الفصل الرابع والعشرون: ديونيسيوس في شرحه لنبؤة أشعيا

 

الفصل الرابع والعشرون

ديونيسيوس في شرحه لنبؤة أشعيا

ترك ديونيسيوس الصليبيّ شرحين لأسفار العهد القديم: واحدٌ طويل جدٌّا، ولكنَّه لم يصل إلينا، لأنَّ النسّاخ تورَّعوا عن نسخه؛ والآخر متوسِّط الحجم، جاء في أربعة مجلَّدات ضخمة. ووردَ شرح أشعيا في رأس شرح الأنبياء، مع مستويين: الشرح اللفظيّ ثمَّ التفسير الروحيّ. وها نحن نقدِّم بعض ما نقله البطريرك أغناطيوس أفرام الأوَّل برصوم ونشَره في المجلَّة البطريركيَّة السريانيَّة. وها نحن نقرأ الفصل الخامس من أشعيا الذي يرد في العدد الأوَّل، كانون الثاني 1937، السنة الرابعة.

أوَّلاً: الشرح اللفظيّ

آ1:   إنّي أنشد لحبيبي...، أي ولو أنَّ الشعب صمت عن التسبيح، فأنا النبيّ لا أفترُ عنه. في رابية، أي قوَّة الله. ويريد بالموضع الخصب، الأرض الخصبة التي هي أفضل من الأراضي الأخرى. والكرم هو الشعب، وهذا الشعب لمَّا أُطلق من مصر، غُرس في أرض الميعاد.

آ2:   ففلحه وحوَّطه... وقد حوَّطه بسياج، أي التيقُّظ للوصايا. أفضل الكرمات (القضبان)، أي صفوة الناس الذين تحدَّروا من الأبرار. البرج، أي الهيكل. والمعصرة، مذبح المحرقة. والعنب: الأعمال الفاضلة. والحصرم البرّيّ: أفعال الإثم.

آ3:   وأجعلــه بـــورًا... الســحـــب هــي الأنبيــاء والملافنــة، والميـاه هـي التعليم، والمطر، النبوءة. إذًا، أمسوا فقراء من التعليم الذي كان يرطِّبهم. فَنِيَتْ قوَّةُ حياتهم.

آ6:   ويل للذين يَصِلون بيتًا ببيت، أي ويل للذين يجتهدون ليغتصبوا حقول جيرانهم وبيوتهم، إذ يفتكرون أنَّهم يسكنون في هذه الأرض وحدهم.

آ10:  فعشرة فدادين... ولأجل هذا المكيال أعني الفقير. الزرع يغلّ مدٌّا، أي ربعًا واحدًا، والأرض التي تُحرَث بعشرة فدادين تغلّ قِلَّة خمرة واحدة.

آ14:  لهذا وسَّعت الجحيم... أي لأجل هذا وسَّعت الجحيم فاها وها إنَّها تجمع في فمها من سائر الطبقات.

آ17:  وترعى الحملان...، أي اليتامى والأرامل الذين كان ينهبهم الظالمون كأنَّهم حملان. فإذا سُبيَ الظالمون، ورثوا هم حصصهم. وأغلال المترفين تأكلها الغرباء، أي والخِرَب التي بناها الأغنياء بالظلم، يأكلها المساكين.

آ24:  فلذلك كما يأكل... وأصلهم، أي إنَّ رسوخهم في الأرض يُعتبر كالرمل الناعم أمام العاصف. ويريد بالأصل الآباء. وفرعهم أي البنين، يريد: وتكون فروعهم نظير الغبار وهو التراب الناعم الذي تقوى عليه الريح فيرتفع إلى فوق ثمَّ يتبدَّد. فعلى هذه الصورة يتشتَّتون. هم أيادي سبا بواسطة رجال السبي.

آ26:  فيرفع راية للأمم...، أي ليزحفوا بسرعة على إسرائيل. ويصفر لهم، أي مثل الراعي الذي يصفر لكلابه لتلحق الذئاب.

آ30:  فيزمجر عليهم، أي مثلما يهدر البحر لهياج الأمواج، فكذلك الأشوريّ يزعزع الكلَّ بكثرة جنوده. وينظرون إلى الأرض، أي وتستولي على آل إسرائيل الدهشة، إذ يتطلَّعون إلى كلِّ الجهات فلا يروه إلاّ ظلامًا وشدَّة.

ثانيًا: التفسير الروحيّ

ا1:   أنشد لحبيبي، أي يجب أن يُمجَّد الحبيب الذي قال عنه الآب: هذا هو ابني الحبيب، لأنَّه إله بطبعه، ونزل وخلَّص العالم، ورذل كرم إسرائيل الذي لم يصنع برٌّا. نشيد محبوبي، أي التسبحة التي ظهر بها وهي لأجل إسرائيل لو أنَّه آمن، لأنَّ القسم الذي آمن بالمسيح من هذا الشعب الإسرائيليّ تمجَّد به، كقول سمعان الشيخ: ها إنَّ عينيَّ قد أبصرتَا خلاصك ومجدَ شعبك إسرائيل. كان لحبيبي كرم، أي الكرم هو إسرائيل، الذي يقول إنَّه حبيبه. وأمّا أنَّ الابن أزليّ، فذلك معروف من أنَّ الكرم كان له قبل أن يتجسَّد. في موضع خصب، أي في أرض الميعاد.

آ2:   وحوَّطه بسياج، أي الشريعة والقضاء. وحفر فيه خندقًا، أي حراسة الملائكة من الشياطين. وغرستُ فيه قضبانًا، أعني الأبرار والصدّيقين والأنبياء. وبنيتُ بـرجًـــا، أي هيكـــلاً للـذبـائـــح، وللسجود لله في أورشليم. ونقرتُ فيه معصرة، أي مذبحًا للذبائح. وانتظرتُ أن يُثمر عنبًا، أي فضائل. فأثمر حصرمًا برِّيٌّا، يعني أشواكًا، الخطيئة ومخالفة الشرائع.

آ3:   ثمَّ إنَّه يدعو الصدّيقين والأنبياء الساكنين في أورشليم السماوية (الروحيَّة) ليحكموا بين الذي تجسّد وجاء ليخلِّص، وبين الصالبين.

آ4:   ماذا وجب أن أعمل...؟ ها إنّني لم أدَعْ شيئًا فلم أصفه له، فخلَّصتُه من مصر، وأهلكتُ الأمم، وورَّثته أرض الميعاد، وسننتُ له شريعة، ودعوتُه بالأنبياء. أدَّبته وأرجعتُه من السبي، ونزلتُ وصرتُ إنسانًا لأنقله من الأمور الجسدانيَّة إلى الروحانيَّة.

آ5:   وبما أنَّه لم يُطع، فها إنّني أنزع السياج، أعني الكهنوت والشرائع. فيصير للسلب، أي للأمم التي خطفت الكهنوت والشرائع. وأهدم جداره، يعني الهيكل الذي استُؤصل في أورشليم.

آ6:   لا يُقضَب، أي يُكسَح، ويُشذَّب فلا يعود ينشأ فيه أنبياء وكهنة. يستأصلون، أي يقطعون الخطيئة كما في الزمن السالف. ولا يُفلَح، أي لا يكون فيه مدبِّر ونبيّ يفلحه، ويَطرح منه الأمور الأرضيَّة. فينبت فيه الشوك، أي الخطيئة وعدم المعرفة. وأوصي السحب، أي الملائكة والأنبياء. أن لا تحطّ عليه مطرًا، أي عناية الملائكة، ونبوءات الأنبياء، وتعليم المفسِّرين.

آ7:   انتـظــرتُ الإنـصــاف، أي عندمـــا تجسَّدتُ، رجوتُ أن يؤمن (الشعب) ويميِّز بين الأمور الجسدانيَّة والروحانيَّة، ففعل ما يخالف الشريعة، أي إنَّه صلب ربَّه. والعدل فإذا صراخ ضجَّة، أي إنَّهم ولا بعد ذلك تبرَّروا بالإيمان، لكنَّهم صرخوا أمام بيلاطس أنَّه لا ملك لنا سوى قيصر. واصلبْه اصلبْه. وها إنَّهم حتّى الآن يصرخون أنَّ يسوع الذي جاء ليس المسيح أو إله.

آ8-13:ويل للذين يصلون بيتًا... إنَّه بهذا يوبِّخ الظالمين. وعقاب الظلم هو قلَّة الزرع، ونقض الكرم، والوباء والخراب الذي يليه. بعد ذلك، يوبِّخ السكّيرين الذين أهملوا البحث عن الله ليعرفوه من كائناته وعناياته، فيحفظوا وصاياه. وانهمكوا في السكر. ولأجل ذلك أدركهم السبي لعدم المعرفة.

آ14:  فوسَّعت الجحيم نفسها، أي إنَّه يثبت أنَّ الجحيم تتوسَّع بكثرة النفوس التي ترحل من العالم وتُنقَل إليها.

آ16:  ويتعالى ربُّ الجنود، أي عندما يدين المنافقين ويتَّهمهم.

آ17:  وترعى الحملان، أي إنَّه يرعى الودعاء والحملان في مروج البرارة.

آ18:  ويل للذين يقوِّلون خطاياهم. إنَّه بهذا يوبِّخ الذين يخطأون، ومع ذلك يقولون: ليأتِ التوبيخ حتّى نعرفه ونراه.

آ20:  ويل للقائلين للشريّر صالحًا، أي يسمُّون الشهوات الفاسدة صلاحًا وصالحة، وللصالح شرّيرًا، أي يجعلون النواميس والوصايا ودّيَّة. الجاعلين النور ظلمة، أي، معرفةُ الله نور، والظلمةُ هي عبادة الأصنام. الجاعلين المرّ، أي الخطيئة يجعلونها حلوة لأجل لذَّتها. وهكذا يوبِّخ القضاة، ولأجل ذلك يُستأصلون...

آ25:  ويزيد بقوله: وضربهم فرجفت الجبال، أي الأبالسة التي صارت علَّة لهذه العقوبات والشرور. وربَّما أراد أيضًا الأمم التي تولاَّها الخوف؛ فإنَّ من عادة الخوف أن يعقب غضبًا ورعبة.

آ26:  فيرفع راية للأمم، أي يحرِّض الكلدانيّين على الزحف إليهم.

آ30:  ويكون ظلام دامس، يعني العقل الذي يُظلم من شدَّة الحرب. ؟

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM