الفصل السابع الكهنوت الاشتراعي

الفصل السابع
الكهنوت الاشتراعي

طبع تث بطابعه حقبة هامة في تاريخ الكهنوت. فاللاويون طالبوا بحقّهم في ممارسته. وجُعل الحدث في إطار إصلاح واسع نجده في الشرعة الاشتراعية (تث 12- 26). تُفتتح هذه الشرعة بشريعة تركيز العبادة في موضع واحد، دون أن نفهم السبب الدقيق لذلك. فالانحرافات التي ندّد بها الأنبياء، وخسارة عدد من المعابد خلال الاجتياح الآشوري (مثلاً، نهاية معبد دان حسب قض 18: 31)، جاءت بتدبير كان له بُعد كبير. فلا يمكن أن تكون عبادة حقيقيّة خارج المكان الذي اختاره الرب ليقيم فيه اسمه.
مهما يكن الدور الذي لعبه اللاويون في صياغة برنامج الإصلاح، فسيسعون لأن يقودوا إلى النهاية، مسيرة فرضتهم كالكهنة الحقيقيين. عُرفوا بأمانتهم للعهد وغيرتهم للربّ، فبدوا أصدق الموجِّهين الدينيين لشعب الله المتجدّد الذي يريد أن يعيش اختياره وتكريسه لله.
1- اللاويون والكهنوت
السؤال الذي يُطرح: كيف تمّ الربط بين "الكهنة" و"اللاويين" في تث؟ لا بدّ من التوقّف على عدد من النصوص، مع العلم أن هذه النصوص تنتمي إلى طبقات مختلفة في تدوين تث، بحيث يتبدّل المعنى بتبدّل معنى المفردات.
أ- اللاوي في أبوابك
تتكلّم الشرعة الاشتراعيّة 11 مرة عن اللاوي بصيغة المفرد (12: 12، 18، 19؛ 14: 27، 29؛ 16: 11، 14؛ 18: 6؛ 26: 11، 12، 13). مثلا 12: 12: "وافرحوا أمام الرب إلهكم، أنتم وبنوكم وبناتكم وعبيدكم وجواريكم واللاوي الذي في مدنكم (حرفيا: في أبواب مدنكم. يعني داخل مدنكم) لأن اللاوي لا نصيب له ولا ملك فيما بينكم". هذا الفرائض التي تبدو بشكل تضمين (تث 12 وتث 26)، هي مهمّة للمشترع الذي يريد حماية اللاوي. فهو يوصي به لأن لا نصيب له ولا ملك (أو ميراث) (12: 12؛ 14: 27؛ رج 14: 19). فاللاوي في قض 17 احتاج أن يستأجره ميخا ويقدّم له أجرًا. فتركيز شعائر العبادة في موضع واحد ألغى فرص العمل. وزاد الوضعَ الاقتصاديّ خطورةً الاجتياحُ الآشوري. وجاء لاويون من الشمال إلى مملكة يهوذا بعد سقوط السامرة سنة ،722 ولكنهم وجدوا أنهم صاروا أكثر ممّا يستطيع المكان أن يحمل. لهذا صار عدد منهم في فئة الضعفاء على المستوى الاقتصادي (= الفقراء). صار اللاوي يُذكر مع "جر" (الغريب) (26: 11)، مع المهاجر واليتيم والارملة (14: 29؛ 16: 11، 41؛ 26: 13). لا يتكلّم النصّ عن اللاوي كما يتكلّم عن الغريب (جر)، بل كما عن شخص لا مُلك له ولا ميراث في أرض اسرائيل. لهذا يُدعى للانضام إلى احتفالات العبادة ، مع ما فيها من فرح (12: 12؛ 16: 11- 14). هؤلاء الذين قست عليهم الأيام يستطيعون أن يأكلوا من التقادم "في الموضع الذي اختاره الله". فمن أحسنَ إليهم نال بركة الربّ.
ونجد في 18: 6- 18 النقطة المهمّة في التشريع الاشتراعي حول اللاوي. فالشريعة تؤمّن للاوي الذي يرغب في أن يذهب إلى "الموضع الذي اختاره الله"، حقّ الخدمة، شأنه شأن جميع اخوته الذين يقيمون هناك في حضرة الربّ. فعلى 197 استعمالاً لفعل "ش ر ت" (خدم، قام بوظيفة)، نجد 60 تقريبًا تتحدّث عن العبادة. ويُستعمل الفعل بشكل خاص في المرجع الكهنوتي و 1و 2 أخ. طُبّقت اللفظة على صموئيل (1صم 2: 11- 18؛ 3: 1). ونجدها أيضًا في تث 10: 18؛ 17: 12؛ 18: 5؛ 21: 52. هذه الفريضة تضع حدًا لاستئثار خدّام المعبد المركزي بالأعمال، الذين سمّوا "إخوة لاويين" دون أي تلميح إلى التراتبيّة. وهكذا نكون في خط تث.
ب- الكاهن في الشرعة الاشتراعيّة
وهناك مقاطع لا تتكلّم إلا عن الكاهن، دون أن تربطه بلفظة "لاوي". هذا يدلّ على أننا في الطبقة الأقدم من الشرعة. ففي المقاطع الخمسة التي نجد فيها هذا الوضع، يكون الاسم دومًا مع ال التعريف (17: 12: كل من تجبَّر فلم يسمع من الكاهن؛ 18: 3؛ 20: 2؛ رج 16: 3، 4). والقول في 17: 12 (في صيغة الغائب) يختلف عن السياق. فالفعل "ش ر ت" الذي طبِّق على اللاوي في 18: 27، يطبّق الآن على الكاهن (مع فعل ع م د الواقف). ما زالت الألفاط غير واضحة، وما تمّ التمييز بعد بين الوظائف. فالدور القديم للكاهن في الحرب المقدسة، يُذكر في 20: 2: كان الكاهن يردّد الأقوال "الالهية" ويؤمّن الطقوس. وفي 26: 3- 4، قام الكاهن بوظيفة حارس المعبد.
في أهمّ مقطع عن الكهنوت (18: 1- 8) نجد جزءًا يعود إلى الكاهن وحده (آ 3- 5). يحدّد فيه الحصّة التي تعود للكاهن في الذبائح والبواكير (رج 1صم 2: 13). وقد توسّعت الشرعة الكهنوتية في مداخيل الكهنة. أما الآية التفسيرية (18: 5: لأن الرب إلهكم... تشرح الوضع) فتماهي بين الكاهن واللاويّ، ويزيد 18: 5 على 18: 7 مباركة اسم يهوه.
ج- الكهنة اللاويون في الشرعة الاشتراعيّة
ضمّ تث خمس مرّات اللفظتين في عبارة مركّبة: "الكهنة واللاويون" (17: 9، 18؛ 18: 1؛ 24: 8؛ 27: 9). فاللاويون يتماهون مع الكهنة وينالون سلطة الكهنوت حصرًا. فاذا وضعنا جانبًا 18: 1، فهذه النصوص تعود بنا إلى مهمّة التعليم التي يؤدّيها الكاهن. فالكهنة اللاويون هم حرّاس التوراة التي يخضع لها الملك (17: 8). ومقطع 17: 8- 13 هو مثال عن الحكم الذي يدلي به الكهنة. وهكذا انضمّ اللاويون إلى القضاة، وفعل "ي ر ه" (علّم) يُستعمل في آ 10 (يرشدونكم، حرفيا: يرونكم) وآ 11. ويستعمل هذا الفعل أيضًا في 24: 8 حيث يحكم الكهنة اللاويون في وضع الأبرص. لم تتثبّت اللغة بعد بشكل نهائيّ، لأننا في 19: 17 نجد الكهنة مع القضاة. و27: 9 يتحدّث عن الكهنة اللاويين. و27: 14 عن اللاويين. ونجد أيضًا عبارة "الكهنة بني لاوي" في سياق قضائي (21: 5، ولكن بعضهم يرى أن هذه الآية أضيفت فيما بعد).
د- الكهنة اللاويون وقبيلة لاوي
يلفت انتباهنا تث 18: 1- 8 الذي ينظّم وضع الكهنة. فالمقطع الأول (آ 1- 2) يذكر أن الكهنة اللاويين لا نصيب لهم ولا ميراث في اسرائيل. فالربّ هو ميراثهم. يعيشون من الأطعمة المقدّمة للرب، ومن ميراثه. ولكن من هم هؤلاء؟ هل نحن أمام تحديد الحقوق لقبيلة لاوي كلها، أو هل يجب أن نميّز بين الكهنة اللاويين وسائر أعضاء قبيلة لاوي؟ إن العبارة التي تبدأ المقطع هي مهمّة ولكنها موضوع جدال. فتفسّر على أنها بدل لما قبلها في خطّ مقاطع أخرى من تث (2: 37ب؛ 3: 4ب، 13، 18؛ 4: 19؛ 5: 8؛ 10: 21؛ 16: 21؛ 17: 1؛ 20: 14؛ 25: 16). حين نقوم بهذه المقابلة، نقرّ لجميع اللاويين بالعيش من المذبح. ويرى آخرون أن هناك مقاطع في تث يرد فيها قول أول ويتوسّع في معناه قول ثان (5: 14؛ 6: 2؛ 12: 7، 12، 18؛ 15: 11، 14؛ 26: 11؛ 30: 1- 2). إذا كانت الموازاة صحيحة، فهذا يعني أن الكهنة اللاويين لا يشكلّون سوى جزء من قبيلة لاوي، وهذا ما يفرض علينا أن نميّز بين "الكهنة" و"اللاويين" في تث. رأى بعضهم مجموعتين: واحدة تخدم المذبح وتعيش منه. واللاويون المكلّفون بوظائف التعليم. ولكن يبدو أن هذه الفرضيّة لا تفرض نفسها. فإن تث يرى الحقّ لكل اللاويّين بأن يخدموا في المعبد المركزيّ. ولكن الوضع كان معقّدًا بحيث لم يستطع الجميع أن يطالبوا بحقّهم. فصحّح المشترع التجاوزات السابقة ورفع اللاويون إلى مستوى الخدمة الكهنوتيّة. ولكن المثال الذي قدَّمه لم يدخل في الحياة اليوميّة.
2 - إصلاح يوشيا وتأثيره
كان تث أساسًا لإصلاح ديني وسياسيّ قام به الملك يوشيا سنة 622. في المدى القصير كان هذا الإصلاح فاشلاً. ولكن المواضيع الكبرى في هذا الإصلاح سوف تلهم حركة يمتدّ تفكيرها حتى المنفى. أمّا في ما يتعلّق بتطوّر الكهنوت، فنستطيع أن نعرف كيف كانت ردّة فعل كهنة أورشليم تجاه هذه الوثيقة التي تساند اللاوييّن.
أ- كهنة أورشليم والإصلاح
نقرأ الخبر في 2 مل 22- 23. أما 2 أخ 34- 35 فيوزّع على ثلاث محطات ما يجعله التاريخ الاشتراعيّ في حدث واحد. ولكنه يبقى أمينًا للواقع.
حسب 2مل، لعب الكهنة دورًا ناشطًا في الإصلاح. فالكاهن حلقيا اكتشف كتاب الشريعة (22: 8- 10). وقاد الوفد الذي ذهب إلى النبيّة حلدة يسألها (آ 11- 20). ومع الكاهن الثاني وحرّاس العتبة، قاموا بتطهير المعبد (23: 4ي). يبدو الأمر غريبًا، لأن هذا الكتاب يتوخّى أن يضع موضع العمل شريعة تؤكّد مطالب اللاويين بأن يمارسوا الكهنوت. كنا ننتظر أن يستند كهنة أورشليم إلى تقاليدهم الخاصة التي ستدوَّن في شريعة القداسة (لا 17- 26)، ساعة بيّنت الوثيقةُ المكتشَفة ارتباطها بالشمال. ولكنّ فضلَ تث هو أنه وثيقة مكتوبة وهذه قوّته. اهتمّ بالمسائل الاجتماعيّة والسياسيّة. فكان عونًا لمجهود الملك لكي يعيد أبناء الشمال إلى أورشليم والسلالة الداوديّة والهيكل. وبفضل شريعة تركيز العبادة، صار هيكل أورشليم المعبد الوحيد. ولما دُمّرت سائر المعابد حتى تلك الموجودة في مملكة الشمال، أدرك هيكل أورشليم موقفًا قويًا لم يصل إليه من قبل. واستفاد كهنة أورشليم من هذا الوضع كل الاستفادة. ولكن بقي عليهم أن يدافعوا عن موقفهم تجاه الكهنة اللاويين الذين اعترف تث بحقّهم في الكهنوت.
ب- كهنة أورشليم والكهنة اللاويون
كان من نتائج إصلاح يوشيا، أنه أمّن سيطرة كهنة هيكل أورشليم الذي تماهى مع الموضع الذي اختاره يهوه.
كانت الشريعة الاشتراعيّة قد دلّت على الوضع المؤلم للاويين الذين اصطدم حقّهم بممارسة الكهنوت في المعبد، بصعوبات عديدة. فلا يمكن تطبيق الإجراء الذي اتّخذ حين لا يترك إلغاءُ المعابد المحليّة سوى موضع وحيد للعبادة. ويشير 2مل إلى هذا التمييز في 23: 9 فيقول: "على أن كهنة هذه المذابح لم يُسمح لهم بالصعود إلى مذبح الرب في أورشليم. بل كان يسمح لهم بتناول الفطير مع زملائهم الكهنة". ونهاية الآية تذكّرنا بما في تث: الذين مُنعوا من الصعود إلى المذبح هم كهنة المشارف، لا اللاويون أو الكهنة اللاويون. وكان جدال. ولكن، مهما يكن من أمر، فإصلاح يوشيا جاء إلى أورشليم بكهنة لا يحصلون إلاّ على دور ثانويّ في الخدمة.
وساعة كان كهنة أورشليم يدافعون عن امتيازاتهم، كانوا يؤسّسون أيضًا شرعيّتهم الخاصّة. كانت جذور صادوق غامضة، وأصله اللاوي مثار جدل. فكمِّل القولُ الإلهي ضدّ بيت عالي، في وقت إصلاح يوشيا. وإذا كان صادوق هو الكاهن الأمين الذي يتحدّث عنه 1صم 2: 35 (أقيم لي كاهن أمينًا يعمل حسب ما في قلبي ونفسي، عكس عالي)، نفهم في إطار إصلاح يوشيا، أن يأتي من يستعطي لدى بيت صادوق وظيفة كهنوتيّة ليكون له "قطعة من فضّة ورغيف خبز" (1صم 2: 36).
ج- اللاويون، وتابوت العهد، وكتاب الشريعة
استُبعد اللاويون من خدمة المذبح، وهم لا ينتمون إلى جماعة أورشليم الكهنوتية، فتعلّقوا بوظائف تحفظ لهم مكانهم في المعبد. كانوا قد أبرزوا مطامحهم بعد إصلاح يوشيا، ولكن قبل التبدّلات التي جاءت بعد المنفى. هم يحملون تابوت العهد الذي يحرسه صادوق وأبياتر في بداية الملكيّة. وهكذا لم يعد تابوت العهد مرتبطًا بالقول الالهي، بل بالشريعة أو كتاب الشريعة. نقرأ مثلاً في تث 10: 8: "في ذلك الوقت، خصّ الرب سبط لاوي بحمل تابوت عهد الرب والوقوف أمامه ليخدموه وليباركوا اسمه كما هي حالهم إلى هذا اليوم" (رج 31: 9؛ 25- 26).
هذه المقاطع من تث تتكلّم وحدها عن "قبيلة لاوي" (10: 8)، عن "الكهنة بني لاوي" (31: 9) عن "اللاويين" (31: 25) كحَمَلة لتابوت العهد. هناك من نسب هذه المقاطع إلى الاشتراعي وآخرون نسبوها إلى الإلوهيمي. نشير هنا إلى أن هذه الحاشية ترد بعد حاشية مستقلّة تتحدّث عن موت هارون وتسليم خلفه سلطةَ الكهنوت.
في الواقع، نستطيع أن نسوق الملاحظات التالية. إن 10: 8- 9 يستعيد 18: 5- 7 ويكمّله ويقدّمه في نظرة شاملة. يقف اللاويون أمام الربّ ليخدموه. في تث 18هم يخدمون باسم الربّ. إن 10: 8 يفكّك العبارة ويقحم البركة باسم الرب. إن هذه الحاشية التي أدرجت في الخطبة تبقى في خط تث. فاللاويون هم في خدمة الرب لا في خدمة هارون فقط. ووظيفة حاملي تابوت الرب تدلّ على مرحلة في تطوّر خدمة اللاويين. حين انحطّ اللاويون من درجتهم بفعل الوثيقة الكهنوتيّة، وحين زال تابوت العهد بعد أن دخل البابليون أورشليم سنة 587، وجب على اللاويين أن يأخذوا هذا الوضع بعين الاعتبار وأن يتصرّفوا على أساسه.
3 - إرميا وصادوقيو أورشليم
نستطيع أن نتعرّف إلى كهنة أورشليم بالحكم الذي "أصدره" عليهم معاصروهم. وإرميا مهمّ من وجهتين في هذا المجال. أولاً، شهادته هي أكمل شهادة نمتلكها عن الحقبة التي تمتدّ من إصلاح يوشيا إلى سقوط أورشليم (هذا إذا أخذنا بالكرونولوجيا التي يقبل بها معظم الشرّاح). ثانيًا، أصله من مدينة عناتوت الكهنوتيّة، من عائلة كهنوتية ترتبط بأبياتر، وبالتالي بعالي في شيلو. وسيذكر النبيّ دمار شيلو في 7: 4. لهذا نفهم بسهولة أن رباطاته العائليّة ما كانت تهِّيئه لحكم "مليء بالرحمة" تجاه كهنة صادوق في أورشليم.
إذا أردنا أن نحدّد موقع نقد ارميا للكهنوت، يجب أن نتذكّر أن النبيّ هاجم جميع المسؤولين، وهاجم الشعب بشكل عام: ملوك يهوذا، "الوزراء"، شعب الأرض، الشعب كلّه... ولكن الكتاب لا يتضمّن مقالاً ضد الكهنة كما ضد الملوك (11: 11- 23: 8) والأنبياء (23: 9- 40). بيد أنه حين يتكلّم عن الأنبياء يتكلّم عن الكهنة، وهكذا يثبّت سفر إرميا ارتباط الكاهن بـ "توره" (التعليم) (18: 18). ووبّخ ارميا، في خطّ هوشع، أولئك الذين يمسكون التوراة وتنقصهم المعرفة (2: 8؛ رج 14: 18). ويتّهم الكهنة مع الأنبياء بالكذب والغشّ (6: 3= 8: 10). ويتّهمهم بأنهم يعطون التعليم منطلقين من سلطتهم الخاصة (5: 31). ويدلّ الكهنةَ والأنبياء على كفرهم وشرّهم حتى في الهيكل (33: 11). وكما كان لإرميا جدال مع حنانيا، نبيّ جبعون (ف 18)، كذلك سيكون له مع فشحور، حارس الهيكل (21: 1). وبعد أن قال خطبته في ذاك الموضع، تآمر عليه الأنبياء والكهنة لكي يقتلوه (ف 26).
ولكن حياة إرميا لم تكن كلها صراعًا. فهناك كهنة قدامى يرافقون إرميا (9: 1). وسيكون في الوفد الذاهب إليه كاهن هو فشحور (21: 1؛ 37: 3: صفنيا)، لا بل وبِّخ الكاهن صفنيا لأنه كان ضعيفًا أمام إرميا (29: 24- 28). وإذا كان ارميا اتّهم الكهنة مع سائر العظماء فهو قد ضمّهم في كلمات الرجاء التي تفوّه بها (29: 1ي).
كانت المنازعات بين العائلات الكهنوتية كبيرة. وهذا ما يفسّر موقف ارميا. وليس وحده. فتجاه مؤسّسة تريد أن تعيش في الماضي وتحافظ عليه، وعى النبيّ الأزمة ودعا إلى تبدلّ روحي يكون أساس خلاص للشعب. وبفضل المنفى، تولّدت برامج إصلاح في الأوساط الكهنوتيّة.
خاتمة
انطلق اللاويون من تث بعد أن حاولوا أن يستعيدوا كرامتهم داخل الكهنوت. ولكن الحرب الآشورية التي دمّرت المعابد، وقوّة الكهنة في أورشليم، ونظرة الملك إلى قبائل الشمال، كل هذا جعل اللاويين يفشلون فيكونون خدامًا من الدرجة الثانية في هيكل الرب. في هذا الخط ستسير المراجع الكهنوتيّة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM