تقديم

تقديم
الرسالة الثانية إلى تسالونيكي رسالة ما زالت تطرح الأسئلة العديدة. يرى معظم الشرّاح أن الرسول قد دوّنها بعد الرسالة الأولى ببضعة أشهر. ولكن إن وُجد العنوان الواحد في الرسالتين، وإن كانت الكنيسة قبلت بهما منذ القرن الثاني على أنهما من تدوين بولس، إلاّ أن الأسئلة العديدة ما زالت تطرح حول نسبة 2 تس إلى الرسول. قالوا: هناك كلمات لا نجدها في الأدب البولسيّ، بل فقط في 2 تس. وقالوا: هناك معانٍ لبعض الكلمات لا نجدها في سائر الرسائل البولسيّة. أما الاعتراض الأهم فهو الشبه الكبير بين الرسالتين ما عدا 2 تس 2: 1- 12 والحديث عدن تأخرّ المجيء. ومع ذلك فالأسلوب يختلف بين رسالة ورسالة، واللهجة أيضاً. لماذا تبدّل بولس في بضعة أشهر؟ يياقى السؤال مطروحاً.
والتعليم المتعلّق بأحداث نهاية الأزمنة لا يعود إلى ما كتب قي 1 تس 5: 1- 6 حول المجيء المفاجئ ليوم الربّ. قالت 1 تس إننا ننتقلَ فجأة من سلام ظاهر إلى الدمار. أما 2 تس فصوّرت مراحل تاريخ البشر قبل التجليّ المجيد للمسيح. يقول قائلٌ إشا العالم الجلياني مزج دوماً هذين الموضوعين، فجائية الحدث والعلامات المنبئة به (مر 13: 1 ي). ولكن، إذا كان بولس قد أعطى تعليماً عن الأزمنة الأخيرة، إلا أن هذا التعليم لا يترك مكاناً للجحود وحضور الأنتيكرست، حضور المناوئ للمسيح.
ورأى الكاتب أن بعض المسيحيين الذين تيقنوا من قرب عودة المسيح، أخذوا يعيشون وكأن يوم الربّ فد جاء، مستندين إلى تعليم رسولي لم يفهموه. عاش بعض أعضاء الجماعة في الكسل، تركوا متطلبات الحياة اليوميّة، وتخلّوا عن العمل. ما أرادوا بعد أن يشتغلوا. وجاءت التوضيحات في ف 2 حول الآحداث التي تسبق مجيء الربّ، فكانت جواباً لهذا الوضع
لقد بدأ إبليس عمله في هذا العالم. والاضطهادات التي يقاسيها المسيحيون هي علامة على هذا العمل. وهكذا تنقسم البشرية بين مؤمنين ولا مؤمنين. وسينمو الكفر والكذب والظلم. والسرابات والانخداعات ستكون الخطر الاكبر، فيحسبون الكذب صدقاً، والجور عدالة.
ويأتي زمن الجحود ساعة يظهر الكافر، الأنتيكرست الذي يجسّد جميع قوى الشر. هو لم يأت بعد لأن شيئاً أو شخصاً يعوق مجيئه. فحين يزول هذا العائق يظهر الكافر بكل قوّته الشيطانية. وبعد مجيء هذا الكافر، يتجلىّ الرب بدوره ويزيل هذا العدوّ.
تلك هي الأفكار الرئيسية في 2 تس التي تحاول أن تقدّم جواباً لأناس نسوا تعليم الرسول فعاشوا في الضلال ونسوا السهر والصلاة استحداداً للجهاد الذي ينتظر الكنيسة والمؤمنين. تلك هي التوصيات التي يقدّمها الرسول أو أحد تلاميذه إلى هؤلاء المسيحيين الجدد: لا نسلك بالكسل، بل نشتغل بتعب وكدّ، نشتغل في سكينة فلا نكون عبئاً على أحد. عندئذ ينالون السلام من ربّ السلام بعد أن عرفت قلوبهم البلبلة والاضطراب. ينالون نعمة ربما يسوع المسيح من أجل نموّ إيمانهم في علاقتهم مع الربّ، وازدياد محبّتهم تجاه الجماعة كلّها بحيث يحسبون الجميع أخوة لهم. وهكذا يستحقّون أن يكونوا برفقة يسوع عندما يأتي في مجد قدرته ليتمجّد في قديسيه.


Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM