مخلّصك الرب آتٍ 62:11-12

مخلّصك الرب آتٍ

62:11-12

الوضع التاريخيّ لشعب يهوذا الآتي من المنفى، يُلقي بضوئه على هذا المقطع كلّه: فالشعب يعيش آخر ساعات السبي أو هو عاد إلى أورشليم. وإن بدا أنّ الهيكل بُنيَ (60:7)، فالمدينة ما زالت على خرابها. في هذا المناخ أُلّفت ف 56 - 66 التي هي قريبة بمضمونها من ف 40 - 55. وإنّ ف 60 -62 تحتلّ مكانة خاصة في هذه المجموعة، وتدلّ على ارتباط عميق بما في ف 40 - 55. فهي، في رؤية نبويّة، تعلن خلاص أورشليم (أو صهيون) وتُنشد فرحها أمام هذا الخلاص. إنّه نشيد الرجاء ينتهي بهاتين الآيتين (62:11 - 12) اللتين تقولان:

11 الربّ أذاع إلى أقاصي الأرض:

قولوا لابنة صهيون:

«ها مخلّصك الربّ آتٍ،

جزاؤه معه وأجرته تتقدّمه».

12 شعبك (يا أورشليم) يُدعى مقدّساً،

شعبكِ الذي افتداه الربّ.

أنت تُدعَين المطلوبة،

لا المدينة المهجورة.

1 - الربّ يزور ابنة صهيون (62:11)

نبدأ فنورد آ 10:

اعبروا، اعبروا في الأبواب،

هيّئوا طريق الشعب

مهّدوا، مهّدوا السبيل،

نقّوه من الحجارة

وارفعوا الراية في وجه الشعوب

حسب آ 10، اقترب الشعب من أورشليم، وها هو يعبر أبوابها. فلا بدّ من أن تُفتَح الطريق له. في الأصل، هي قافلة المنفيّين تصل إلى أورشليم. ولكن، في الوضع الحاليّ للنصّ، نحن على ما يبدو أمام طواف ليتورجيّ يذكّرنا بعودة المنفيّين ويقدّم صورة مسبقة عن خروج اسكاتولوجيّ يقوم به شعبُ الله الجديد.

على عتبة أبواب المدينة، طلع قول نبوي من عند الربّ: «هذا ما يُسمعه الربّ إلى أقاصي الأرض» (آ 11 أ). نرى هنا الطابع الاحتفاليّ لبداية كلّ قول نبويّ. لسنا أمام كلام البشر: فالنبي يقول كلام الله. لقد نال «روح الربّ ليُعلن من قِبَل الربّ سنة رضاه» (61:2). والتعليم الالهي سوف يصل إلى أقاصي الأرض. الكون كلّه يسمع، حتى «الجزر» التي تعني ساحل البحر وما في البحر. فكلام الله يصل إلى آخر حدود الأرض.

أ - ابنة صهيون

المشهد هو هنا. وُسعُه وُسع العالم. وصاحب البلاغ هو الله. ولكن، إلى من يتوجّه هذا البلاغ؟ أولاً، إلى الذين يجب عليهم أن يُعلنوا البشرى لابنة صهيون. هم العاملون في الليتورجيا. هل هم الأنبياء؟ هل هم المحتفلون؟ من هم «أقاصي الأرض» الذين يُعلنون لابنة صهيون أنّ مخلّصها يزورها، وأنّهم سيكونون شاهدين لهذه الزيارة؟

يجب أن نعرف هنا أنّ البلاغ يتوجّه إلى «ابنة صهيون»، لا إلى الكون كلّه. صار الأفقُ ضيقاً بالنسبة إلى ف 40 -55. والبلاغ ما عاد يتوجّه إلى جميع أمم الأرض وملوكها. هو طابع تخصيصيّ (أي يخصّص فيه شخص أو فئة، وينحصر فلا يصل إلى سائر الأشخاص والفئات) نجده في ف 60 - 62. ونحن نذكر بعض الشيء من هذه الوجهة الضيّقة:

تطلّعي وانظري حولك!

جميعُهم قادمون إليك:

بنوك يسيرون من بعيد،

وبناتك يُحملن في الأحضان.

ثروة البحار تنتقل إليك

وغنى الشعوب إليك يعود (60:4 - 5)

الغرباء يبنون أسوارك،

وملوكهم يكونون في خدمتك.

يجيء إليك الأمم بكنوزهم،

وتنقاد إليك ملوكهم.

والأمّة التي لا تخدمك تبيد،

ومملكتها تخرب خراباً (آ 10 - 12)

فمن هي ابنة صهيون هذه؟ في البداية، دلّت عبارة «ابنة صهيون» (مي 4:8) على حيّ جديد في شمال أورشليم، استقبل الهاربين بعد سقوط السامرة سنة 722 - 721. هؤلاء انتظروا أن يعودوا إلى مدينتهم. ولكن طال الزمان فأقاموا في أورشليم بصفة لاجئين. ومع الوقت، امتدّت عبارة بنت صهيون إلى مدينة أورشليم كلّها مع صورة انتظار ولادة مؤلمة ومجيدة لشعب جديد. وشدّد أشعيا الثاني مراراً على هذه الولادة الجديدة. فرأى في صهيون أكثر من مدينة دُمّرت ثمّ أعيد بنائها: فمن خلال تجسيد أورشليم، برزت صورةُ شعب جديد سوف تصوّر ولادتُه في 66:7 - 8:

7 قبل أن تتمخّض ولدت،

وقبل أن يأخذها الطلق،

ولدت ذكراً.

8 من سمع بمثل هذا الأمر؟

من رأى شبيهاً له؟

أَتولَدُ أرضٌ في يوم واحد

أم تخرج أمّةٌ في لحظة

حتى تلد صهيون بنيها

قبل مخاضها.

ب - المخلّص الظافر

«ها هو مخلّصك يجيء». تلك هي البشرى والخبر الطيّب: مجيء الربّ المنتصر. في مدن العالم القديم، كانت زيارة الملك (ليتفقّد مدينته) مناسبات لابتهاجات كبيرة، ولا سيّما إذا كان خلّص المدينة من أعدائها، في انتصار قريب. وهكذا تحمل زيارة الربّ الخلاص لأورشليم، لأنّ الربّ هو المخلّص الوحيد لشعبه (45:15 - 21؛ 49:26)

45:15 أنت حقاً إله محتجب،

يا إله اسرائيل المخلّص

16 والذين يصنعون الأصنام جميعاً،

سحقهم الخزيُ والعار.

17 أمّا اسرائيل فخلّصه الربّ،

وخلاصه هذا أبديّ هو.

فلا يخزى ولا يخجل إلى الأبد.

والذين يحسبون نفوسهم حاملي الخلاص، فهم كذّابون. سواء كانت الآلهة الكاذبة، أو كان الملوك والعظماء. هم لا يقدرون أن يخلّصوا نفوسهم، فكيف يخلّصون الآخرين. نحن نقرأ في 45:20:

إجتمعوا وتعالوا،

تقدّموا جميعاً

أيّها الناجون من أيدي الأمم!

هم لا يعرفون شيئاً

من يرفعون تمثالاً من خشب

ويصلّون إلى إله لا يخلّص.

ونقرأ في 46:6 - 7:

6 هم يفرغون الذهب من الكيس،

ويزنون الفضّة بالميزان.

يستأجرون صانعاً يصنعها إلهاً،

يركعون له ويسجدون.

7 يرفعونه على الأكتاف،

ويحملونه ليُوضع في مكانه

فينتصب في مكانه ولا يتحرّك.

يصرخون إليه فلا يجيب،

ولا يخلّصهم من ضيقهم.

حين يسير الجيش المنتصر، تسبق الأسلابُ والأسرى القائد الظافر فتدلّ على ما فعل من عمل عظيم. وقد يكون اللفظ «ف ع ل ت و» (أجرته) يدلّ على أعداء الله الذين قُهروا. هنا نتذكّر في 60:6 - 14 و61: 4 ي، أنّ كنوز الأمم تأتي إلى صهيون: هي تدلّ على انتصار الربّ ومدينته في نهاية الأزمنة.

ولكنّنا نجد في 40:10 (مكافأته، جزاؤه) العبارة ذاتها مع صورة الراعي، «الذي يرعى قطيعه، ويجمع الحملان في يديه، ويقود المرضعات إلى الراحة» (40:11). أمّا في إر 31:10، فهذه الصورة ترتبط بعودة المنفيّين. والنصّ الذي نقرأ الآن يذكر «الشعب المقدّس»، وبالتالي يقودنا في الخطّ عينه. فأسلاب الربّ هم المنفيّون الذين يعودون إلى أورشليم. ففي خروج جديد، يخلّص الربّ شعبه ويقوده إلى أورشليم، عاصمة أرض الموعد. وهكذا يتحقّق رجاء اسرائيل العميق، وهو رجاء حيّ في قلب المنفيّين الذين عاشوا جيلاً كاملاً في الأسر والعبوديّة.

2 - أسماء الشعب الجديد (62:12)

«يُدعى». يُسمّى. من سمّى شخصاً كشف واقع شخصه. من يدعو المؤمنين بهذه الأسماء؟ الأمم أولاً. ولكن بشكل خاص، الربّ هو الذي يدعوهم فيخلقهم من جديد. إنّ موضوع «الاسم الجديد» يُعطي ف 60 - 62 وحدتها.

وبنو الذين يضطهدونك

يدعونك مدينة الربّ،

صهيون قدّوس اسرائيل (60:14)

تُدعَون كهنة الربّ،

وتسمّون خدّام إلهنا (61:6)

وتُدعَين باسم جديد

تعيّنه كلمةُ الربّ (62:2)

أ - الشعب المقدّس

يدلّ هذا الاسم على واقع عميق يحدّد شعب اسرائيل. هو لا يشبه سائر الأمم. هو شعب مفصول عنهم، لأنّه مختار الربّ الذي أحبّه كمُلك خاص به، وهو يحفظه ويغار عليه «مثل حدقة عينه».

والله لا يشبه سائر الآلهة التي هي صنم باطل يصنعه الانسان على هواه. الله هو القدّوس، هو الآخر، ذاك الذي لا نستطيع أن «نصنعه بحسب قياسنا»، ذاك الذي لا يتحمّل الخطيئة، ولا يرضى الخيانة. ولهذا فاسرائيل الذي هو شعب الربّ، دُعيَ ليشارك في قداسة الله.

وهنا تظهر مأساة اسرائيل. فعلى مدّ تاريخه، رغب أن يكون شعباً مثل سائر الشعوب، مع ملوكه، مع آلهته الذين يراهم ويجعلهم يتدخّلون كما هو يشاء، لا كما هم يشاؤون. دُعيَ ليكون الشعب المقدّس، ولكنّه ما تمنّى أن يكون كما أراد الله له.

فتاريخ اسرائيل هو تاريخ أمانة الله ولا أمانة الشعب. والعقاب الذي أعلنه الأنبياء منذ زمن بعيد، قد تنفّذ. أراد اسرائيل أن يكون شعباً مثل سائر الشعوب، فرذله الله وتركه يمضي إلى السبي والمنفى، بعيداً عن أورشليم، وسط الأمم الوثنيّة. ولكنّ الربّ الذي هو الله، والذي يحبّ شعبه، لا يسرّ بتدمير «ابنه البكر». بل يخلّصه ويحرّره مرّة أخرى ليعيده إلى أورشليم.

وتكون تلك مرحلة حازمة، لأنّ آلام المنفى تولّد شعباً جديداً. إنّه شعب خاطئ مضى إلى السبي. وهو شعب مقدّس يعود إلى أورشليم. لا الشعب الذي يُدعى ليكون مقدّساً، بل شعب مقدّس. هكذا يدعوه الله. وهكذا هو بالفعل.

هنا نقرأ كلّ لاهوت العهد. فالشعب وصل بعد طريق طويلة نحو الله، طريق بدأت مع الخروج من مصر. فتستطيع هكذا نهايةُ الأزمنة أن تأتي «فتكونون لي شعباً وأكون لكم إلهاً». هي صيغة المضارع في الفعل، وهي تعني أنّنا ننتظر تحقيق هذا، ولكنّه تحقيق قريب لأنّنا نرى طلائعه منذ الآن في عودة المنفيّين.

هذه القداسة الجديدة ليست جزاء اسرائيل لأجل «سلوكه الحسن». فهو خاطئ في جذوره. إنّ هذه القداسة لا تأتي إلاّ من الله. وشعبه المقدّس هو الأسلاب التي حملها حين عاد منتصراً من حربه مع الشرّ.

ب - مفتَدو الربّ

يرى المؤمن المغتذي بالكتاب المقدّس، في هذه العبارة، غنى ما بعده غنى. فالوليّ (ج أل) هو الذي يدافع عن أخيه، عن قريبه. بل يدافع عن الذين في قبيلته وعشيرته لا يستطيعون أن يدافعوا عن نفوسهم، كالفقراء واليتامى والأرامل. له الحقّ أيضاً بأن «يفدي» عائلة فقيرة لا تستطيع أن تدفع ديونها فتعيش في العبوديّة (لا 25:47 - 49). وحين يكون قتل، فعلى الوليّ أن يثأر للدم المسفوك (عد 35:19؛ صم 3:22 - 27).

في أشعيا الثاني، يُدعى الله مراراً وليَّ (ج أ ل) شعبه. هو الفادي الذي ينصر شعبه (41:14). سيرسل إلى بابل من يحطّم مغاليق أبوابها (43:14). ونقرأ في 44:6 عن الذي هو الفادي والربّ القدير، الذي هو الأوّل والآخر، الذي لا إله غيره في الكون. وقد لعب بالنسبة إلى بابل حقّه كوليّ فافتدى شعبه من هناك. لهذا، فابنة صهيون هي له (35:9؛ 51:10). ولنداء الربّ رنّة اسكاتولوجيّة: ففي نهاية الأزمنة يكون اسرائيل بكليّته لله.

ج - المطلوبة

«د ر ش». طلب، بحث، فتّش. سأل. ابنة صهيون يطلبها الربّ. ابنة صهيون هي شعب الله. كان أهل يهوذا قد ألّفوا «طلبات» تردّد أسماء أورشليم: مدينة البرّ أو الصدق (1:26). مدينة الربّ. صهيون قدّوس اسرائيل (60:14). تُدعى أسوارها «الخلاص»، وأبوابها «المديح» (60:18).

هو موضوع معروف في الكتاب المقدّس كلّه. اسرائيل يطلب إلهه (تث 4:29؛ هو 10:12؛ اش 9:12؛ 31:1؛ 55:6). غير أنّ هذا الطلب، هذا البحث، حاد عن الطريق، فطلب اسرائيل الآلهة الوثنيّة. لهذا، أخذ الربّ يطلب شعبه، ليبحث عنه كما الراعي عن خروفه الضال. كعريس يبحث عن عروسه. ذاك هو موضوع نشيد الأناشيد.

د - لا مهجورة

نستعيد هنا اسماً أعطيَ في 62:4:

لا يقال لك من بعد: هجرها أهلها،

ولأرضك من بعد: أرض خراب،

بل يقال: هي موضع سروريّ.

هي صورة مدينة خربة، مدمّرة، مسلوبة، بعد حصار طويل. هكذا بدت أورشليم بعد أن دُمّرت وأُخذ سكّانها إلى السبي، ولكنَّ «تهجيرها» انتهى. وأهلها عادوا وعادوا يبنون الهيكل.

وموضوع «الهجر» يذكّرنا أيضاً بموضوع العهد. ترك اسرائيل الربّ واستسلم لعشّاقه الجدد، للبعل والأصنام. وتاريخ الشعب هو تاريخ خياناته. كم من مرّة ترك الربَّ، فراح الربّ يبحث عنه. وفي النهاية ترك الربُّ اسرائيل بعد أن تصرّف كعروس خائنة تجاه الربّ عريسها.

ولكن «من يطلّق إمراة صباه» (54:6)؟ لهذا رحم الربّ أورشليم. «دعاك الربّ وأنت عانس، مهجورة، محزونة الروح، كأنثى هُجرت في صباها». أجل دعاها الربّ ووعد بأن يغدق عليها نعمه. قال لها في 60:15:

كنتِ مهجورة، مكروهة،

لا أحد يعبر فيك.

والآن أجعلك فخر الدهور،

وبهجة جيلاً فجيل.

الخاتمة

وهكذا اكتشفنا الغنى اللاهوتيّ الذي تضمّنته هاتان الآيتان. هما تعلنان خلاص الربّ، وترسمان مسبقاً موكب المخلّص الظافر. شعبه يسير أمامه، لا كمجموعة من الأسرى في القيود، بل كشعب مفديّ، مقدّس، يعود بفرح إلى أورشليم، المدينة المقدّسة. أحبّها الربّ، طلبها كما يطلب العريس عروسه. وهكذا وصلت مسيرة اسرائيل إلى خاتمتها والعهد سوف يتحقّق.

وهكذا أعلن النبيّ إيمانه ورجاءه حين رأى موكب المنفيّين يعودون إلى صهيون، فاكتشف في الوقت عينه المعنى الكامل لهذا الحدث الذي عاشه الشعب، كما التوجيه العميق لهذا الحدث. كانت قراءته «قراءة الإيمان»، فاكتشف فيها أمانة الله الذي يقود التاريخ إلى هدفه.

لا شكّ في أنّ رجاءه لا يتمّ بشكل مباشر. فهذه العودة من المنفى لا تدشِّن بعدُ ملكوت الله. فالفشل وخيبات الأمل هي هنا: وقداسة شعب الله تبقى موضوع رجاء. فما تحقّقت بعد. وتاريخ طويل من «الهجر» سيبدأ من جديد، مع ما فيه من وجه مأساويّ. فأورشليم ستدمّر مرّة ثانية سنة 70ب م، ثمّ سنة 135. ما بقي شيء من أورشليم التي تحوّلت إلى مدينة وثنيّة (اياليا كابيتولينا) مكرسة لزوش، إله الكابيتول في رومة.

في ذلك الوقت، وفى الله بمواعيده: وُلد المخلّص في شخص يسوع المسيح، ابن الله بالذات. ولكنّ أورشليم التي انتظرت مسيحاً «ظافراً» ما عرفت مخلّصها في ذاك المحكوم عليه بالموت، الذي عبر أبوابها مع موكب الهزء لكي «يتوّج» على الجلجلة. ومع ذلك، فهذا المخلّص ولّد بذبيحته «شعباً جديداً، مقدّساً». ومعذّبو الربّ لن نجدهم بعد الآن بين سكّان أورشليم وحدهم، بل بين سكان العالم كلّه. هم لا يجتمعون في «كنيس» يهوديّ ينغلق على المصلّين فيه، بل في «كنيسة» مفتوحة على الكون كلّه.

وفي «ابنة صهيون» هذه التي تنتظر مخلّصها وتلد، فقد رأى التقليد صورة الكنيسة عبر صورة مريم العذراء التي انتظرت كلّ شيء من ربّها، وولدت المسيح، رئيس الشعب الجديد، المقدّس، رئيس الذين افتداهم الربّ.

وهذا «الشعب الجديد» يواصل طريقه وينتظر المجيء النهائيّ للربّ الذي سيأتي في نهاية الأزمنة ليخلّص شعبه المقدّس. حينئذ تنزل من السماء أورشليم الجديدة «كعروس تزيّنت واستعدّت للقاء عريسها» (رؤ 21:2). تلك ستكون الأعراس النهائيّة بين الله وشعبه.

لهذا، حين تقرأ الكنيسة اليوم نصّ أشعيا، فهي تكتشف فيه تاريخها الخاص. وإذ تتذكّر ما قدّمه العهد القديم، تفهم وضعها الحاضر وتغذّي رجاءها بمجيء الربّ النهائيّ، وتسمع من يقول لها: «ها هو مخلّصك

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM