زيارة إليصابات

زيارة إليصابات

الرسالة : أف 1: 1-14

الإنجيل : لو 1: 39-45

مسيرتنا في المسيح

يا إخوتي، من بولس، رسول المسيح يسوع بمشيئة الله، إلى الإخوة القدّيسين الذين في أفسس، المؤمنين في المسيح يسوع. عليكم النعمة والسلام من الله أبينا ومن الربّ يسوع المسيح.

تبارك الله أبو ربّنا يسوع المسيح، باركنا في المسيح كلّ بركة روحيّة في السماوات، فاختارنا فيه قبل إنشاء العالم لنكون عنده قدّيسين بلا لوم في المحبّة، وقضى بسابق تدبيره أن يتبنّانا بيسوع المسيح على ما ارتضى وشاء، لحمدِ نعمته المجيدة التي أنعم بها علينا في ابنه الحبيب. فكان لنا فيه الفداء بدمه، أي غفران الخطايا، على مقدار غنى نعمته التي أفاضها علينا بكلّ ما فيها من حكمة وفهم، فكشف لنا سرّ مشيئته التي ارتضى في نفسه أن يحقّقها، أي التدبير الذي تمّمه عندما تكتمل الأزمنة، فيجمع في المسيح كلّ شيء في السماوات وفي الأرض.

وفيه قضى الله بسابق تدبيره، وهو الذي يفعل كلّ شيء على ما ترضى مشيئته، أن يختارنا لنسبّح بمجده، نحن الذين جعلوا رجاءهم من قديم الزمان في المسيح. وفيه أنتم أيضًا، حين سمعتم كلام الحقّ، أي بشارة خلاصكم، وآمنتم، ختمتم بالروح القدس الموعود، وهو عربون ميراثنا، إلى أن يفتدي الله خاصّته للتسبيح بمجده.

بدأت مسيرة الملكوت تتحقّق. وراح العريس يدعو العروس: توبوا فقد اقترب ملكوت الله. ها الفأس على كلّ شجرة لا تحمل ثمرًا. والقمح يميَّز من القش. ذاك كان صوت يوحنّا المعمدان الذي زاره يسوع وقدّسه. جاء العريس إلى صديقه، وسيقيم وسط الكنيسة التي افتداها بدمه. والله أتمّ به تصميمه الخلاصيّ داعيًا إيّانا للدخول، وإلاّ بقينا خارجًا نقرع الباب. وتصميم الله يقع في ثلاث مراحل: اختارنا في المسيح، افتدانا في المسيح، ختمنا في المسيح.

1- الله اختارنا

تبارك الله، هو يرسل بركته علينا، ونحن نستعدّ لكي نتقبّلها. وذروة البركة عطيّة يسوع لنا. وبيسوع هذا اختارنا الله. لسنا أبناء الصدفة. فابن الحيوان غير ابن الإنسان. فالله جعل عينه على كلّ واحد منّا. يعرفنا ونحن في بطون أمّهاتنا. فكما الأهل يخطّطون لأولادهم قبل أن يولدوا، كذلك يخطّط الله لكلّ واحد منّا. اختارنا أوّلاً لنكون أبكاره. واختار كلّ واحد من أجل مهمّة خاصّة ومنحه المواهب الضروريّة.

قال لرسله: لم تختاروني أنتم، بل أنا اخترتكم. هو اختار مريم العذراء بنت الناصرة، القرية المغمورة. إختار تلك التي سمّت نفسها الأمة، الخادمة، التي تنظر إلى يد الربّ كما العبد إلى يد سيّده والأمة إلى يد سيّدتها. ثمّ جعلها المباركة بين النساء بعد أن صار يسوع ابنها المبارك. واختار يوحنّا المعمدان. واختار بطرس وبولس ويختار كلّ واحد منّا. وذلك قبل أن نفكّر فيه، قبل ن نفكّر بما نعمل بآفاقنا القصيرة النظر. إختارنا قبل إنشاء العالم. فيا لعظم النعمة التي نلناها! ويا لعظمة المسؤوليّة الملقاة على عاتقنا!

2- الله افتدانا

نحن نمجّد الله لأنّ مجده يعمّ الأرض والسماء، وحضوره نعمة أنعم بها علينا في الحبيب ونحمده لأنّه افتدانا. كنّا عبيدًا للخطيئة بعد أن صنعنا الخطيئة. فدفع الفدية: دمه الذي أراقه على الصليب. هكذا كانوا يفتدون العبيد ويحرّرونهم. ويفتدون الأسرى فيدفعون الثمن. قال لنا بطرس في رسالته: ما افتديتم بالفضّة والذهب، "بل بدم كريم، دم حمل لا عيب فيه ولا وصمة ، دم المسيح".

في المسيح افتدانا الله فلنانا غفران الخطايا. كنّا في عداوة مع الله، فحطّم المسيح جدار العداوة. وأزال كلّ حاجز يقف بيننا وبين الآب. فيبقى علينا أن نسمع ما قاله يسوع للمخلّع: "لا تعد إلى الخطيئة لئلاّ يصيبك أسوأ". عند ذلك صرنا قادرين على معرفة سرّ مشيئته. على طلب رضاه. حين كانت الشريعة فرضت علينا فرائص وما أعطتنا القوّة، فبرزت الخطيئة. أمّا المسيح فبدّل حياتنا، خلقنا من جديد. لهذا صرنا نعرف مشيئته ونفعل بما يرضيه. هكذا يحقّ لنا، بالمسيح، أن نكون في حضرته، أن نقيم في دياره.

3- الله ختمنا

إرتبط الاختيار بالله الآب. والفداء بالله الابن. ويرتبط الختم بالروح القدس. هو الذي جعل ختم مريم فتكرّست لابنها نفسًا وجسدًا، وما عرفت رجلاً. حلّ الروح عليها، فصارت العروس، كما قال عنها نشيد الأناشيد، وامتدحها آباء الكنيسة. سمعت البشارة، سمعت كلمة الخلاص فآمنت. وهذا الروح حلّ على إليصابات فقالت ما قالت من كلام. وهذا الروح نناله في المعموديّة، فيختم كلَّ واحد منّا.

في الماضي، كان صاحب الخراف يسلّم خرافه إلى راعٍ، ويختم كلّ خروف بختمه ليدلّ أنّه له. أنّه يعرفه. وهكذا يُختَم المسيحيّ بختم الله ليدلّ على أنّه لله. قال لنا بولس الرسول: "لستم لأنفسكم". أنتم لله بعد أن اشتراكم المسيح. بعد أن صرتم هيكلاً يقيم فيه الروح القدس. هذا الراعي الصالح الذي هو يسوع المسيح يعرف كلَّ واحد منّا باسمه. يدعوه باسمه. وإن كنّا خرافه حقًّا، فنعرف صوته حين نسمعه ينادينا. نتبعه إلى حيث يقودنا. وفي النهاية يستعدّ لأن يبذل نفسه عنّا، نحن خرافه، كي يجمعنا في حظيرة واحدة.

تصميم الله الخلاصيّ بدأ يتحقّق. منذ إنشاء العالم هو حاضر. قبل الخليقة كلّها، ابن الله حاضر. صورة الله هي هنا لتدلّنا على الله الذي لا يُرى. ذاك هو سرّ التجسّد الذي فيه صار ابن الله إنسانًا ليجعل من كلّ إنسان ابنًا لله. ويكون جوابنا مديحًا لمجده ونعمته، في المسيح يسوع.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM