شعب جديد وأرض جديدة 36: 16-28

شعب جديد وأرض جديدة

36: 16-28

خطّين نكتشفهما في سفر حزقيال. الخطّ الأوّل رافق النبيّ بعد منفاه، سنة 597 ق.م. جاء الكلام قاسيًا والحكم لا عودة عنه، لأنّ أورشليم خانت الربّ وما عرفت أن تعود إليه. لهذا أصابها ما أصاب. وقرأ النبيّ التاريخ السابق فرأى فيه "الزنى" في المملكتين، في مملكة السامرة (إسرائيل) التي مضت إلى السبي سنة 722 ق.م.، ومملكة أورشليم (يهوذا) التي ما زالت في سبيها الأوّل. ولكنّ هذا الوضع كان كافيًا ليجعل الشعب يفكّر، على المستوى اللاهوتيّ، لا على المستوى السياسيّ والعسكريّ، لماذا مضى الملك إلى السبي مع الأعيان والكهنة وقوّاد الجيش.

ولكن تبدّل موقف حزقيال بعد السبي الثاني سنة 587 ق.م. ودمار أورشليم وإحراق الهيكل. هنا دخل النبيّ في الخطّ الثاني حين رأى الشعب غارقًا في اليأس ولا ينتظر شيئًا من المستقبل "صرنا عظامًا يابسة". خطّ الرجاء. الله سيعيد بناء شعبه ومدينته كما في خلق جديد. وسيأتي تلاميذ النبيّ فيعيدون قراءة النصوص كلّها ويلوّنونها بلون الأمل. وفي ف 36 الذي نقرأ، تتوجّه الوعود الجديدة إلى جبال إسرائيل أي الشعب الذي تنقّى في المنفى وذالَ الذي التصقَ بالأرض:

8 وأمّا أنت، يا جبال إسرائيل،

فتنبتين غصونك وتثمرين ثمرك

لشعبي إسرائيل، لأنّ عدوّتهم اقتربت

9 فأنا إليك (آت)

وإليك سألتفت بعطف

فتُفلَحين وتُزرَعين.

وما قال الربّ للجبال، سيقوله للشعب فيعدهم ببناء روحيّ ووطنيّ، بعد الشدّة القاسية التي عرفوا. وها نحن نقرأ النصّ موضوع تأمّلنا (36: 16-28):

16 وكانت إليّ كلمة الربّ فقالت:

17 يا ابن آدم، يا ابن البشر (اسمع):

عندما كان شعبُ إسرائيل يسكنون في أرضهم،

نجّسوها بأعمالهم الشرّيرة،

وصارت سيرتهم في نظري

كنجاسة دم امرأة في حيضها.

18 فصببتُ غيظي عليهم

للدم الذي سفكوه على الأرض

ولأنّهم نجّسوها بأصنامهم

19 وشتّتُّهم بين الأمم فتبعثروا في البلدان

على حسب شرّ أعمالهم حكمتُ عليهم

20 فحيثما دخلوا بين الأمم،

دنّسوا اسمي القدّوس حتّى قيل عنهم:

هؤلاء شعب الربّ

ومع ذلك خرجوا من أرضه.

21 فحرصتُ على اسمي القدّوس

الذي دنّسه شعب إسرائيل

بين الأمم وحيث حلّوا.

 

22 ولذلك قل لشعب إسرائيل

هذا ما يقوله الربّ الإله:

ما أفعله لا أفعله لأجلكم،

يا شعب إسرائيل،

بل لأجل اسمي القدّوس

الذي دنّستموه بين الأمم وحيث حللتم

23 فأظهر قداسة اسمي العظيم

الذي دنّستموه بين الأمم،

فيعلمون أنّي أنا هو الربّ

حين أظهر قداستي فيكم على عيونهم.

24 وآخذكم من بين الأمم،

وأجمعكم من كلّ البلدان،

وأجيء بكم إلى أرضكم

25 وأرشّ عليكم ماء طاهرًا،

فأطهّركم من كلّ نجاساتكم وأصنامكم

26 وأعطيكم قلبًا جديدًا

وأجعل في أحشائكم روحًا جديدًا

وأنزع من لحمكم قلب الحجر،

وأعطيكم قلبًا من لحم

27 وأجعل روحي في أحشائكم

وأجعلكم تسلكون في فرائضي،

وتحفظون أحكامي وتعملون بها.

28 فتسكنون في الأرض التي أعطيتها لآبائكم،

وتكونون لي شعبًا،

وأكون لكم إلهًا.

1- سياق النصّ

بدا ف 36 في سفر حزقيال فصلاً هامًّا في كرازة النبيّ وفي ما حمل الكتاب من تدبير خلاصيّ. دوّن أو بالأحرى قيل في الأيّام الأولى بعد دمار أورشليم (587-586 ق.م.)، أو في بداية سبي العبرانيّين بكميّة كبيرة إلى بابل، فحاول وضْع بعض النور في سماء المنفيّين بعد أن عرفوا حالة قاسية. جعلهم يستشفون، في قلب الرجاء، وفي أفق بعيد، استعادة الحياة الحرّة على أرضهم المحرَّرة، التي خلقها الربّ جديدة، في معجزة من حبّه.

أمّا تأليف هذا الفصل، وبالأحرى الكرازة النبويّة التي تحمل، فهي تستند إلى كلمة الربّ كما توجّهت إلى النبيّ. وهذا ما يتكرّر مرارًا بشكل يكاد يكون مرهقًا: "وأنت يا ابن الإنسان، تنبّأ على جبال إسرائيل" (آ 1). "هذا ما يقول الربّ الإله" (آ 2). "يا جبال إسرائيل، اسمعي كلمة الربّ" (آ 4). "لأجل ذلك تنبّأ على أرض إسرائيل" (آ 6). هكذا تكلّم الربّ الإله، (آ 13). "إليّ توجّهت كلمة الربّ بهذا الكلام" (آ 16). ويتواصل الأمر في آ 33، 37 (رج آ 5، 7، 22). وهكذا شدّد النبيّ في كرازته، كما دوّنت، على قدرة كلمة الله وفاعليّتها. وهذه الكلمة تحقّق في التاريخ ما سبق وقالته.

أمّا فعل "تنبّأ" فجاء في صيغة المجهول: تقبّل النبوءة. أنت مجبَر على التنبؤ ولا تستطيع أن تتهرّب منها. الله هو الفاعل والملهم والمتكلّم. وهو يضع كلمته فيك. ويمكن أن يكون حزقيال شبيهًا بإرميا الذي أحسّ بالكلمة كأنّها نار في قلبه، ولا بدّ أن يعلنها. في آ 16 نقرأ "وي ه ي"، وكانت. هي الكلمة تقدّمت إليّ كأنّها شخص، كأنّها حدث. أو بالأحرى كشخص يقرأ الحدث ويعلّمني قراءته. فالنبوءة تقال الآن، وتتوجّه في الزمن الحاضر، لا المستقبل الذي لا سلطة لنا عليه. الآن الشعب في السبي وقد وصل إلى حالة اليأس. ماذا نقول له الآن من كلمة تعيد إليه الحياة بعد أن كاد الوضع يصل به إلى الموت؟

وتضمّن هذا الفصل إعلانين لكلمة الربّ. الأوّل يتطلّع إلى ازدهار جديد من النمط الزراعيّ، يمتدّ على كلّ جبال إسرائيل، فيكذّب انتظار معادي الشعب المختار الذين امتلأوا فرحًا في يوم دماره، وبشكل خاصّ الأدوميّون الذين صاروا في هذه الحالة، المعادي الأوّل للشعب (آ 1-15؛ رج 25: 1ي؛ إر 25: 15-16؛ مز 137: 7-9: أذكر يا ربّ بني أدوم يوم سقطت أورشليم). والإعلان الثاني يكشف نيّة الربّ العميقة حين طرد إسرائيل من أرضه ليرسله إلى المنفى في أرض غريبة (آ 16-38).

ما قرأنا هنا، أخذناه من الإعلان الثاني. وأخذنا منه جزءًا وحسب. ولكن إذا أردنا أن نفهم فهمًا تامًّا هذه الصفحة الرائعة من حزقيال، نقرأ، لا آ 16-28 فقط، بل آ 16-38 حيث الفكر يتوزّع في ثلاث حركات: السبب العميق للمنفى الحاليّ الذي يعيشه إسرائيل (آ 16-20). إرادة الله وعزمه بأن يخلّص مرّة أخرى شعبه (آ 21-32). وفر جديد، بكرة وازدهار في شعب تنقّى من نجاساته (آ 33-38).

29 وأخلّصكم من جميع نجاساتكم

وأكثر الحنطة في حقولكم

ولا أجلبُ عليكم الجوع من بعد

30 وأكثر ثمر الشجر وغلّة الحقل

لئلاّ ينالكم من بعدُ عارُ الجوع بين الأمم.

2- أسباب سلوك الله (آ 16-20)

نبدأ أوّلاً فنشير إلى اللغة الطقوسيّة في هذا المقطع. فهو يدلّ على اهتمامه بأن يؤسّس على تصوّرات ليتورجيّة وعباديّة، حياةَ الشعب الخلقيّة كلّها، كما الوعيَ لدعوته الكهنوتيّة. لهذا، فالسبب الأساسيّ لعقاب الشعب الذي حُكم عليه بالمنفى، يعود إلى كراهيّة أحسّ بها الربّ حين رأى سلوك إسرائيل في أرض أعطاها له إلهه. فخطايا إسرائيل دنّست، نجّست الأرض التي يسكنون، بحيث حلّ القرف والغثيان بسبب نجاسة طقوسيّة تشبه نجاسة المرأة في حيضها (آ 17).

وذكر حزقيال خطيئتين اثنتين (آ 18) من هذه الخطايا التي "نجّست" الأرض المقدّسة: الدم المسفوك (لا 17: 1ي)، وعبادة الأصنام. ودعا النبيّ هاتين الخطيئتين بلفظ لافت تصعب ترجمته بسبب لغة حزقيال الواقعيّة بفظاظتها ولا مراعاتها لآذان تقيّة. "غ ل و ل ي م"، الخراء والذرق. اعتاد المترجمون أن يعتبروا الأصنام "خراء" يخرجه الإنسان من جوفه. في الواقع، يدلّ اللفظ العبريّ على جميع الخطايا الكريهة التي اقترفها إسرائيل على أرضه، أمام الربّ. نتخيّل النبيّ في لغته القاسية يقول لهم: أنتم تعبدون خراءكم. تتعلّقون به. أما تشعرون إلى أي درك وصلتم.

ولكن ما هو أسوأ من ذلك. هو أنّ إسرائيل وصل إلى أرض المنفى، وسط أمّة وثنيّة، تدنّس اسمَ إلهه وقدرته ونعمته. فالمنفى وكر الوثنيّين في رأيهم بأنّ الربّ لم يقدر أن يخلّص شعبه من كارثة دمار أورشليم، لأنّه إله مثل سائر الآلهة، بل أضعف منهم.

1- خلق شعب جديد (آ 21-32)

بدأ المقطع الثاني في هذا النصّ، بكشف نيّة خاصّة من قبل الربّ تجاه شعبه، وبكلمة جديدة وجّهها الربّ إلى النبيّ: حرصت على اسمي القدّوس. كرامة اسمي القدّوس (آ 21). وما أقوله لك تقوله لشعب إسرائيل (آ 22) ويأتي بعد ذلك إعلان مبادرة مدهشة من قبل الربّ الذي عزم أن يخلق شعبًا جديدًا، تنقّى من نجاساته، في أرض جديدة (زالت العتيقة)، مقدّسة (لا تعود منجّسة). في هذه الأرض تتمّ علاقات حميمة ومتواصلة بين الله والإنسان. ونلاحظ هنا أيضًا وأكثر ممّا سبق، أنّ حزقيال لجأ إلى لغة ليتورجيّة كثيفة: الغسل ورشّ الماء. الماء الطاهر. طهَّر، نجاسة. قلب جديد. قلب من حجر. قلب من لحم، نجّس، دنّس. قداسة الاسم، الروح. هذا ما يذكّرنا بما في خر 30: 17-21 "تصنع مغسلة... تقيمها بين خيمة الاجتماع والمذبح، وتضع فيها ماء، فيغسل هرون وبنوه أيديهم وأرجلهم، إذا دخلوا خيمة الاجتماع، أو تقدّموا إلى المذبح ليخدموا ويُحرقوا ذبيحة للربّ، يغسلون أيديهم وأرجلهم لئلاّ يموتوا" (رج لا 14: 52؛ عد 5: 17؛ 19: 9، 17).

ولكن يبدو أنّ النبيّ لا يعود إلى عمل خاصّ من التطهير الليتورجيّ، وإن هو استعمل ألفاظًا ليتورجيّة، فقد حوّل معناها ونقلها من مستوى إلى آخر، من مستوى الطقوس التي كانت تُقام في الهيكل، إلى مستوى الحياة الجديدة التي يُدعى الشعب لكي يعيشها في المنفى فيكوّن شهادة للربّ وسط العالم الوثنيّ. في كلّ هذا الكلام تطلّع حزقيال إلى تدخّل كبير من قبل الربّ من أجل شعبه. وصوّر هذا التدخّل بصورة ليتورجيّا احتفاليّة. وخادم هذه الليتورجيّا الجديدة، في التاريخ، يكون الربّ وحده. وما دفعه إلى العمل، لا حبّه فقط تجاه شعبه، بل غيرته على اسمه. حرصه على اسمه القدّوس (آ 21). ماذا يفعل؟ يرشّ ماء طاهرًا على إسرائيل (لا وجود للدمّ على أرض المنفى. الماء يكفي ويحمل رمزه في ذاته)، فيطهّره في حميميّة كيانه. يغسله من كلّ وسخ ومن كلّ نجاسة تجعله مكروهًا أمام ربّه. وفي الحال، قُدِّم عملُ الله على أنّه خلق جديد. يضع في الإنسان (كما وضع في آدم، تك 2: 27 قلبًا جديدًا، روحًا جديدًا، بعد أن يكون انتزع قلب الحجر فيه (آ 26). فالقلب الجديد والروح الجديد، كمبدأ حياة جديدة ومختلفة وكقوّة حياة جديدة، يتيحان للإنسان أن يفعل ما كان مستحيلاً عليه بالإطلاق من قبل: يخضع طوعًا لشريعة الله، يتعلّق بالربّ تعلّق الحبّ، يقبل على أنّه أمر طبيعيّ كلّ ما يفرض الله عليه (آ 27-28: الفرائض، الأحكام). ذاك حقّ (ح ق) من حقوق الله الذي يقضي (ش ف ط) في شعبه ويهتمّ بأمورهم. ونقرأ الشيء عينه في إر 31: 33. فالشريعة التي سبق فقُدّمت إلى الإنسان من الخارج وحُفظت حفظًا خارجيًّا، سينفّذها الإنسان باندفاع باطنيّ، جديد، حينئذٍ يحمرّ خجلاً حين يتطلّع إلى سلوكه السابق ويمجّد عمل الله فيه.

4- شعب جديد في جنّة عدن (آ 33-38)

بعد خلق شعب جديد يعيش بكلّ قلبه علاقته بالله، وعد الربّ الآن بخلق أرض جديدة حيث تعاش هذه العلاقة بشكل أكمل وأثبت. وتشكّل القطعتين (آ 33-36 وآ 37-38) كرازة حزقيال مكرّرة، على ما يبدو. غير أنّ مدوّن الكتاب الذي ربط هذه الآيات (آ 33-38) بما سبق (آ 16-32) فكر بما ذكرناه من قبل: الشعب الجديد يحتاج أرضًا جديدة. الربّ يعيد هذا الشعب الجديد إلى مدينته. يقيم الخرائب، وتعود الأرض فتُفلَح وتزرَع والبريّة تزهر "على عيون جميع العابرين" (آ 34). العابرون هؤلاء الذين قد يكونون الوثنيّين، يُنشدون نشيدًا "راقصًا" يُنسى المؤمنين إلى الأبد ما قيل في آ 20 (شعب الربّ خرج من أرض الربّ). يقولون:

هذه الأرض التي كانت خربة في الماضي،

صارت مثل جنّة عدن،

والمدن الخربة، المقفرة، المتهدّمة،

صارت حصينة، مسكونة

نلاحظ عبارة "جنّة عدن" لا "عدن الحقيقيّة". فالأرض الجديدة تكون في "التاريخ" وبالتالي واقعيّة. ولا تكون إسكاتولوجيّة فتلاقي المؤمن في نهاية التاريخ.

لقد أراد هذا القول النبويّ أن يعيد السامعين إلى تك 2: 8 وعمل الله العجيب في خلق جنّة عدن، حيث وضع الإنسان الذي جبله بيديه (تك 2: 5). فالأرض الجديدة حيث يُجعل إسرائيل الجديد، تشبه جنّة البدايات. وهكذا شدّد النبيّ على الطابع المدهش للخلقيّة الجديدة على الأرض. فهي تدلّ الوثنيّين على حبّ الربّ الجديد لشعب جديد وعلى فاعليّة كلمة الله في كلّ قدرتها (آ 36):

وتعلم الأمم التي أبقيتُ من حولكم

أنّي أنا هو الربّ

بنيتُ ما كان متهدّمًا،

وغرستُ ما كان مقفرًا،

أنا الربّ تعلّمتُ وفعلت.

ووسّع القول الثاني (آ 37-38) المنظار الذي بدأ معجزة، لهذا المستقبل: يهوه يسمع صلاة إسرائيل الذي يطلب منه أن يصير شعبًا عديدًا، على مستوى الكميّة، وعلى مستوى النوعيّة أيضًا. وهنا أيضًا تظهر دعوة حزقيال الكهنوتيّة. فإسرائيل الجديد يكون عديدًا مثل قطعان الغنم (والبقر) المكرّسة لله بمناسبة أعياد الحجّ الكبرى. حينذاك تقدّم حركة الشوارع في أورشليم مشهدًا لافتًا وكبيرًا لقطعان معدّة لتكون ضحايا لله وذبائح. مثلاً، حفظ لنا سفر الأخبار الثاني (35: 7ي) عدد الضحايا المذبوحة في الفصح الذي احتفلوا به بعد إصلاح يوشيّا: 37،000 حمل وخروف؛ 38،000 من البقر.

الخاتمة

اعتادت المسيحيّة الأولى أن تقرأ حز 36 في سهرة الفصح، فتجد فيه العماد المسيحيّ مع طقوسه ولاهوته ونتائجه الكبرى في حياة المؤمنين. فما هي الأفكار التي يمكن أن نستخلصها؟

* الله نفسه يتّخذ المبادرة فينقّي شعبه لمجد اسمه، في أبّهة ليتورجيّة تطهير (آ 21-22) كما يُقال في النصوص العماديّة. في تي 3: 4-7 وفي يع 1: 18-31.

* الله وحده هو خادم هذه الليتورجيّا، ليتورجيّة التطهير والتقديس، فلا أمل للإنسان بأن ينال هذا لأنّه، بإرادته، نجّس قداسة اسم الله (آ 23-24). في هذا الأمر، انفصل حزقيال عن أشعيا الذي اعتبر أنّ الغسل المطهِّر هو طقس في متناول الإنسان: "اغتسلوا، تطهّروا، إنزعوا شرّكم من أمامي" (أش 1: 16). ولكن يتوافق حزقيال مع روم 5: 1-5 وعب 6: 18-20.

* تجاوز حزقيال طقوس التطهير كما في سفر اللاويّين بما فيها من تشديد على الحرف والعمل الخارجيّ. وأبرز فكرة الاهتمام بالحياة الخلقيّة التي يجب أن ترافق عمل الله في الليتورجيّا (آ 29-31). هو المنظار عينه في مت 15: 10-20.

* يقوم تجديد الشعب وتطهيره، بشكل جوهريّ، في خلق جديد: قلب جديد، روح جديد، روح الله الذي طلبه المرتّل في صلاته (مز 51: 12-14). هو إنسان جديد "خُلق بحسب الله في البرّ وقداسة الحقّ (أف 4: 24؛ رج 2: 9-10).

* بعد أن تتحقّق الخليقة الجديدة، يُمنَح للإنسان الجديد أطيب ثمار الأرض وأوفرها. وتشكّل هذه العطايا برهانًا على علاقة صداقة قامت مع الله، فتكون نتيجة حياة جديدة. ذاك كان الوضع بالنسبة إلى آدم، إلى إنسان البدايات الذي هو كلّ واحد منّا (تك 2: 15-17). وسيكون وضع المسيحيّ في المعموديّة (غل 5: 22).

* تُخلَق للشعب الجديد أرضٌ جديدة تشبه كلَّ الشبه جنّة عدن (تك 2: 8-14)، لأنّ الخليقة كلّها تشارك المسيحيّ في الأفراح وفي الآلام (روم 8: 19-32؛ رؤ 21: 1؛ 2 بط 3: 13).

* ينمو شعبُ الله الجديد نموًّا عجيبًا بنعمة بركة خاصّة من لدن الله يكون عوده ألوفًا مؤلّفة مثل القطعان المعدّة للذبح، يوم العيد، في أورشليم (آ 37-38). هذا الشعب الذي يتسلّم دعوة فريدة في العالم، يستعدّ أن يقوم بها في روح الله، كما قال بطرس في عظته العماديّة (1 بط 2: 9-10) كصدى لما نقرأ في لو 12: 32: "لا تخف أيّها القطيع الصغير. فقد سُرَّ أبوكم أن يعطيكم الملكوت".


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM