائح الأبرار وأفكارهم.

فرائض طقوسيَّة

تَذبحُ (أنتَ) للإله العظيم، الخالد والمجيد

لا حين تُحرِقُ حبَّة من البخور في النار، ولا حين تَنحر

كبشًا مقصَّبًا بالسكِّين(53). ولكن مع جميع

الذين يحملون دمك حين تحمل طائرَ البرّ(54)

80 فتُفلته وأنت تصلّي موجِّهًا عينيك إلى السماء.

تصبُّ الماء بشكل سكيب على نار طاهرة، وتصرخ هكذا:

»كما أنَّ الآب ولدَك، أنت الكلمة(55)، كذلك أرسلتُ طائرًا(56)

مبلِّغًا سريعًا للكلمات، وهو نفسه الكلمة، يرشّ بالمياه

المقدَّسة عمادك، الذي عبره تجلَّيتَ حين خرجتَ من النار.«(57)

استقبال البائس

85 لا تغلقْ بابك(58) حين يقتربُ منك غريب

لكي يطلب منك أن تبعد عنه البؤس والجوع.

ولكن خُذْ رأس هذا الإنسان ورُشَّ عليه الماء،

وصلِّ ثلاث مرّات. وإلى إلهك تصرخُ بقوَّة هذا (الكلام):

»أنا لا أرغب في الغنى(59). أنا بسيط واستقبلت البسيط.

90 أنت أيُّها الآب، اجعل عطاء مضاعفًا. أنت يا كافي (الجميع) اسمع«

فيعطيك أنتَ يا من صلَّيتَ(60). ثمَّ يحمل الهواء.[...](61)

»لا ترهقيني يا قداسة الله المقدَّسة والبارَّة،

يا عظمة نقيَّة لم تُستعبَد، بل امتُحنت حين وُلدتْ(62)

ثبِّتْ قلبي المسكين، أيُّها الآب، فإليك تطلَّع نظري(63)،

95 إليك يا من لا عيب فيه، أنت يا من لم تكوِّنك يدٌ.«

أقوال على أمم أخرى

يا سردينية(64) المرهوبة الآن، سوف تتحوَّلين إلى رماد.

لن تكوني بعدُ جزيرة حين تأتي السنةُ العاشرة(65).

يطلبونك وهم يندفعون على المياه، أنت يا من لن تكوني بعد.

الطيور(66) تئنُّ متوجِّعة وتندب حظَّك.

100 يا مِغدونية(67) الصخريَّة، يا شعلةً بَحرِية يصعب عبورها.

أنت تتكبَّرين لزمن محدَّد، ولكن على مدِّ الأجيال(68) تكونين كلّك

إلى العدم، بنفخة محرقة، وتصيرين مجنونة عبر عذابات لا تُحصى.

يا أرض القلتيّين(69)، على مدِّ جبلك قرب جبال الألب التي لا تُعبَر،

الرمل الكثيف يغطِّيك كلَّك. لن تعطي بعدٌ جزية،

105 لا حنطة ولا علفًا. تكونين خربة إلى الأبد

بيد الشعوب. تغطّيك البلورات المجمَّدة،

تدفعين العار الذي لم تعرفيه، أيَّتها المجرمة.

يا رومة(70)، يا نفسًا شجاعة، بعد حربة مكدونية،

تشعِّين(71) في الأولمب(72) مثل البرق. ولكنَّ الله يغطِّسك في أكمل

110 غفليَّة، حين تظنِّين نفسك في الظاهر

أكثر ثباتًا ومتانة. حينئذٍ أصيح فيك (قائلاً) هذا:

»أنتِ يا من كنتِ في الماضي مشعَّة، لامعة، تقولين وقت موتك:

»مرَّة ثانية، يا رومة، مرَّة ثانية، أتوجَّه إليك«.

والآن أنتِ، يا سورية المسكينة، التي أبكيها وأشفق.

115 ويا تيبة(73)، يا من نلت نصيحة سيِّئة، نتج عنك صوت شؤم

بيد النايات، فثبت عليك، وبوق يُخرج صوت.

شؤم عندك، وسترين موتَ الأرضِ كلِّها.

اشتعال الكون

الويل(74) لكَ أيُّها الشقيّ! الويل لك يا بحر السوء!

تلتهمك(75) كلَّك النارُ فتُهلك الشعبَ بمائك المالح!

120 فيكون(76) على الأرض من النار المجنونة

بقدر الماء(77). ينصبُّ على الأرض كلِّها ويدمِّرها.

يُحرق(78) الجبال، يلتهم الأنهار، ويُفرغ الينابيع.

والعالم(79) المنظَّم يصير فوضى ساعة يهلك البشر.

وإذ يحترق البائسون في الوجع، يحدِّقون بنظرهم إلى السماء

125 التي تتألَّم(80)، لا بسبب النجوم، بل في النار.

لا يموتون(81) سريعًا، بل يهلكون تحت بدنهم

ويفنون في الروح خلال دهور ودهور،

ويعرفون أنَّ شريعة الله التي يصعب امتحانها دائمًا،

لا يمكن أن تُغشّ. والأرض الخاضعة للعنف،

130 رأت أنَّ كلَّ إلهٍ تجرَّأت فقبلته، في ضلالها،

على مذابحها، تحوَّل إلى دخان معتَّم(82) عبر الأثير.

الأنبياء الكذبة

يتحمَّلون عذابًا ثقيلاً أولئك الذين طلبوا الإفادة(83).

فصنعوا نبوءات مشينة فزادوا شقاوة الزمن خطورة.

فالذين لبسوا جلد نعاج(84) سميك

135 كذبًا، يجعلون الناس يعتبرونهم من العبرانيّين، مع أنَّهم لا يكونون من هذا الأصل

بل يتكلَّمون مثل المشعوزين، ويستفيدون من العذابات.

لا يبدِّلون حياتهم، ولا يقنعون الأبرار

الذين يرضون الله في أمانة قلبهم التامَّة.

إعادة بناء العالم

في الحصَّة الثالثة من المسيرة الدائريَّة في سنوات

140 الثُمانية(85) الأولى، يُرى أيضًا عالمٌ آخر.

يكون الليلُ في كلِّ مكان على الأرض، طويلاً، كريهًا.

في ذلك الوقت، تنتشر حولها رائحةُ كبريت(86) قويَّة،

فتعلن أعمال القتل، ساعة هؤلاء يبيدون

في الليل وفي الجوع. حينئذٍ يُولِّد روحًا طاهرًا

145 وسط البشر، ويُنهض نسلك كما كان في الماضي، في عينيك(87).

ولن(88) يَحفُر بعدُ إنسانٌ ثلمًا عميقًا بسكَّة معقوفة.

لن(89) يغرز البقرُ بعدُ الحديدَ الذي يرتِّب الأرض.

لن تكون بعدُ أغصان، ولا سنابل قمح، بل كلُّهم معًا

يأكلون(90) المنَّ الطريَّ بأسنان بيضاء.

اعتراف السيبلَّة

150 حينئذٍ(91) يكون الله أيضًا معهم. يعلِّمك

مثلي أنا التعيسة. كم من الشرور اقترفتُ في الماضي

في وعيٍ تامّ، وكم من (شرور) أخرى اقترفتُ بإهمال!

عرفتُ مضاجع عديدة وما عرفتُ زواجًا واحدًا(92).

أنا الخائنة تجاه الجميع، آتي بقسَم وحشيّ.

155 رذلتُ المحتاجين وسرتُ وسط خادمات الهيكل(93)

في حفرة مظلَّلة(94) وما عرفتُ كلام الله.

لهذا(95) قضمتني النارُ والتهمتني. فأنا نفسي

لن أعيش، بل يقتلني زمنُ شؤم ساعةَ البشرُ

يشيِّدون لي مدفنًا وهم يعبرون أمامي على البحر.

160 ويقتلونني(96) بالحجارة. فحين كنتُ أتكلَّم من أجل أبي

كشفتُ ابنه الحبيب. ارجموني، ارجموني كلُّكم!

فهكذا أحيا(97) وأحدِّق بناظريَّ في السماء!

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM