أحد الأبرص

أحد الأبرص

الرسالة : روم 6: 12-23

الإنجيل : مر 1: 35-45

كنتم عبيدًا فتحرّرتم

يا إخوتي، فلا تدعوا الخطيئة تسود جسدكم الفاني فتنقادوا لشهواته، ولا تجعلوا من أعضائكم سلاحًا للشرّ في سبيل الخطيئة، بل كونوا لله أحياء قاموا من بين الأموات، واجعلوا من أعضائكم سلاحًا للخير في سبيل الله، فلا يكون للخطيئة سلطان عليكم بعد الآن. فما أنتم في حكم الشريعة، بل في حكم نعمة الله.

فماذا إذًا، أنخطأ لأنّنا في حكم النعمة لا في حكم الشريعة؟ كلاّ! ألا تعلمون أنّكم إذا جعلتم أنفسكم لأحد عبيدًا للطاعة، صرتم عبيدًا لمن تطيعون: إمّا للخطيئة التي تقود إلى الموت، وإمّا للطاعة التي تقود إلى البرّ. ولكن شكرًا لله! فمع أنّكم كنتم عبيدًا للخطيئة، أطعتم بكلّ قلوبكم تلك التعاليم التي تسلّمتموها، فتحرّرتم من الخطيئة وأصبحتم عبيدًا للبرّ. وتعبيري هذا بشريّ يراعي ضعفكم البشريّ. فكما جعلتم من أعضائكم عبيدًا للدنس والشرّ في خدمة الشرّ، فكذلك اجعلوا الآن من أعضائكم عبيدًا للبرّ في خدمة القداسة.

وحين كنتم عبيدًا للخطيئة، كنتم أحرارًا غير ملتزمين بما هو للبرّ. فأيّ ثمر جنيتم في ذلك الوقت من الأعمال التي تخجلون منها الآن، وعاقبتها الموت؟ أمّا الآن، بعدما تحرّرتم من الخطيئة وصرتم عبيدًا لله، فأنتم تجنون ثمر القداسة، وعاقبته الحياة الأبديّة، لأنّ أجرة الخطيئة هي الموت، وأمّا هبة الله، فهي الحياة الأبديّة في المسيح يسوع ربّنا.

زمن الصوم زمن توبة وتبدّل في حياتنا، في أعمالنا، في تفكيرنا. والصور الخارجيّة تساعدنا على هذا الواقع الباطنيّ. فالأبرص بلحمه المهترئ يرمز إلى الخاطئ. وحين يطهر من برصه ويصبح لحمه مثل لحم طفل (2 مل 5: 14: نعمان)، يحسّ كأنّه وُلد من جديد. ذاك هو وضع المؤمن الذي ينتقل من عبوديّة الدنس والإثم إلى عبوديّة البرّ والقداسة.

1- كنتم عبيدًا

حدّث بولس المؤمنين الجدد في رومة. وكان قد صوّر خطاياهم بكلّ بشاعتها في بداية الرسالة: "امتلأوا بأنواع الإثم والشرّ والطمع والفساد" (1: 29). كانوا عبيدًا للخطيئة والشهوات يقيمون فيها ولا يستعدّون أن يتحوّلوا. مع أنّ الله يقول لهم بفم نبيّه: عودوا إليّ فأعود إليكم. اعتادوا سماع صوت الناس وما يقدّمه العالم من "مبادئ" سعادة هي في النهاية شقاء، ومبادئ حريّة تقيّد الإنسان فيصبح طائعًا للشرّ الذي لا يريده.

في هذه العبوديّة، صارت أعضاؤنا في خدمة الخطيئة، وتركت خدمة الله. هذا يعني أنّّنا صرنا عابدي أوثان، عابدي ذواتنا وما يقدّمه العالم لنا من إغراءات. وما أكثرها. في زمن الصوم، نعي هذا الوضع ونطلب إلى الربّ أن ينجّينا من الشرّ ومن الشرّير.

2- تحرّرتم

العالم عبوديّة، الله حرّيّة. فأيّ طريق نختار؟ ومن نريد أن نطيع؟ أنسمع صوت الخطيئة من خلال تجربة في داخلنا أو من حولنا؟ أو نسمع صوت البرّ والطاعة لله والردّ على محبّته لنا بمحبّتنا له؟ ولكن لا حاجة للعودة إلى الوراء. حين آمنّا وقبلنا العماد، تحرّرنا. لم نعد عبيدًا وخدّامًا للخطيئة، بل عبيدًا للبرّ، وما أجملها عبوديّة تصل بنا إلى العبادة، وإلى حبّ الله كما العروس تحبّ عريسها.

لماذا يعود بولس إلى الكلام عن عبوديّة الخطيئة، بعد أن تعدّى المؤمنون هذا الوضع؟ لكي يحذّرهم. كانوا عبيدًا للدنس والإثم، فصاروا عبيدًا للبرّ والقداسة. ولكن يمكن أن يرتدّوا عن الله (عب 3: 12)، عن الإيمان (1 تم 4: 1). والذي يعتبر نفسه واقفًا، فليحذر السقوط (1 كور 10: 12). أجل، من تحرّر يحنّ دومًا إلى العبوديّة. على مثال الشعب العبرانيّ، الذي ظلّ يحنّ إلى بصل مصر وسمكها ولو كان عبدًا، ويودّ العودة. ونحن شهواتنا تحاول أن تعود بنا. فأيّ صوت نسمع؟

3- نحن تحت النعمة

حين مات المسيح متنا معه. وجسدنا الذي هو موضع وجودنا وعملنا وحضورنا في العالم، قد مات. هذا الجسد، أي أنا الذي تعوّدت على الخطيئة، قد متّ، وماتت في موتي شهوات الجسد. فلماذا أعيد إليها الحياة؟ ونحن بالعماد، لبسنا جسدًا آخر، هو جسد عدم الموت. صرنا لله وما عُدنا لأنفسنا، بعد أن اشترانا المسيح ودفع الثمن. عندئذ كانت النتيجة لنا الحياة الأبديّة.

إن اخترنا الخطيئة اخترنا الموت. منذ الآن في حياة بعيدة عن الله. ثمّ الموت الثاني الذي يحدّثنا عنه سفر الرؤيا، ويربطه الربّ بالبكاء وصريف الأسنان. وإن اخترنا البرّ وتعبّدنا لله، جنينا ثمار القداسة التي تقود إلى الحياة مع ربّنا. إن تسلّطت علينا الخطيئة، صرنا سلاحًا بيدها. ولكن إن خضعنا للنعمة، صارت أعضاؤنا سلاحًا يجعلنا نعيش لله كأناس أحياء لله بالمسيح يسوع (روم 6: 11).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM