الفصل التاسع عشر: معجزة قانا الجليل

الفصل التاسع عشر
معجزة قانا الجليل
يوحنا 2: 1- 11

تمهيد
تحتوي دراستنا جزئين: جزء أوّل يعالج، بشكل موضوعي، نصّ يوحنا 2/ 1- 11 (حدود النصّ، هيكليّته، تحليل أدبي لبعض الآيات)؛ وجزء ثان يتطرّق إلى البعد الرمزي"... لمعجزة قانا الجليل.
"أثناء الأيام البيبليّة"، ألقيَ الجزء الأوّل بواسطة صور "Slides" يُعرض مضمونها هنا؛ أما الجزء الثاني، فتمّ بشكل "حوار" مع الجمهور، نعرض مضمونه من بعد.   تساؤلات
نلاحظ أثناء قراءة يو 2/ 1- 11 غياب بعض المعلومات الأساسيّة، بينما تتضمّن الرواية تفاصيل عدّة ثانوية:
* النواقص:
- أسباب نفاد الخمر؟ كيف لم تؤمّن الكميّة اللازمة، علماً أنّ للوليمة أن تستمر مدّة أسبوع على الأقل؟
- غياب ذكر "العروس" في الرواية!
- لم يرد ذكر "العروس" إلاّ في آخر الحدث، فتُنسب إليه المعجزة، مع أنّه لم يقم بأي دور فعّال...
- نلاحظ في "الهيكليّة الهرميّة" التي اعتنقها يوحنا (راجع ص 7). أنّ جوهر النصّ "centre" يتمحور في الآية 9: "فلما ذاق وكيل المائدة الماء الذي صار خمرًا": يأتي التركيز هنا على "الاعتراف بالمعجزة"، لا- كما يجب- على كيفية "إجراء المعجزة: فلا يفيدنا يوحنا، في هذا الإطار، بأي معلومة: هل "أمر" يسوع الماء... فتحوّل إلى خمر؟ هل لمسها؟ ومتى حصل تحويلها؟ بعد أن امتلأت الأجران ماء؟ عندما غرفها الخدم؟ في أثناء نقلها في آنية إلى وكيل المائدة؟
* نلاحظ إلى جانب هذه النواقص
- التشديد على "نفاد الخمر" (آية 3: مرّتين).
- المبالغة في وصف "الأجران" عددها- كميّتها- وظيفتها.
- أهميّة دور "الخدم"! ألم يستطع يسوع، مثلاً، أن يقوم بالمعجزة دون اللجوء إليهم؟ (كان باستطاعته أن "يكثر الخمر"، أو ألاّ يجعلها تنفد عن المائدة، إلخ...).
لماذا لم ينتبه "وكيل المائدة" لنفاد الخمر، وبحكم وظيفته، لم يعالج المشكلة؟...

معجزة قانا الجليل
البعد الرمزي
تهدف رواية عرس قانا الجليل- على غرار الانجيليين الإزئيين- الى إعلان "بشرى الخلاص" للبشرية: مع مجيىء يسوع المسيح، يكتمل "العهد" بين الله وشعبه، و"ينتهي" زمن الانتظار. يتم هذا الزمن... "في اليوم الثالث": إنها "إشارة زمنية" مميّزة في العهد القديم تعلن عن حدث تاريخي مهمّ، لا بل مصيري لشعب إسرائيل (خر 19/ 11 تك 22/ 4، 42/ 18، هو 6/ 2،...). يتم هذا الزمن في إطار وليمة "عرس"... لكلمة "عرس" بعد رمزي في الكتاب المقدس ترمز، لدى الانبياء، الى "اقتران" الله بشعبه: وحيث العريس هو الله، والعروس هو اسرائيل" (1 ر 2، حز 16، اش 54، 61). إسراثيل يعيش في حالة نقص وعوز: نقص يعبر عنه... يوحنا في "نفاد الخمر"، و"عدد الأجران" الغير الكامل ("ستة")، "ولأن الأجران تقتضي الطهارة عند اليهود"، كذلك الشعب هو بحاجة ماسة الى "غسل وتطهير".
تظهر أم يسوع كالشفيعة لدى الشعب، وكونها المرأة والأم، ترمز الى... "أورشليم المثالية": أورشليم المشخصة خاصةً بالأمّ في الكتاب المقدس (اش 49/ 20- 22، 54/ 1، 66/ 7- 11) فتحمل مأساة الشعب وتقدمها ليسوع. ويبرز يسوع، الكلمة المتجسد، كالوسيط الاوحد الذي به تتمّ الوليمة وبدونه لا تتمّ؛ فيحوّل ما من نقص وحرمان، في "عهد قديم"، إلى فرح ونعيم، في "عهد جديد" يفتتحه مع جماعة التلاميذ المؤمنين.
الأب سمير بشارة اليسوعي

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM