الأحد الثالث عشر من زمن العنصرة

الأحد الثالث عشر من زمن العنصرة

الرسالة : 1 كور 3: 1-11

الإنجيل : لو 8: 1-15

نحن نعمل مع الله

يا إخوتي، ولكنّي أيّها الإخوة، ما تمكّنت أن أكلّمكم مثلما أكلّم أناسًا روحانيّين، بل مثلما أكلّم أناسًا جسديّين هم أطفالٌ بعد في المسيح. غذّيتكم باللبن الحليب لا بالطعام، لأنّكم كنتم لا تطيقونه ولا أنتم تطيقونه الآن. فأنتم جسديّون بعدُ، فإذا كان فيكم حسد وخلاف، ألا تكونون جسديّين وتسلكون مثل بقيّة البشر؟ وعندما يقول أحدكم: "أنا مع بولس"، والآخر "أنا مع أبلّوس"، ألا تكونون مثل البشر الآخرين؟

فمن هو أبلّوس؟ ومن هو بولس؟ هما خادمان بهما اهتديتم إلى الإيمان على قدر ما أعطاهما الربّ. أنا غرست وأبلّوس سقى، ولكنّ الله هو الذي كان يُنمي. فلا الغارس له شأن ولا الساقي، بل الشأن لله الذي ينمي. فلا فرق بين الغارس والساقي، غير أنّ كلاًّ منهما ينالُ أجره على مقدار عمله. فنحن شركاء في العمل مع الله، وأنتم حقل الله والبناءُ الذي يبنيه الله. وبقدر ما وهبني الله من النعمة، كبانٍ ماهر، وضعتُ الأساس وآخر يبني عليه. فلينتبه كلّ واحد كيف يبني، فما من أحد يقدر أن يضع الأساس غير الأساس الذي وضعه الله، أي يسوع المسيح.

تحدَّث لوقا الإنجيليّ عن الاثني عشر الذين اختارهم يسوع بعد ذلك الصيد العجيب. فتركوا كلّ شيء وتبعوه. وتحدّث عن السبعين تلميذًا الذين أرسلهم أمامه اثنين اثنين، إلى الأمم الوثنيّة وعددها سبعون. وبين الفئتين، هناك فئة النساء اللواتي لم يكن لهنّ دور في العالم اليهوديّ. هنّ أيضًا في الخدمة الرسوليّة، شأنهنّ شأن الرجال، وأوّلهنّ مريم المجدليّة. زرع فيهنّ الربّ زرع الكلمة، فتابعن عمل الزرع. كما فعل الاثنا عشر والسبعون.

1- بولس وأبلّوس

رسولان يعملان معًا في الرسالة، بل يعملان في نشر البشارة. الأوّل من نار، لا شيء يوقفه. يريد أن يحتلّ الأرض كلّها للإنجيل، فيصل إلى نهاية الدنيا في ذلك الزمان، إلى جبل طارق التي كانت تُدعى عواميد هرقل. لا يهدأ له بال حتّى تصل الرسالة إلى إسبانيا، كما قال في الرسالة إلى رومة. كانت أنطاكية المنطلق الأوّل بعد أورشليم، وها هي رومة ستكون المنطلق الآخر.

أبلّوس هو الخطيب المفوّه الذي كان يسحر الجماهير بكلامه البارع. ومعرفته الكبيرة بالكتب المقدّسة ساعدته أعطته القدرة على شرحها. فكان "بتكلّم بجرأة في المجمع. كان يفحم اليهود علانيّة بقوّة حججه، مبيّنًا من الكتب المقدّسة أنّ المسيح هو يسوع" (أع 18: 28). تكلّم بروح متّقد، وعلّم التعليم الدقيق، وما يعد يعرف سوى معموديّة يوحنّا، أي ما كان بعد نال معموديّة الروح القدس. ساعدته برسكلّة وزوجها أكيلا، فعرف طريق الربّ يسوع ونال العماد. فماذا تراه سيفعل بعد ذلك؟ سيزداد عمله الرسوليّ ازديادًا.

2- رسولان يعملان مع الله

أساس العمل الرسوليّ يسوع المسيح. ولا يستطيع أحد أن يؤسّس جماعة جديدة، كما فعل بولس في كورنتوس، إلاّ على المسيح. وكلّ أساس آخر لا يكون على "صخرة" المسيح، آخرته الانهيار. هو مبني على الرمل. مع الأمطار والأنهار والرياح. سيسقط ذلك البيت ويكون سقوطه عظيمًا (مت 7: 27). ولا يستطيع أحد أن يضع "حجرًا" إن لم يتجانس مع مجمل البناء، وإلاّ رُذل. هذا يعني أنّ العمل الرسوليّ يكون باسم المسيح، ومع المسيح، وكلّ عمل آخر لا يثبت، لأنّه "لن يكون من الله" (أع 5: 39).

إثنان شاهدان للمسيح. وكلّ بحسب الموهبة التي نالها. هما خادمان، لا رئيسان. كلّ واحد قام بدور. بولس وضع الأساس، أبلّوس تابع البناء. ذاك هو بيت الله الذي نعمل فيه. واحد غرس وآخر سقى. ذاك هو حقل الربّ الذي ينتظر بذار الإنجيل. كلّ واحد يأخذ أجره. فالرسالة في النهاية ليست رسالة بولس ورسالة أبلّوس. هي رسالة المسيح. كلّ واحد يأخذ أجره على قدر تعبه. وسيأتي بعده رسل عديدون يتابعون العمل. ونحن أيضًا نضع حجرًا في هذا البناء. وهكذا "نعاون" الله، ونتكاتف لعمل الله بتجرّد كبير وإلاّ نُرذَل بعد أن بشّرنا آخرين.

3- عمل روحيّ وعمل بشريّ

العمل الروحيّ يُنعشه الروح الذي يوزّع المواهب. وهنا في قلب الفريق الرسوليّ الذي يدفعه بولس. هو روح محبّة وسلام. روح فرح وأناة، روح لطف ووداعة (غل 5: 22). يجعل الرسول يحسب الآخرين أفضل منه. فلا ينظر إلى ما عمل هو ليفتخر، بل إلى ما عمل الآخرون، ليفرح بنموّ الرسالة وامتداد الكلمة. لا بتأثيره الشخصيّ وكأنّ الكنيسة كنيسته. يتطلّع إلى المسيح الذي تنازل قبل أن يُرفع.

والعمل البشريّ الذي هو على مستوى اللحم والدم، على مستوى الضعف، فيجعلنا "جسديّين". ما الذي يميّزنا عند ذاك الحسد والخصومة. يحسد الواحد الآخر ولا يفرح لما ناله الآخر من مواهب. وتتوزّع الكنيسة فرقًا وأحزابًا: هذا لبولس، هذا لأبلّوس. مثل هؤلاء المؤمنين ما زالوا أطفالاً لا يحقّ لهم الطعام القويّ. ولا يستطيعون أن يحملوا الرسالة بدورهم، وحده الروح يقدر أن يبدّلهم إن قبلوا عمله فيهم.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM