المثل الثاني

المثل الثاني

مجيء المختار للدينونة الاخيرة
45 (1) هذا هو المثل الثاني. يعني الذين ينكرون اسم جماعة (أو: مسكن) القديسين ورب الأرواح.
(2) لا يصعدون إلى السماء ولا يمتلكون الأرض. ذاك يكون نصيب الخطأة الذين انكروا (أو: ينكرون) اسم رب الأرواح،
الذين يُحفظون هكذا ليوم التعب والضيق.
(3) في ذلك اليوم، يجلس مختاري على عرش المجد ويتميّز أعمالهم.
مساكنهم لا عدد لها،
ونفوسهم تتجمّد فيهم،
حين يرون مختاريّ
والذين لجأوا إلى اسمي القدوس والمجيد.
(4) في ذلك اليوم أقيم مختاري وسطهم.
أحوّل السماء، أجعلها بركة ونوراً أبدياً.
(5) أحوّل اليابسة وأجعلها بركة
وأقيم عليها مختاريّ.
أما الذين يقترفون الخطيئة والجور فهم لا يطأونها.
(6) فأنا بنفسي أُشبع أبراري سلاماً وأقيمهم في حضرتي.
وبقربي الحكم على الخطأة
لأزيلهم من على وجه الأرض.

رؤية رأس الايام وابن الانسان
46 (1) هناك رأيت ذاك القابض على رأس الأيام.
رأسه كالصوف الابيض،
ومعه آخر، له وجه ذات شكل بشريّ، والنعمة تفيض منه مثل أحد الملائكة القديسين.
(2) سألت عن ابن الانسان هذا، أحد الملائكة القديسين الذي كان يرافقني ويريني جميع الاسرار: "من هو هذا؟ ومن أين يأتي؟ ولماذا يرافق رأس الأيام"؟ (3) فأجابني:
"هو ابن انسان. له البرّ.
البرّ يقيم معه.
وهو من يكشف كلَّ كنز الأسرار.
فهو من اختاره ربّ الأرواح
ونال نصيبه نصراً أمام ربّ الأرواح،
بحسب الحقّ، إلى الأبد.
(4) وابن الانسان هذا الذي رأيته
يقيم الملوك والمقتدرين عن مضاجعهم،
والاقوياء عن مقاعدهم.
يحلّ رباط الاقوياء
ويحطّم أسنان الخطأة.
(5) يطرد الملوك عن عروشهم ومن مملكتهم،
لأنهم لم يعظّموه ولم يمجدوه
ولم يقرّوا من أين جاء ملْكهم.
(6) يحطّ وجه الأقوياء، يملأهم خزياً،
فتكون الظلمة مسكنهم، والدود مضجعهم، ولا أمل لهم بقيام،
لأنهم لم يعظّموا اسم ربّ الأرواح.
(7) هم يدينون كواكب السماء،
ويرفعون يدهم على العليّ،
ويمشون على اليابسة وعليها يقيمون.
كل عملهم يدلّ على العنف،
وقوّتهم هي في ما يملكون.
إيمانهم في آلهة صنعتها أيديهم.
أنكروا اسم ربّ الأرواح
(8) واضطهدوا جماعاتِه،
والمؤمنين الذين ارتبطوا باسم ربّ الأرواح.

تشفّع الكهنة لتعجيل الدينونة
47 (1) في ذلك الوقت ترتفع صلاة الابرار، ويصعد دم البار من الأرض أمام ربّ الأرواح. (2) في ذلك الوقت يجمع القديسون الذين يقيمون في أعالي السماء أصواتَهم
لكي يتشفّعوا ويصلّوا،
لكي يمجّدوا ويمدحوا واركوا اسم ربّ الأرواح
من أجل دم الابرار الذي سُفك،
ولئلاّ تكون صلاة الابرار باطلة أمام رب الأرواح،
ولكي يُحكم لهم بالعدل
فلا ينتظروا إلى الأبد.
(3) في ذلك الوقت، رأيت رأس الأيام
يجلس على عرش بهائه
وتُفتح أمامه كتب الأحياء
ويقف جيش السماء والحاشية أمامه.
يمتلئ قلب القديسين فرحاً
إذا جاء تعداد البرّ
واستُجيبت صلاة الأبرار
وطولب بدم البار أمام ربّ الأرواح.

وجود ابن الانسان منذ الازل
48 (1) ورأيتُ في هذا الموضع عين البرّ التي لا تجفّ،
تحيط بها عيون عديدة من الحكمة
حيث يشرب العطاش فيمتلئون حكمة
ويكون مسكنهم مع الأبرار والقديسين والمختارين.
(2) في هذه الساعة دعي ابن الانسان هذا إلى ربّ الأرواح
ونُودي باسمه أمام رأس الأيام.
(3) قبل أن تُخلق الشمسُ والعلامات
قبل أن تُصنع كواكب السماء،
أُعلن اسمه أمام ربّ الأرض.
(4) يكون عصا للابرار،
يستندون إليها ولا يعثرون.
يكون نور الأمم،
يكون رجاء المتألمين في قلوبهم.
(5) أمامه ينحني ويسجد كل سكّان اليابسة.
يمجّدون، يباركون، ينشدون ربّ الأرواح.
(6) لهذا صار المختارَ، وذاك الذي كان خفياً لديه قبل خلق العالم وحتى مجيء الدهر
(7) ولكن حكمة ربّ الأرواح كشفته للقديسين والأبرار.
فقد حفظ نصيبَ الابرار،
لأنهم أبغضوا واحتقروا دهر (أو: عالم) العنف هذا
وأبغضوا كلَّ عمله وكلَّ طرقه
باسم ربّ الأرواح.
باسمه يخلَّصون،
وبمشيئته صار هو حياتهم.

دينونة المقتدرين وانتصار الابرار
(8) باطلاً يُخفض ملوكُ الأرض وجهَهم في ذلك الوقت، والمقتدرون أسيادُ اليابسة، بسبب عمل أيديهم.
ففي اليوم الذي يحلّ بهم الضيق والوجع
لن يخلّصوا أنفسهم.
(9) ولكن اسلّمهم إلى أيدي مختاريّ.
كالعشب في النار يحترقون أمام القديسين،
كالرصاص في النار يبتلعون أمام الأبرار
ولا يتركون أثراً.
(10) في يوم عذابه يكون الهدوء على الأرض.
يسقطون أمام الابرار (أو: أمامه) ولا يقومون.
لا يمدّ إليهم أحدُ يداً ليقيمهم
لأنهم أنكروا ربّ الأرواح ومسيحه.
ليكن اسم ربّ الأرواح مباركاً.

49 (1) فأمامه تجري الحكمة كالماء
ولا ينضب المديح إلى الأبد،
(2) لأنه قوي بكل أسرار البرّ.
يمرّ العنف كالظل ولن يكون له موطئ قدم،
لأن المختار يقف أمام ربّ الأرواح.
مجده أزلي، وقدرته إلى جميع الدهور.
(3) فيه يقيم روح الحكمة وروح التعليم،
روح العلم وروح القدرة،
وروح الراقدين في البرّ.
(4) فهو يدين الخفايا
ولا يقول أحد أمامه باطلاً.
فقد اختير أمام رب الأرواح، بحسب مشيئته.

رحمة الله
50 (1) في ذلك الوقت تحصل دورة للابرار والمختارين:
نور الأيام يقيم عليهم
والمجد والكرامة يعودان إلى القديسين،
ويوم العذاب المشؤوم يُحفظ للخطأة.
ينتصر الابرار باسم ربّ الأرواح.
يدعون الآخرين إلى الارتداد والتنكّر لعمل أيديهم.
(3) لا يتمجّدون باسم رب الأرواح، ولكنهم يخلصون باسمه.
يتحنّن عليهم ربُّ الأرواح
لأنه غنيّ بالحنان وعادل في حكمه.
لا يقوم العنف أمام مجده
وفي دينونته يبيد الكافر أمامه
(5) وعند ذاك لن اتحنّن عليهم، يقول ربّ الأرواح.

قيامة الموتى
51 (1) في ذلك الوقت تُعيد الأرض ما أُودع فيها
ويردّ مثوى الاموات ما تقبّل،
والهلاك يعيد ما عليه من واجب.
(2) يتميّز وسط (الموتى) الأبرار والقديسين
لأن يوم الخلاص قد جاء لهم.
(3) في ذلك الوقت يجلس المختار على عرشي،
بفمه تُعلَن كلُّ أسرار الحكمة
لأن ربّ الأرواح أعطاه (إياها) ومجّده.
(4) في ذلك الوقت تقفز الجبال كالكباش،
وتطفر التلال كجراء فُطمت،
ويكون جميع الملائكة في السماء بوجه مشرق بالفرح.
(5) في ذلك اليوم يقوم المختار.
فتبتهج الأرض، والابرار يسكنونها.
والمختارون يسيرون عليها ويتمشّون.

جبال من المعادن لمجيء المختار
52 (1) بعد هذا الوقت، وفي الموضع الذي فيه رأيت كل الرؤى السرية، فقد كنت اختُطفت في إعصار وحُملت إلى الغرب، (2) رأيت بعينيّ جميع أسرار السماء المقبلة: جبل من حديد، جبل من نحاس، جبل من فضّة، جبل من ذهب، جبل من قصدير، جبل من رصاص. (3) فسألت الملاك الذي كان يرافقني: "ما هذه الرؤية السرّية التي رأيتها"؟ (4) فأجابني: "كل ما رأيتَه يخدم سلطان مسيحه، فيأمر ويمارس السلطان على الأرض".
(5) وزاد ملاك السلام: "انتظر قليلاً فيُكشف لك كلُّ السرّ الذي يحيط بربّ الأرواح. (6) أما الجبال التي رأتها عيناك، جبل الحديد وجبل النحاس وجبل الفضّة وجبل الذهب وجبل القصدير وجبل الرصاص، فقد صارت كلها أمام المختار كالشمع أمام النار وكالماء التي تجري من قممها فتصير سائلة عند قدميه.
(7) في ذلك الوقت، لا يخلص (الانسان) بفضّة ولا بذهب،
ولا يستطيع أن يُفلت.
(8) فالحديد لا ينفع للحرب ولا للاتّقاء كدرع.
والنحاس يكون بلا فائدة، والقصدير لا نفع له ولا قيمة، والرصاص لن يُبحث عنه.
(9) كل هذا يُنكَر فيزول من على وجه الأرض ساعة يظهر المُختار أمام رب الأرواح".

53 (1) وهناك رأيت بعينيّ هوّة عميقة وفاغرة فاها. كل الساكنين على اليابسة والبحر والجزر، حملوا إليها التقادم والهدايا والمكوس، وما كانت هذه الهوّة العميقة تمتلئ.
(2) اقترفت أيديهم الاثم
وأكل الخطأة ما اقتناه جرمهم.
سيسقطون أمام ربّ الأرواح،
ويُطردون من على وجه الأرض.
ولكنهم لا يهلكون إلى الأبد.
(3) فقد رأيت جميع ملائكة العقاب يجلسون (أو: يتقدّمون) ويهيّئون جميع أدوات الشيطان. (4) فسألت ملاك السلام الذين كان يرافقني: "لمن تهيَّأ هذه الادوات"؟
(5) فأجاب: "للملوك والمقتدرين على هذه الأرض، لئلاّ يهلكوا بهذا.
(6) وبعد ذلك، يكشف البار والمختار، جماعته. وبعد ذلك لن يجدوا عائقاً باسم ربّ الأرواح.
(7) أمام برّه تصبح الجبال كالأرض، والتلال كعين ماء، فيرتاح الأبرار من ضيق الخطأة".

موضع العذاب
54 (1) والتفتُّ إلى جهة أخرى من الأرض فرأيت هناك هوّة عميقة تتقدّ فيها نار. (2) فجاؤوا بالملوك والمقتدرين ليطرحوهم في هذه الهوّة العميقة. (3) فرأيت هناك بعينيّ صناعة أدوات العذاب وقيود الحديد التي تفوق الوزن. (4) فسألت ملاك السلام الذي كان رافقني: "لمن تهيَّأ هذه القيود وهذه الأدوات"؟
(5) فأجابني: "تهيَّأ لجوقات عزازيل: يوقفون ويُطرحون في هاوية كل عذاب، وتغطّى أسنانهم بحجارة قاسية، كما أمر ربّ الأرواح. (6) يمسكهم مخائيل وجبرائيل ورفائيل وفنوئيل، في ذلك اليوم العظيم، ويطرحونهم في أتون متقّد في ذلك اليوم، فينتقم رب الأرواح عليهم من عنفهم، لأنهم خدموا الشيطان وأضلّوا سكّان اليابسة".

رأفة الله في زمن الطوفان
(7) في ذلك الوقت يكون عقاب ربّ الأرواح. كانت قد انفتحت كل مخازن المياه ومخازن الينابيع الجوفيّة (8) فاجتمعت كل المياه (ماء الاعالي السماوية هو الذكر، والماء الذي في جوف الأرض هو الأنثى) (9)، وكنَّست كل الساكنين على اليابسة والساكنين على حدود السماء، وهكذا عرفوا العنف الذي مارسوه على الأرض، والذي كان السبب في هلاكهم.

55 (1) ثم ندم رأس الأيام وقال: "باطلاً دمّرت كل العائشين على اليابسة". (2) وأقسم باسمه العظيم: "منذ الآن لن أعمل هكذا مع العائشين على اليابسة. فأضع علامة في السماء فتكون بيني وبينهم أمانة أبديّة على مرّ أيام السماء على الأرض، بحسب أمري.

عيل صبر الله
(3) "في الماضي طلبت أن أحميهم بيد الملائكة في يوم ضيق والألم، والآن أقيم عليهم عقابي وغضبي، يقول ربّ الأرواح. (4) فيا أيها الملوك المقتدرون الساكنون على اليابسة، سترون مختاراً جالساً على عرش المجد، فيدين عزازيل وكل رفقته وكل جوقته، باسم ربّ الأرواح".

عقاب الهالكين
56 (1) ورأيت هناك أجواق ملائكة العقاب تمرّ وتحمل السياط وقيود الحديد والنحاس. (2) فسألت ملاك السلام الذي كان يرافقني: "إلى من يذهب حاملو السياط هؤلاء"؟ (3) أجابني: "نحو مختاريهم وأحبّائهم ليرموها في فتحة الهوّة، (4) فتمتلئ الهوّة من مختاريهم وأحبّائهم، ويوضع حدٌّ لأيام حياتهم، ولا تعدّ من بعدُ أيامُ غشّهم".

المعركة الاسكاتولوجيّة أمام أورشليم
(5) في ذلك الوقت يعود الملائكة
فيزحفون نحو الشرق، إلى الفراتيين والمادايين.
يحرّكون الملوك الذين اخذهم روح بلبلة
ويُنزلونهم عن عروشهم.
فيخرجون كالاسود من عرائنهم
وكالذئاب الجائعة وسط قطعهم
(6) يصعدون فيدوسون أرض مختاريهم (أو: مختارهم)
وأرض مختارهم (أو: مختاريهم) تُفتح لأقدامهم.
(7) ولكن مدينة ابراري تعيق جيادهم.
فيقتل الواحد الآخر
وترتفع يمينهم على نفوسهم.
لا يعرف الرجل اخاه ولا الابن أباه أو أمّه
بحيث تتكدّس الجثث.
يا ليت عقابهم لا يكون باطلاً!
(8) في ذلك اليوم، يفتح الشيول فاه
فيُبتلعون ويتوقّف القتل لديهم
ويلتهم الشيول الخطأة على عيون الابرار.

تجمّع المنفيين
57 (1) ثم رأيت فرقة أخرى من المركبات والرجال التي ركبوها جاؤوا مع الرياح من الشرق ومن الغرب باتجاه الجنوب. (2) سُمع ضجيج المركبات، وعرف القديسون في السماء ما حصل حين سمعوا هذا الضجيج. تهاوى عمود الأرض على قاعدته، فسُمع من أقصى السماء إلى أقصاها في يوم واحد. (3) فخرّوا كلهم وسجدوا لربّ الأرواح.
تلك نهاية المثل الثاني

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM