قيامة المسيح
5 أُذَكِّرُكُم، أيُّها الإخوَةُ، بِالبِشارَةِ الّتي حَمَلتُها إلَيكُم وقَبِلتُموها ولا تَزالونَ ثابِتينَ علَيها،
وبِها تَخلُصونَ إذا حَفِظتُموها كما بَشَّرْتُكم بِها، وإلاَّ فأنتُم آمَنتُم باطِلاً.
سسلَّمْتُ إلَيكُم قَبلَ كُلِّ شيءٍ ما تَلَقَّيتُهُ، وهوَ أنَّ المَسيحَ ماتَ مِنْ أجلِ خَطايانا كما جاءَ في الكُتُبِ،
وأنَّهُ دُفِنَ وقامَ في اليومِ الثّـالثِ كما جاءَ في الكُتُبِ،
وأنَّهُ ظهَرَ لِبُطرُسَ ثُمَّ لِلرُّسُلِ الاثنَي عشَرَ،
ثُمَّ ظهَرَ لأكثَرَ مِنْ خَمسِمِئةِ أَخِ معًا لا يَزالُ مُعظَمُهُم حيًّا وبَعضُهُم ماتوا،
ثُمَّ ظهَرَ لِـيَعقوبَ، ثُمَّ لِجَميعِ الرُّسُلِ،
حتّى ظَهَرَ لي آخِرًا أنا أيضًا كأنِّي سِقْطٌ.
فما أنا إلاَّ أصغَرُ الرُّسُلِ، ولا أحسَبُ نَفسي أهلاً لأنْ يَدعوَني أحَدٌ رَسولاً لأنِّي اضطَهَدتُ كنيسةَ اللهِ،
وبِنِعمَةِ اللهِ أنا ما أنا علَيهِ الآنَ، ونِعمَتُهُ علَيَّ ما كانَت باطِلَةً، بَلْ إنِّي جاهَدتُ أكثَرَ مِنْ سائِرِ الرُّسُلِ كُلِّهِم، وما أنا الّذي جاهَدتُ، بَلْ نِعمَةُ اللهِ الّتي هِيَ مَعي.
أكُنتُ أنا أم كانُوا هُم، هذا ما نُبَشِّرُ بِه وهذا ما بِه آمَنتُم.
قيامة الأموات
وما دُمنا نُبَشِّرُ بأنَّ المَسيحَ قامَ مِنْ بَينِ الأمواتِ، فكيفَ يَقولُ بَعضُكُم إنَّ الأمواتَ لا يَقومونَ؟
إنْ كانَ الأمواتُ لا يَقومونَ، فالمَسيحُ ما قامَ أيضًا.
وإنْ كانَ المَسيحُ ما قامَ، فتَبشيرُنا باطِلٌ وإيمانُكُم باطِلٌ،
بَلْ نكونُ شُهودَ الزّورِ على اللهِ، لأنَّنا شَهِدْنا على اللهِ أنَّهُ أقامَ المَسيحَ وهوَ ما أقامَهُ، إنْ كانَ الأمواتُ لا يَقومونَ.
فإذا كانوا لا يَقومونَ، فالمَسيحُ ما قامَ أيضًا.
وإذا كانَ المَسيحُ ما قامَ، فإيمانُكُم باطِلٌ وأنتُم بَعدُ في خَطاياكُم.
وكذلِكَ الّذينَ ماتوا في المَسيحِ هَلَكوا.
وإذا كانَ رَجاؤُنا في المَسيحِ لا يَتَعَدّى هذِهِ الحياةَ، فنَحنُ أشقى النّاس ِ جميعًا.
لكِنَّ الحقيقَةَ هِيَ أنَّ المَسيحَ قامَ مِنْ بَينِ الأمواتِ هوَ بِكرُ مَنْ قامَ مِنْ رُقادِ المَوتِ.
فالمَوتُ كانَ على يَدِ إنسانٍ، وعلى يَدِ إنسانٍ تكونُ قيامَةُ الأمواتِ.
وكما يَموتُ جميعُ النّاس ِ في آدمَ، فكذلِكَ هُم في المَسيحِ سَيحيَوْنَ،
ولكِنْ كُلُّ واحدٍ حسَبَ رُتبَتِه. فالمَسيحُ أوَّلاً لأنَّهُ البِكرُ، ثُمَّ الّذينَ هُمْ للمَسيحِ عِندَ مَجيئِهِ.
ويكونُ المُنتَهى حينَ يُسَلِّمُ المَسيحُ المُلْكَ إلى الله الآبِ بَعدَ أنْ يُبيدَ كُلَّ رئاسَةٍ وكُلَّ سُلطَةٍ وقُوّةٍ.
فلا بُدَّ لَه أنْ يَملِكَ حتّى يَضَعَ جميعَ أعدائِهِ تَحتَ قدَمَيهِ.
والموتُ آخِرُ عَدُوٍّ يُبيدُه.
فالكِتابُ يَقولُ إنَّ اللهَ ((أخضَعَ كُلَّ شَيءٍ تَحتَ قدَمَيهِ)). وعِندَما يَقولُ: ((أخضَعَ كُلَّ شيءٍ))، فمِنَ الواضِحِ أنَّهُ يَستَثني اللهَ الآبَ الّذي أخضَعَ كُلَّ شيءٍ لِلمَسيحِ.
ومتى خضَعَ كُلُّ شيءٍ للابنِ، يَخضَعُ هوَ نَفسُهُ للهِ الّذي أخضَعَ لَه كُلَّ شيءٍ، فيكونُ اللهُ كُلَّ شيءٍ في كُلِّ شيءٍ.
وإذا كانَ الأمواتُ لا يَقومونَ، فماذا يَنفَعُ الّذينَ يَقبَلْ ونَ المَعمودِيَّةَ مِنْ أجِلِ الأمواتِ؟ لِماذا يتَعَمَّدونَ مِنْ أجلِهِم؟
ولِماذا نَتَعرَّضُ نَحنُ لِلخَطَرِ كُلَّ حينٍ؟
فأنا أذوقُ المَوتَ كُلَّ يومٍ. أقولُ هذا، أيُّها الإخَوةُ، بِما لي مِنْ فَخرٍ بِكُم في المَسيحِ يَسوعَ ربِّنا.
فإذا كُنتُ صارَعتُ الوحوشَ في أفسسَ لِغَرَضٍ بَشَرِيٍّ، فما الفائِدَةُ لي؟ وإذا كانَ الأمواتُ لا يَقومونَ، فلنَقُلْ معَ القائِلينَ: ((تَعالَوا نأكُلُ ونَشرَبُ، فغَدًا نَموتُ)).
لا تَضِلُّوا: ((المُعاشَرَةُ السَّيِّئَةُ تُفسِدُ الأخلاقَ الحسَنَةَ)).
عودوا إلى وعيِكُمُ السَّليمِ ولا تَخطَأوا، لأنَّ بَعضَكُم يَجهَلُ اللهَ كُلَّ الجَهلِ. أقولُ هذا لِتَخجَلوا.
قيامة الجسد
ويسألُ أحدُكُم: ((كيفَ يَقومُ الأمواتُ، وفي أيِّ جِسْمٍ يَعودونَ؟))
يا لكَ مِنْ جاهِلٍ! ما تَزرَعُهُ لا يَحيا إلاَّ إذا مات.
وما تَزرَعُهُ هوَ مُجرَّدُ حَبَّةٍ مِنَ الحِنطَةِ مَثلاً، أو غَيرِها مِنَ الحُبوبِ، لا جِسم النَّبتَةِ كما سَيكونُ،
واللهُ يَجعَلُ لَها جِسمًا كما يَشاءُ، لِكُلِّ حَـبَّةٍ جِسمٌ خاصٌّ.
وما الأجسامُ الحَيَّةُ كُلُّها سَواءً، فللإنسانِ جِسمٌ ولِلحيوانِ جِسمٌ آخرُ، ولِلطَّيرِ جِسمٌ ولِلسَّمكِ جِسمٌ آخرُ.
وهُناكَ أجسامٌ سَماوِيَّةٌ وأجسامٌ أرضِيَّةٌ. فلِلأجسامِ السَّماوِيَّةِ بَهاءٌ، وللأجسامِ الأرضِيَّةِ بَهاءٌ آخَرُ.
الشَّمسُ لَها بَهاءٌ والقَمَرُ لَه بَهاءٌ آخَرُ، ولِلنُّجومِ بَهاؤُها، وكُلُّ نَجمٍ يَختَلِفُ بِبَهائِهِ عَنِ الآخَرِ.
وهذِهِ هِيَ الحالُ في قيامَةِ الأمواتِ: يُدفَنُ الجِسمُ مائِتًا ويَقومُ خالِدًا.
يُدفَنُ بِلا كرامَةٍ ويَقومُ بِمَجدٍ. يُدفَنُ بِضُعفٍ ويَقومُ بِقُوَّةٍ.
يُدفَنُ جِسمًا بَشَرِيًّا ويَقومُ جِسمًا روحانِيًّا. وإذا كانَ هُناكَ جِسمٌ بَشَرِيٌّ، فهُناكَ أيضًا جِسمٌ روحانِيٌّ.
فالكِتابُ يَقولُ: ((كانَ آدمُ الإنسانُ الأوَّلُ نَفسًا حَيَّةً))، وكانَ آدمُ الأخيرُ رُوحًا يُحيي.
فما كانَ الرّوحانيُّ أوَّلاً، بَلْ ِ البَشَرِيُّ، وكانَ الرّوحانِـيُّ بَعدَهُ.
الإنسانُ الأوَّلُ مِنَ التُّرابِ فهوَ أرضِيٌّ، والإنسانُ الآخَرُ مِنَ السَّماءِ.
فعَلى مِثالِ الأرضِيِّ يكونُ أهلُ الأَرضِ، وعلى مِثالِ السَّماويِّ يكونُ أهلُ السَّماءِ.
ومِثلَما لَبِسنا صُورَةَ الأرضِيِّ، فكذلِكَ نَلبَسُ صُورةَ السَّماوِيِّ.
أقولُ لكُم، أيُّها الإخوَةُ، إنَّ اللَّحمَ والدَّمَ لا يُمكِنُهُما أنْ يَرِثا مَلكوتَ اللهِ، ولا يُمكِنُ لِلموتِ أنْ يَرِثَ الخُلودَ.
واسمَعوا هذا السِّرَّ: لا نَموتُ كُلُّنا، بَلْ نَتَغَيَّرُ كُلُّنا،
في لَحظَةٍ وطَرفَةِ عَينٍ، عِندَ صَوتِ البوقِ الأخيرِ، لأنَّ صَوتَ البوقِ سيَرتَفِعُ، فيَقومُ الأمواتُ لابسينَ الخُلودَ ونَحنُ نَتَغَيَّرُ.
فلا بُدَّ لِهذا المائِتِ أنْ يَلبَسَ ما لا يَموتُ، ولِهذا الفاني أنْ يَلبَسَ ما لا يَفنى.
ومتى لَبِسَ هذا المائِتُ ما لا يَموتُ، ولَبِسَ هذا الفاني ما لا يَفنى، تَمَّ قَولُ الكِتابِ: ((الموتُ ابتَلَعَهُ النَّصرُ)).
فأينَ نَصرُكَ يا موتُ؟ وأينَ يا موتُ شوكَتُكَ؟
وشوكَةُ الموتِ هِيَ الخَطيئَةُ، وقُوَّةُ الخَطيئَةِ هِـيَ الشَّريعةُ.
فالحمدُ للهِ الّذي مَنَحنا النَّصرَ بِرَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ.
فكونوا، يا إخوَتي الأحِبّاءَ، ثابِتينَ راسِخينَ، مُجتَهِدينَ في عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حينٍ، عالِمينَ أنَّ جَهدَكُم في الرَّبِّ لا يَضيعُ