الفصل الحادي عشر أزمة الكهنوت الهاروني ودماره

الفصل الحادي عشر
أزمة الكهنوت الهاروني ودماره

ندخل هنا أولاً في حقبة تاريخيّة تبدأ مع السلوقيين وتصل إلى رومة. أما الأزمة فكانت مع انطيوخس أبيفانيوس (175-164) حين تدخّل في سلسلة صادوق التي اعتبرها اليهود بلا انقطاع منذ هارون، فبدّل عظماء الكهنة. نشير هنا إلى أن لائحة عظماء الكهنة التي تلي نح 12: 1- 11 (تصل إلى القرن الرابع) نجدها عند يوسيفوس في "العاديات اليهوديّة" (11: 347؛ 12: 241)، الذي يوصلنا إلى منلاوس (171-163 ق م). والكهنوت الذي لعب دورًا هامًا في قلب الأمة اليهودية، منذ المنفى، لن يقوم من عثرته هذه حتى دماره سنة 70 ب م.
1 - من أنطيوخس الثالث إلى الثورة المكابيّة
كانت سورية ولبنان وفلسطين خاضعة للبطالسة وظلّت كذلك حتى نهاية القرن الثالث ق.م. حاول أنطيوخس الثالث أن يدخل إليها، ولكنه لم يستطع أن يغلب بطليموس الرابع فيلوباتور في رافيا. سنة 200 ق م، هاجم أنطيوخس مصر وقهر القائد سكوباس في بانيون. استقبلت أورشليم الملك الظافر، فمنحها أنطيوخس وضعًا مميَّزًا نعرفه من يوسيفوس. اعترف باليهود كإثنية وشعب. راعى شرائعهم. سمح بالعمل العادي في الهيكل، كما شجّع على إكمال بنائه. وجاءت إعفاءات هامّة من الضرائب أتاحت للسكان استعادة أنفاسهم بعد الحرب. وهكذا أعاد قرار أنطيوخس بشكل عملي الوضع الذي منحه ارتحششتا الفارسيّ لليهود. فمحا أثر الإدارة اللاجيّة المصرية التي دلّت على طمعها وجشعها.
أ - فساد الوضع
كان حدث هليودورس (2مك 3) أول علامة لفساد جوّ السلام الذي حلّ في البلاد بعد ذاك القرار. فالمسائل الماليّة وتقديرات ما في خزانة الهيكل من مال، كانت في قلب هذا الحدث الذي سيجعل وجهًا لوجه عظيم الكهنة أونيا الثالث إبن سمعان الثاني، وسلوقس الرابع الملك السلوقيّ. فبعد هزيمة أنطيوخس الثالث في مغنيزية سنة 189، فرض الرومان على السلوقيين جزية باهظة. فوجب عليهم أن يجدوا المال الضروريّ. فأرسل سلوقس الرابع (187-175)، خلف أنطيوخس الثالث، هليودورس إلى أورشليم، ليرى ماذا يستطيع أن يأخذ من الهيكل. مهما يكن من أمر، خسر أونيا رئاسة الكهنوت على أثر هذا الحادث. دُعي إلى أنطاكية فذهب وما عاد منها. وبعد أن قتل هليودورس سلوقس الرابع، رفع أنطيوخس الرابع ياسون (أي يشوع في العبرية)، شقيق أونيا، إلى رئاسة الكهنوت. وحسب 2مك، نال ياسون الوظيفة بعد أن وعد انطيوخس بأربعمئة وعشرين وزنة. وبدأ العمل المشترك بين ياسون وأنطيوخس "اليوناني" (2مك 4: 7 ي). أما أونيا فلجأ إلى معبد دفنة قرب أنطاكية.
ب- أسباب الأزمة
هي أسباب هامة، ونحن نشير إلى ثلاث وجهات فيها.
أولاً: شرعية الكهنوت الصادوقي
خسرت السلالة الصادوقيّة في هذه الأزمة رئاسة الكهنوت والدور الرفيع الذي كانت لعبته حتى الآن في المجتمع اليهودي. وحين قبل ياسون بأن يعيّنه ملك غريب، دشّن مسيرة خضوع الكهنوت للسلطة، وهذا ما لم يحدث منذ المنفى، ولن يستطيع الكهنة بعده أن يتخلّصوا منه. كان شقيقَ أونيا، ولهذا استطاع الناس أن يصدّقوا بعدُ أنهم ما زالوا في الشرعيّة الصادوقيّة. ولكن الجميع فهموا أن وظيفته مغتصبة. وفي أي حال لم ينعم بها طويلاً لأن أنطيوخس أحلّ محلّه منلاوس (سنة 171) بعد ثلاث سنوات من الكهنوت. كان منلاوس من فرقة بلجه، وكان اسمه أونيا (حسب يوسيفوس) وكان شقيق أونيا الثالث. ولكن لا يعقل أن يكون لسمعان الثاني ولدان يحملان الاسم الواحد. لهذا يبدو أن يوسفوس أراد أن يطمس لاشرعيّة منلاوس فربطه بالاونياويّين.
عُزل ياسون ولكنه ظلّ حاضرًا في الساحة. سنة 169 انتشر الخبر بأن أنطيوخس مات في مصر خلال حملة قام بها هناك. فتوصّل ياسون إلى احتلال أورشليم وطرد منلاوس الذي أجبر على اللجوء إلى القلعة (أكرا). حسب 2 مك 5، ظنّ أنطيوخس في الأمر ثورة فعاد من مصر ليعاقب بقسوة هذا الانقلاب. ويقول يوسيفوس إن الطوبيائيين ساندوا منلاوس في دفاعه عن أنطيوخس، ساعة راح ياسون في خطّ اللاجيين (أو بطالسة مصر). قُمعت ثورة ياسون فذهب إلى مصر (2مك 5: 8).
أمّا منلاوس فقدّم لانطيوخس الرابع 300 وزنة زيادة عن ياسون (2 مك 4: 23- 24)، وهكذا سارت رئاسة الكهنوت من انحطاط إلى انحطاط. ففي عهده تعرّض وضع اليهود لخطر كبير: قام الملك باضطهاد حقيقيّ. فأوقف في خريف سنة 167 شعائر العبادة (ستعود سنة 164) وبنى مذابح في مدن يهوذا. ومنع الختان والسبت تحت طائلة الموت. وعلى المستوى السياسيّ لم يعد لمنلاوس من سلطة. كان سقراط، الوالي اليوناني، يقيم في أورشليم ويقدّم له كل يوم طلبات جديدة حول الضرائب. كان يقيم في "الاكرا" وهي قلعة بُنيت تجاه الهيكل، فرمزت إلى نهاية كل استقلال سياسيّ (2مك 4: 27- 28).
أعدم منلاوس سنة 163 بأمر من انطيوخس الرابع أوبوتار الذي سمع نصيحة مربّيه ليسياس. فثورة الكاهن متتيا التي ما استطاع أن يتجنّبها، أفقدته كل ثقة لدى السلوقيين. فخلفه باكيد (الكيمس) سنة 163 واعتُبر بحسب 1مك 7:14 "كاهنًا من نسل هارون". وسمّاه يوسيفوس من نسل هارون (العاديات 20: 235). وقال: لم يكن من عائلة عظماء الكهنة (العاديات12: 384). وضع الناس فيه آمالهم ولكنه لم يفعل شيئًا. أغوى الحسيديم (جماعة الاتقياء) وقتل ستين واحدًا منهم في يوم واحد. وحارب لكي يجعل الناس يعترفون برئاسة كهنوته التي منحه إياها ديمتريوس الاول (1مك 7). أما تصرّفه تجاه يهوذا المكابي فكان مشينًا (2مك14). مات سنة 159. وظلّت البلاد بدون عظيم كهنة حتى سنة 152.
ثانيًا: انشقاق أونيا الرابع
نفّذ عملاء منلاوس حكم الإعدام بأونيا الثالث سنة 170. فلجأ ابنه أونيا الرابع إلى مصر حيث سمح له بطليموس الرابع فيلوميتور، ببناء هيكل في ليونتوبوليس، في مقاطعة هليوبوليس، على ثمانين غلوة من ممفيس. قال عنه يوسيفوس: أسّس مدينة صغيرة على غرار أورشليم، وهيكلاً يشبه الهيكل الآخر. وما ساعد هذه المحاولة هو بغض بطليموس لانطيوخس. قال يوسيفوس: "قدّم له (= أونيا) الملك مقاطعة مع مداخيل بحيث لا ينقص الكهنة شيء وتؤمّن بسخاء حاجات العبادة" (الحرب 7: 43). فتوجّه عدد من اليهود المصريين إلى ليونتوبوليس، وهم مقتنعون، شأنهم شأن أونيا الرابع، أن الهيكل الشرعي هو في مصر. ولما نجّس أنطيوخس الهيكل، وجد هؤلاء برهانًا آخر في خط أونيا الرابع: الهيكل الحقيقيّ هو حيث ممثّل الكهنوت الهاروني ولو في أرض وثنيّة. ظلّ هذا الهيكل قائمًا حتى سنة 73 ب م. أغلقه لوبوس، حاكم الإسكندرية. وهكذا يكون قد دام هيكل ليونتوبوليس 243 سنة.
ثالثًا: "المسالة اليونانيّة"
في أيام ياسون ومنلاوس، أخذ بعض اليهود يتعاملون مع السلطة السلوقيّة. انجذبوا إلى شكل حياة "يوناني" على مستوى اللغة واللباس... وهكذا انقسم المجتمع اليهوديّ. "فالأبناء المتجاوزون للشريعة" دعوا إخوتهم ليتعاقدوا مع الأمم، "لأننا منذ انفصلنا عنهم أصابتنا شرور كثيرة" (1مك 1: 11). هذه السياسة بما فيها من تقارب ثقافيّ، نادى بها بعضُ الذين عارضوا متتيا (تبعه الحسيديم) الذي قام بثورته. ولكن بعد الثورة، ستعود "المسألة اليونانيّة" إلى الواجهة مع السلالة الحشمونيّة وعظماء كهنتها.
2 - الثورة المكابية (167-143)
ارتبطت بداية الانقلاب بثورة الكاهن متتيا من فرقة يوياريب والمقيم في مودين (1مك2). رفض أن يذبح بحسب "الطقس اليوناني"، فهرب مع أبنائه إلى الجبال، بعد أن ذبح يهوديًا، وقتل موفد الملك، ودمّر المذبح. حسب 1مك، عملُ متتيا هذا يجعله في تقليد "الغيرة على الشريعة" على صورة الكاهن فنحاس (ابن ألعازر ابن هارون، عد 25: 7). وانضم الحسيديم (= الاتقياء) إلى المتمردين. ولما مات متتيا، خلفه ابنه يهوذا على رأس التمرّد.
انتصرت فرق يهوذا انتصارات سهلة بسبب انشغال انطيوخس في موضع آخر (1مك 3: 27ي). وقادت هذه الانتصارات إلى احتلال الهيكل. بنى يهوذا ورجاله مذبح محرقات جديدًا، ودُشّن وسط فرح شعبيّ عارم في 25 كسلو (14ك 1، 164). وأورد 2مك 11 رسالتي انطيوخس الرابع ومربّيه ليسياس، اللتين قادتا إلى الاتفاق التالي: يمنح انطيوخس الامان للذين يتخلّون عن أسلحتهم قبل الثلاثين من شهر كسانتيك (شباط - أذار 164). ويسمح أيضًا لليهود بأن يمارسوا شرائعهم ويرسل منلاوس الذي رأى في هذا الإرسال مناسبة التدخّل من أجل التهدئة (2مك 11: 32). وكانت رسالة ليسياس هي أيضًا في خطّ التهدئة. ومجمل القول، اعترف الملك السلوقي بحريّة العبادة، وبالحقّ بشرائع خاصة محافظة على السلطة السياسيّة. أعاد الهيكل ولكنه احتفظ بالقلعة (أكرا).
هذا الفصل بين السلطة الدينيّة والسلطة السياسيّة كان كافيًا بالنسبة إلى الحسيديم. أما يهوذا فرفضه، وذهب إلى أدومية، ثم إلى الجليل، ليدافع عن الاقليات اليهوديّة المهدّدة في وجودها. في أورشليم هاجم القلعة. وبعد معركة بيت زكريا (سنة 163) وما تلاها، لم يقطع انطيوخس الخامس العلاقات مع اليهود. بل اعترف بخصائصهم (1مك 6: 55ي؛ 2مك 13: 18). بل قدّم ذبيحة في الهيكل (2مك13: 23). أما يهوذا فظلّ يحارب حتى موته سنة 160، ساعة كان ديمتريوس الاول ملكًا في انطاكية.
فخلفه أخوه يوناتان (160-143) الذي نال من اسكندر بالاس لقب عظيم كهنة (سنة 152). وما نال يهوذا هذا اللقب، لأن عظماء الكهنة ظلوّا يتعاقبون حتى موته. وآخرهم الكيمس الذي توفّي سنة 159، وما حلّ أحد محلّه، وهذا يعني أن النظم الدينيّة لم تكن مهمّة في نظر الملك. حين أخذ يوناتان رئاسة الكهنوت (1مك10: 17- 21)، لم يتخلّ عن وظائفه السياسيّة. بل استفاد من الخلاف بين ديمتريوس الاول والمغتصب اسكندر بالاس ليوسّع أرضه ويوطّد سلطانه. ونال أيضًا من بالاس لقب القائد والحاكم. سُجّل بين "أول أصدقاء الملك" (1مك 10: 65). وهكذا وُضعت أسس السلالة الحشمونيّة التي ستجمع السلطان السياسيّ إلى الكهنوت.
هنا نشير إلى أن جماعة قمران انطلقت ساعة عيّن بالاس يوناتان رئيس كهنة. في ذلك الوقت دُوّن "نظامُ الجماعة" تدوينًا أول، وتُرك الكلندار (= الروزنامة) الليتورجي التقليديّ في أورشليم، على حساب الكلندار الشمسي والقمري كما في العالم الهلنستي.
مهما يكن من أمر الزمن الذي فيه تكوّنت أول مجموعة قمرانيّة، نودّ أن نشدّد على الرباط بين جماعة قمران (أو: الاسيانيين) والحسيديم الذين نعرف تعلّقهم بأونيا الثالث والشرعيّة الصادوقيّة. وقال بعضهم إن الحركة القمرانيّة استندت إلى منظمات قديمة من الحسيديم. لا شكّ في أن معلّم البرّ كان من سلالة كهنوتيّة رفيعة. لهذا، فالعلاقات بين جماعته والسلالة الحشمونيّة لا يمكن إلاّ أن تكون نزاعًا حتى الموت.
3 - السلالة الحشمونيّة (143 -63 ق م)
أ- سمعان (143-134)
مع سمعان تحرّرت البلاد من النير السلوقي. فالذي جمع في شخصه ألقاب "عظم الكهنة، القائد، ورئيس اليهود" (1مك 3: 41- 42)، أكمل العمل الذي بدأ به أخوه يوناتان. فالخلافات داخل العائلة الحاكمة والضعف العام في المملكة السلوقيّة، ساعدت على العودة إلى استقلال سياسيّ وديني في اليهودية (يهودا). أما القوة الرومانية فحافظت على حياد الرضى، بعد أن سمّت اليهود "الأصدقاء، والحلفاء والاخوة" (1مك 14: 40). مع سمعان صارت السلطتان السياسيّة والدينيّة في يد شخص واحد. وأقرّ له اليهود والكهنة بمسؤولية المعبد، والأشغال العامة، والادارة والجيش. لم يُلفظ اسم "ملك" (سيكون ذلك مع أرسطوبولس)، ولكن بداية سلالة ملكيّة كانت هنا، لأن حدًا زمنيًا لم يُفرَضْ على ممارسة هذه السلطات، وأن سمعان اعتُرف به "رئيسًا وعظيم كهنة إلى الأبد، حتى يقوم نبيّ أمين" (1مك 14: 41).
ب- من يوحنا هركانس إلى ارسطوبولس الثاني (143- 63 ق م)
إن سياسة التوسّع التي أخذ بها يوحنا هركانس، ساعدت على توطيد السلطة الحشمونيّة، فكان ملكه من هذا القبيل حاسمًا. ولكن ظهرت الصعوبات الداخليّة، مثل الأزمة التي انتهت بالقطيعة مع الفريسيين. نلاحظ، حسب يوسيفوس، هجوم العازر الفريسي على تصرّف هركانس كعظيم كهنة. طلب منه أن يترك رئاسة الكهنوت ويكتفي بالحكم. لن نتكلّم عن السبب (كانت أمّه سبيّة عند انطيوخس إبيفانيوس) الذي كان خاطئًا، ولكن نقول إن القطيعة تمّت. عند ذاك ترك هركانس الفريسيين وتحالف مع الصادوقيين (العاديات 13: 289- 296).
لما مات هركانس ترك لارسطوبولس الأول (104-103) مهمّة رئاسة الكهنوت، واحتفظ بالسلطة الزمنيّة لامرأته. ولكن الفصل بين السلطتين لم يدم طويلاً. كان أرسطوبولس متعطشًا إلى السلطة، فقتل أمّه ثم شقيقه أنطيغونيس، وأخذ لقب ملك (العاديات 13: 301- 319: الحرب اليهودية 1: 70- 84). يبدو أن أرسطوبولس صكّ نقودًا ليدلّ على سلطته: "يهوذا (= الاسم اليهودي لأرسطوبولس) عظيم الكهنة (ح ب ر) ومجتمع اليهود".
في أيام الاسكندر ينا (103-76) كان الاضطهاد ضدّ الفريسيين عنيفًا. فينا الذي اعتبره يوسيفوس صادوقيًا، شأنه شأن هركانس، وجد أمامه حزبًا فريسيًا منظّمًا ينمو نفوذُه شيئًا فشيئًا لدى الشعب. فكانت الحرب الأهليّة. ولكن ينا نصح امرأته عند فراش الموت بالمصالحة مع الفريسيين. نشير إلى أن ينا صكّ نقودًا تحمل اسمه ولقبه كملك في العبريّة وفي اليونانيّة. "يوناتان (الاسم العبري لينا) عظيم الكهنة ومجتمع اليهود".
لم يكن للملكة اسكندارة صالومة لقب عظيم كهنة (لأنها امرأة)، فكان بكرها هركانس الثاني عظيم الكهنة. تميّز حكم اسكندارة بتأثير متزايد للفريسيين الذين عرفوا أن يحكموا عنها، واستفادوا من نفوذهم ليخفّفوا من نفود الكهنة لدى الشعب. غير أن الكهنة احتفظوا بدور هام في مجال القضاء. في الواقع، جاء الخطر على اسكندارة من الصادوقيين. فارسطوبولس، ابن الملكة، قام على رأسهم وبدأ تمرّدا في نهاية حياة أمّه. حين توُفّيت طلب لنفسه لقبي الملك وعظيم الكهنة اللذين يعودان إلى أخيه هركانس الثاني الذي كان عظيم كهنة منذ موت والده اسكندرينا سنة 76، وصار ملكًا حين ماتت أمه اسكندارة سنة 67ق م.
4 - الحقبة الرومانيّة: من سقوط أورشليم (73 ق م) حتى سقوط الهيكل (70ب م)
كان ارسطوبولس آخر الحشمونيين الذين كانوا عظماء كهنة وملوكًا. فدخول الرومان على مسرح الشرق، دلَّ على نهاية السلالة الحشمونيّة. احتل بومبيوس الروماني أورشليم سنة 63. دخل إلى قدس الأقداس ولكنه لم يسلب الهيكل. بل عمل على إعادة الليتورجيا إلى ما كانت عليه. أما على المستوى السياسي فكانت نهاية الاستقلال الذي وصل إليه الحشمونيون في حربهم مع السلوقيين. حين استعاد هركانس الثاني السلطة التي عارضه فيها أخوه، لم يبق له سوى مملكة مبتورة. خسر لقب ملك، وصار "اتنارخوس" (واليًا) وعظيم كهنة. ما عاد يستطيع أن يمارس سلطته إلاّ في الخضوع لرومة. أما أرسطوبولس، آخر ملك حشموني ورئيس كهنة، فقد كان أسيرًا في موكب بومبيوس الداخل إلى رومة.
بواسطة هركانس الثاني الذي كان شخصًا ضعيفًا، وبفضل مستشاره القوي انتيباتر المتعاطف مع رومة، رأى الرومان أن مصالحهم توطّدت في الشرق. وكانت حرب بين قيصر وبومبيوس، خرج فيها قيصر منتصرًا. فترك لهركانس الثاني لقبي اتنارخوس وعظيم كهنة. أما انتيباتر فصار رئيس مقاطعة اليهودية، وواصل عمله مهيئًا الطريق لابنيه فسائيل وهيرودس.
أ- هيرودس والكهنوت
اعترفت رومة (مجلس الشيوخ) بهيرودس ملكًا سنة 40. ولكنه احتاج ثلاث سنوات ليحتلّ مملكته. في أورشليم كان المالك انطيغونيس بمساندة الفراتيين. شوّه هركانس الثاني (أسيره) ليجعله غير جدير بالكهنوت. ساعدت رومة هيرودس فاحتلّ أورشليم سنة 37 ق م. وأعدم انطيغونيس.
بما أن هيرودس كان ادوميًا، فما كان له أن يطمح إلى رئاسة الكهنوت. وإذ لم يرَ فائدة من أن يعيد إلى السلالة الحشمونيّة قوّتها، سمّى عظيم كهنة حنانئيل وهو يهوديّ من بابل. وفي الوقت عينه تزوّج مريمة الحشمونيّة، فضمّ إليه محازبي السلالة. سمّى سبعة كهنة، ولم يكن منهم إلا حشمونيّ واحد هو أرسطوبولس الثالث، شقيق مريمة (العاديات 20: 249) الذي حلّ محل حنانئيل في بداية سنة 35. وكانت اسكندارة، أم مريمة وارسطوبولس، هي سبب هذه التسمية. فقد ربحت ودّ كليوبترة السابعة (اشتهرت بعلاقتها مع يوليوس قيصر)، فرأت هنا مناسبة لإعادة بعض الوهج إلى الحشمونيين. كان ارسطوبولس فتى ابن 17 سنة فكان ضحيّة الصراعات بين هيرودس، والسلالة الحشمونيّة. كان الملك قد هتف له في عيد المظال، ولكنه مات غرقًا بأمر الملك في حوض ماء في أريحا (العاديات 15: 50- 61؛ 20: 248؛ الحرب1: 435- 437). فكان هذا الغرق للسلالة الحشمونيّة بداية تصفية ستقود الملك للاستغناء عن امرأته مريمة سنة 29 وحماته اسكنداره سنة 28. وبين ضحاياه كان هركانس الثاني (سنة30) جدّ مريمة الذي قطع له أنطيغونيس أذنيه ليجعله غير جدير بالكهنوت.
وإليك لائحة بعظماء الكهنة الذين سمّاهم هيرودس في أيامه: حنانئيل (37- 36، ثم 34 بعد موت ارسطوبولس). ارسطوبولس الثالث (35). يشوع بن فيابي (؟-23). سمعان بن بوئيتوس (23-6). متيا بن تيوفيلوس (6-5). يوسف بن إلاّم (يومًا واحدًا). يوعازر بن بوئيتوس (5-4 ق م).
إن العدد الكبير من عظماء الكهنة الذين سمّاهم هيرودس (نشير إلى أنه خلال الحقبة الحشمونيّة التي امتدّت بـ 115 سنة، كان هناك فقط ثمانية كهنة)، يكشف عن عواطف هيرودس تجاه رئاسة الكهنوت. أراد لهذه الوظيفة أن لا تهدّد العرش. واتخذ كل الإجراءات من أجل ذلك. فلا الصادوقيون الذين كانوا في ليونتوبوليس، ولا الحشمونيون (ماعدا أرسطوبولس الثالث) الذين مارسوا هذه الوظيفة تمثّلوا بين الذين سمّاهم عظماء كهنة. بين هؤلاء الكهنة، وحده سمعان بن بوئيتوس ظلّ مدة طويلة في مهمّته. كان والد مريمة (وهي غير الأميرة الحشمونيّة التي تزوجها) من عائلة جاءت من الإسكندرية. وصار منها ثماني رؤساء كهنة فيما بعد. حين جُعل سمعان رئيس كهنة لم يرضَ الفريسيون، كما لم يرضَ الصادوقيون الذين ظلّوا أمناء للحشمونيين. استاؤوا من صعود عائلة تجعلها ثقافتها الهلينيّة قريبة من الملك. ولكن هيرودس كان من القوّة بحيث فرض نظرته على الكهنوت. وجعل من السنهدرين، أو المجلس الأعلى، وسيلة لا قوام لها في يده.
ب- أمراء هيروديون وولاة رومان
وتواصلت سياسة وضع اليد على رئاسة الكهنوت مع خلفاء هيرودس ومع الولاة الرومانيين. كانوا يحفظون لباس عظيم الكهنة في قلعة أنطونيا، علامة على خضوع السلطة الدينيّة للسلطة المدنيّة، ولا يعطونه إلا في وقت العيد. وصدر قرار عن الإمبراطور كلوديوس بعد وساطة من اغريبا الثاني، فوضع حدًا لهذه الممارسة سنة 45 ب م (العاديات 17: 9ي؛ 20: 6ي). وإذا وضعنا جانبًا أغريبا الأول الذي كان ملكًا، فالأمراء الهيروديّون لا يمثلّون حقًا الشعب اليهوديّ. لهذا حاولوا كل مرة استطاعوا، أن يضعوا يدهم على شعائر العبادة. فقد طلب هيرودس الخلقيسي (أي من عنجر في لبنان ) من كلوديوس السلطة على الهيكل بشكل حق وراِثيّ. فنال اغريبا الثاني سنة 48 هذه السلطة. ومن سنة 59 إلى سنة 67، بدّل ستة رؤساء كهنة في ثماني سنين.
أما الولاة الذين حكموا اليهودية من سنة 6 إلى سنة 41، والذين حكموا مقاطعة أوسع من سنة 44 إلى سنة 66، فتدخّلوا مرارًا في الأمور السياسيّة والدينيّة. بعضهم أُجبر على تبرير موقفه فنال عقوبات صارمة. وكانت علاقاتهم علاقات صراع مع عظماء الكهنة، وما تردّدوا في عزلهم.
توسّع يوسيفوس في اختيار فاني في كتابه الحرب اليهودية (4: 147- 160). فالذين سمّوا نفوسهم "الغيورين" عزموا على تسمية رئيس الكهنة بالقرعة، راجعين إلى عادة قديمة، ومعتبرين أن الأمر كان هكذا في الماضي. وهكذا سحبوا كل سلطة من العائلات التي كان رؤساء الكهنة يختارون منها، وجاؤوا بقبيلة كهنوتيّة اسمها انياحيم لتلقي القرعة. فاختير فاني إبن صموئيل من قرية افتيا. كان رجلاً أمّيًا، وما كان يعلم ما تعني هذه الوظيفة التي تلقّاها. هذه القبيلة الكهنوتيّة التي اختارها الغيورون، خرجت من عائلة صادوقيّة شرعيّة أعطت عظماء كهنة في أورشليم حتى سنة 172، ثم في ليونتوبوليس بعد ذلك. وهكذا عارض يرامياس العائلات الكهنوتيّة الشرعيّة (الصادوقيّة) والعائلات اللاشرعيّة. حُرمت الأولى من أي تأثير سياسيّ حقيقيّ، وما نالت من يمثّلها بين سنة 37 ق م وسنة 70 ب م سوى شخصين: حنانئيل وفاني. ولكن الوجدان الشعبي جعلها فوق العائلات الكهنوتيّة اللاشرعية صاحبة التأثير الواسع. فهذه نالت 25 رئيس كهنة من أصل 28 في تلك الحقبة عينها (نجعل جانبًا حنانئيل وفاني والحشموني ارسطوبولس). فالعائلات التي جاءت من الخارج أو من الريف، فكوّنت طبقة جديدة وقويّة، تميّزت منها أربع عائلات: بوئيتوس (8 رؤساء كهنة). فيابي (ثلاثة)، كَميت (ثلاثة)، حنان (ثمانية).
ج- الكهنة عند منعطف المسيحيّة
كانت هناك ثلاث فئات في كهنة هيكل أورشليم: عظيم الكهنة ومعاونوه، الكهنة، اللاويون.
أولاً: عظيم الكهنة ومعاونوه
نعمَ عظيمُ الكهنة منذ المنفى بكرامة سياسيّة ودينيّة، رفعت الحشمونيين إلى الذروة ففرضوا نفوسهم كأمراء أو ملوك وعظماء كهنة. ولما جاء هيرودس والولاة الرومان، حدّوا من المطامح السياسيّة لعظيم الكهنة الذي ظلّ رغم كل شيء ممثّل الأمّة تجاه رومة.
. حقوق عظيم الكهنة
أقرّ لعظيم الكهنة بـ "قداسة" أبدية تؤهّله لخدمة الأمّة في أسمى معانيها. كان يقوم بطقوس تقدمة الذبيحة في عيد التكفير (يوم كيبور، مرّة كل سنة). وما يمنحه هذه القداسة الأبدية التنصيب (أو الرسامة). هنا نفهم أن تتحدّث النصوص مرارًا عن ملابسه (سي 45: 6- 13؛ حك 18: 24). كل قطعة من ملابسه كانت تكفّر خطايا محدّدة.
كان يحقّ لرئيس الكهنة وحده أن يدخل إلى قدس الأقداس، وذلك في يوم التكفير. كما كان يقدر أن يشارك في تقدمة الذبيحة في اليوم الذي يرغب فيه. وكان يرئس السنهدرين (= المجلس الأعلى)، وهكذا كان له نفوذ قاطع في المجالات الإدارية والقضائية داخل هذا المجلس.
. واجبات عظيم الكهنة
حتى وإن كانت الشريعة لا تفرض على عظيم الكهنة أن يخدم إلا في يوم كيبور، فقد كان يمارس عادة كهنوته مرّات عديدة في السنة ولاسيّما في أعياد الحج الثلاثة. كان عليه أن يؤدّي مختلف المصاريف: يدفع ثمن الثور يوم التكفير. ويدفع أيضًا ثمن تقدمة الدقيق اليوميّة التي تُمزج بالزيت وتخبز.
إن الطابع الخاص للوظيفة الكهنوتيّة، ركّزت حول عظيم الكهنة واجبات الطهارة الشرعيّة. ما كان يتزوج إلا فتاة عذراء. ولا يتزوّج أبدًا أرملة. تكون الزوجة ابنة اثنتي عشرة سنة ويكون ابوها كاهنًا أو لاويًا أو أقله اسرائيليًا. نتذكّر هنا أن هركانس طُلب منه أن يستقيل، لأن أمّه كانت سبية حرب، فلا يكون أبوه يهوديًا.
. معاونو عظيم الكهنة
قائد الهيكل (س ج ن) يحتلّ المكان الثاني في التراتبيّة الكهنوتيّة. حين كان عظيم الكهنة يلقي القرعة للتيس في يوم التكفير، يقف قائد الهيكل عن يمينه ورئيس فرقة الكهنة عن يساره. وحين يقرأ عظيم الكهنة التوراة قبل أن يبارك، ينقل رئيس المجمع الدرج إلى قائد الهيكل الذي يقدمّه بدوره إلى رئيس الكهنة. وهناك من قال إنه يحلّ محل عظيم الكهنة في حال نجاسة هذا في يوم التكفير. ثم إن هذا القائد كان يهتمّ بالنظام داخل الهيكل وخارجه مع عدد المساعدين.
وظيفة الخازن (ج ز ب ر) كانت مهمّة جدًا، لأنه وإن كان هيكل أورشليم لا يملك الأراضي (عكس هيكل ليونتوبوليس)، فهو يحتوي عددًا من الأشياء الثمينة: الأواني من أجل الخدمة، ملابس الكهنة. وكانت هناك الخزنة التي توضع فيها الودائع الخاصّة. لهذا احتاج الخازن إلى عدد من الموظفين.
وهناك رؤساء الفرق الأربع والعشرين الأسبوعيّة. كان لهم دور خاص ساعة تكون فرقتهم في الخدمة. يكونون مسؤولين عن شعائر العبادة العاديّة مثل تطهير المنجّسين عند باب نكانور. اما المسؤولون عن الأقسام اليوميّة، فكانوا يساعدون كل يوم في الذبيحة، فيقفون عن شمال عظيم الكهنة عندما يقوم هو بالخدمة.
. عبارة "عظماء الكهنة"
قد تتحدّث النصوص عن عظماء الكهنة فتدلّ على أشخاص لا ترد أسماؤهم في لائحة الثمانية والعشرين الذين ذكرناهم. فسفر الأعمال يتحدّث عن حنان عظيم الكهنة وقيافا ويوحنا (يوناتان) والاسكندر وكل أعضاء عائلات عظماء الكهنة (أع 4: 6). ويذكر أع 19: 14 أيضًا سبعة أبناء لعظيم الكهنة سكاوا. ويقول يوسيفوس إن يشوع بن سافيا كان ابن عظماء الكهنة. إن الانتماء إلى العائلات التي أخذ منها عظماءُ الكهنة الثمانية والعشرون، كان يمنح الإنسان امتيازًا خاصًا. وكان أفراد هذه العائلات ينعمون ببعض نفوذ ولا سيّما في المجلس الأعلى.
ثانيًا: الكهنة
انقسم الكهنة أربعاً وعشرين فرقة، وكانت كل فرقة تؤمّن بدورها خدمة الهيكل خلال أسبوع. وهكذا يعود الدور مرَّتين لكل فرقة. في الأعياد الكبرى الثلاثة التي يرافقها الحجّ، كانت كل الفرق حاضرة. وكانوا يلقون القرعة من أجل مختلف الخدم العاديّة في الهيكل (لو1: 9). أما بالنسبة إلى المحرقات والذبائح عن الخطيئة وذبائح التكفير والسلامة، فحضور الكهنة ضروريّ.
كان الكهنوت وراثيًا، ويُخضع الذين "يُرسَمون" لقواعد محدّدة حول صحّة الجسد، والزواج، والطهارة. ولكي ينتقل الكهنوت، يجب أن تكون زوجة الكاهن يهوديّة، وأن لا يكون في الولد عاهة جسدية أو عقليّة. وخضع الكهنة لقواعد قاسية على مستوى الطهارة، ولاسيّما لمس الميت (عد 19). وحدّد لا 21: 10- 11 أن الكاهن لا يكشف رأسه ولا يمزّق ثيابه حدادًا، وعلى ميت لا يدخل ولو كان أباه وأمّه لئلاّ يتنجّس. في بداية القرن الأول المسيحي انطبقت هذه الفرائض بشكل حصري على عظيم الكهنة. وانطبقت أيضًا على الكهنة مع جدال حول إمكانية الكاهن بأن يسير في جنازة امرأته.
كان الكهنة يقيمون في بيوتهم معظم أيام السنة، لأن ما يُعطى لهم من الذبائح والتقادم لم يكن يكفيهم. لا شكّ في أن ما يُجمع من عشور كان يجمع بدقّة (مت 27: 23؛ لو11: 42؛ 18: 12). ولكن الشعب لم يكن يستطيع أن يدفع ما عليه بسبب الضرائب المتعدّدة. هذا يعني أن عددًا كبيرًا من الكهنة كانوا فقراء، فوجب عليهم أن يعملوا بأيديهم. لم يكن مستواهم العلمي رفيعًا. وما كانوا كلهم يستطيعون أن يتلوا القراءات في الجمع.
ثالثًا: اللاويون
انقسموا هم أيضًا أربعًا وعشرين فرقة تتعاقب على الخدمة أسبوعًا بعد أسبوع. تحدّروا من لاوي، لا من هارون، فاعتُبروا من الدرجة الدنيا وشكّلوا الكهنوت الادنى. كان عددهم أكثر من عدد الكهنة بقليل: عشرة آلاف لاوي تقريبًا.
ما كان اللاويون يشاركون في خدمة المذبح. ما كانوا يدخلون رواق الكهنة (إلا في الذبيحة) ولا يصعدون المذبح. فدورهم كان في جوهره حراسة الأمكنة والأشياء وتنظيفها. قال يوسيفوس: احتاج الهيكل إلى مئتي رجل لإغلاق أبوابه. ثم إن اللاويين كانوا شرطة الهيكل بإمرة قائد الهيكل.
ما كان اللاويون ينعمون بما ينعم به الكهنة. كانوا بأكثريّتهم فقراء وأميين، ولكن يجب أن نضع جانبًا أهل الموسيقى الذين كوّنوا فئة رفيعة. أما اللاويّون المغنّون فطلبوا بأن يلبسوا الكتّان الأبيض، شأنهم شأن الكهنة. والخدّام الحارسون طلبوا بأن يحفظوا المزامير.
خاتمة
ما انتهى تاريخ الكهنوت اليهوديّ بسقوط الهيكل سنة 70 ب م. لا شكّ بأن وضعه تأثّر تاثيرًا قويًا بدمار المعبد الذي كان أساس شعائر العبادة، وسيتأثّر فيما بعد على أثر الثورة الكبرى مع ابن الكوكب سنة 132-135. فهاجر الكهنة الذين كانوا في اليهوديّة. أما الفرقة الثامنة عشرة (فرقة حفيصاص) فأقامت في الناصرة. ومهما يكن من أمر فقد زال الكهنوت من الشعب اليهودي بزوال الهيكل والذبائح، وضاعت كل الفئات الدينيّة التي ذكرها الإنجيل، فما بقي سوى الفريسيين الذين سيحاولون القيام بعمل تبشيري وتنظيمي بُني على التوراة التي هي الواسطة بين الله والمؤمن.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM