الخبر

الخبر
مقدّمة
1(1) تلك هي أقوال احيقار، الكاتب الحكيم والماهر، التي علّمها لابنه. لم يكن له ابن (2) من زرْعه. فقال في نفسه: "سيكون لي ابن". قبل هذا، كان احيقار رجلاً عظيمًا: كان أفضل مستشار في أشورية كلها، (3) وحافظَ ختم سنحاريب، ملك أشورية. وكان يقول: "لا ابن لي". (4) ولكن سنحاريب، ملك أشورية (5) يركن لنصائحي وأقوالي.
موت سنحاريب
في ذلك الوقت مات سنحاريب، ملك أشورية. (5) فقام ابنه أسرحدون فصار ملكًا في أشورية مكان سنحاريب أبيه. عندئذ قلتُ في نفسي: "ها (6) أنا شختُ. فأرسلت في طلب ابن أختي ليخلفني بعد موتي، ويصير (7) كاتبًا وحافظ ختم اسرحدون ملك أشورية كما كنتُ أنا لسنحاريب (8) ملك أشورية". عندئذ تبنّيت نادان ابن أخي (وجعلته) كابني. وربيّته، (9) وعلّمته، ولقّنته الحكمة، وأكثرتُ إحساناتي له. أخذتُ بيده إلى باب القصر معي، أمام الملك، وسط (10) جلسائه. قدّمته أمام اسرحدون، ملك أشورية. فسأله الملك بالنسبة إلى الحكمة، فقال له كل (11) ما سأله. عندها أحبّه اسرحدون، ملك أشورية، وقال لي: "لتطُل حياة (12) الكاتب الحكيم ومستشار أشورية كلها، الذي جاء بابن، لا بابنه هو، بل بابن اخته". (13) ولما قال ملك أشورية هذا الكلام، ركعتُ وقارًا، أنا احيقار، أمام اسرحدون، ملك أشورية.
نادان يخلف احيقار
(14) وفي الأيام التالية، حين رأيتُ، أنا احيقار، أن وجه اسرحدون، ملك أشورية، كان راضيًا عليّ، أجبتُ (15) وقلت أمام الملك: خدمتُ الملك سنحاريب أباك الذي كان ملكًا قبلك والآن... (16)...
2 (17) والآن، ها أنا شخت. ولن أستطيع أن أخدم عند باب القصر، ولا أن اواصل خدمتي لك. (18) ها قد كبُر ابني، الذي اسمه نادان. ليخلفْني ككاتب ومستشار في أشورية كلها، (19) وليكنْ لك حافظ الختم. فقد لقّنته حكمتي ومشورتي". أمّا اسرحدون، (20) ملك أشورية، فأجاب: "أجل، ليكن كذلك. ليكن ابنك لي كاتبًا ومستشارًا وحافظ الختم لي (21) مكانك. وليعمل عملك من أجلي"! فحين سمعتُ ، أنا احيقار، الكلمة المعطاة، (22) مضيتُ إلى بيتي وأخذت قسطًا من الراحة.
خيانة نادان
(23) أما عن ابني هذا الذي ربّيته وقُدته إلى باب القصر، أمام اسرحدون، ملك أشورية، ووسط (24) جلسائه، فقلت في نفسي: "يطلبُ لي الخير مقابل ما صنعته له". ولكن (25) ابن اختي الذي ربّيته، تآمر عليّ للشرّ. فقال في قلبه: (26) "لا شك في أني أقدر أن أقول للملك أقوالاً كهذه: "احيقار، هذا الشيخ الذي كان حافظ الختم لدى (27) الملك سنحاريب أبيك، قد أفسد الأرض عليك، لأنه كان مستشارًا، وكاتبًا (28) عالمًا، وكانت أشورية كلها تستند إلى نصائحه وأقواله". أما اسرحدون فحين (29) يسمع مثل هذه الأقوال التي أقولها له، يغضب غضبًا عظيمًا ويقتل احيقار". (30) فابني الذي لم يكن ابني الخاص بل ابن أختي، حين نوى هذا الشر عليّ... (31)...
الحكم على احيقار بالإعدام
3 (32) حينئذ امتلأ اسرحدون، ملك أشورية، غضبًا وقال (33):"ليأت إليّ نبوسومسكون، أحد ضبّاط أبي، الذي أكل خبز أبي". (34) قال له الملك: "تبحثُ عن أحيقار هذا. وحيث تجده (35) تقتله. فإن كان أحيقار الشيخ هذا كاتبًا حكيمًا (36) ومستشار أشورية كلها، فلماذا يُفسد الأرض علينا". (37) وحين قال ملك أشورية هذا الكلام، عيّن معه رجلين آخرين ليريا كيف (38) يتمّ هذا. عندئذ ركب نبوسومسكون هذا جواده السريع، (39) ومثله (فعل) الرجلان معه. ثمّ بعد ثلاثة أيام، (40) رآني هو والرجلان اللذان كانا معه. أما أنا فكنت أتنزّه بين الكروم. (41) حين رآني هذ الضابط نبوسومسكون، مزّق حالاً رداءه وبكى وقال: (42) "هذا أنت، أيها الكاتب الحكيم ومعطي النصائح الصالحة. كنتَ رجلاً بارًا، (43) فانتظمت أشورية كلها حسب نصيحتك وكلامك. (44) ابنك، الابن الذي ربّيته، الذي جئت به إلى باب القصر، قد اتهمك(32) بالشرّ ودمّرك، فانقلبت (45) عليك الأمور".
طلب احيقار العفو
وفي الحال، خفتُ أنا أحيقار. فأجبتُ هذا الضابط نبوسومسكون وقلتُ له: (46) "أجل. أنا أحيقار الذي نجّيتك في الماضي من موت لا تستحقّه، (47) حين غضب عليك الملك سنحاريب، أبو اسرحدون، (48) فطلب قتلك. جئتُ بك حالاً إلى بيتي الخاص. وهناك اعتنيتُ بك
4 (49) كما الرجل بأخيه، وأخفيتك عنه حتّى الزمن المناسب، وقلت: "قتلته". وبعد (50) أيام كثيرة، قدّمتك إلى الملك سنحاريب، ونلت عفوًا عن ذنوبك أمامه، (51) فما صنع بك شرًا. ثم إن الملك سنحاريب سُرَّ لأنني أبقيتُ عليك وما قتلتك. فأنت، مقابل ما فعلتُ لك، إفعل لي. (52) لا تقتلني. خذني إلى بيتك، إلى أيام أخرى. (53) فقد عُرف عن اسرحدون أنه انسان رحيم. في النهاية سيتذكّرني ويرغب في مشورتي. (54) حينئذ أنت تقدّمني إليه فيُبقي عليّ".
فلبّى الضابط الطلب
عندئذ أجاب الضابط، وقال نبوسومسكون لي: "لا تخف (55)، يا سيّدي أحيقار، يا أبا أشورية كلها، يا من اعتاد الملك سنحاريب وكل الجيش الاشوريّ أن يستند إليه". (56) وفي الحال، قال الضابط نبوسومسكون لرفيقيه، للرجلين الذين كانا معه: (57) "اسمعا. اقتربا مني وأنا أخبركما بما خطّطتُ، وخطّتي صالحة جدًا". (58) حينئذ أجابه هذان الرجلان: "تقول لنا أيها الضابط نبوسومسكون (59) ما فكّرتَ به ونحن نطيعك". حينئذ أجاب الضابط نبوسومسكون وقال لهما: "اسمعا لي: (60) "إن أحيقار هذا كان رجلاً عظيمًا. كان حافظَ ختم الملك اسرحدون، (61) وقد اعتاد الجيش الأشوريّ كله أن يستند إلى نصحه وأقواله. حاشا لنا أن نقتله! ها هو خصيّ (عبدي) لديّ. (62) تعاليا نقتله بين هذين الجبلين مكان أحيقار. وحين يُرفع تقرير إلى الملك، يرسل أناسًا آخرين (63) بعدنا ليروا جسم احيقار هذا. عندئذ يرون جسم عبدي الخصيّ. وهذا يكون نهاية الموضوع.
5 (64) إلى أن يتذكّر أخيرًا الملكُ اسرحدون أحيقارَ، ويرغب في نصائحه، ويحزن (65) لفقدانها. حينئذ يلتفت إليّ الملك اسرحدون ويقول لضبّاطه وجلسائه: (66) "أعطي الأموال الكثيرة كرمل البحر إن وجد أحدٌ لي أحيقار". وان هذه الخطّة (67) بدت صالحة لرفيقيه. فأجابا الضابط نبوسومسكون: (68) "إفعل كما نويت. لن نقتله، بل تعطينا (69) العبد الخصي مكان أحيقار هذا، فيُقتل بين هذين الجبلين".
أخفيَ احيقار
(70) في ذلك الوقت، انتشر الخبر في أرض أشورية، أن أحيقار، كاتب الملك اسرحدون، (71) قد قُتل. عند ذلك، أخذني الضابط نبوسومسكون إلى بيته وأخفاني. بالاضافة إلى ذلك، (72) اعتنى بي هناك كما يعتني الرجل بأخيه. وكان يقول لي... "الخبز والماء (73) يعطيان لسيّدي. إذا...". (74) فأعطاني الكثير من الطعام والوفر من الخير.(75) بعد ذلك مضى هذا الضابط نبوسومسكون إلى الملك اسرحدون، وقال له: فعلتُ كما أمرتَني. (76) مضيتُ إلى أحيقار، فوجدتُه وقتلته". حين سمع الملك اسرحدون هذا، (77) سأل الرجلين اللذين عيّنهما ليكونا مع نبوسومسكون. فقالا: "حصل الأمرُ كما قال". (78) وإذ كان الملك اسرحدون....

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM