الأحد التاسع بعد العنصرة

الأحد التاسع بعد العنصرة

الرسالة : 2 كور 5: 20-6: 10

الإنجيل : مت 12: 22-32

نحن سفراء المسيح

يا إخوتي، فنحن سفراء المسيح، وكأنّ الله نفسه يعظ بألسنتنا. فنناشدكم باسم المسيح أن تتصالحوا مع الله، لأنّ الذي ما عرف الخطيئة جعله الله خطيئة من أجلنا لنصير به أبرارًا عند الله.

وإذًا، ففي عملنا مع الله نطلب أن لا يكون قبولكم نعمة الله لغير فائدة. فهو يقول: "في وقت الرضى استجبتُ لك، وفي يوم الخلاص أعنتك". وها هو الآن وقت رضى الله، وها هو الآن يوم الخلاص.

لا نريد أن نكون عائقًا لأحد في شيء لئلاّ ينال خدمتنا لوم، بل نظهر أنفسنا في كلّ شيء أنّنا خدّام الله بصبرنا في الشدائد والحاجات والمشقّات والضرب والسجن والاضطراب والتعب والسهر والصوم، والنزاهة، والمعرفة وطول البال والرفق وروح القداسة والمحبّة الخالصة، وبالكلام الصادق وقدرة الله وسلاح الحقّ في الهجوم وفي الدفاع، وبالكرامة والمهانة، بسوء السمعة وحسنها. يحسبنا الناس كاذبين ونحن صادقون، مجهولين ونحن معروفون، مائتين وها نحن أحياء، معاقبين ولا نُقتل، محزونين ونحن دائمًا فرحين، فقراء ونغني كثيرًا من الناس، لا شيء عندنا ونحن نملك كلّ شيء.

في زمن الرسل الذي في قلب زمن الكنيسة، يحتاج المؤمن أن يتطلّع أوّلاً إلى "الرسول" الأوّل الذي منه تنبع كلّ رسالة. "روح الربّ عليّ فأرسلني". ويتعرّف إلى من قال لهم يسوع: "كما أرسلني الآب، أنا أيضًا أرسلكم". فأصل الرسالة ليست فيّ، فيك. نحن سفراء. نحن في سفر من أجل الرسالة. ولا نقول كلامًا من عندنا، بل ما حمّله إيّانا الله. وكلّ ما يُطلب من هذا السفير، أن يكون أمنًا لمن يمثّله، يسوع المسيح.

1- باسم المسيح

السفير لا يأتي باسمه الخاصّ، بل باسم من يمثّله. وقوّته تكمن في قوّة من أرسله. والرسول يأتي باسم المسيح. قال لنا: "ما أنتم اخترتمونيّ، بل أنا اخترتكم وأرسلتكم. أراد مثلاً "مجنون" الجراسيّين بعد أن صار جالسًا جلسة التلميذ، لابسًا لباس العماد، أن يأتي مع يسوع إلى فلسطين، إلى أرض يهوديّة، يستطيع فها أن يمارس شريعة موسى. ما استجاب يسوع طلبه. بل قال له: إذهب إلى أهلك وأخبرهم ما صنع الربّ لك.

ولكنّ هذا الرسول شخص غريب. يختلف كلّ الاختلاف عن كلّ مُرسل بشريّ. فيه تلتقي الأضداد. هو يدافع، يحارب، لا بالأسلحة المعروفة عندنا، بل بسلاح البرّ والعمل بمشيئة الله. من جهة له الإكرام ومن جهة أخرى المهانة. من جهة سمعة حسنة ثمّ سمعة سيّئة. نحن نخطأ بالنسبة إلى الرسول الحقيقيّ لأنّنا نؤخذ بالظواهر. والويل له إن هو توقّف عند الظواهر. أمّا الواقع العميق المرتبط بالمسيح فيجعله غنيًّا وإن بدا فقيرًا، يجعله يمتلك كلّ شيء وإن لم يكن له شيء.

2- الله يدعوكم بواسطتنا

أراد الله أن يحتاج إلى البشر لكي يحملوا دعوته. هذا ما كان عليه الأنبياء. تكلّموا باسم الربّ، مع أنّهم هُدّدوا مرارًا وتعرّضوا للخطر. يتكلّم النبيّ فنحسّ أنّ كلماته، مهما كانت بشريّة، هي كلمات الله التي تشجّع وتوبّخ، تعظ وتندّد، تجعل الأمل في قلوب البائسين والضعفاء والذاهبين إلى المنفى. الله ينادي الإنسان بواسطة الإنسان. يدعو كلّ واحد منّا بواسطة من يرسله. ومن سمع من الرسول سمع من الذي أرسله.

وجاء الرسل في خطّ الأنبياء. ماذا يقولون لنا؟ الخبر الأساسيّ: نجونا من الخطيئة بواسطة ذاك الذي لم يعرف الخطيئة. نجَونا بالصليب بذبيحة الذبائح عن الخطايا. في الماضي، تكاثرت مثل هذه الخطايا، ولكنّها لم تنَل النتيجة المرجوّة. لهذا كانت ذبيحة منذ دخوله إلى العالم. حرّرتنا من الخطيئة: صرنا أبرارًا. بحسب إرادة الله. صرنا برّ الله، أي المثال الذي يدخل فيه جميع البشر إن هم شاؤوا أن "يتصالحوا مع الله". في كلّ ما فعله يسوع، بدا الله وكأنّه يمدّ يده إلينا نحن عاديناه وهو يطلب أن يصالحنا. في أيّ حال، لم يكن بالإمكان أن تكون المبادرة من قبلنا. هو سبقنا وأرسلنا إلينا من يحمل إلينا كلمة المصالحة. فيا لفرحتنا، ويا لفخرنا!

3- قبل النعمة

مدّ الله يده. ماذا ننتظر؟ قرع الباب، هل نسمع؟ هل نفتح؟ مضى في إثر خروفه الضالّ، فهل يستعدّ للعودة مع الراعي؟ من يقوم بهذا العمل؟ الرسول. فبالرسول يدعو الله المؤمنين. يعظهم، يناشدهم. هل يقبلون الدعوة أم يفعلون مثل أصحاب الوليمة: رفضوا أن يأتوا (مت 22: 3). النداء هو الآن. الآن نسمع صوت الله، فهل نُقسّي قلوبنا؟ ولا نحسب أنّنا أمام صوت بشريّ؟ هل الله يعظ بألسنتنا، كما قال بولس؟

النعمة قدِّمت لنا، والخلاص حاضرة الآن. لا شكّ في أنّ الطريق التي يتّبعها الله لا تروق عددًا من البشر. يا ليته يكلّمنا هو. من هو الذي يرسله إلينا؟ هو من الناصرة، من قرية صغيرة، مغمورة. أين تعلّم هذا لكي يعلِّمنا؟ نحن نعرف أباه وأمّه. هو نجّار ابن نجّار. ومن أين أتى هذا الرسول الذي نجهل الكثير عنه؟ وفي النهاية، نرفض، لا نقبل النعمة. والباب الذي كان مفتوحًا أمامنا مع رسول بجانبه، يُغلق. فنقول حينئذٍ: ربّنا، ربّنا افتح لنا. ويكن الجواب: لا أعرفكم.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM