الفصل الثاني عشر: الشيوخ والعبيد

الفصل الثاني عشر
الشيوخ والعبيد
5: 17- 6: 2
كيف تكون علاقة تيموتاوس بأعضاء الكنيسة؟ بعد الأرامل (5: 1- 16)، نصل إلى الشيوخ أو القسس في الكنيسة، ثم إلى العبيد. يكرم تيموتاوس الشيوخ كما يكرّم الأرامل: احترام ومساعدة ماديّة. هناك أرامل حقيقيّات وأرامل طائشات. والشيء عينه بالنسبة إلى الكهنة: هناك شيوخ يستحقّون الاكرام، ولا سيّما حين يتعبون في التعليم والتبشير (آ 17) كما يقول الكتاب (آ 18). ولكن هناك آخرين يشتكي عليهم المؤمنون. ليتصرّف تيموتاوس بفطنة: لا تُقبل الشكوى إلاّ بشهادة شاهدين أو ثلاثة. وإن ثبتت وُبِّخ المخطئ. ثم يطلب الرسول من تلاميذه الفطنة أيضًا في اختيار من يضع يده عليه من الشيوخ: لا يستعجل. وينتهي هذا الفصل بكلام عن موقف العبيد تجاه أسيادهم (6: 1- 2).

1- دراسة النصّ
نبدأ بالدراسة النقدية. في آ 17، حلّت "أليتايا" (الحقيقة) محلّ "ديدسكاليا" (التعليم). في آ 19، غاب الشقّ الثاني من الآية عند قبريانس، ايرونيموس، مع أنه موجود في كل المخطوطات. في آ 20، جُعلت "دي" قبل "هامارتونتاس"، المذنبون، في الاسكندراني والبازي، وبعدها في مخطوطي كمبريدج ولندن (القرن التاسع). في آ 21، جُعل "كيريو" (السيّد) قبل "خرستو" (المسيح) في السريانيّة وغيرها. في آ 23، جُعلت "سو" (أنت) بعد "ستوماخون" (معدة) في جميع الترجمات. في آ 25، جُعلت "دي" بعد "هوساوتوس" (كذلك) في الاسكندراني وغيره. جُعل الفعل "دينانتاي" (يمكن) في الجمع، ويجب أن يكون في المفرد، لأن الفاعل في الحياد الجمع.
أ- كهنة أحسنوا (5: 17- 18)
الكهنة أو القسوس (تي 1: 5) هم وكلاء يجعلون كل اهتمامهم (بروئيستاناي) في الجماعة. تقول 1تس 5: 12: "يرأسونكم في الربّ". هي وظيفة كريمة. فمن قام بها بأمانة (كالوس، جميلاً، حسنًا) يستحقّ الاكرام. يعتبره الله أهلاً للمكافأة الحسنة (أكسيوس). "ديبليس"، مرّتين، مضاعف. أكثر من الأرامل. من سائر المؤمنين.
إذا كان جميع الكهنة في خدمة المؤمنين، فهناك فئة تستحقّ إكرامًا خاصًا: الذين يتعبون (كوبياوو) في التعليم والتبشير. يتفانون على مستوى الرسالة، فيتميّزون عن "مدبّرين" عاديّين. لهذا، تؤمّن حياتهم، لأنهم لا يعملون عملاً، بل يتكرّسون بكلّيتهم للمناداة بالانجيل.
نقرأ في آ 18 نصّين يُسندان حقّ هؤلاء الخدّام بأن تؤمّن لهم الكنيسةُ حياتهم. الأول نقرأه في تث 25: 4، وقد استُعمل في ذات السياق، في 1كور 9: 9. نُقلت شريعةٌ من إطار ماديّ إلى إطار خلقيّ، كما اعتاد اليهود أن يفعلوا. وهكذا انتقلنا من المعنى الحرفيّ إلى المعنى النمطيّ.
والايراد الثاني، يعود إلى تث 24: 14- 15: "لا تهضم أجرة مسكين... بل إدفع له أجرته في يومه، قبل أن يغيب عليها الشمس". بل يعود إلى مت 10: 10: "العامل يستحقّ طعامه". ونقرأ في 1كور 9: 14: "وهكذا أمر الربّ للذين يعلنون البشارة أن ينالوا رزقهم من البشارة".

ب- كهنة أساؤوا (5: 19- 20)
بما أن مرتبة الشيوخ رفيعة، ووظيفتهم الاداريّة هامّة، فهم يُنتقدون، ويُحكم عليهم الحكم القاسي. غير أن الاحترام الذي يستحقّونه يحميهم من الافتراء والنميمة والانتقام، ويمنع تيموتاوس من أن يقبل (باراداخوماي، أع 22: 18) اتهامات باطلة وافتراءات (كاتيغوريا، شكوى). يُتهم الكاهن أمام المسؤول وهو يتخذّ القرار. هنا لا بدّ من شهود، كما قال تث 19: 15.
بمَ يقوم الذنب؟ على مستوى الأخلاق أم الوظيفة؟ الفعل (أذنب في صيغة اسم الفاعل) يعني أنهم تمادوا في الخطأ ولم يرتدّوا. لا بدّ من توبيخهم (الانخو) وإصلاحهم. وهناك العقاب أمام سائر الكهنة (عب 12: 5) فيتعلّمون. قال الذهبيّ الفمّ: "من الخطأ أن نحكم على شخص باطلاً، ومن الخطأ أيضًا أن لا نلاحق الخطايا البارزة. عندذاك نفتح الطريق لآخرين سوف يتجرّأون ويفعلون مثلهم".

ج- اختيار الكهنة (5: 21- 23)
الحزمُ ضروريّ (1كور 5: 13؛ 2تم 2: 8). غير أن ثقة الرسول ضعيفة بتلميذه الذي يخاف أو يساوم، أو يتحاشى انتشار الشكوك. وهكذا يكون أمام وضع مؤلم. لهذا، يستحلفه بولس »ديامرتيروماي« رج 2تم 2: 14؛ 4: 1. هناك ثلاثة شهود: الله، المسيح، الملائكة. سيكونون في الدينونة الأخيرة (مر 8: 38؛ رؤ 14: 10؛ رج مت 25: 31). الله هو الديّان السامي (عب 12: 23). لم يُوضع التعريف أمام يسوع المسيح، بل فقط أمام الآب (وأمام الملائكة). هذا يعني أن الكاتب ضمّ يسوع إلى الآب في اللاهوت الواحد. فالابن يدين أيضًا (يو 5: 22، 27؛ أع 17: 31) مثل الآب. والملائكة جزء من البلاط السماوي وقت الدينونة، وهم ينفّذون الأحكام (مت 13: 41؛ 16: 27؛ 2تس 1: 7). "المختارين" صفة الملائكة الاخيار، في العالم اليهوديّ (أخنوخ 39: 1) تجاه الملائكة الأشرار (2بط 2: 4). إن تيموتاوس يمثّل، على الأرض، هذا المثلّث: هو يعمل باسمه. ولكن هذا المثلّث يدينه إن لم يكن على قدر المهمّة الموضوعة على عاتقه.
أما موضوع الاستحلاف، فقواعدُ تتعلق بالكهنة: وضعُ حدّ للمخالفين (آ 19- 20). اختيار المرشّحين (آ 22). فنوعيّة الخدم مهمّة بالنسبة إلى قداسة الكنيسة. وهناك صفتان مطلوبتان من تيموتاوس: الموضوعيّة (لا نترك العاطفة تسيطر علينا) والحياد (لا محاباة للوجوه). نلغي كل فكرة مسبقة. نستعلم بدقّة قبل أن نقرّر. لا نتبع ميل قلبنا (بروسكليسيس).
ويصل بولس إلى الرأي المناسب الذي يحفظ الكنيسة: الرسامات (الذهبيّ الفمّ). يتبع ما يُعمل في المجمع (آ 22). عدم التسرّع. الفطنة، بعد أن سقط عدد من الكهنة وتراجعوا. فإن تسرّع تيموتاوس فوضع يده على بعض الكهنة دون أن يكون اختبرهم، يكون مسؤولاً عن خطايا يقترفونها. هذه المسؤوليّة المرتكزة على التضامن، نجدها عند الأنبياء، حيث النبيّ مسؤول عن موت الخاطئ الذي لم ينبّهه إلى خطأه (حز 3: 18؛ 33: 6- 8). من أجل هذا، جاء التنبيهُ الأخير: يكون بلا لوم، ولا يشارك الخطأة في أعمالهم (2كور 7: 11). في الواقع، همّ الرسول أن لا يقبل في خدمة الكنيسة سوى أشخاص أكيدين وأصحاب وقار.
ترد آ 23 في هذا الموضع، فتقطع السياق المنطقي بين آ 20- 22 وآ 24- 25. غير أنها موجودة في كل المخطوطات، مع أن بعضهم اقترح أن تكون في 4: 3- 8. هي ملاحظة تحمل نصيحة من أب إلى ابنه. في آ 22، قال الرسول لتلميذه: إحفظ نفسك عفيفًا. رج عد 6: 1- 21 والامتناع عن الطعام والشراب. يبدو أن كهنة أورشليم ما كانوا يشربون سوى الماء بعد أن مُنع عنهم الخمر. ترك بولس هذا المنع، ونصح تلميذَه بأن يشرب الخمر من أجل معدته. تبدو الخمر وكأنها دواء. ثم، هناك أمراض متواترة (بكنوس). المهمّ ليس الطعام والشراب، بل الخدمة وما يساعد على الخدمة التي ترضي الرب.

د- الخطايا والأعمال الصالحة (5: 24- 25)
"خطاياهم" (آ 24) تقابل "يخطأون" في آ 20. إذا أراد تيموتاوس أن لا يشارك في خطايا الآخرين، واضعًا يده على أناس غير جديرين لكي يكونوا كهنة، عليه أن يكون فطنًا دون أن يكون موسوسًا بحيث لا يجرؤ أن يتّخذ موقفًا. لا شكّ في أن الطبيعة البشريّة متشعِّبة، بحيث يصعب الاختيار. لهذا، ذكّر الرسول تلميذَه أحد المبادئ الأساسيّة في الخلقية الانجيليّة: لا خفيّ إلا سيظهر (مت 10: 26). والرئاء سيُكشف في يوم من الأيام. حين تكون الأخطاء والتقصيرات صارخة ومعروفة من الجميع، فهي تشبه مناديًا يعلن عدم أهليّة هذا المرشّح، وتسبقه إلى المحكمة. يبقى على تيموتاوس أن يسجّل الحكم وينفّذه. ولكن عند البعض الآخر تكون الخطايا صامتة، خفيّة، ولكنها تعلق بالشخص كظلّه أو كأثر لا خلاص منه. هنا يطيل المسؤول البحث وينتظر. لهذا، لا يضع يده بسرعة.
وما قيل عن النقائص، يقال في آ 25 عن الصفات: قد لا تُكتشف في الحال فتتطلّب بعض الوقت. هناك أعمال الأساقفة والشمامسة. قد تكون معيارًا لاختيار الشيوخ أو الكهنة. فالشجرة يُحكم عليها من ثمارها (لو 6: 43- 44). هنا لا نستبعد مرشّحين لا يظهرون في العلن. فالروح المسيحيّة، وموهبة الفطنة، تساعدان على اكتشافهم. فالرسل شدّدوا مرارًا على التمييز. قال بولس في 1كور 2: 5: "الانسان الروحي يحكم في كل شيء". وقال يوحنا في رسالته الاولى: "بهذا يظهر أولاد الله وأولاد إبليس. كل ما من لا يفعل البرّ ليس من الله. وكذلك أيضًا من لا يحبّ أخاه" (3: 1). وهناك قول يُنسب إلى المسيح: "كل ما ليس أمام عينيك فخفيَ عليها، سينكشف لك".

هـ- العبيد وأسيادهم (6: 1- 2)
"جميع الذين". رج روم 2: 2؛ غل 3: 10. كل واحد. المجموعة والأفراد. كل من وجد نفسه في مثل هذا الوضع. نير "زيغوس" العبودية. هذا ما يدلّ على ما في العبوديّة من قساوة وقهر. نشير إلى أن النير يرمز دومًا إلى العبوديّة (تك 27: 40؛ لا 26: 13؛ تث 28: 48...). إن حسب العبدُ أنهم مظلوم أو أنه أكره على العبوديّة (أسير حرب)، عليه أن يحترم سيّده. »دسبوتيس«: سيّد عبد (1بط 2: 18). ستتخذ اللفظة فيما بعد معنى آخر. لا يطلب بولس الطاعة كما في أف 6: 5 (هيباكواين)، بل الاحترام. والسبب: لئلاّ نعطي غير المؤمنين مناسبة للافتراء على الله والديانة المسيحيّة (3: 3؛ تي 2: 5). يعود هذا السبب إلى العالم اليهوديّ (أش 52: 5؛ حز 36: 20). وقد أخذت به الكنيسة الاولى (يع 2: 7؛ 1بط 4: 4، 14؛ 2بط 2: 2). اسم الله قدوس. والمؤمنون يمجّدونه (مت 6: 9؛ يو 17: 6). أما الأسياد الذين لا يعرفون الايمان الجديد إلاّ بشهود يرونهم كل يوم، فإنهم يجعلون الله مسؤولاً عن إهمالات مؤمنيه وكسلهم. هذا يعني أن سلوك المسيحيين هو كرازة في العالم (مت 5: 16؛ 1بط 3: 1- 2). وأن على العبيد المسيحيين أن يكونوا عبيدًا صالحين، أمناء لواجبهم اليومي. فان كانوا موضوع انتقاد واحتقار، أصاب التعليمَ الجديد ضررٌ بسببهم (تي 2: 10). "بما أنك مؤمن، لا تظنّ أنك حرّ. فهي حريّة من أجل خدمة أفضل" (الذهبيّ الفمّ).
تلك حالة لا يكون فيها الاسيادُ مؤمنين. وفي آ 2، نحن أمام أسياد اهتدوا إلى الله وآمنوا. عندئذ قد يرى فيهم العبيدُ إخوة مساوين لهم (1كور 7: 22؛ غل 3: 28؛ كو 3: 11). عندئذ يرفضون لهم الاحترام والطاعة الواجبة للرئيس. ويستفيدون من الظرف لكي يتجاوزوا الحدود. وهنا أيضًا يدعو بولس العبيد إلى حكم صائب، وإلى تقدير القيم التي عرفوها في الايمان. أسياد مسيحيّون. إذن، هم أول من نحبّ، والمحبّة احترام وتضحية. وهكذا تنطبع خدمتنا بالايمان والمحبّة. إذن يعملون مع، يشاركون، يُعينون.

2- قراءة إجماليّة
الشيوخ الذين يتكلّم عنهم بولس في 5: 17- 25، ليسوا بالضرورة أشخاصًا معمّرين. هم مسيحيون مسؤولون عن الكنيسة المحلّية، تحت سلطة الرسول أو ممثّله تيموتاوس. تصرّفُهم مهمّ جدًا من أجل حسن سير الجماعة، ومن أجل سمعة الايمان المسيحيّ لدى الوثنيين. طُرحت على بولس ثلاثة أسئلة وها هو يجيب عليها: كيف نكافئ ذاك الذي سلوكه كله أهل للمديح؟ كيف نعاقب ذاك الذي أخطأ أو أساء التصرّف في أموال الكنيسة؟ ما العمل لكي يُبعَد من ليس أهلاً، من وظيفته، بحيث يصل فقط من يستطيع أن يقوم بهذه المهمّة بجدارة ووقار؟
الشيوخ يرئسون الجماعة. لهذا كتب بولس في 1تس 5: 12: "وأسألكم، أيها الاخوة، أن تُجلّوا الذين يتعبون فيما بينكم، ويرئسونكم بالربّ، ويعظونكم". لسنا أمام رئاسة فخريّة وشرفيّة، بل أمام تدبير يشبه تدبير البيت. فمن كان أمينًا على وظيفته استحقّ أجرًا مضاعفًا: احترام الجماعة وتقديرها لمسؤوليها. أو أجر مالي يقوم بأود حياته. فالعامل يستحقّ طعامه. ومن لا يعمل لا يحقّ له أن يأكل. فالكنيسة مسؤولة عن تأمين حياة الخدّام الذين يعملون فيها. وتهتمّ بشكل خاص بالذين ينصرفون للتعليم والتبشير.
وإذ أراد الرسول أن يُسند كلامَه، عاد إلى العهد القديم كما فعل في 1كور 9: 9 (لا تكمّ الثور على البيدر، تث 25: 4). نشير هنا إلى أن تطبيق هذا الايراد على الوضع الحاضر، لا يرتبط بالمعنى الحرفيّ ولا بالمعنى التامّ. بل تكيّف النصّ من أجل هدف معيّن. في أي حال، كلام بولس دخل في الكتاب المقدّس، شأنه شأن العهد القديم، سواء كان شرحُ القديم قريبًا من النصّ أو بعيدًا عنه. ولكن السؤال الحقيقي المطروح في آ 18، هو أن الايراد الثاني يعود إلى انجيل لوقا (10: 7؛ رج مت 10: 10). هذا يعني أن الانجيل الثالث اعتُبر كتابًا مقدّسًا، يوم دوّنت 1تم (هذا يعني أنها جاءت متأخّرة)، فكان حجّة يُستند إليه كما يستند إلى كتب التوراة. ولكن إن اعتبرنا أن 1تم دوّنت قبل انجيل لوقا، فهذا يعني أن العبارة وردت في 1تم قبل أن تدخل في إنجيل لوقا، ونحن نعرف العلاقة بين بولس الرسول ولوقا كاتب الانجيل الثالث.
وإذا أراد أحد أن يتهمّ شيخًا من الشيوخ، كاهنًا من الكهنة، يسير في خط عُرف في العالم اليهوديّ: شاهدان أو ثلاثة. وإن صحّت الشهادات، يوبّخ تيموتاوس المذنب، يذكّره بواجباته، ويبرز سلوكه أمام الجميع، سواء كانوا الكهنة، أو الجماعة كلها. هو يتّضع. والجماعة تتنبّه، والكل يخاف خوفًا خلاصيًا.
واستحلف الرسول تلميذه (رج 6: 13؛ 2تم 4: 1). عاد به إلى الدينونة التي تنتظرنا كلنا، إلى نهاية الأزمنة ومجيء الربّ. فحين يمارس تيموتاوس وظيفته "القضائيّة، فهو لا ينسى من جهة أنه يحلّ محلّ الديّان السامي. ومن جهة ثانية، أنه سيمثُل هو نفسه أمام منبر الله. إن فكرة الدينونة الأخيرة لا بدّ أن تجنّب تيموتاوس كل فكرة مسبقة، كل حكم مسبق (بروكريما)، كل محاباة وتمييز شخص على شخص (بروسكليسيس) بسبب ميل شخصيّ. حكم موضوعي. لا يدين قبل أن يسأل.
ولكن التوبيخ عمل مؤلم لمن يوبّخ (هذا إذا كان فيه روح الله) ولمن ينال التوبيخ. لهذا، نتجنّبه إذا أمكن. أونقلّل منه. والسبيل بسيط: يكون المسؤول حذرًا في اختيار المرشّحين. لا يضع يده بسرعة على أحد ليكرّسه لخدمة في الكنيسة. حين تحدّث بولس عن الشمامسة، طلب فترة اختبار (3: 10). ونستطيع أن نقول الشيء عينه بالنسبة إلى الشيوخ (أو الكهنة، القسس). فتعيينُ المسؤول يفترص فطنة خاصّة. وإذا تصرّف تيموتاوس تصرّفًا غير لائق في هذا المجال، يكون مسؤولاً عن خطايا يقترفها شيخ وضع عليه يده. لأنه "رسمه" دون "كفالة" كافية. قال يوحنا في رسالته الثانية: "يكون مشاركًا له في أعماله السيّئة" (آ 11). هنا تبرز فضيلة التمييز (آ 24- 25). هناك أخطاء تظهر للعيان وأعمال، وهناك أخطاء تبقى خفيّة وأعمال. يبقى على المسؤول أن لا يؤخذ بالظواهر، أن لا يؤخذ فقط بما يرى أو يسمع. وفي أي حال ينتظر بعض الوقت قبل أن يتّخذ قراره في اختيار شخص لخدمة الكنيسة.

خاتمة
بعد الأساقفة (أو بالأحرى الأسقف) والشمامسة، أشارت 1تم إلى الشيوخ أو القسوس، أو الكهنة. فالاسم اتّخذ منحى خاصًا في تاريخ الكنيسة. وتفرّع في الطوائف المسيحيّة. فالشيخ هو مسؤول في الجماعة. وهناك أكثر من شيخ، كما كان هناك أكثر من شمّاس. غير أن هناك أسقفًا واحدًا، بدليل ورود الاسم في صيغة المفرد. وسوف نرى في الكنيسة الرسوليّة أنه يكون أسقف (مراقب) واحد في كل مدينة، يحيط به الكهنة والشمامسة، كل بحسب رتبته وموهبته. والهدف واحد: بنيان جسد المسيح.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM