وصية بنيامين الابن الثاني عشر ليعقوب وراحيل

وصية بنيامين الابن الثاني عشر ليعقوب وراحيل

المطلع
1 (1) نسخة أقوال بنيامين وما أوصى به أبناءه بعد أن عاش 125 سنة. (2) غمرهم بالقُبل وقال لهم:

خبر بنيامين
كما وُلد اسحاق لابراهيم في شيخوخته، هكذا أُعطيت ليعقوب. (3) وكما ماتت أمي راحيل وهي تضعني، ما كان لي حليب منها. فأرضعتني بلهة أمتها. (4) فإن راحيل ظلت عاقراً اثني عشر عاماً بعد أن وضعت يوسف. وبعد أن صلّت إلى الرب وصامت 12 يوماً، حبلت لي وولدتني. (5) كان أبي يحب راحيل كثيراً فتمنّى ورأى ابنين وُلدا منها. (6) لهذا سمّيت بنيامين، يعني "ابن الأيام".

2 (1) لما جئت إلى مصر، عرفني أخي يوسف وقال لي: "ماذا قالوا لأبي حين باعوني"؟ (2) فقلت له: "غمسوا قميصك بالدم وأرسلوها إليه قائلين: "تعرّف إلى هذه القميص، قميص ابنك". (3) فقال يوسف: "أجل، يا أخي. فحين عرّوني من قميصي، سلّموني إلى الاسماعيليين. فأعطاني واحد منهم وزرة، وبعد أن جلدني أمرني بأن أركض. (4) ولكن حين ذهب يخفي قميصي، التقى بأسد أكله. (5) فارتعب المتعاملون معه وباعوني إلى رفاقه.

الاقتداء بمثل يوسف
3 (1) والآن، أنتم أيضاً يا أبنائي، أحبّوا الرب، إله السماء والأرض، واحفظوا وصاياه، واقتدوا بيوسف هذا الرجل الصالح والقدّيس. (2) ليتّجه فكركم نحو الخير كما تعرفون عني، لأن الذي فكره مستقيم يرى كل شيء باستقامة. (3) خافوا الرب وأحبّوا قريبكم. فإن كانت أرواح بليعار تستدعيكم لتلقي عليكم كل أنواع الشرور، فهي لا تتسلّط عليكم كما لم تستطع أن تتسلّط على أخي يوسف. (4) كم من الناس حاولوا أن يقتلوه! ولكن الله حماه. فالذي يخاف الله ويحبّ قريبه لا يقدر أن يضرَّ به بليعال، لأن مخافة الله تحميه. (5) لا تستطع مكايد البشر ولا وحش البرّ أن تسيطر عليه، لأن الرب يسنده بسبب حبّه لقريبه. (6) رجا يوسفُ أبانا ليتشفّع من أجل إخوته، لئلاّ يحسب الربّ عليهم الخطيئة التي اقترفوها ضدّه في جهالتهم. (7) عندئذ هتف يعقوب: "يا ابني العزيز، تغلّبتَ على أحشاء يعقوب أبيك". عانقه ساعتين وغمره بالقبل وقال: (8) "فيك تتمّ النبوءة السماوية على حمل الله ومخلّص العالم: ذاك الذي هو بلا عيب سلِّم عن المجرمين، وذاك الذي هو بلا خطيئة يموت لأجل الأشرار في دم العهد، لخلاص الأمم واسرائيل، وهو يدمّر بليعار وخدّامه".

4 (1) تأمّلوا، يا أبنائي، في سيرة هذا الرجل الصالح. اقتدوا بفكر صالح، بالرحمة التي برهن عنها لكي تلبسوا أنتم أيضاً أكاليل المجد.

الرجل الصالح
(2) الرجل الصالح لا عين له مظلمة، لأنه يُشفق على الجميع حتّى على الخطأة. (3) وحتّى إن أرادوا أن يسيئوا إليه، فهو يفعل الخير لكي يغلب الشرّ، وهو الذي ينعم بحماية الله. أما الابرار فيحبّهم كنفسه. (4) إن كُرِّم انسان، فهو لا ينحسد منه. إن اغتنى انسان فهو لا يغار منه. إن أظهر انسان شجاعة، فهو يمتدحه. يحبّ العفيف، ويشفق على البائس، ويتألّم مع الضعيف، وينشد مدائح الله. (5) يحامي عمّن يخاف الرب، ويعين من يحبّ الله، ويوبّخ من يرفض العليّ ويردّه، ويحبّ من نال عطيّة الروح الصالح، حبّه لنفسه.

5 (1) وأنتم أيضاً، إذا كان لكم فكر صالح، فيكون الأشرار في سلام معكم. والفاجرون يحترمونكم ويتّجهون نحو الخير. والذين فيهم روح الشهوة، لا يبتعدون فقط عن شهوتهم، بل يعطون ما كانوا يشتهونه للحزانى. (2) إن صنعتم الخير، تهرب الارواح النجسة بعيداً عنكم، ووحوش البرّ تخافكم. (3) فالذي يراعي الأعمال الصالحة ويكون فكره مستنيراً، تهرب الظلمات بعيداً عنه. (4) إن شتم أحدٌ انساناً قدّيساً يندم، لأن الانسان التقيّ يُشفق على الشاتم ويبقى صامتاً. (5) إن خان أحد باراً فدُلَّ البار لحظة رغم صلواته، فهو يبدو أكثر استنارة، كما كان الأمر بالنسبة إلى يوسف أخي.

6 (1) ميل الانسان الصالح، لا يتسلّط عليه الضلال وروح بليعار، لأن ملاك السلام يقوده. (2) هو لا ينظر بشهوة إلى ما هو فاسد، ولا يكدّس الغنى ليرضي حبّ اللذة عنده. (3) لا يستسلم للذة، ولا يحزن قريبه، ولا يُشبع نفسه من الطيّبات، ولا يضلّ رافعاً عينيه (إلى المرأة): فنصيبه هو الله. (4) لا ينال الميلُ الصالح من البشر، المديح أو العار. فالانسان الصالح يجهل كل حيلة وكذب وخصام وشتيمة. فالربّ يسكن فيه وينير نفسه، ويجد لذّته في كل وقت في الجميع. (5) الفكرة المرتّبة ترتيباً حسناً، ليس لها لسانين، لتبارك وتلعن، لتشتم وتكرم، لتهدئ وتبلبل، للرياء والحقيقة، للغنى والفقر، بل لها موقف واحد تجاه الجميع، (موقف) كله صدق وطهارة. (6) الانسان الصالح ليس له نظران وسمعان. فمهما عمل أو قال أو نظر، فهو يعرف أن الربّ يراقبه. (7) يطهّر فكره لئلا يحكم عليه الله ولا البشر. كل عمل من أعمال بليعار عملان، وهو ليس ببسيط.

الهرب من الشرّ
7 (1) لهذا أقول لكم، يا أبنائي، أهربوا من شرّ بليعار، لأنه يعطي سيفاً للذين يطيعونه. (2) هذا السيف هو أم سبعة شرور. يبدأ الفكر فيحبل من بليعار، ويلد أولاً الحسد، ثانياً الدمار، ثالثاً الحداد، رابعاً الأسر، خامساً الجوع، سادساً الفوضى، سابعاً الدمار. (3) لهذا أسلم الله قايين لسبع عقوبات: فكل مئة سنة يضربه الله ضربة. (4) بدأ بالالم وهو في السنة 200. وفي السنة 900 دمِّر في الطوفان بسبب هابيل البار أخيه. حُكم على قايين أن يتحمّل سبع عقوبات ولامك سبعاً وسبعين. (5) فالذين يحسدون اخوتهم ويبغضونهم مثل قايين، تصيبهم العقوبات نفسها حتى نهاية الأزمنة.

8 (1) أما أنتم يا أبنائي، فاهربوا من الشرّ والحسد والبغض بين الاخوة، وتعلّقوا بالصلاح والحبّ. (2) فمن كان فكره نقياً محباً، لا ينظر إلى امرأة نظرة فجور. فلا نجاسة في قلبه، لأن فيه يرتاح روح الله. (3) وكما أن الشمس لا تتنجّس إن هي أشرقت على الرمال والوحل، بل تنشّفها وتنزع منها النتانة، هكذا الروح الطاهر التي تحيط به أوساخ الأرض فهو يبني ولا ينجّس.

انباءات
9 (1) أستشفُّ أنه سيكون بينكم أعمال لا تُمدحون عليها، حسب أقوال أخنوخ البار. فتستسلمون إلى الدعارة مثل أهل سدوم. وتهلكون إلاّ قلّة منكم، وتعودون إلى تعلّقكم بالنساء. ولكن ملكوت الرب لن يكون لكم، بل يؤخذ منكم حالاً. (2) غير أن هيكل الله يكون في حصّتكم، ويكون الأخير اكثر مجداً من الاول. تجتمع فيه القبائل الاثنتا عشرة مع جميع الأمم إلى أن يرسل الرب خلاصه بزيارة نبيّ فريد (3) يدخل إلى الهيكل الأول، وهناك يُشتم الربُّ ويُرفع على الخشبة (4) يتمزّق حجاب الهيكل وروح الله ينزل على الأمم كنار فائضة. (5) وحين يصعد من الشيول (= مثوى الموتى) يمرّ من الأرض إلى السماء. أعرف ما يكون تواضعه على الأرض ومجده في السماء.

10 (1) يوم كان يوسف في مصر، رغبتُ في أن أرى منظره وشكل وجهه. بفضل صلوات يعقوب أبي، رأيته وأنا في حالة اليقظة كما كان في كل منظره. (2) ولما قال هذا أردف: إعرفوا يا ابنائي أني أموت الآن. (3) فمارسوا الحقّ، كل واحد تجاه قريبه، واحفظوا شريعة الرب ووصاياه. (4) هذا كل ما أتركه لكم من ميراث، وأنتم أعطوه لاولادكم ملكاً أبدياً. هكذا فعل ابراهيم واسحاق ويعقوب. (5) أعطونا كل هذا الميراث فقالوا: إحفظوا وصايا الله إلى أن يكشف الرب خلاصه لجميع الأمم. (6) حينئذ ترون أخنوخ ونوحاً وساماً وابراهيم واسحاق ويعقوب، واقفين عن يمينه في الابتهاج. (7) ونحن أيضاً نقوم كل في قبيلته فنعبد ملك السماء الذي يظهر على الأرض بشكل انسان متواضع. وجميع الذين يؤمنون به على الأرض يفرحون معه. (8) كلّهم يقومون، بعضهم للمجد، والآخرون للعار، والربّ يدين أولاً اسرائيل للجور الذي اقترفه نحوه، لأن الله جاء في الجسد كمحرّر ولم يؤمنوا به. (9) ويدين جميع الأمم، كل التي لم تؤمن به حين ظهر على الأرض. (10) ويجعل جميع الذين اختاروه بين الأمم ليشتكوا على اسرائيل، كما جعل المديانيين ليتهموا عيسو، وهم الذين أضلّوا اخوتهم ليستسلموا إلى الفجور وعبادة الاوثان ويصيروا غرباء عن الله. فابقوا اذن، يا ابنائي، في حصّة الذين يخافون الربّ. (11) فإن سرتم، يا أبنائي، في القداسة، أمام الربّ، تسكنون من جديد بأمان معي، ويجتمع كل اسرائيل لدى الربّ.

11 (1) لن أسمّى بعد "ذئباً مفترساً" بسبب ما افترست، بل "عاملاً عند الربّ"، يوزّع الطعام على الذين يعملون الخير. (2) ويطلع من نسلي في الأزمنة الأخيرة، حبيب الربّ الذي يسمع صوتَه ويصنع ما يسرُّ مشيئته، وينير بمعرفة جديدة كل الأمم. (يكون) نور معرفة فيدوس اسرائيل برجليه ويعرّيه كالذئب ممّا أخذه من مجمع الأمم. (3) ويكون حتى نهاية الأزمنة في مجامع الأمم وبين رؤسائهم كنشيد في فم الجميع. (4) يعرض في الكتب المقدّسة تعليمه ورسالته، ويكون مختار الله إلى الأبد. (5) بسببه علّمني يعقوب أبي أنه هو الذي يعوّض نقص قبيلتك.

الخاتمة
12 (1) ولما أتمّ خطبه أعلن: "آمركم يا أبنائي أن تنقلوا عظامي إلى خارج مصر، وأن تدفنوني في حبرون، قرب آبائي". (2) ومات بنيامين وعمره 125 سنة، في شيخوخة صالحة، فوضعوه في نعش. (3) في السنة الحادية والتسعين لخروج بني اسرائيل من أرض مصر، هم وإخوتهم، أعادوا عظام آبائهم خفية خلال الحرب مع كنعان، ودفنوها في حبرون لدى أقدام آبائهم. (4) وعادوا من أرض كنعان وأقاموا في مصر حتى يوم خروجهم من أرض مصر

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM