الأحد السابع من زمن العنصرة

الأحد السابع من زمن العنصرة

الرسالة : 2 كور 3: 1-6

الإنجيل : لو 10: 1-7

تلاميذ المسيح رسالة

يا إخوتي، هل عدنا إلى تعظيم شأننا أم أنّنا نحتاج، مثل بعض الناس، إلى رسائل توصية منكم أو إليكم؟ أنتم أنفسكم رسالتنا، مكتوبة في قلوبنا، يعرفها ويقرأها جميع الناس. نعم، تبيّن أنّكم رسالة المسيح جاءت على يدنا، وما كتبناها بحبر، بل بروح الله الحيّ، لا في ألواح من حجر، بل في ألواح من لحم ودم، أي في قلوبكم.

هذه الثقة لنا بالمسيح عند الله، لا لأنّنا قادرون أن ندّعي شيئًا لأنفسنا، فقدرتنا من الله. فهو الذي جعلنا قادرين على خدمة العهد الجديد، عهد الروح لا عهد الحرف، لأنّ الحرف يُميت والروح يُحيي.

ما زلنا في زمن الرسل. يسيرون أمام المسيح. ويهيّئون له الطريق. يحملون السلام. وعملهم لن يكون نزهة. هي مهمّة شاقّة وطويلة. كالحصاد في وقت الحرّ والعرق يتصبّب من الحصّادين. الحمد لله أنّهم لم يزرعوا. فالمسيح سبق ورمى البذار في الأرض. وعملهم سيحمل الخطر بعد أن بدوا "خرافًا بين ذئاب". وفي أيّ حال، هم لا يتّكلون على أنفسهم، بل على الله. لا على الوسائل البشريّة، بل على يد الله التي تعضدهم. لهذا، هم لا يتراجعون.

1- رسالة نحملها

حين نتحدّث عن الرسالة، نفهم أنّنا أمام كتابة قصيرة أو طويلة، أرسل بها شخص إلى آخر، ملك إلى تابعه، سيّد إلى عبده، معلّم إلى تلميذه. ومن يحمل الرسالة، يجد فيها توصية من الذي حمّله إيّاها. هكذا تكون ثقة لدى متسلّمي الرسالة بصحّتها، وبصحّة ما فيها. وضمنيًّا، اعتبر بعض الكورنثيّين أنّ بولس يحتاج إلى مثل هذه الرسالة، لأنّه لم يرافق المسيح في حياته على الأرض، ولا هو كان شاهدًا للقيامة مع سائر الرسل في العلّيّة.

ولكن ما قيمة رسالة خارجيّة وحدها؟ ويسوع في أيّ حال، لم يحمِّل أحدًا رسالة مكتوبة. جعل منّا رسالته. كتب كلامه في قلوبنا. نقل حياته إلى حياتنا. وهكذا كان الرسل شهودًا قبل أن يكونوا "معلّمين". قال بطرس لجماعة اليهود: "فيسوع هذا أقامه الله، ونحن كلّنا شهود على ذلك". (أع 2: 23). ويوحنّا، قبل أن يكون الكاتب، "هو الشاهد بهذه الأمور ويدوّنها، ونحن نعرف أنّ شهادته صادقة" (يو 21: 24).

2- رسالة نكتبها

في بداية الكنيسة، لم يكن الإنجيل دُوّن بعد. فقد كُتب في القلوب قبل أن يُكتب على الرقّ والبرديّ بانتظار الورق. والرسل هم الذين كتبوه. إنتقلت الكلمة من قلوبهم إلى قلوب سامعيهم. هذا يعني أنّهم امتلأوا من المسيح، اختبروه في حياتهم، فنقلوا لا كلمات خارجة عنهم، بل نابعة من أعماقهم، وكلّ رسالة لا تكون على هذا المستوى هي "نحاس يطنّ وصنج يرنّ". هي تدخل في أُذن وتخرج من أُذن أخرى. فتصبح الرسالة عقيمة. تينة لا ثمر فيها، بل ورق فقط.

على جبل سيناء، كُتبت الوصايا العشر على ألواح من حجر. ولكنّها لم تَدُم طويلاً. نزل موسى عن الجبل، فإذا الشعب يخون الربّ ويعبد العجل الذهبيّ فيلغي جميع الوصايا. فاعتبر موسى أن لا حاجة بعد إليها. فكسرها. ولكن طلب منه الربّ مرّة ثانية أن يكتبها. ولكنّ الخيانة تلَت الخيانة، فاعتبر الشعب زانيًا... وصايا خارجيّة وتبقى كذلك. فدعا إرميا إلى وصايا تُكتَب في القلوب. تصبح جزءًا من الإنسان يكتبها الروح، يحفرها في لحمنا ودمنا. هكذا فعل بولس في كورنتوس. ومثله فعل الرسل في أماكن أخرى. وهم بعد ذلك لا يثقون برسولهم! أتُرى لم تصل إليهم رسالة المسيح فعرفوا الذي حملها إليهم.

3- رسالة نقرأها

أين هي هذه الرسالة؟ نستطيع أن نقرأ تمتمات منها في العهد القديم. من ولادة يسوع من عذراء، من رسول يقود الأمم بعصا من حديد، يحمل يرفع خطايا البشريّة ويأخذ عاهاتها. تلك الرسالة رافقت موسى والأنبياء بعده. ولكنّها لبثت ناقصة. وكانت لبعض الأشخاص حاجزًا فما أوصلتهم إلى من هو وحده الرسالة، يسوع المسيح "كما أرسلني أبي، أنا أرسلكم أيضًا"...

قراءة حرفيّة للنصّ الكتابيّ، لا تخرجنا من العهد القديم، ولا يُمكن أن تدخلنا في العهد الجديد حيث الروح هو الذي يُحيي. حيث الروح هو الذي يكتب. هذا الروح حلّ على مريم فحبلت بالكلمة الإلهيّ. وحلّ على يسوع في بداية حياته العلنيّة، فحمل البشارة إلى المساكين وحلّ قيود المأسورين. هذا الروح حلّ على التلاميذ ففهموا مثلاً نبوءة يوئيل التي تعلّمنا أنّ الخلاص وصل إلى كلّ من يدعو باسم الربّ (أع 2: 21). وكلام المزمور الذي يتحدّث عن قيامة يسوع، وعن ذلك الذي صُلب ولكنّه في الوقت عينه "المسيح والربّ" (آ 31).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM