الميمر الثامن:إسرئبل أمام المن

الميمر الثامن

إسرائيل أمام المنّ[1]

 

نكران الجميل[2]

أدّوا، يا إخوتي، قول التسبيح،

من أجل المتقنات التي قدّامنا.

فلا يكون لنا كالعبرانيّين،

الذين تذمّروا على خبز شهيّ.

 

للمختونين وهب المنّ،

فما اندهشوا من مذاقه.

واحد هو وبأكثر من طعم،

فما تعجّبوا من مميّزاته.

 

كان الخبز أيضًا طبيخًا،

وما شكروا تحوّلاته.

لونُه بيَّن كلَّ طعم،

فما سبّحوا مزْجَه.

بدل الدهشة كان الضجيج،

والتذمّر بدل التسبيح.

 

عقاب العبرانيّين[3]

عضّتهم الحيّات[4]

التي ما تذمّرت على التراب[5]

وأكلتهم أيضًا النار[6]

التي تستعذب كلَّ شيء

 

وابتلعتهم[7] أيضًا الأرض

التي صمتت حين واسوها[8]

في هذه البرّيّة المخيفة،

سقطوا، وهي ما تذمّرت مع أنّها فارغة[9].

 

بالسلوى التي سألوا تعذّبوا[10]،

فالأكلُ أدَّب آكليه.

سألوا اللحم وهم أناس من لحمٍ

ومثل حيوان مفترس أكلوه.

ما اندهشوا حين أكلوه

فخرج من مناخيرهم[11].

 

تقيأوا بالمنخرين

ما وهب فمُهم التسبيح،

فكان الأكل مرًّا في حنكهم.

فالمنخر الذي فوق الفم

دان فمًا لم يُسبِّح[12].

 

لا بحسب طبيعته تقيّأ

اللحمَ الذي أكلَه بحسب طبيعته.

وهبه الربّ، لا كالعادة،

لشرهين وأشرار فالتهموه.

 

ما سبّحوا ربَّ الطبائع،

لأنّه بدّل الطبيعة هناك.

وهب لنا نمطًا[13] في العناصر،

لكي نسبِّح على مأكلنا.

قبل الخبز وبعد الخبز،

بيّن لنا كيف نتلو التسبيح[14].

 

لعازر والغنيّ[15]

ينبغي أن نؤدّي المجد

على القليل وعلى الكثير.

الشرهُ يشكر لأنّه شبع،

والمتميّز لأنّه جاع.

 

ذاك الغنيّ ما بارك

على مائدته، بسبب الشراهة.

ولعازر على بابه،

كان يتمنّى الفتات.

 

ومع أنّه ما تقبّل الفتات،

وهب السبح بدل الضجيج.

شبع الشعبُ فتذمّر،

وبارك لعازر وإن جاع.

 

لأنّه أشبعنا نعطي المجد

مثل ذاك الذي ما نال الفتات.

ثمّ نشكر أيضًا لأنّه أفاض علينا،

ونعطي المجد ونُفيض.

 

إن تذمّرنا على المائدة

بلعازر كان (الله) ديّانًا لنا.

لذاك (= لعازر) الجوعُ مع الألم،

والمحنةُ والفقر.

لنا المائدة والوقار،

والرزق والعافية.

 

الصلاة سهلة لا التعقّب[16]

مباركٌ من وهب لنا الكثير،

والقليلَ القليل وهبْنا له.

كيلُ سُبحنا هو فمنا،

ولسانُنا قياسُ كلامنا.

نمدّه (= لساننا) أو نتجاسر،

لنبلغ حيث لا يُبلَغ.

 

سهلٌ البحث وإن صعبًا،

ومتعبة الصلاة وإن بسيطة.

صغيرٌ الإعجاب الذي يعين،

ولكن التفحّص يتواصل ويُكثر.

هو يُتعب الحبّ ويفرده،

فيدخل فينا التكبّرُ ويصنع قنّه.

يأخذ أجنحة التوافق (بعيدًا)،

وأجنحةَ الخصام يفرش.

 

لاقانا التعقّب فبقينا فيه،

والاستقصاء البغيض كان مانعًا لنا.

اليومُ لا يكفي ليملأ كيله،

حلوٌ وعذب ما نخسر لأجله.

 

مبارك من طلب الأمور السهلة،

مبارك من طالب بالسيطة،

على قياس قوّتنا شكرُنا،

وفمنا يتلو التسبيح.



[1] ثلاثة مواضيع هنا: تذكّر الشعب أمام المنّ. لعازر والغنيّ، صلاة البركة تبقى سهلة إن نحن شئنا. يتألّف هذا الميمر من 86 بيتًا من الشعر. وقد قسّمناها مقاطع بحسب طريقة أفرام.

[2] أعطي لهم المنّ بطعمه الحلو (خر 16: 31). هو منّة الله وعطيّته، ومع ذلك، ما شكر الشعب. هو طبخ كاملٌ له طعم. هذا ما قال التقليد اللاحق، رج مز 78: 24-25.

[3] تمّ هذا العقاب بواسطة الحيوانات وعناصر الكون. في سفر الحكمة، اعتبر الكاتب أنّ المصريّين نالوا العقاب من الماء والحيوان، أمّا هنا، فالعبرانيّون، وتُذكر بعض الأحداث من مرور الشعب في البرّيّة.

[4] عد 21: 6: "حيّات ناريّة لدغت الشعب ومات قوم كثيرون". وذلك حين تذمّروا لنقص في الخبز وفي الماء. في السريانيّة: ح و و ت ا (حيّات) ح ر م ن ي (ضاريات، ثعابين) و ن ك ا و ه ي (ونكأت، وأساءت) ل ع م ا (الشعب).

[5] أعطيت الحيّة التراب مأكلاً (تك 3: 15) فما تذمّروا. والعبرانيّون تذمّروا على المنّ.

[6] عد 11: 1: "وتذمّر الشعب على مسامع الربّ، فسمع الربّ واشتدّ غضبه فعبرت بينهم نار الربّ".

[7] عد 16: 30: "فتحت الأرض فاها فابتلعت (ب ل ع) ما لهم وهبطوا أحياء إلى الشيول".

[8] واسوا الأرض وما تذمّرت. أمّا هم فتذمّروا لأتفه الأمور. لهذا جاء إليهم العقاب ساعة كان الربّ يطعمهم ويسقيهم.

[9] د ب ر ا: البرّيّة. لا شيء فيها ومع ذلك لا تتذمّر. والشعب يتذمّرون مع كلّ مواهب الربّ.

[10] عد 11ك 18: ستأكلون لحمًا (ب س ر ا). وأخذ أفرام بالمعنى الروحيّ كما عند بولس الرسول. نقرأ في غل 5: 13: ولا تكون حرّيّتكم لعلّة اللحم (ب س ر ا). وأعمال "ب س ر ا" معروفة.

[11] عد 11: 20: ع ل م ا (حتّى) ن ف و ق (يخرج) م ن. ن ح ر ي ك و ن (من مناخيركم). أي تصيبكم التخمة (ا ف ت ر ا).

[12] المنخر (الذي يجعل الإنسان قريبًا من الحيوان) فهم والفم الذي خُلق للتسبيح، لم يفهم. ولهذا نالته دينونة (د ن ه).

[13] ط و ف س ا. tupos أراد الربّ أن يقودنا إلى أبعد من اللحم الذي يأكله الإنسان والحيوان.

[14] الإنسان يأكل اللحم بطبيعته. ولكنّ العبرانيّين ما استطاعوا أن يأكلوه لأنّهم ما عرفوا أن يشكروا الله. وهكذا تبدّلت طبيعة اللحم حين تبدّلت طبيعة الإنسان. نحن هنا في خطّ تك 3: 17 حيث صارت الأرض ملعونة بسبب الإنسان. انحدر فانحدرت معه. وحين يتجلّى تتجلّى هي معه (روم 8: 21-22).

[15] لو 16: 19ي. جاءت المقابلة بين الغنيّ الذي ما بارك مع أنّه نال الكثير، ولعازر الذي ما نال حتّى الفتات. ومع ذلك سبَّح الله. هو بعيد عن العبرانيّين الذين تذمّروا مع أنّهم ما جاعوا.

[16] الصلاة سهلة ومفيدة. أمّا التعقّب (ع و ق ب ا) والتفحّص (ب ص ت ا: التبصّص وكأنّنا نريد أن ندخل في سرّ الله) فيبدوان بسيطين ولكنّهما صعبان وفي النهاية يسيئان إلينا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM