الفصل السادس أوبوليموس المؤرّخ

الفصل السادس
أوبوليموس المؤرّخ
كان أوبوليموس مؤرّخاً يهودياً (بداية القرن الأول ق.م) ترك، على ما يبدو مؤلّفاً عن "ملوك يهوذا". وقد بقي من هذا المؤلّف خمسةُ أجزاء.
في الجزء الأول، يجعل الكاتبُ من موسى أوّلَ الحكماء بعد أن اخترعَ الأبجديّة وكتب الشرائع.
في الجزء الثاني، وهو أطول الأجزاء، يقدّم اوبوليموس تاريخ بني اسرائيل، من موسى إلى سليمان، ويتكلّم بالتفصيل عن بناء هيكل أورشليم.
في الجزء الثالث، يتواصل خبرُ سليمان.
في الجزء الرابع، يتحدّث المؤرّخ عن الملك يوياكين، الذي في أيامه تنبّأ إرميا وسقطت أورشليم في يد البابلونيين.
في الجزء الخامس، يقدّم اوبوليموس لوحة بعدد السنين من آدم والخروج، إلى السنة الخامسة في حكم ديمتريوس، ملك السلوقيين، أي سنة 158 - 157 ق.م.
احتفظ بهذه الأجزاء، اسكندر يوليهستور، هذا المؤرّخ اليوناني الذي اشتهر في منتصف القرن الأول ق.م. هو ينقل مراجعَه في أسلوب غير مباشر ويبدو أميناً لمراجعه.
نحن لا نمتلك كل ما أورده بوليهستور "حول اليهود" في هذا المجال، بل مقاطع أوجزها اكلمنضوس الاسكندراني (150 - 216) في موشّياته، واوسابيوس القيصري (260 - 340) في التهيئة الإنجيلية، الكتاب التاسع.
26 حسب أوبوليموس، كان موسى أول من اقتنى الحكمة، ونقل الكتابة إلى اليهود. فأخذه الفينيقيون (منه). والهلينيون من الفينيقيّين. وكان موسى أول من دوّن شرائعَ من أجل اليهود.
30 (1) حسب أوبوليموس في كتاب "عن نبوءة إيليا"، تنبّأ موسى أربعين سنة. ثم يشوع بن نون، ثلاثين سنة. عاش 110 سنوات، وثبّت الخيمة المقدّسة في شيلو. (2) بعد ذلك، صار صموئيلُ نبياً، ومات بعد أن حكم 21 سنة. (3) ثم اعتلى داودُ ابنُه العرش. فأخضع السوريين المقيمين على شاطئ الفرات ومنطقة قوماجينا والأشوريين في جلعاد، والفينيقيّين. وحارب أيضاً ضد الأدوميين والعمونيّين والموآبيين والايطوريّين والنباطيين والندبيّين. (4) ثم قام بحملة على صورون، ملك صور وفينيقية. وأجبرهم جميعاً على دفع الجزية لليهود. ومع خفرع ملك مصر، عقد معاهدة. (5) وإذ أراد داود أن يبني هيكلاً لله، طلب منه (= من الله) أن يدلّه على موقع المذبح. حينئذ تراءى له ملاك، واقفاً فوق الموضع الذي فيه نُصب المذبحُ في أورشليم. ومنعه هو أن يبني الهيكل، لأنه تنجّس بدم البشر، وحارب خلال سنوات عديدة. (6) اسم هذا الملاك دياناتان، الذي أمره بأن يكلّف ابنَه بالبناء وتهيئة المواد الضروريّة، من ذهب وفضّة ونحاس وحجر وخشب سروٍ وأرز. (7) بعد أن سمع داود هذا، بنى سفناً في إيلات، ومدينة في عرابية، وأرسل عمّأل المناجم إلى أوفير التي تقع على البحر والأحمر، والتي هي غنيّة بالذهب. ومن هناك، جاء العمّال بالذهب إلى اليهوديّة. (8) وبعد أن حكم داود أربعين سنة، سلّم السلطة إلى ابنه سليمان، وهو ابن اثني عشر عاماً، بحضور عالي عظيم الكهنة ورؤساء القبائل الاثنتي عشرة. وسلّم إليه الذهب والفضة والنحاس والحجر وخشب السرو والأرز، وكتب إلى خفرع. ملك مصر، الرسالة التالية: رسالة خفرع إلى سليمان.
31 من الملك سليمان إلى خفرع، ملك مصر وصديق والدي. سلام.
إعلم أني تسلّمتُ المُلك من داود والدي بنعمة الله العليّ الذي أمرني أن أبني هيكلاً لله، خالق السماء والأرض، وفي الوقت عينه أن أكتب إليك لتُرسَل من رجالك من يساعدُني لكي أتمّم كلَّ المطلوب، كما أُمرتُ.
32 من الملك خفرع إلى سليمان الملك العظيم، سلام.
حين قرأتُ رسالتَك فرحتُ فرحاً عظيماً، واحتفلتُ بيوم عيد، أنا وكل حاشيتي، لأنك تسلّمتَ المُلك من رجل صالح، وبموافقة إله عظيم. أمّا في ما يتعلّق بما كتبتَ لي، أي أن أرسل رجالاً من خدمي، فأنا أرسل إليك 80000. وأقول لك عددهم وموطنهم: من منطقة سابريتا، 10000. من كل من منديس وسيبانة، 20000. من كل من بوسيريس، وليونتوبوليس واتريبا، 10000. اهتمّ بحاجاتهم ونظّم ما تبقّى أفضل تنظيم، كما بعودتهم إلى مناطقهم حين يُنهون عملهم.
33 من الملك سليمان إلى صورون، ملك صور وصيدون وفينيقية، صديق والدي، سلام.
إعلم أني تسلّمت الملك من داود والدي، بنعمة الاله العليّ، الذي أمرني أن أبني هيكلاً لله، خالق السماء والأرض، وأن أكتب إليك لكي ترسل إليّ من رجالك ليساعدوني فأُتمّ ما طلبه الله، كما أمرتُ. وأن أكتب أيضاً إلى الجليل والسامرة وأرض موآب وعمون وجلعاد، أن يقدّموا الطعام الضروريّ من أرضهم، كلَّ شهر عشرة آلاف كرّ (والكر يساوي ست ارتابات). وعشرة آلاف كرّ من النبيذ (كرّ النبيذ يساوي عشر كيلات). أما الزيت وسائر الأمور الضروريّة، فتقدّمه اليهوديّة، وتقدّم عرابية القطعان لتُنحَرَ وتؤكل.
34 (1) من صورون إلى سليمان، الملك العظيم، سلام.
تبارك الله، خالق السماء والأرض، الذي اختار رجلاً نبيلاً ابن رجل نبيل. لما قرأتُ رسالتك، فرحتُ فرحاً عظيماً وباركتُ الله لأنك اعتليتَ العرش.
أما في شأن ما كتبتَ إليّ عن أناس في خدمتي، فأنا أرسل إليك 80000 من الصوريّين والفينيقيّين. وأرسل إليك أيضاً مهندساً صورياً من أم يهودية، ومن عشيرة داود. فهو يعلمك ويهتمّ بكل ما تطلبه من أعمال هندسيّة، تحت السماء. أما بالنسبة إلى الطعام الضروريّ للخدم الذين أرسلهم إليك، فأعط التعليمات لحكّام المناطق ليؤمّنوا لهم ما هو ضروريّ.
(2) فلما صعد سليمان مع أصدقاء أبيه إلى جبل لبنان، نقل مع الصيدونيّين والصوريين الخشب الذي قطعه بحراً إلى يافا، ومن هناك براً إلى أورشليم. وشرع يبني هيكل الله وهو ابن ثلاثة عشر عاماً. قام بالعمل الشعوبُ المذكورة سابقاً، والقبائلُ اليهوديّة الاثنتا عشرة، التي قدّمت إلى الـ160000 الطعام الضروريّ، فأمنّته كلَّ شهر قبيلةٌ. ووضع أساساتِ هيكل الله: طولها 60 ذراعا. عرضها ستون ذراعاً. وكان عرض البناء والأساسات عشر أذرع، كما أوصاه ناتان، نبيّ الله.
(3) كان يضع على التوالي صفاً من الحجارة وطبقة من خشب السرو، وكان يربط الصفين بكلاَّبات من نحاس تزن الواحدة مثقالاً واحداً. من أجل هذا البناء، غطّى الجدران بخشب الأرز والسرو، بحيث لم يعد يُرى الحجرُ المبنيّ. وفي الداخل، طلا بالذهب المعبد، فوضع صفائح ذهبية من ست أذرع، ثبّتها في الحائط بمسامير من فضة، يزن الواحد مثقالاً واحداً وبشكل ثدي، وكانت المسامير أربعة.
(4) وطلاه بالذهب من الأرض إلى السقف، ووضع في السقف صناديق ذهبيّة. وجعل السقف من نحاس، أي قرميدات من نحاس صُبَّ ووُضع في قالب. وصنع عمودين من نحاس غطّاهما بالذهب النقيّ سماكة إصبع.
(5) كانت العواميد مرتفعة ارتفاع المعبد، وقطرُ كل عمود عشر أذرع. وضع الواحد عن يمين البيت (أي الهيكل)، والآخر عن شماله. وصنع أيضاً عشر منائر ذهبية تزن الواحدة عشرة مثاقيل، ومثالها المنارة التي وضعها موسى في خيمة الشهادة. وضعها من جهتَي السور المقدس، بعضها إلى اليمين وبعضها الآخر إلى اليسار.
(6) وصنع أيضاً سبعين سراجاً ذهبياً، بحيث يشتعل سبعة سرج على كل منارة. وصنع أبواب المعبد وزيّنها بالذهب والفضة، وتوّجها بصناديق من أرز وسرو.
(7) وصنع أيضاً، شماليّ المعبد، بوّابة يُسندها 48 عموداً نحاسياً. وأضاف حوضاً نحاسياً. طوله عشرون ذراعاً، وعرضه عشرون، وارتفاعه خمس أذرع. وخارج القاعدة وضع حرفاً عرضه ذراع يقف عليه الكهنة ليغسلوا أقدامهم أو أيديهم. وجعل للحوض اثنتي عشرة قاعدة محفورة ومرتفعة ارتفاع رجل، وجعلها في القسم السفلي من الحوض، عن يمين المذبح.
(8) وصنع أيضاً قاعدة من نحاس ترتفع ذراعين، على مدّ الحوض، لكي يقف عليها الملك، حين يصلّي، فيراه الشعب اليهوديّ. وكان طول المذبح 25 ذراعاً، وعرضه 20، وارتفاعه 12 ذراعاً.
(9) وصنع شبكتين نحاسيّتين، بشكل حصيرتين، ووضعهما على منصّات ترتفع 20 ذراعاً فوق الهيكل فتظلّل المكانَ المقدّس. وربط بكل حصيرة 400 جرس نحاسيّ صغير، يزن كل منها مثقالاً واحداً. وصنع جميعَ الحصر (هكذا) بحيث تُخيفَ دقّةُ الأجراس العصافيرَ، فتمنعها من أن تقف على المذبح، وتصنع عشّها في صناديق الأبواب والبوّابات، فتنجّس الهيكل بذرقها.
(10) وأحاط أورشليم أيضاً بأسوار وأبراج وخنادق. وبنى لنفسه قصراً.
(11) دُعي المعبد أولاً "هيكل سليمان". وبعد ذلك، فسُد اللفظ فسُمّيت المدينة باسم هيكلها، أورشليم. وسمّاها اليونان باسم قريب: أورشليمة.
(12) وبعد أن أكمل سليمان الهيكل وحصّن المدينة، مضى إلى شيلو، وقدّم لله محرقات، فذبح ألفاً من البقر. وأخذ الخيمة والمذبح والآنية التي تعود إلى موسى، فحملها إلى أورشليم ووضعها في البيت (= في الهيكل).
(13) وجعل هناك أيضاً تابوت العهد والمذبح الذهبيّ والمنارة والمائدة وسائر الأثاث، كما قال له النبيّ. حينئذ قدّم لله ذبائح عديدة: 2000 من الغنم، 3500 من البقر.
(14) وكل الذهب الذي استعمل للعمودين وللهيكل كان 4600000 مثقال. واحتاجت المسامير وسائر الزينة 1232 مثقالاً من الفضّة. والعواميد والحوض والبوّابة، 18050 مثقالاً من الفضة.
(15) ثم أطلق سليمان المصريّين والفينيقيّين، كلاً إلى بلده، وأعطى كلَّ واحد عشرةَ مثاقيل ذهب. وأرسل إلى خفرع، ملك مصر، عشرة آلاف كيلة زيت، وألف ارتابة من التمر، ومئة جرة من العسل والتوابل. ومن أجل صورون، أرسل إلى صور عموداً من ذهب، هديّة إلى صور في هيكل زوش.
34 (20) قال أوبوليموس:
وصنع سليمان أيضاً ألفَ ترس ذهبيّ، يُساوي كلّ واحد مئة قطعة من الذهب. وعاش اثنتين وخمسين سنة، ملك فيها 50 سنة في سلام.
39(2) وبعد ذلك، صار يوياقيم (ملكاً): خلال حكمه تنبّأ النبي إرميا. أرسله الله، فوجد اليهودَ يذبحون لصنم ذهبيّ اسمه بعل.
(3) فكشف له عن الشرّ الذي ينتظرهم. فنوى يوياقيم أن يحرقه حياً. ولكن قال إنه مع هذا الحطب، يستطيع في الأسر أن يطبخ للبابلونيين ويحفر قنوات متفرّعة من دجلة والفرات.
(4) فلم أعرف نبوخذ نصر بنبوءة ارميا، دعا ملك ماداي استيباريس أن يقوم بحملة معه.
(5) فجنّد البابلونيين والمادايّين وجمع منهم مئة ألف راجل ومئة وعشرين ألف خيّال، وعشرة آلاف مركبة حرب، وبدأ يُخضع السامرة والجليل وسيتوبوليس واليهود المقيمين في جلعاد. ثمّ احتلّ أورشليم وأسرَ يوياقيم، ملك اليهود، ثم انتزع من الهيكل الذهب والفضّة والنحاس وأرسلها إلى بابل، تاركاً تابوت العهد واللوحين اللذين فيه، وعليهما حافظ إرميا.
141 أوبوليموس الذي يعالج الموضوع عينه، قال إن المجموع من آدم إلى السنة الخامسة لديمتريوس أي السنة الثانية عشرة لحكم بطليموس أوارجاتيس الثاني، ملك مصر، هي 5149 سنة. ومنذ الخروج من مصر بقيادة موسى إلى الزمن عينه، 1580 سنة. من هذا التاريخ حتى القنصلين الرومانيين غنايوس دوميتيوس وأسينيوس، 120 سنة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM