الفصل الثاني عشر:الاله الحقيقيّ والآلهة الكاذبة في نبؤةهوشع

الفصل الثاني عشر
الاله الحقيقيّ والآلهة الكاذبة
في نبوءة هوشع

عاش النبيّ هوشع حقبة مظلمة في تاريخ الشعب. على المستوى السياسيّ هناك التهديد الاشوريّ الذي يدمّر السامرة سنة 722- 721. على المستوى الاجتماعي، يسود الظلم الاجتماعي الذي تكلّم عنه عاموس كلامًا قاسيًا فشبّه نساء السامرة ببقرات باشان. وعلى المستوى الاخلاقيّ، عمّ الفساد كل طبقات المجتمع من الحاكم والقاضي، إلى الكاهن والنبيّ. الكذب يسيطر في البلاد، ولهذا جاء كلام النبي منذرًا ومهدّدًا. ولكنه في النهاية سيكون كلامُه كلام الرفق والحنان لأن الله إله لا انسان. فإن "ضرب" (أو: عاقب) فهو يشفي، وإن كسر فهو يضمّد.
أما نحن فنتوقّف على المستوى الديني ونتأمّل في وجه الله عند هوشع. من الناحية السلبيّة هناك فرق كبير بين يهوه، إله اسرائيل، وبعل إله المطر والخصب. وفرق كبير بين عبادة خارجيّة تبقى على مستوى الطقوس، وعبادة داخليّة لا تكون سريعة العطب مثل ندى الصباح. ومن الناحية الايجابيّة، نتعرّف إلى الله الذي هو الزوج والأب والراعي.

1- إله اسرائيل وبعل
سيطر بعل في مملكة الشمال، فحارب هوشع هذه السيطرة محاولاً أن يمحو حتى اسم "بعل". ولكنه سوف يأخذ باللغة البعليّة ليدلّ على علاقة الله بشعبه على مثال علاقة الرجل بزوجته.

أ- سيطرة بعل
كل تعليم هوشع تتحكّم به سيطرة الديانة الكنعانيّة على ديانة اسرائيل. فهذا الوضع هو الذي حرّك النبيّ وأرسله لكي يذكّر الشعب برسالته كشعب لله. هذا ما نساه الشعب وراح يتعبّد لبعل ويطلب منه المطر لأرضه والخصب لحقوله. بعل هو الذي يعطي الشعب القمح والخمر والزيت. بعل هو الذي يمنح الغنى من فضّة وذهب (2: 10). لهذا، استحقّ أن تُصنع له التماثيل على مثال العجل الذهبيّ في البريّة. بعل هو الذي يعطي الطمأنينة والازدهار للفلاح في مملكة الشمال، فيمنحه الكرم والتين لقاء تعبّده لإله المزروعات الذي يفترق عن يهوه، إله الصحراء. واعتبر الناس أن كل هذا الخير هو أجرة من قبل إله مارسوا في جواره البغاء المكرّس.
كانت ديانة البعل عاملاً مفتّتًا للشعب، وكان خطرها مميتًا. ولم تكن المرّة الأولى حيث يكون الخطر مهدّدًا: ففي أيام أخاب سيطرت البعليّة وكان للملكة ايزابيل 400 كاهن للبعل يأكلون على مائدتها. نجح إيليا في إعادة الوضع اليهودي بعض الوقت إلى ما كان عليه. ولكن عادت عبادة البعل. فإن لم تكن ظاهرة فهي خفية. وازداد خطرها لأنها تخفّت وراء مظاهر يهويّة. لم يعد على المؤمن كما في أيام أخاب أن يختار بين يهوه وبعل، بل عبد الله في سمات البعل، إله الخصب والنبات والجنس.
إذن، كان لا بدّ من إعادة صورة الله الحقيقيّة تجاه شعبه. وبما أن هذه الصورة سوف تظهر عبر شخص النبيّ، وجب على هوشع أولاً أن يعبّر في شخصه عن ألم الرب وسخطه. فقام بعمل لا يعقل: تزوّج بغيًا تعمل في ظلّ المعبد ليدلّ الشعب على أن موقفهم كان جهالة وخطيئة. وهاجم بشكل خاصّ النخبة المسؤولة، الكهنة الذين يحامون عن التقليد ويحافظون على العهد، والرؤساء السياسيّين الذين أحلّوا محلّ العهد مع الله عهدًا ذا طابع سياسيّ وانتهازيّ.

ب- أين هو الله
تجاه هذا الخطر، كانت ردّة الفعل قاسية عند هوشع، فهدّد الشعب بالعقاب المنتظر الذي اعتبره تلاميذه قد تحقّق يوم سقطت السامرة بيد الاشوريين وسرجون الثاني. وطالب للربّ بامتيازاته التي جعلها الشعب لآلهة كنعان. ورفض النبيّ أي مساومة، بل كان قاسيًا جدًا بحيث ما اكتفى برفض الممارسات البعليّة، بل رذل رموز تلك الديانة، ومنع الشعب من التلفّظ باسم البعل. بل هو رفض أن تسميه امرأته "بعلي" أي زوجي.
"في ذلك اليوم تدعوني (هي) "زوجي" ولا تدعوني "بعلي" من بعد، لأني سأزبل اسم البعل من فمها، فلا تذكره من بعد باسمه" (2: 18- 19). اعتاد الناس أن يسمّوا أولادهم باسم بعل: يروبعل أو "عظيم هو بعل". إشبعل أو "رجل بعل". ولكن اشبعل هذا سيصبح اشبوشت أي "انسان الخزي والعار". بل راحوا يسمّون الله نفسه "البعل". فكأني بالنبي اعتبر اسم البعل صنمًا يجب أن نزيله من كل مدننا.
ولو اكتفى الشعب بالاسم لهان الأمر، ولكن تماثيل البعل ملأت الغابات المقدسة والتلال المشرفة. لا شكّ في أن هذه التماثيل ليست الاله بحصر المعنى، بل ترمز إلى الاله. هي لا تصوّر اللاهوت بل تشير إليه. فديانات كنعان تمثّلت الاله واقفًا على ظهر حيوان. وحين صوّرت مطيّة الاله الذي لا يُرى، فقد أرادت أن تدلّ على الاحترام اللازم لتسامي الالهي. وحين قدّمت صورة الثور الذي سمّاه هوشع هزءًا واحتقارًا "العجل"، فقد استعملت الرموز كلغة دينيّة لتصل إلى قلب الناس.
قال هوشع: "زنخ عجلك أيتها السامرة" (8: 5). وقال: "صنعه صانع فليس بإله" (آ 6). وتذكّر جامع الكتاب ما حدث للعجل الذهبي في البريّة: "أحرقه موسى بالنار وطحنه حتى صار ناعمًا، وذرّاه على وجه الماء وسقى بني اسرائيل" (خر 32: 20). كما تذكّر ما حدث حين سقطت السامرة. هذا الذي سمّوه إلهًا "صار رفاتًا". صار حطامًا بعد أن انكسر وبلي. سيأخذه المحتلّ الاشوريّ ويصبّه ليصنع منه آنية تفيده في حياته اليوميّة (10: 6). هذا "الاله" الذي يذبحون له ويقبّلونه (13: 2) في عجل (أو ثور) يقف أمامهم، لم يمنحهم الحياة بل الموت. "عبدوا البعل فأثموا وماتوا" (آ 1). هذا البعل ذهب إلى أشور مع "كهنته" فبكاه أهل السامرة ولبسوا عليه الحداد (10: 5- 6).
بدا هوشع قاسيًا ضد شعبه الذي صوّر يهوه بشكل عجل وعبده من خلال السكر والزنى والمجون (4: 18). هنا نتذكّر كلام بولس الرسول (1 كور 10: 14). "ذبائح الوثنيين هي ذبائح للشياطين، لا لله، وأنا لا أريد أن تكونوا شركاء الشياطين" (آ 20). فالرب إله غيور (آ 22؛ رج خر 20: 5).

ج- يهوه إله الخصب
ولكن بما أن الشعب يطلب المطر لأرضه والنموّ لغلاله، فإن هوشع سوف يستعمل اللغة التي استعملت للبعل لكي يتحدّث عن الله. الرب هو الاله الحقيقيّ الذي منه يجب أن ننتظر الخصب لأرضنا. هو سيّد الصحراء وسيّد الأرض المزروعة. ونحن نسمعه يقول لافرائيم الذي سئم الاصنام: "عاينتكم وراعيتكم مثل شجرة خضراء، ومني يخرج ثمركم". أجل، توجّه الشعب إلى آلهة الخصب ولكن عبثًا. أما الرب فهو شجرة خضراء دائمًا، حيّة دائمًا، وفيها يجد بنو اسرائيل ثمرًا. هكذا كانوا يتكلّمون عن بعل. فأخذ هوشع العبارات وقالها في الربّ.
لماذا الخوف من مثل هذه الصور للتعبير عن الله؟ أما اقترن هوشع ببغيّ ليدلّ على اقتران الرب بشعبه الزاني، والزنى هو خيانة المرأة لزوجها، كما هو خيانة الشعب لربّه حين يجري وراء الاوثان؟ وها هو يتحدّث في لغة بعليّة بعد أن ينقّيها ممّا يُشتمّ منه "قوى الطبيعة"، عن هذا الاله الحقيقيّ الذي يعرّف نفسه إلى شعبه. فيقول: "في ذلك اليوم أستجيب للسماوات (هي تنتظر الغيوم)، والسماوات تستجيب للأرض (فترسل إليها المطر)، والأرض تستجيب (حين تعطي) القمح والخمر الجديد والزيت الطري. وهذه كلها تستجيب طلب (أرض) يزرعيل (أي: الله يزرع)". ويتابع الرب: "أنا أزرع شعبي في الأرض" (2: 23- 25).
في هذا الاطار نشير لا إلى ممارسات عباديّة ملتبسة (4: 12- 14)، بل إلى عبادات تقليديّة خسرت مضمونها، فصارت ديانة خارجيّة وذبائح واحتفالات وطقوسًا. خسرت روحها فصارت أعمالاً ميتة. أرادوا أن يربحوا ودّ الله ويحصلوا على نعمه. ولكن الرب لا ينخدع بمظاهر من التقوى لا تأثير لها في الحياة. إنها "كسحابة الصبح، كالندى الذي يزول باكرًا" (6: 4). ما ينتظره الرب هو التعبير عن توبة حقيقيّة ندلّ عليها بالاعمال. تُنتظر الطاعة قبل الذبيحة، ومعرفة الله أكثر من المحرقات (آ 6).

2- وجه الاله الحقيقيّ
بعد نظرة سلبيّة إلى صور لا تعبّر عن الاله الحقيقي، بل تجعله صنمًا بين أصنامنا، تجعله بعلاً بين سائر الأبعال، نصل إلى صورة إيجابيّة تكتشف الله في وجوه ثلاثة: هو الزوج. هو الأب. هو الراعي.

أ- الله زوج شعبه
قال الرب لهوشع: "خذ لك امرأة زنى" (1: 2). أجل، إن النبي سيكون صورة عن الله الذي تزوّج شعبًا جاء من الوثنيّة وما زال يحنّ إلى الوثنيّة. ولما تركت جومر زوجها وعادت إلى زناها، قال الرب أيضًا لهوشع: "اذهب أيضًا واحبب امرأة يحبّها آخر، امرأة فاسقة" (3: 1). وطبّق النبي هذا "المثل" على الرب فقال: "ذاك هو حبّ الربّ لبني اسرائيل ساعة يحوّلون وجوههم إلى آلهة أخرى ويحبّون أقراص الذبيب" (3: 1). كانت هذه الأقراص عنصرًا من عناصر العبادة لبعل.
ولكن إن طلب الرب من نبيّه الامانة لامرأته، حتى ولو خانته، فالرب سيبقى أمينًا. قطع عهده مع شعبه وهو لن يتخلّى عن هذا العهد. سيعامل شعبه بالمحبّة كما يعامل الرجل امرأته. قد يعاقب ولكن لوقت قصير. قد يقول لامرأته إنها لم تعد محبوبة، ولشعبه إنه لم يبق شعبه. ولكنه يغفر بسرعة. فتلك التي لم تكن محبوبة صارت موضوع محبّته (2: 25؛ رج 1: 7- 8). ويقول الرب لمن ليس شعبه: "أنت شعبي". والشعب يقول: "أنت إلهي" (2: 25).
هنا نعود إلى مفهوم العهد بين الرجل وامرأته. كما يتّحد الرجل بامرأته، هكذا يريد الله أن يتّحد بشعبه. هذا العهد بدأه الله في سيناء، بل مع ابراهيم. ولكن الشعب ما زال يخونه. لهذا، شدّد هوشع على هذا الحبّ الذي يوجّه عمل الله، حين يأخذ وحين يستعيد. حين يبارك وحين ينتزع بركته. حين يعاقب وحين يعود عن عقابه. حين يبتعد وحين يعود فيغفر. الرب يقطع عهدًا (2: 20) ويقول: "أتزوجك إلى الأبد، أتزوّجك بالصدق والبرّ والرأفة والرحمة. أتزوَّجك بكل أمانة فتعرفين أنّي أنا الربّ" (آ 21).
وهكذا يعلن النبيّ عهدًا جديدًا. تتكرّر لفظة "تزوّج" (أو: خطب) فتدلّ على أننا لسنا أمام التزام موقّت. والمبادرة تعود كلّها إلى الله، فهو الذي يعطي هذا العهد متانته: في العدل والحقّ كما في القديم، وفي الرأفة والرحمة كما تعلّم هوشع. إن الرب يخطب، يتزوّج شعبه وكأنه فتاة بكر (نتذكّر ماضي جومر، زوجة هوشع). لقد محا الرب الماضي كله. وبدأ مع شعبه حياة جديدة. وهكذا نعود إلى زمن الخلق حيث يقطع الله عهدًا مع وحش البريّة وطيور السماء وزحّافات الأرض (آ 20).
هذا ما قد يفعله الرجل من أجل امرأته. هذا ما يعمله الرب لشعبه. وهذا ما فعله المسيح لكنيسته حين "زفّها إلى نفسه كنيسة مجيدة لا عيب فيها" (أف 5: 27).

ب- الله أب والشعب ابنه
بعد صورة الزوج، يظهر الله في صورة الأب. هذا ما نقرأه في هو 11: 1- 4: "يوم كان اسرائيل فتى أحببته، ومن مصر دعوت ابني". نحن هنا في خطّ خر 4: 22- 23، حيث يقول الرب لفرعون: اسرائيل ابني الكبير. أطلق "ابني ليعبدني وإن رفضت أن تطلقه أقتل ابنك البكر". علاقة الله بشعبه كعلاقة فرعون (وكل أب) بابنه. ونقرأ في أش 1: 2: "البنون الذين ربيّتهم ورفعتهم تمرّدوا عليّ". رفضوا أن يعرفوني مع أن الثور عرف صاحبه. وتحدّث إر 3: 19 عن علاقات الابن بأبيه: "أحسبك من البنين... تدعينني يا أبي وتسيرين ورائي".
ويتابع هوشع كلامه ليدلّ على أن الله عامل شعبه كما يعامل الأب (أو الأم) ابنه. "كلما دعوته هرب من وجهي". قد يتكلّم الله أو النبيّ. وفي الحالتين نفهم تصرّف الابناء الذي يفضّلون البعل. وكل ذلك مع أني "أنا الذي علّمهم المشي وحملهم على ذراعه، ولكنهم لم يعرفوا أني اهتمّ بهم. جذبتهم إليّ بجبال الرحمة وروابط المحبّة، وكنت لهم كمن يرفع طفلاً على ذراعه ويحنو عليه ويطعمه".
الله أب، وعواطفه عواطف أم. وكذا نقول عن أعماله. الله أحبّ فما لاقى جواب الحبّ على الحبّ. ولكنه لا يني يحبّ. منذ البداية التي فيها حرّر شعبه من مصر، حتى الحياة في أرض كنعان. سقط بنو اسرائيل، ولكن الله ما زال يحنو عليهم. "توبوا يا بني اسرائيل، ارجعوا إلى الربّ" (14: 3- 4). يكفي أن يتوبوا ويعودوا على مثال الابن الضال (لو 15: 11- 32)، ليتوب الله إليهم. "غضبي (أي: عقابي) فارقني. وأنا أحبّهم كثيرًا" (آ 5). ونتيجة هذا الحبّ: "يزدهرون كالسوسن ويمدّون جذورهم كما الغاب في لبنان. فروعهم تنتشر، يكون بهاؤهم كالزيتون، ورائحتهم كلبنان" (آ 6- 7).

ج- الله راعي شعبه
بعد صورة الزوج وزوجته، وصورة الابن وأبيه (أو: أمّه)، نصل إلى صورة الراعي وقطيعه. الراعي هو القائد وهو الرفيق أيضًا. هو القويّ الذي يستطيع أن يدافع عن قطيعه تجاه الوحوش الضارية. وهو الحنون الذي يراعي وضع الحملان والمرضعات. هكذا بدا الله في صورة سيتوسّع فيه أشعيا وإرميا وخصوصًا حزقيال، وصولاً إلى يسوع المسيح الذي سمّى نفسه "الراعي الصالح" (يو 10: 11، 14). ذاك الذي يذهب في طلب الخروف الضال، ويفرح بعودته (مت 18: 12- 14؛ لو 15: 3- 7).
نقرأ في 4: 16: "جمحتم يا بني اسرائيل جماح عجلة، فكيف يرعاكم الربّ كخروف في مرج رحيب". تكلّم النبيّ فلاقى المعارضة. لاقى العصيان تجاه الربّ. جاء كلام هوشع في صورة البقرة (أو: العجلة) التي ترفض النير، والنير يدلّ على الشريعة والوصايا. هي صورة نجدها عند إرميا: "من القديم كسرت نيرك وقطعت ربطك وقلت: لا أعبد الرب" (2: 20). بعد هذا، فكيف يستطيع الله أن يرعى شعبه وهو الذي يحترم حريّة كل واحد منهم.
نشير هنا إلى أن صورة الراعي التي تطبّق على الله ترد مرارًا في العهد القديم. نكتفي بما قاله إر 23: 3: "أجمع بقيّة غنمي من جميع المراعي التي طردتها إليه وأردّها إلى حظائرها فتثمر وتكثر". وفي 9: 2 نقرأ فعل "ر ع ى" بمعنى أطعم: "كأنما البيدر والمعصرة لا يطعمان بنيكم، والخمر الجديدة تعوزكم". رعاهم الله واهتمّ بهم على مستوى الطعام والشراب، ولكنهم لم يرضوا بهذا الاهتمام، فذهبوا إلى آلهة أخرى. عند ذاك طردهم الله من أرضه (آ 4) فكانوا في مصر وفي أشور. فهم لا يستحقّون هذه الأرض الطيّبة ولا هذا الراعي الصالح.
وفي 12: 2 نقرأ: "بيت افرائيم يرعون الريح، ويسيرون وراء الريح الشرقيّة نهارًا وليلاً". راعيهم هو الله. ولكنهم يبحثون عن راع في مصر أو أشور. كلها معاهدات باطلة. هي قبض ريح كما يقول سفر الجامعة. وريح الشرق لا تحمل سوى الجفاف والخراب. طلبوا الصحراء القاحلة، فكيف يقودهم الله إلى المراعي الخضراء. ولكن الكلمة الأخيرة هي كلمة الرجاء. "أنا الرب إلهكم منذ كنتم في أرض مصر، وسأسكنكم الخيام كما في أيام عيد المظال" (12: 10).

خاتمة
ذاك هو وجه الله في نبوءة هوشع. انطلق النبيّ من الصور التي يعرفها معاصروه فنقّاها مما يشتّم منه البغاء المكرّس وربط الله رباطًا وثيقًا بشعبه: هو الزوج الذي يودّ أن يصير وزوجته جسدًا واحدًا. هو الأب الذي يحنو على ابنه. وهو الراعي الذي يهتمّ بخرافه، الذي يقودها لكي ترعى في مرعى خصب ويعيدها إلى حظيرتها، كما قال حز 34: 14- 16. مثل هذه النظرة توجّهنا إلى العهد الجديد حيث تكتمل الصورة في شخص يسوع الراعي الصالح الذي كلّمنا عن الآب السماوي.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM