الله أبٌ في عالم فلسطين

الله أبٌ في عالم فلسطين

نذكر أوّلاً كتاب اليوبيلات الذي دوِّن في القرن الثاني ق. م. أعلن للمؤمنين الذين يحفظون وصاياه: يصير لهم أبًا، ويكونون له بنين وبنات.

تتعلّق نفوسهم بي وبوصاياي، يتمّون وصاياي،

فأكون لهم أبًا، ويكونون لي أولادًا.

يدعون كلّهم أولاد الله الحيّ

فيعرفهم جميعُ الملائكة والأرواح

ويعلمون أنّهم أولادي،

أنّي أبوهم الحقيقيّ والشرعيّ...

ويتراءى الربُّ في عيون الجميع،

فيعلمون كلّهم أنّي أنا إله إسرائيل،

وأبو جميع أولاد يعقوب،

والملك على جبل صهيون إلى الأبد (1: 24-25، 28)

استعاد هذا النصّ مفهوم "العهد" في العهد القديم، فأبرزَ حبَّ الله لشعبه، كما شدّد على سلطانه الإلهيّ، الذي يفرض الطاعة على شعبه، وفي 19: 29، سبق أن قرأنا: "ليكن الربُّ أبًا لك ولكلّ شعبك في كلّ زمان، وأنتَ كن له ابنًا محبوبًا".

ونقرأ أيضًا مديحًا (هو التاسع) من مدائح قمران، يعود إلى بداية القرن الأوّل ق.م.

أنت، يا إلهي، حتّى الشيخوخة

تعتني بي.

أبي ما عرفني،

وتخلّت عنّي أمّي.

فأنتَ أب لجميع أبناء الحقّ

وفيهم جعلتَ فرحك.

مثل أمّ تحبُّ طفلها

ومرضع تجعله على صدرها،

أنت تعتني بكلّ خلائقك.

ووردت نصوص المعلّمين في القرن 1-2 ب.م. قال رابي يوحانان بن زكّاي (70 ب.م)

مبارك إله إبراهيم وإسحق ويعقوب،

الذي أعطى أبانا إبراهيم، ابنًا حكيمًا،

يعرف الكلام عن مجد الله الذي في السماوات.

وقال رابّي أليعازر بن حرقانوس (90ب.م)

منذ دمار الهيكل، اعتبر الرابّينيّون معلّمين في المدارس.

ولكن ما زال الشعب ينحدر وينحطّ

ما عاد أحد يصلّي: فإلى من نستند؟

إلى الآب الذي هو في السماوات.

ونقرأ في ضرربَه 4: 6:

وإن كان الجميعُ صنعَ يديّ،

أكشف عن نفسي أبًا وخالقًا

لمن عمل مشيئتي.

وقال ترجوم اللاويّين (22: 28):

كما أنّ أبانا رحيم في السماوات،

كونوا أنتم رحماء على الأرض.

ونقرأ خبرين من تلمود بابل في نعنيت 23 الأوّل:

"حين كانوا يأتون ليطلبوا من حوني (+65 ب.م) أن يصلّي لنوال المطر، كان يرسم دائرة حول نفسه ويتفوّه بهذه الصلاة: "يا ربّ الكون، تطلّع أولادك إليّ، لأنّني أمامك مثل الولد في البيت. أُقسم باسمك العظيم أنّي لن أتحرّك من هنا حتّى تصنع رحمة لأولادك". وأتى المطر، فلام شمعون بن شته، رئيس الفرّيسيّين، حوني، لوقاحة عمله، فأرسل من يقول له: "لو لم تكون حوني، لأمرتُ لك بأن تُحرم... ولكن ماذا أقدر أن أفعل، فأنت وقح تجاهه (= الله) وهو يعمل مشيئتك مثل ولد يتواقح مع أبيه فيصنع أبوه له مشيئته. قال له: أبا، خذني لاستحمّ في المياه الساخنة. إغسلني في المياه الباردة. أعطني جوزًا، درّاقًا، رمّانًا فيعيطه إيّاه".

وهذا خبر آخر حول حانان حفيد حوني:

"حين احتاج العالم إلى مطر. كان الرابّينيّون يرسلون إليه أولاد المدرسة فيمسكون بأطراف ثوبه ويقولون له: "أبا، أبا، أعطنا المطر". فيقول: "يا سيّد الكون، إفعل هذا من أجل الذين لا يعرفون أن يميّزوا أبّا الذي يستطيع أن يعطي المطر، من أبًا لا يستطيع أن يعطيه". فأتى المطر".

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM