الميمر السابع:نكران الجميل لدى بني إسرائيل

الميمر السابع

نكران الجميل لدى بني إسرائيل[1]

 

بين العنب والعجل الذهبيّ

الناكرون رأوا العنقود،

الذي أدهش الجميع بمنظره.

فما باركوا صانعه،

ومبدعَه ما سبّحوا.

 

سبّحوا العجل المسبوك،

وباركوا إتقانه.

مع أنّ العنقود كان وافرًا،

بالجمال والشبع.

 

العنقود والمرجان

المرجان جميل جدًّا،

وجمالُه لا يُؤكل.

أمّا جمال العنب،

فكّكه معين الطيّبات كلّها.

 

جميل منظر البلّور،

وليس بطعام مع جماله.

في الكروم وُضعت كنوز،

جداولُ كلِّ عذوبة.

 

به (يا ربّ) زيّن تابوت العهد،

بحجارة لا تُؤكل.

فللشعب أتى، الشمار

العذبة ليأكلوا

 

اختار له ما لا يؤكل،

ليبيّن أنّه ليس بجائع.

وهب للبشر كلَّ شيء

ليبيّن أنّهم يحتاج إلى كلّ شيء[2].

 

العنقود والشعب[3]

العنقود المتساوي الحبّات، يوبِّخ

الشعبَ الذي تقسّم وجدانه.

جمعُ العنب المتآلف،

دخل إلى جماعة المنقسمين.

 

جميل هو العنقود ومرتَّب،

والشعب مضطربٌ ومبلبل.

في العنقود عذوبة،

ومرارة في الشعب.

 

بلبلة أمام العنقود

حين رأى الشعب العنقود أيضًا

ازداد بلبلة.

بثمار صامتة وهادئة،

ازدادت الضجّةُ في الشعب.

 

أبطلوا السبحَ الواجب،

وصوتَ الشكر الذي يليق.

بدل السبح أرعدوا،

وزمجروا وما شكروا.

 

إسرائيل كرمة مرّة...

الكرمة التي خرجت من مصر[4]،

عنبها عنبُ المرارة.

فالعنقود بيّن، بواسطة القضيب،

سرَّ الصليب الجميل[5].

 

بيَّن لهم التين فتحسّروا،

وما ابتهجوا كما يجب.

رأوا التين في البرّيّة البغيضة،

وما تعزّى الناكرون.

 

فالعنب في البرّيّة،

مثل التين المبكِّر.

طلب الله وجهَهم،

أمّا هم فوجهَ العجل.

 

رأوا الثمار وما باركوا،

وما سبّحوا حين جاعوا.

كيف نبع الرطب؟

وكيف تجتمع الحلاوة؟

 

من صنع الحجارة

بالألوان دون صبّاغ[6]؟

ومن ولّد العذوبة،

من جذور غضوبة؟

وبأغصان بعدُ مرّة،

جعل الشراب العذب يركض.

 

... منذ القديم

به مزجَ الحقُّ

الحقيقة التي ما حفظوها أبدًا.

أبناء يعقوب وإسحق وإبراهيم،

حوّلوا الحقيقة كذبًا.

جذورهم عذبة،

أمّا ثمارهم فمرّة.

جميل جذر إبراهيم،

وأغصان سارة عذبة.

مرًّا كان تذمّرُ[7]

هذا الشعب ابن إبراهيم.

وشديدًا كان تذمّر

الاستخفاف الذي كان من سارة[8].

 

رأى العنقود وما اشتهى[9]،

بل اشتهى التوم والبصل.

رأى التين وما تعزّى.

فتطلّع إلى الكرّات.

لأنّ الموهبة كانت له،

ما حسنَتْ وإن كانت حسنة.

اشتهى التومَ والبصل،

ليأكل بين الوثنيّين.

انتحبت نفسه فتذمّر،

وتمرمرَ حين رأى الثمار.

 

بين الحلاوة والمرارة[10]

أي من الاثنين يُقبَل،

يا ناكر الجميل؟

إن انتحبتْ نفسُك فاقبل

ثمارًا مليئة بالوهن.

وإن استفظعتَ الثمار

فلأنّ نفسك امتأت بُغضًا.

التين والعنبُ[11] إن أبغضا،

ففي الصحراء يُحبّان كثيرًا.

فكر كان جدّ جميلة

في طبعها، هذه الطيّبات!

الثمار الحلوة لا تُحلّي

إراداتهم المرَّة.

التين يهب الحلاوة،

ووجدانهم المرارة.

بالتنيات الطيّبات، وبّخ

الأشرار الذين أنكروا النعمة.



[1] الموضوع: عنقود العنب الذي جلبه أولئك الذين جسّوا الأرض وتعرّفوا إليها. "وقطعوا من هناك غصنًا بعنقود واحد من العنب، وحملوه لنقله بعتلة فيما بين اثنين منهم" (عد 13: 23). وسُمّي الوادي أشكول (في السريانيّة "ا ش ج و لا ا" كما في العبريّة. يتألف هذا الميمر من مئة بيت من الشعر.

[2] قابل الشاعر بين شيئين كريمين: المرجان والبلّور من جهة، وعنقود العنب من جهة أخرى، الجمال هو هنا وهناك. أمّ العنقود فللبشر، والحجارة الكريمة لتابوت العهد، رمز حضور الله وسط شعبه.

[3] نجد التباين الكبير بين صفات العنقود واستعدادات الشعب السيّئة، وذلك قبل أن يتذوّق العنقود.

[4] هذا ما يدلّ على الكرمة (أش 5: 1ي) التي يتحدّث عنها أشعيا، فتكون رمزًا للشعب العبرانيّ الذي جاء من مصر.

[5] يكون القضيب في العرض، والعنقود يقطعه فيتكوّن الصليب.

[6] نقرأ هنا لفظين. ص ب ع: صبغ. لوّن. ثمّ "س م م ن ا: صباغ، دواء، علاج.

[7] التذمّر وجهة هامّة من حياة الشعب العبرانيّ حين كان في البرّيّة. رج خر 15: 24 (ماذا نشرب؟): 16: 12 (بالنسبة إلى اللحم وطير السلوى). عاد آباء الكنيسة إلى موقف العبرانيّين لينزلوهم من عليائهم.

[8] بدأ التذمّر منذ سارة، أم هذا الشعب. هذا ما كان منها حين بشّرها الله بابن "في شيخوختها". نقرأ في تك 18: 12: ""فضحكت سارة" لأنّها لم تصدّق. قرأنا "م و ش ا" نستطيع أن نقول موسى نبيّ الله، ولكنّنا لم نرَ له مكانًا هنا. فاقترحنا "استخفاف" (م و ش ا).

[9] عد 11: 5: "تذكّر السمك الذي نأكله في مصر مجّانًا، والقثاء والبطّيخ والكرات والبصل والثوم". العنقود عطيّة الله، أمّا الثوم والبصل فمن أجل المشاركة مع الوثنيّين.

[10] الثمار تعطي الحلاوة، أمّا الشعب العبرانيّ فمنه المرارة والتمرمر.

[11] يُذكر التين والكرم معًا، كرمز أرض الموعد التي يسودها السلام. رج 1 مل 4: 25؛ مي 4: 4.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM