قريب الجريح هو الذي عامله بالرحمة
صلاة البدء
نستمع إليك يا يسوع تلخّص الشريعة كلها في محبّة الله ومحبّة القريب. نستمع إليك يا يسوع تدعونا إلى أن نتوسّع في نظرتنا، فلا يكون قريبنا فقط ابن قرابتنا، ابن بلدتنا، ابن ديننا، ابن وطننا. كل إنسان هو قريبنا، وقد وضعته في طريقنا. فالويل لمن قال عنه ومشى في طريقه. والويل لنا!
قراءة النصّ
لو 10: 25- 37
نصمت بعد القراءة ثلاث دقائق ونطرح على نفوسنا الأسئلة التالية:
إلى أين يصل نظري واهتمامي؟ إلى إخوتي وأخواتي... أم يصل أبعد من ذلك؟
هل أنا من الذين يقولون: أحبّ من يحبني...؟ هكذا يفعل العشّارون.
هل أنا أحبّ كما يحب يسوع، حبًا لا حدود له؟ ولو وصل بنا هذا الطريق إلى محبّة الأعداء؟ وهل للمسيحيّ أعداء؟
دراسة النصّ
طرح هذا العالم في الشريعة سؤالاً، حاول فيه أن يكتشف كيف يرث الحياة الأبديّة. والحياة الأبديّة هي حياة حميمة مع الآب عبر رسالة يسوع الذي يكشف لنا كشفًا كاملاً الرحمة التي تعمر قلب الآب (آ 37). ففي يسوع، جاء الآب إلى البشر، صار قريبًا منهم، دلّ على ذاته أنه أب أين منه آباء البشر، وأنه أمّ تتحرّك أحشاؤها تجاه أولادها مثل هذا السامريّ الذي تحرّكت أحشاؤه حين رأى هذا الجريح، وقد تُرك بين حيّ وميت. أجل، الحياة الأبديّة مسيرة بها نقترب من الإنسان، من كل إنسان نلتقي به في طريقنا، فيكون عملنا برهانًا على محبّة الله ورحمته.
حواران بين يسوع وهذا العالم في الشريعة. في حوار أول فهمنا محبّة الله، كما ينشرها اليهوديّ ثلاث مرات في النهار، في صلاته، ومحبّة القريب التي يدعونا إليها سفر اللاويين لكي نكون قدّيسين كما أن الله الآب قدوس هو. عرف هذا الرجل ما يجب أن يعمل لكي ينال الحياة الأبدية. فيبقى عليه أن لا يظلّ على مستوى المعرفة العقليّة والعلم النظري يبقى عليه أن يفعل إذا أراد أن يحيا. فالعمل بشريعة الله حياة. ولكن يبدو أن هذا المعلّم أراد أن يبعد الموقف الذي يجب عليه أن يتّخذه. أراد أن يبرّر نفسه. أو هو أراد أن يعرف إلى أين تصل به شريعة المحبّة.
وقبل الحوار الثاني، جاء المثل. يكفي أن نرى لنعرف ماذا يجب أن نعمل. بدا هذا الجريح قريبًا من الكاهن واللاوي على مستوى العرق والدين. ولكنه في الواقع كان بعيدًا. أو هما ابتعدا عنه لكي لا يرياه. والسامري هو بعيد كل البعد عن الجريح. فاليهود يحتقرون السامريين، والسامريون يردّون لهم بضاعتهم. فالسامريّة رفضت أن تعطي يسوع حتّى شربة ماء. بل منعته أن يتكلّم معها. واليهود منعوا السامريين من مساعدتهم على بناء الهيكل. ومع ذلك، فهذا السامري صار قريبًا من الجريح. هو تقرّب منه. ساعده. جعل حياته في خطر. من يدري؟ قد يكون اللصوص غير بعيدين عن المكان!
القريب ليس ذاك الذي يتقرّب منّا لأنه يحتاج إلينا. يحتاج إلى مساعدتنا؟ إلى مالنا، إلى حضورنا. القريب هو ذاك الذي نذهب إليه والربّ أعطانا ما أعطانا. لم يقل يسوع: إلى من اقترب الجريح؟ بل: من اقترب من الجريح؟ من صار قريب الذي وقع بين أيدي اللصوص؟ تبدّل الوضع كله. القويّ يتقرّب من الضعيف. والغني من الفقير. والكبير من الصغير. هكذا فعل السامريّ، وهكذا نفعل نحن، وإلاّ ظلّت محبتنا على مستوى القول والكلام، ولم تصل إلى العمل والحقّ.
التأمّل
نتأمّل عشر دقائق في نقطة من هذه النقاط. ونفهم أن البحث عن الحياة الأبدية لا يقوم على نظريات تجعلنا نقول: نحن نحبّ البشرية وننسى أخانا الذي بقربنا، والإنسان الذي نلتقي به في الطريق. السبت يبدأ بالعمل. حين نعمل من أجل الآخر نحّيه، لأنه حيث المحبّة هناك الله. فالله محبّة.
المناجاة
ننطلق من هذا الإنجيل وما شاركنا فيه ونتساءل: امتنع الكاهن عن مساعدة أخيه بسبب وظيفته. هو يتنجّس أن لمس الدم. فلا يستطيع أن يقدّم الذبيحة. ومثله فعل اللاوي، قد يكون تأخّر عن الخدمة. وقد يكون الاثنان خافا من خطر على حياتهما... كل هذا تجاوزه السامري. ترك أحشاءه تتكلّم فكان صورة عن المسيح.
تأوين النصّ
أحبّ الرب الهك. أحبّ قريبك كنفسك. نحن هنا أمام خلاصة الشريعة والأنبياء. وقال لنا أوغسطينس: أحبب وافعل ما تشاء. فمن يحبّ القريب لا يسيء إليه. بل يذهب إلى مساعدته ولا يُبطئ. ونرى أناسًا لا اسم لهم. بل يُعرفون بوظيفتهم. هناك اللصوص وصاحب الفندق. هذا على المستوى الاجتماعي. وعلى المستوى الديني، هناك الكاهن واللاوي. وأخيرًا، هناك السامريّ، والنصّ يتوسّع في ما عمله من أجل هذا الجريح الذي لا يعرفه، ولا تربطه به قرابة بشريّة أو دنيويّة. ويبقى ذلك الجريح. لا نسب له ولا حسب ولا وظيفة. ما يميّزه هو وضعه بين الحياة والموت. فهل يجد من يقترب منه، من يتقرّب إليه. أما يميلون كلهم عنه ويبتعدون؟ كان يمكن أن يمرّ يسوع من هنا. ولكن مرّ السامريّ فرسم في عمله عملَ يسوع. وكان يمكن أن يمرّ واحد منا...
صلاة الختام
الصلاة الربيّة أو ترتيلة.