القسم الأول: بداية التاريخ البشري اسهروا لأنكم لا تعرفون

اسهروا لأنكم لا تعرفون
صلاة البدء
تدعونا يا يسوع إلى السهر. فقد تأتي في أيّة ساعة من ساعات النهار أو الليل. تأتي في ساعة لا ننتظرها، لا نتوقّعها. تدعونا يا يسوع لكي نكون مستعدّين. قناديلنا مهيّأة. وزيتنا وافر. وإلاّ انطفأت مصابيحنا وظللنا خارجًا. لا تسمح يا يسوع بذلك.
قراءة النصّ
مت 25: 1- 13
نصمت بعد القراءة ثلاث دقائق ونطرح على نفوسنا الأسئلة التالية:
كيف نعتبر نفوسنا مستعدّين للقاء العريس؟ ابانتظار متشنّج وصبر نفد؟
وهل يكون سهرُنا سهر الموت أو سهر الحياة الآتية إلينا؟
وما هو الزيت الذي نهيّئه يومًا بعد يوم؟
دراسة النصّ
عشر عذارى. أي مجمل العذارى اللواتي يسرن في موكب العريس. كلنا عذارى. كلنا بتولون وبتولات ننتظر مجيء الرب. نحن كلنا هنا في الليل، ليل العالم وما فيه من بُعد عن نور المسيح. ويأتي يسوع في نصف الليل، فيفصل بين زمن وزمن. زمنُ مجيئه هو بداية الصباح. أما قبل ذلك، فنعاس ونوم. قبل ذلك، هو الموت الذي بعده تقوم وتدخل إلى الحياة. من أجل هذا يقول النص: قامت العذارى. قمن من النوم. قمن من الموت للقاء الحياة.
عذارى جاهلات. والجاهل هو ذاك الذي يقول في قلبه: الله غير موجود. تأخّر مجيئه. إذن، لن يجيء. فيضرب رفاقه ويأكل ويشرب مع السكّيرين (24: 29). يقول: لنأكل ونشرب. فإنّ غدًا نموت. جهل معنى الحياة. وجهل الموت الذي يفتح على حياة عديدة هي تفتّح لحياة عشناها على الأرض. وعذارى حكيمات. ورأس الحكمة مخافة الله. رأى الحكمة العمل بوصايا الربّ. أما النصّ فدلّ على الاختلاف بين عذارى وعذارى. كلهنّ يحملن المصابيح. كلهن يستطعن أن يكنّ نورًا في موكب من هو نور العالم. ولكن الجاهلات لا يحملن زيتًا. فكيف يسعلن مصابيحهنّ؟ وهل يُشترى مثل هذا الزيت في المدينة؟ وهل يؤخذ من الآخرين؟ كلا. فكل إنسان في تلك الساعة يجازى بحسب أعماله. زيتنا هو حياتنا وما فيها من محبّة الله ومحبّة القريب. لهذا فهو لا يُشرى ولا يباع.
خاف الرسل من النهاية. تساءلوا عن العلامة التي تدلّ على مجيء الرب ونهاية العالم. أما يسوع فرفض أن يجيب على هذا السؤال، بل رفع أنظارهم إلى أمر آخر وهو السهر. أخبرهم أن الملكوت بدأ يظهر. وأن العذارى (وكل واحد منا) يعشن في السهر حين "يجمعن" الزيت الذي يشعل مصابيحهنّ.
نامت العذارى كلهنّ. والنوم يدلّ هنا على الموت. توقّف كل نشاط بشري، فانتظر الجمع مجيء العريس. والصياح يدلّ على أن كلّ شيء ينتهي. هو صياح المنادي الذي يهيّئ الطريق، "للملك" الآتي بعده. بعد هذا الصياح، لا نستطيع أن تفعل شيئًا، فنقف في كل عرينا أمام الرب. لا زيت مع الجاهلات. فنالهنّ توبيخ من الحكيمات. ولكن الكلام القاسي جاء من العريس: لا أعرفكنّ. لسن نورًا، بل ظلام. فكيف يجتمع النور والظلام في يسوع الذي هو نور العالم؟ ما عرفهنّ، وما أراد أن يتعرّف إليهنّ. يا ليتهنّ التمسن رحمته ساعة مرّ، ولم يتأخرنّ طالبات الوسائل البشريّة. لقد فهمت أن السهر يعني الزيت الذي يشعل مصابيحهن، لا الانتظار العقيم الذي لا يعطي ثمرًا.
التأمّل
نتأمّل عشر دقائق في نقطة من هذه النقاط، ونفهم أن حياتنا الحقّة هي إيماننا الذي يتجسّد في حياتنا وفي أعمالنا. لا ننتظر اليوم الأخير لكي "تشتري" زيتًا: بل نجمعه قطرة قطرة في كل ساعة من ساعات حياتنا. ولا نتأخّر.
المناجاة
ننطلق من هذا الإنجيل وما شاركنا فيه، ونتساءل: ماذا فعلنا حتى الآن؟ مصابيحنا مهيّأة، مزيّنة. هي ما أعطانا الله من حياة. هل يمكن لهذه المصابيح أن تشتعل من نور المسيح؟ فلماذا لا نبدأ منذ اليوم. اليوم نسمع صوت الله. فلماذا نقسّي قلوبنا؟
تأوين النصّ
في مطلع المثل، نرى العذارى. ونتوقّف بشكل خاص عند اللواتي نسين أن الانتظار يطول. ما كان معهنّ زيت ليشعلن المصابيح. وضع مؤلم. في المشهد الأول، نرى العذارى نائمات. لقد تأخّر العريس أكثر ممّا كان متوقّعًا. وصوله المفاجئ أيقظ الجميع وانطلق الموكب ليدخل إلى قاعة العرس. في المشهد الثاني شعرت الجاهلات أنهن لا يستطعن الانضمام إلى الحدث الذي انتظرته. فهمن أن أحدًا لا يستطيع أن يفعل لهنّ شيئًا: ما فعلن شيئًا من أجل نفوسهنّ، وها هي ساعة الحقيقة. في المشهد الثالث، ظلّت الجاهلات في الخارج وما نفعهنّ التوسّل إلى العريس.
هكذا نحن. وإن كنا مشدودين إلى الآخرة، إلى مجيء الربّ، إلى ساعة موتنا، فيجب علينا أن نتخذ الإجراءات لنعيش إيماننا في مدى السنوات. من يقف في اللحظة الحاضرة سينال دينونة قاسية. سكرة اللحظة التي نعيش تبقى كاذبة. هي مخدّرة. المؤمن هو الذي يعيش في الحاضر مستخرجًا العبرة من الماضي ومهيّأة المستقبل.
صلاة الختام
الصلاة الربيّة أو ترتيلة.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM