الفصل الحادي عشر الأرامل في الكنيسة

الفصل الحادي عشر
الأرامل في الكنيسة
5: 1- 16
ونصل هنا إلى علاقة تيموتاوس بأعضاء الكنيسة (5: 1- 6: 2). فإن وجب عليه أن يكون قدوة في حياته الشخصيّة واهتمامه بالتعليم، فيجب أن تكون علاقاته مع أعضاء الكنيسة بلا لوم ولا مأخذ. من هنا توصيات تتعلّق بسلوكه مع الشيوخ والشبّان (5: 1- 2)، مع الأرامل (آ 3- 16)، مع القسوس أو الكهنة (آ 17- 25)، مع العبيد (6: 1- 2). هؤلاء هم بين الذين يسمعون له (4: 16). فالذين يقودهم تيموتاوس إلى الخلاص، ليسوا جميع البشر، ولا أهل أفسس كلها، بل الذين كلّف بهم، كالراعي بخرافه. لا يقال شيء عن الأولاد ولا عن الوالدين. كما لا يقال شيء عن العذارى، إمّا لأن لا عذارى في الكنيسة، وإما لأنهن لم يحتجن إلى تنبيه خاص. أما الأرامل، فكنَّ موضوع توصيات خاصّة ودقيقة وواسعة، بحيث قال بعضهم إن الكاتب أدرج هنا تعليمًا مسيحيًا رسميًا في هذا الخصوص.

1- رجال ونساء
بعد أن دعا بولس المؤمنين إلى صلاة مسكونيّة، صلاة من أجل جميع البشر، أعطى تعليماته حول الموقف الذي يقفه المؤمنون في الصلاة الليتورجيّة. توجّه أولاً إلى الرجال ليدعوهم إلى الصلاة بلا غضب ولا خصام. يصلّون في كل مكان. فقد قيل في ملا 1: 11: »في كل مكان تقدَّم ذبيحة بخور لاسمي وتقدمة نقيّة، لأن اسمي عظيم بين الأمم، يقول الربّ القدير«. كانت الديداخي طبّقت هذه الآية على الافخارستيا، بعد أن أشارت إلى ضرورة المصالحة السابقة بين الإخوة: "في يوم الأحد، يوم الربّ، اجتمعوا لكسر الخبز والشكر، بعد أن تكونوا اعترفتم بخطاياكم لكي تكون ذبيحتُكم طاهرة. فمن كان على خلاف مع صاحبه لا ينضمّ إليكم قبل أن يتصالح، لئلاّ تنجّس ذبيحتكم" (14). والحركة التي يقوم بها المصلّي هي رفع اليدين إلى السماء. المهمّ لا الحركة في حدّ ذاتها، بل السلوك المستقيم. كان الله قد قال في أش 1: 15: "إذا بسطتم أيديكم للصلاة أحجب عينيّ عنكم... لأن أيديكم مملوءة من الدماء".
ثم يأتي دور النساء بشكل عام: كيف يقفن في الجماعة الليتورجيّة؟ استلهم الكاتب ما كان يُقال في أيامه، فانتقد زينة النساء بما فيها من ترف وغرابة. قال ابيكتات: "ما إن تصل المرأة إلى الرابعة عشرة من عمرها حتى تُدعى "سيّدة" بفم الرجال. وإذ ترى أنه لم يبقَ لها شيء سوى مقاسمة الرجل سريره، تشرع تتزيّن وتجعل هنا كل آمالها. يجب أن نهتمّ بأن نجعلها تحسّ أن لا شيء يجعلها مقدَّرة سوى أن تظهر محتشمة ومتحفّظة".
نحن نفهم ما قالته 1تم 2: 9- 10، لأننا في مدينة كأفسس اشتهرت بالصاغة فيها. ونقابل هذا النصّ مع ما قاله بطرس للمسيحيّات، حين جعل أمامهنّ سارة قدوة: الزينة الحقّة زينة القلب (1بط 3: 2- 6). أما 1تم فتشدّد على الأعمال الصالحة التي تقوم بها امرأة فاضلة، من تربية الأولاد والضيافة والاحسان (تم 5: 10).
ونصل إلى الأرامل. طُرحت أسئلة عديدة في هذا الشأن. لهذا توسّع الكاتب في هذا الموضوع. إذا جعلنا جانبًا أع 9: 39- 41، فإن 1تم 5: 3- 6 هو النصّ الوحيد في العهد الجديد، الذي يتحدّث عن مثل هذا التجمّع. وستكتمل معلوماتُنا في هذا الشأن حين نقرأ نصوص الآباء الرسوليين.
إن وجود هذه المجموعة أمر لا جدال فيه بالنسبة إلى الرسائل الرعائيّة، وهو يتجاوب مع حاجة اجتماعيّة (أع 6: 1). فالأرامل ينلن مساعدة من الجماعة (آ 16). وحين صارت الواجبات ثقيلة، ميّز الرسول بين أرامل حقيقيات (لا معين لهنّ) وأرامل يمكن أن تعيلهنّ أسرتهن. تتوجّه التعليمات أولاً إلى أولاد هؤلاء الأرامل وإلى أحفادهنّ (آ 4)، بل إلى جميع أقاربهنّ (آ 16). والأرملة الحقيقّة التي تشهد لها الجماعة، بعد أن ترى التزامها (آ 12)، تعيش حياة الصلاة، في خطّ حنّة البنيّة (لو 2: 27). وسيقول بوليكربوس إن الأرامل هنّ مذبح الله.
تقدّم لنا هذه التوجيهاتُ لوحة من حياة ربّة بيت قريبة ممّا في أم 31، حيث يحتلّ الاحسان مكانة بارزة. هذا يعني أن المزايا العائليّة، في الرسائل الرعائيّة، لا تسجن المرأة داخل البيت، بل تفتحها على الحياة الاجتماعيّة. ولكن الكاتب سيكون قاسيًا تجاه الأرامل الصبايا وحياتهنّ المضطربة. هذا ما يدلّ على خبرة نجد آثارها في 2تم 3: 6 (نساء ضعيفات، مثقلات بالخطايا، منقادات لكل أنواع الشهوات). نشير إلى أن بولس كان قد نصح الأرامل بأن يبقين في حالتهنّ (1كور 7: 40). أما هنا، فهو يأمرهنّ بأن يتزوجنّ وينجبن أولادًا. هي الخبرة علّمته أن يحذر تقوى عاطفيّة تشتعل بسرعة وتخبو بسرعة.

2- دراسة النصّ
بعد النقد النصوصي، نقسم 5: 1- 16 أربعة أقسام: شيوخ وشبّان (آ 1- 2). أرملة وأرملة (آ 3- 8). أرملة حقيقيّة (آ 9- 10). أرامل شابات (آ 11- 16).
في آ 4، جعل افرام، تيودوريتس، الذهبيّ الفمّ صيغة المفرد (تتعلّم، ماتناناتو) مع "خيرا" (أرملة). ولكن كيف تعود الأرملة لكي تتعلّم. إذن، نحافظ على الجمع: الاولاد يتعلّمون. في آ 5، يجعل التعريف (تون) أمام "تيون" (الله) أو لا يُجعل. في آ 8، أضيف "تون" (التعريف) أمام "أوكايوي" (أهل بيته) على مثال "تون" أمام "إديون" (أقربائه). جعل السينائي (برونويتاي) بدل "برونوي" (يعتني). رج 2كور 8: 21. في آ 16، جُعلت "بستوس" بدل "بستي" (مؤمنة). وكانت امكانيتان: إباركايستو أو اباركايتو (ساعد).

أ- شيوخ وشبّان (5: 1- 2)
تقابل هذه النصائحُ رسمة معروفة في العالم الاخلاقيّ لدى اليونان، ولا سيّما إكرام الشيوخ واحترامهم. قال لا 19: 32: "قم احترامًا للأشيب، وأكرم وجه الشيوخ". ونقرأ في سي 8: ،6 9: "لا تحتقر أحدًا في شيخوخته، لأن منّا من يشيخون هم أيضًا... لا تهمل كلام الشيوخ، فهم تعلّموا من آبائهم". وقال أم 20: 29: "فخر الشباب عزيمتهم، وبهاء الشيوخ المشيب". هو مبدأ نظام وسلام في المدينة.
كان تيموتاوس شابًا (4: 12). فليأخذ ذلك بعين الاعتبار. حين يحدّث أحد الكبار، لايكون قاسيًا معه، لا يجرحه، لا يوبّخه (ابيبليو)، بل يُرشده، يعظه (باراكاليو). "من الطبيعي أن يتألّم انسان حين يوبّخ، ولا سيّما إذا كان شيخًا يوبّخه شاب. هذا الألم المثلث يخفّف بطريقة الكلام. نحن نحتاج إلى فطنة، ولكنّنا نستطيع أن ننجح" (الذهبيّ الفمّ).
يمكن أن يكون الفعلان الوحيدان في آ 1- 2، يشرفان على العلاقة مع سائر المسيحيين الذين يتميّزون بالعمر والجنس. وما يقال عن العجّز يقال عن العجائز: يُعاملن بلطف وعفاف كأنهن أمهاتنا (روم 16: 12).

ب- أرملة وأرملة (5: 3- 8)
الترمّل الجدير بهذا الاسم هو حالة سامية من الحياة المسيحية (آ 5- 8). لهذا، تكرم الكنيسة الأرامل وتعينهن. هناك ثلاث فئات: من لا معين لها. الأرملة الشابة. الأرملة التي تجاوز عمرها الستين.
أولاً: أكرم الأرامل (آ 3- 4)
كرّس بولس مقطعًا طويلاً لهذا الموضوع. فدلّ أن الأرامل كنّ كثيرات في الكنيسة التي تختلف في هذا المجال عن العالم اليونانيّ. اعتُبر الترمّل عارًا وانحطاطًا (أش 54: 4؛ رؤ 18: 7) أو لعنة (مز 109: 9). أما المسيحية فرأت أن يُكرمن (تيمان، في العبرية: ك ب د). ويتطلّع الرسول إلى فئة مميّزة من الأرامل، لهنّ وضع رسميّ في الكنيسة. كأننا أمام تنظيم شبيه بالشمّاسات. "خيرا" (الارملة). هي التي حُرمت من زوج أو أقارب. حُرمت من أي عون. مثل هؤلاء يحتجن إلى عون. ولكن أولئك اللواتي يعيلهنّ أولادهنّ وأحفادهنّ، فهنَّ لا يحتجن إلى عون من الكنيسة. وهكذا يخفّ العبء على الجماعة.
ثانيًا: الترمّل حالة سامية (آ 5- 8)
يقدّم لنا الكاتب هنا صورة رائعة عن الأرملة الكاملة، الأرملة الحقيقية. هي وحدها. ليس له من يعينها أو يدافع عنها. ليس لها سوى الله تكشف له ضيقها وتنتظر عونه. لهذا وضعت فيه كل رجائها.
مثلُ هذه الأرملة تشبه حنّة النبيّة. هي تصلّي دائمًا، فيبدو ابتهالها فعل رجاء. ولكن التي جعلت حالها مجلبة للعار، فليست بأرملة حقّة. هي تستفيد من ترمّلها لكي تعيش كما يحلو لها (آ 6). ماتت النعمة في قلبها، فما عادت تثمر. هو موت روحيّ (يع 2: 17) بالنسبة إلى الجماعة.
في آ 7- 8، نجد توصيات في ما يخصّ الأرامل وأقاربهن: على الأرملة أن تعي حالها الرفيعة المرتبطة بالانجيل، والفضائل المطلوبة منها، ولا سيّما المحبّة، إذا أرادت أن تهتمّ بها الكنيسة. بمختصر الكلام: يجب أن تكون بلا لوم. ثم على المسيحيّ أن يعين الأرملة التي في أسرته (آ 8). فهذا عدل. وباسم المحبّة يعينها، حسب قول الرسول: نحمل بعضنا أثقال بعض، وهكذا نتمّ شريعة المسيح (غل 6: 2). وهذا واجب بشكل خاص، حين تربط صلةُ القرابة بيننا وبين أرملة. فمن تنكّر لهذا الواجب، تنكّر لإيمانه: ما العلاقة بين معتقداتنا وممارساتنا؟ ما معنى محبّة الله إن لم تجد امتدادًا لها في محبّة القريب. وهكذا يبدو المسيحيّ وكأنه تنكّر لعماده، فصار خاطئًا، وبالتالي لا مؤمنًا (تي 1: 16؛ 2تم 3: 5؛ 1كور 13: 2). صار شرًا من كافر (أبستوس، 1كور 6: 6؛ 7: 12).

ج- الأرملة الحقيقيّة (5: 9- 10)
بعد أن طلب الرسول من المسيحيّين أن يُعينوا أرامل هنّ قريبات لهم، شدّد على الشروط التي تدلّ على الأرملة الحقيقيّة، لا على الأرملة المزيّفة، الكاذبة. عندئذ تأخذها الكنيسة على عاتقها، وتسجِّلها في سجلاتها (كاتالاغو). عندئذ تدخل في مجموعة مرتبطة بالكنيسة. تلتزم بعيش إيمانها. تتكرّس لخدمة المرضى والفقراء. تستفيد من إعانات تقدّمها الكنيسة.
الارملة الحقيقيّة يكون عمرها ستين سنة على الأقل. ذاك هو العمر القانوني للشيخوخة في العالم القديم. وتكون تزوّجت مرّة واحدة. يُشهد (مرتيريو) لها، يشهد بفضيلتها وأعمالها. هي سمعة صالحة تنالها بالتفاني في حياتها (3: 7، 10). أما الأعمال (ارغا) الحسنة، الصالحة (كالا) فهي الواجبات البيتيّة وأوّلها المحبّة. وأوّل واجب قامت به، هو أنها ربّت أولادها (تكنوتروفيو)، وربّت أولاد الآخرين، أي اليتامى. وهناك طريقة في استقبال الغرباء واستضافتهم. غسلت أقدام القديسين، أي المسيحيين، على مثال الربّ (يو 13: 4). إن نسيان الذات هذا، والتفاني في الخدمة، والثبات في العمل الصالح، هي مثال تتوق إليه كل أرملة لكي تكون حقًا في مجموعة الأرامل في كنيسة من الكنائس (نلاحظ أن مثل هذه الخدم، قامت بها الراهبات في الكنيسة على مدى تاريخها). قال عنها ترتليانس: »مضت تزور الإخوة في أفقر المواضع. نهضت في الليل للصلاة والمشاركة في احتفالات الكنيسة. ذهبت إلى مائدة الربّ ودخلت السجون لتقبّل قيود الشهداء، ولتسكب ماء على أقدام القديسين. إن جاء أخ غريب، هيّأت بيتها لتستضيفه".

د- أرامل شابات (5: 11- 16)
أما الأرامل الشابات (لم يصل عمرهن إلى الستين)، فيُرفضن (باراو، 4: 7؛ تي 3: 10؛ 2تم 2: 23). وهذا ما يعارض "كاتالاغو". قد تتحمّس أرملة شابّة فتودّ التكرّس للرب. ولكن حماسها لا يدوم طويلاً، وهي من تحبّ الحياة. هي نبتة رخصة تخنقُها الأشواك فتمنعها من الثمر (مت 13: 7، 22).
في هذه الظروف التي تتحقّق، لا يكون تيموتاوس فطنًا إن هو قبلَ التزامَها. فهي جديدة. لم تتمرّس بعد على الفضيلة. هي كشمّاس جاء حديثًا إلى الايمان. تنقض عهدها (بستيس) والتزامها بخدمة الربّ في الترمّل وخدمة الفقراء، مع وعد بأن لا تتزوّج.
والخيانة للمسيح (آ 13) تجرّ وراءها عددًا من الخطايا. فمثلُ هذه الأرملة الشابّة لا تستطيع أن تضع حدًا لرغبتها فتستلم للسخافات أو النميمة. وهذا سبب آخر يمنع من تسجيلها مع الأرامل. لم يعد لها بيت تديره، ولا أولاد تهتمّ بهم. لا تتكرّس للصلاة، لأن قلبها بعيد. كل هذا يجعل هذه المرأة التي لا عمل لها، تقيم في الكسل والتراخي.
وجاءت توصية الرسول (آ 14): الأرملة الشابّة تتزوّج، يكون له أولاد وبيت (أويكودسبوتيو). وهذه الاهتمامات العائليّة تناقض البطالة وتكون دواء لعقليّات خفيفة. ليس الزواج المثال (آ 3)، ولكنه شرّ أقلّ، كما قال الذهبيّ الفمّ: فحياة عائليّة طبيعيّة تضع حدًا لكل كلام.
وانطلق الكاتب من الواقع المؤلم، فاتّخذ مثل هذا الإجراء القاسي. ضلّت هؤلاء النساء. استسلمن للشيطان. أما الدعوة المسيحيّة فاتّباع يسوع (مت 16: 24). وبعد هذه الصورة السوداء، يعود الكاتب إلى من يهتمّ بالأرامل: مؤمنة أو مؤمن. هكذا نخفّف عن الكنيسة التي تستطيع أن تتفرّغ للأرامل اللواتي هنّ حقًا أرامل.

3- قراءة إجماليّة
أشارت نهاية ف 4 إلى "سامعين" (آ 16)، ففتحت الطريق للكلام عن مختلف فئات المؤمنين الذين نجدهم في أفسس. يتطلّع بولس تارة إلى العمر (5: 1- 2)، وطورًا إلى الوضع العائليّ (5: 4) أو إلى الوظيفة الكنسيّة (5: 17) أو الحالة الاجتماعيّة (6: 1- 2) أو الاقتصاديّة (6: 9- 10). ويقطع التوسّع استطراداتٌ فيها هجوم على المعلّمين الضّالين (6: 3، 5)، أو استحلاف علنيّ لتيموتاوس (6: 11- 16): يا رجل الله، تجنّب هذا كله.
ويأتي 5: 1- 2 كتطبيق لمبدأ عام: كنيسة الله عائلة. نصبح عضوًا فيها بالايمان بالمسيح. إذن، صورة العائلة ستكون نموذجًا للعلاقات بين المسيحيين. لينظر تيموتاوس إلى الشيخ كأنه والده، وإلى العجوز كأنها أمه. وإن فرض عليه واجبه الرعائيّ أن يأخذ بعض الاجراءات، فليكن بلطف واحترام. هو شاب، فليراع الشيوخ. ومع الشبّان يكون لهم كأخ، مع التحفّظ اللازم.
ونصل إلى الأرامل (آ 3- 16). هناك فئتان من الأرامل: من لا معيل لهنّ (آ 3، 8، 16)، فتأخذهنّ الكنيسة على عاتقها. واللواتي يُردن التكرّس للرب على مثال الشماسات (آ 9، 15). إن مضمون آ 9- 15 يلتقي مع ما يطلبه بولس من الأسقف والشماس. ثم، لماذا لا نعين امرأة عمرها أقلّ من ستين سنة؟ فالحاجة لا ترتبط بالعمر. ثالثًا: لماذا نرفض مساعدة امرأة تزوّجت رجلين وماتا؟ فالزواج مرّة ثانية ليس ممنوعًا (آ 14). أخيرًا، كيف نفهم آ 12 سوى أنها قرار يتّخذه انسان يريد أن يتكرّس لله؟ ولكن مثل هذا القرار ليس شرطًا ضروريًا للحصول على مساعدة.
تتحدّث آ 3- 8 عن مساعدة الأرامل اللواتي يحتجن إلى مال من أجل حياتهنّ. فمن كانت لهنّ أولاد وأطفال لا يساعَدن. والفئة الاولى تنتظر صدقة من الجماعة. تتّكل على الله الذي يعينها فيُلهم من يستطيع ذلك. ولكن جميع الأرامل لسن فاضلات. بعضهن يعشن حياة الملذّات. وفي النهاية، يعود الكاتب فيذكّر المؤمنين بواجباتهم تجاه أراملهم.
بعد آ 9، نكون أمام فئة أخرى من الأرامل (لا نتكلّم عن المساعدة) يقبلن بوظائف الخدمة في الجماعة. هنّ في مجموعة تفرض شروطها: عمر الأرملة ستون وما فوق، على ما يقول القدماء. تزوّجت مرّة واحدة. دلّت على تفانيها. تمتّعت بسمعة حسنة لما فعلت من أعمال صالحة. ولكن لماذا نقف عند الستين؟ إن أرادت أرملة شابّة أن تكرّس نفسها للربّ، فقد تكون أرادتها عابرة. فتحاول أن تتزوّج مرّة ثانية وتترك جماعة انتمت إليها. والخطر الثاني: لا مهمّة عائليّة للأرملة الشابّة، فتدور من بيت إلى بيت في الثرثرة والكلام غير اللائق. لهذا، قال الرسول: الأرملة الشابة تتزوّج. هكذا لن يكون للعدوّ مناسبة احتقار الايمان المسيحيّ. لن تكون شكوك. العدوّ هو إبليس في معنى أول. وهو يعمل بواسطة البشر، بالذين يهاجمون الانجيل فيستعدّون دومًا لأن يستغلّوا الشكوك في الكنيسة. لهذا قال بولس في 1كور 5: 13: "أزيلوا الفاسد من بينكم".

الخاتمة
منذ البداية، عرفت الكنيسة الأرامل، وصعوبة التصرّف إزائهنّ. ففي أع 6: 1ي، كادت تنقسم الكنيسة بسبب توزيع الاعانات على العنصر اليوناني والعنصر العبراني. وطُرحت المسألة على بولس منذ الرسالة الأولى إلى كورنتوس. فوضعُ الأرملة دقيق، على مستوى عمرها وحياتها، وعلى مستوى دورها الذي لم يكن محدّدًا. ثم إن التفاني في أعمال المحبّة لا يحلّ محلّ النظام والفضائل التي يجب ممارستها. فهناك الانتقادات والظنون والحسد. فماذا يفعل تيموتاوس؟ سأل بولس، فجاءته التعليمات: من نساعد ومن لا نساعد. أما يكون العبء ثقيلاً إذا كثر عدد الأرامل؟ يبقى على تيموتاوس أن يعرف كيف يدبّر كنيسة الله، على مثال الأسقف الذي لا يُختار إلاّ إذا عرف كيف يدبّر بيته. ولكن بولس سيجيء إليه (4: 13). يشجّعه. يعطيه النصح. يرافقه في مسيرة كنيسة فتيّة تبحث عن طرق تنظّم فيها حياتها بحيث تكون نورًا للأمم، فلا ينالها لوم من العالم الوثنيّ المحيط بها.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM