رسالة كورنثوس الأولى - الفصل 14

النبوَّة والتكلّم بلغات

4 لِتكُنِ المَحبَّةُ غايَتَكُمُ المَنشودَةَ، وارغَبوا في المواهِبِ الرُّوحِيَّةِ، وخُصوصًا مَوهِبَة النُّبوءَةِ.
فالّذي يَتكَلَّمُ بِلُغاتٍ لا يُكَلِّمُ النـاسَ بَل ِ اللهِ ، لأنَّ ما مِنْ أحَدٍ يَفهَمُ كلامَهُ، فهوَ يَقولُ بالرُّوحِ أشياءَ خَفِيَّةً.
وأمَّا الّذي يتَنبّأُ، فهوَ يُكَلِّمُ النّاس َ بِكلامٍ يَبني ويُشَجِّعُ ويُعَزّي.
الّذي يتكَلَّمُ بِلُغاتٍ يَبني نَفسَهُ، وأمَّا الّذي يَتنَبَّأُ فيَبني الكنيسةَ.
أُريدُ أنْ تَتكَلَّموا كُلُّكُم بِلُغاتٍ، ولكِنْ بالأَولى أنْ تَتنَبّأوا، لأنَّ الّذي يتَنبّأُ أعظَمُ مِنَ الّذي يَتكَلَّمُ بِلُغاتٍ، إلاَّ إذا كانَ يُتَرجِمُ ما يَقولُ حتّى تَفهَمَهُ الكنيسةُ، فتنالَ بِه ما يُقوّي بُنيانَها.
فإذا جِئتُ إلَيكُم، أيُّها الإخوةُ، وكَلَّمْتُكُم بِلُغاتٍ، فكيفَ أنفَعُكُم إذا كانَ كلامي لا يَحمِلُ وَحْيًا أو مَعرِفَةً أو نُبُوءَةً أو تَعليمًا.
فلَو كانَت آلاتُ العَزْفِ الجَمادِيَّةُ كالمِزمارِ والقيثارَةِ لا تُخرِجُ أنغامًا مُتميِّزَةً بَعضُها مِنْ بَعضٍ، فكيفَ نَعرِفُ اللَّحنَ المَعزوفَ بِها؟
ولَو أخرَجَ البُوقُ صَوتًا مُشوَّشًا، فمَنْ يتَأَهَّبُ لِلقِتالِ؟
وكذلِكَ أنتُم، إنْ نَطَقَ لِسانُكُم بِكلامِ غيرِ مَفهومٍ، فكيفَ يَعرِفُ أحدٌ ما تَقولونَ؟ ألا يَذهَبُ كلامُكُم في الهَواءِ؟
في العالَمِ لُغاتٌ كثيرةٌ ولا واحدةٌ مِنها بِغَيرِ مَعنًى،
فإذا جَهِلتُ مَعنى الألفاظِ، أكونُ كالأعجمِ عِندَ مَنْ أُكَلِّمُهُ، ويكونُ مَنْ يُكَلِّمُني كالأعجمِ عِندي.
أمَّا وأنتُم أيضًا تَرغَبونَ في المواهِبِ الرُّوحِيَّةِ، فاطلُبوا أن يَزيدَكُمُ اللهَ مِنها لبُنيانِ الكنيسةِ.
لذلِكَ يَجبُ على المُتكَلِّمِ بِلُغاتٍ أنْ يَلتمِسَ مِنَ الله موهِبَةَ تَفسيرِها،
لأنِّي إذا صَلَّيتُ بِلُغاتٍ فَرُوحي يُصَلّي ولا يَستَفيدُ عَقلي شيئًا.
فماذا أعمَلُ؟ أُصلّي بِروحي وأُصلّي بِعَقلي أيضًا. وأُرَنِّمُ بِرُوحي وأُرَنِّمُ بعَقلي أيضًا.
فإذا كُنتَ لا تَحمَدُ اللهَ إلاَّ بالرُّوحِ، فكيفَ يُمكِنُ لِلمُستَمِعِ المُبتَدِئِ أنْ يُجيبَ ((آمين)) على حَمدِكَ، وهوَ لا يَعرِفُ ما تَقولُ؟
أنتَ أحسَنتَ الحَمدَ، ولكِنَّ غَيرَكَ ما كسَبَ شيئًا لِلبُنيانِ.
أحمَدُ اللهَ على أنِّي أتكَلَّمُ بِلُغاتٍ أكثَرَ مِمَّا تتكَلَّمونَ كُلُّكُم،
ولكِنِّي في الكنيسةِ أُفَضِّلُ أنْ أقولَ خَمسَ كَلِماتٍ مَفهومَةٍ أُعَلِّمُ بِها الآخَرينَ على أنْ أقولَ عَشَرَةَ آلافِ كَلِمَةٍ بِلُغاتٍ.
لا تكونوا أيُّها الإخوَةُ أطفالاً في تَفكيرِكُم، بَلْ كونوا أطفالاً في الشَّرِّ وراشِدينَ في التَّفكيرِ.
ِ جاءَ في الشَّريعةِ: ((قالَ الرَّبُّ: سأُكَلِّمُ هذا الشَّعبَ بألسِنةٍ غَريبَةٍ وبِشفاهٍ غَريبةٍ، ومعَ ذلِكَ لا يُصغونَ إليَّ)).
فَما اللُّغاتُ آيَةً لِلمُؤمِنينَ، بَلْ لِغَيرِ المُؤمِنينَ. أمَّا موهِبَةُ النُّبُوءَةِ فهِـيَ لِلمُؤمنينَ، لا لِغَيرِ المُؤمنينَ.
فلَو اجتَمَعَتِ الكنيسةُ كُلُّها وتَكلَّمَ كُلُّ واحدٍ فيها بِلُغاتٍ، فدَخَلَ مُستَمِعونَ مُبتَدِئونَ أو غيرُ مُؤمنينَ، ألا يَقولونَ إنَّكُم مَجانينُ؟
ولكنْ لَو تَنَبّأوا كُلُّهُم، فدَخَلَ علَيهِم مُستَمِعٌ مُبتَدِئٌ أو غَيرُ مُؤمِنٍ، لَوَبَّخَهُ الحاضِرونَ ودانوهُ كُلُّهُم،
فتَنكَشِفُ خَفايا قَلبِهِ، فيَسجُدُ ويَعبُدُ الله مُعتَرِفًا أنَّ الله بالحقيقَةِ بَينَكُم.

النظام في الكنيسة

فَماذا بَعدُ، أيُّها الإخوَةُ؟ عِندَما تَجتَمِعونَ ولِكُلِّ واحدٍ مِنكُم تَرنيمَةٌ أو تَعليمٌ أو وَحْيٌ أو رِسالةٌ بِلُغاتٍ أو تَرجَمَةٌ، فلْيكُنْ كُلُّ شيءٍ لِلبُنيانِ.
وإذا تكَلَّمتُم بِلُغاتٍ، فلْيَتكَلَّمْ مِنكُم اثنانِ أو ثلاثةٌ على الأكثَرِ، واحدٌ بَعدَ الآخَرِ، وليكُنْ فيكُم مَنْ يُتَرجِمُ.
وإذا كانَ لا يُوجَدُ مُترجِمٌ، فَلْيصمُتِ المتكلِّمُ بلغاتٍ في الكنيسةِ ويُحَدِّثُ نَفسَهُ واللهَ.
أمَّا الأنبياءُ، فلْيتكَلَّمْ مِنهُم اثنانِ أو ثلاثةٌ، وليَحكُمِ الآخَرونَ.
وإنْ تَلَقَّى غَيرُهُم مِنَ الحاضِرينَ وحْيًا مِنَ اللهِ، فلْيَصمُتْ مَنْ كانَ يَتكَلَّمُ،
لأنَّ في إمكانِكُم كُلِّكُم أنْ تَتَنبّأوا، واحدًا بَعدَ الآخَرِ، ليتَعَلَّمَ جميعُ الحاضِرينَ ويتَشَجَّعوا.
فأرواحُ الأنبياءِ خاضِعَةٌ لِلأنبياءِ،
فما اللهُ إلَهَ فوضى، بَلْ إلهُ السَّلامِ.وكما تَصمُتُ النِّساءُ في جميعِ كنائِسِ الإخوَةِ القِدِّيسينَ،
فلْتَصمُتْ نِساؤُكُم في الكنائسِ، فَلا يَجوزُ لَهُنَ التَّكَلُّمُ. وعلَيهنَّ أنْ يَخضَعْنَ كما تَقولُ الشَّريعةُ.
فإنْ أرَدْنَ أنْ يتَعَلَّمنَ شيئًا، فلْيَسْألنَ أزواجَهُنَّ في البَيتِ، لأنَّهُ عَيبٌ على المَرأةِ أنْ تَتكَلَّمَ في الكنيسةِ.
هَلْ صدَرَتْ عَنكُم كَلِمَةُ اللهِ، أمِ انتَهَتْ إلَيكُم وحدَكُم؟
إنْ حَسِبَ أحدٌ نَفسَهُ نَبـيًّا أو صاحِبَ مَوهِبَةٍ روحِيَّةٍ أُخرى، فلْيَعلَمْ أنَّ ما أكتُبُهُ إلَيكُم هوَ وَصِيَّةُ الرَّبِّ،
فإنْ تَجاهَلَ ذلِكَ، فتَجاهَلوهُ.
فارغبوا إذًا، يا إخوَتي، في مَوهِبَةِ النُّبوُءَةِ ولا تَمنَعوا أحدًا أنْ يتكَلَّمَ بِلُغاتٍ.
ولْيكُن كُلُّ شيءٍ بِلَياقَةٍ ونِظامٍ

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM