مقدمة

مقدمة

من دواعي الفرح هذه النهضة الكتابيّة داخل العالم العربي ولا سيّما مصر ولبنان: من شروح ودراسات وكتب روحيّة ووسائل بحث من قواميس وموسوعات وغيرها.
ومن دواعي الفرح أن أقدّم الأب ريمون هاشم الذي أراد أن يكون له "حجره" في هذا البناء على مستوى الكتاب المقدّس. اسم كتابه الذي هو الباكورة وسيتبعه بإذن الله كتب أخرى: تعابير الخلاص عند حزقيال. إنّ ما يقدّمه الأب ريمون هو حصيلة عمل نال على أثره شهادة الماجستر في جامعة ليون الفرنسية. وقد نقله إلى العربيّة الأستاذ جرجس خليفة، وحاولت أن أعيد النظر به قدر الإمكان محافظاً على روح المؤلّف وروح المترجم.
من المسيح، إلى الروح، إلى الحضور. تلك هي محطّاته الثلاث. أيّ مسيح انتظره حزقيال في وضع مأساوي عاشه الشعب العبرانيّ الذاهب إلى المنفى بعد خسران المدينة والهيكل، بعد ضياع السلالة الملكيّة؟ إنه مسيح بشكل كاهن. وسيحتاج بنو إسرائيل إلى "روح" الله ليعيد إليهم الحياة بعد أن أصبحوا كالأموات حين تهجّروا من أرضهم. بعد أن أصبحوا "عظاماً يابسة" ستعود إليهم الحياة. حينذاك، يستطيعون العودة. وحضور الله الذي رافقهم من رحيلهم على أرضهم، يعود معهم فيقيم في هيكله وفي أرضه التي ستكون مقدّسة، مكرّسة لله وحده.
المسيح، الروح، الحضور. نحن هنا أمام مثلّث سيقودنا إلى ما علّمنا إيّاه العهد الجديد عن الثالوث الأقدس: من الابن، إلى الروح، إلى الآب الذي أرسل ابنه إلى العالم ليخلّص العالم، الذي أرسل روحه منذ بداية الخليقة ليخرج من المياه كل حياة، وأرسله في عماد المسيح من أجل خليقة جديدة يكون بكرَها يسوعُ المسيح.
ولكنّ حزقيال لا يصل إلى هذا المستوى من التفكير. بل نحن قرأنا العهد القديم على ضوء العهد الجديد، وأقوال حزقيال على ضوء أقوال الإنجيل. هذا ما نسمّيه "تأويناً" للنصوص، قراءة حاضرة الآن في حياة الكنيسة. وهناك تأوين آخر دفع الكاتب إلى أن يختار هذا الموضوع الذي درسه خلال الحرب اللبنانيّة: أترى شعبه يقوم من موته ودماره؟ أترى هذه العظام اليابسة ستعود إليها الحياة؟ قد يكون أمله بدأ يتحقّق... ومع ذلك يبقى الرجاء الذي لا يخيب لأنّ محبّة الله أُفيضت في قلوبنا.
"تعابير الخلاص عند حزقيال". هذا هو الكتاب الذي نقدّمه. ونتمنّى للأب ريمون هاشم أن يكون هذا الكتاب فاتحة كتب عديدة يُظهر فيها قدرته بشكل خاص في التحليل التاريخي النقدي كما في التحليل البلاغيّ الذي برع فيه بشكل خاص في هذا الكتاب وفي مقالاته ومحاضراته في الأناجيل.
حريصا في 26/ 2/ 1996
الخوري بولس الفغالي
منسّق الرابطة الكتابية
في الشرق الأوسط

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM