الفصل الحادي والعشرون: للإنسان ما يدبّر

الفصل الحادي والعشرون
للإنسان ما يدبّر
16: 1 – 33

قد حاول جامع سفر الأمثال أن يرتّب الأقوال حول الموضوع الواحد، بقدر الامكان، فجاءت آ 1- 9 (ما عدا آ 8) تدور حول الله الذي يدبّر حياة الإنسان، وآ 10- 15 (ما عدا آ 11) حول الملوك. وسنجد أثرًا لمحاولات أخرى تدلّ على مثل هذا الترتيب.
(16: 1) هذا المثل يقابل ما نقول اليوم: الإنسان في التقرير والله في التدبير. نجد من جهة مشاريع القلب نعدّها برويّة وتفكير، ومن جهة ثانية جواب اللسان أي تحقيق ما نويناه (رج أيضاً آ 9 ؛ 19: 21 ؛ 20: 24؛ 21: 29-.3). ونفسّر هذه الفكرة انطلاقًا من نظرات الحكمة العاديّة: فالله صاحب كل حكمة يمنحها لمن يشاء. وقدرة الله هذه التي تسود أعمال البشرَ نجدها في عا 6:3؛ مز 8:118؛ خر 10: 1؛ مت 19:10؛ 13: 11؛ روم 9: 16. وقالت حكمة امينيموفي: كلمة الإنسان شيء، وأعمال الله شيء آخر. وقال فتاح حوتب: لن تحصل على شيء في حياتك بواسطة الضجة، ولكنها إرادة الله تتمّ.
(آ 2) حكم الله وحكم الإنسان (رج 7:3؛ 12:14؛ 2:21؛ 12:24 ؛ مز 7: 10 ؛ إر 17: 10؛ 1 كور 4: 4). يشدّد هذا القول على الوجهة الأدبيّة والباطنيّة لعمل الإنسان، ويؤسّس الأدب الخلقي على الله. قالت السبعينيّة: كل أعمال المسكين واضحة أمام الربّ، والأشرار يهلكون في يوم الشرّ.
(آ 3) رج آ 1؛ 10: 22؛ مز 8:22؛ 37: 5؛ 23:55؛ 1 بط 7:5. قال فتاح حوتب: إجعل نفسك في يدي الله فتزول أحزانك.
(آ 4) يعلن هذا المثلُ بطريقة مباشرة أن مبدأ تدبير كل شيء هو بيد الله (سي 16:39-34؛ روم 9: 22). ثم إن تعليم الحكمة يفترض أيضاً الحرية البشرية في نظرته إلى التأديب (إلى سلوك الله، سي 15: 11). قالت السبعينية: كل أعمال الرب تُصنع بعدل يَحفظ الشرير ليوم الشرّ. لا شيء يُفرض على الله، ولكن كلّ شيء يدخل في مخطّطه الخلاصي.
(آ 5) يعود البيتان في هذا المثل إلى 11: 20- 21 بعد أن حلّ الشرّير محلّ المتكبّر بالنسبة إلى الكبرياء، رج 6: 17.
(آ 6) الرحمة والحق هما كمال الاخلاق (3: 3) وهما يرتبطان بالتفكير. كانت تقدمات بحسب الشريعة (لا 1- 7). وقد شدّد الأنبياء أيضاً على ضرورة استعداد القلب الداخلي (رج هو 6:6؛ إر 22:7- 23؛ أش 11: 11؛ حز 18: 1ي؛ مز 50: 14؛ 16:51-17). ما يهمّ الحكماء هو استعداد القلب.
(آ 7) لا أعداء للإنسان الذي يرضى الله عنه. هكذا يجازيه الله. والأمثال عديدة: اسحق وابيمالك، يعقوب ولابان، رجوع داود بعد مقتل ابشالوم، إرميا والبابليون (تك 26: 31؛ 2 صم 19؛ إر 39).
(آ 8) ما تقوله هذه الآية يفترق عما في 16:15 مع ما هناك من تشابه بينما. ليس الموضوع هنا الغنى بحدّ ذاته، بل الطريقة التي بها نحصل على الغنى. ق ما نقرأ في امينيموفي: وزنة واحدة يعطيها الربّ خير من خمسة آلاف نأخذها بالجور. وقال أيضاً: الفقر في يد الله خير من الغنى في الخازن. رج 10: 3 ؛ 23:13؛ إر 13:23. وزادت القبطيّة: الذي يطلب الربّ يجد المعرفة مع البر. الذين يطلبونه باستقامة يجدون السلام.
(آ 9) رج آ 1. قال امينيموفي: لسان الإنسان هو دفة المركب والربّ القائد. قالت السبعينية: كل أعمال الربّ مصنوعة بعدل، والشرير يُحفظ ليوم الشرّ. والقبطية: العدالة أمام الرب هي وزن ميزان. كل وزنة من يده هي صحيحة. أعماله أوزان حقيقيّة. والربّ يحبّ الكلام المستقيم.
(آ 10) هنا نجد عرضاً لصفات وواجبات الملوك. لا يستلهم هذا التعليمُ الوحيَ الالهي كما في الأنبياء (أش 11: 1- 5) والمزامير (مز 72)، ولا التيوقراطيّة كما في الأسفار التاريخيّة (1 صم 8: 1- 22). إنه يعرض بالأحرى واقع الأمور حسب نظرة الحكمة التي هي عطّية من الله تُمنح بصورة خاصة للملوك (1 مل 28:3). ولقد قالت المرأة التقوعيّة لداود: "سيدي حكيم، وحكمته كحكمة ملاك الله وهو يعرف كل ما يتحرّك على الأرض " (2 صم 20:14).
(آ 11) يرجع العدل إلى الرب (رج 11: 1؛ 20: 10، 23 ؛ لا 19: 36 ؛ تث 13:25). ويذكّر الأنبياءُ بهذا الواجب (مي 6: 12؛ عا 8: 5؛ هو 7:12- 8).
(آ 12) نجد أقوالاً متشابهة في 20: 28؛ 25: 5؛ 29: 4؛ رج تث 17: 14- 20، أش 32: 1.
(آ 13) يشير هذا المثل إلى مستشاري الملك الذين كانوا في مصر وفي أرض إسرائيل، أصحاب الأدب الحكمي. قالت القبطية: الاعتبارات الحقّة يختارها الملك.
(آ 14) ق 12:19؛ 2:20؛ 15:25. كان الملك في إسرائيل خاضعًا للشريعة، ولكن كان له سلطة عمليّة على الموت والحياة. رسول الموت: نجد تطبيقًا لهذه العبارة في ما عمله سليمان مع أدونيا ويوآب وشمعي (1 مل 25:2، 39- 34، 46).
(آ 15) يعرف رجالُ الحاشية أن مستقبلهم بل حياتهم، ترتبط برضى الملك. وحتى خصب الأرض يرتبط برضى الملك. كما أن المطر ضروريّ لحياة الأرض، كذلك رضى الملك على شعبه.
(آ 16) هذه المقابلة معروفة في حكمة العهد القديم. ولكن كما يبيّن 13:3- 18، لسنا في معرض احتقار الغنى. فالرجل الذي يمتلك الحكمة سيمتلك الغنى أيضاً.
(آ 17) نفهم هذا المثل بالمعنى الاخلاقي كما في 7:3 ب؛ 16:14. وقد نفهمه عن الحكمة التي تحمي من السوء وتُعطي الحياة المديدة (13: 14 ؛ 15: 24؛ 3:17). قالت السبعينيّة: طرق الحياة تبتعد عن الأشرار، وطرق البّر هي طول الحياة. وتزيد: من يتقبّل التأديب يكن في السعادة، ومن يسِر حسب التوبيخ يصبح حكيمًا. الذي يحفظ طرقه يحفظ نفسه (حياته). ومن يحبّ حياته يصن فمه.
(آ 18- 19) قولان عن الكبرياء التي ترتبط مرارًا بالعنف والظلم (24:21؛ 13:30) وتوصل الإنسان إلى الجنون والدمار (3: 34 ؛ 6: 17؛ 11: 2 ؛ 15: 25- 33؛ 18: 12، أش 2: 11؛ مز 18: 28). قالت بردية انسنجر: الكبرياء والتشامخ هما دمار لصاحبهما.
(آ 20) إن هذا المثل يكمّل 13:13. ترتبط الحكمة ارتباطاً وثيقًا بالربّ والتنظيم القانوني في إسرائيل.
(آ 21) يلمّح المثل إلى أساليب التعليم عند الحكماء: عرض القول المأثور بطريقة مشوّقة (رج 1 :5؛ 2:4 ؛9:9).
(آ 22) نتائج الحكمة والحماقة، وقد تحدّث عنها سفر الأمثال مرارًا. ينبوع حياة: رج 10: 011 الينبوع أهمّ من المطر، وهو يدلّ على الغنى الدائم.
(آ 23) رج آ 21. قول عن الحكيم الذي يوجّهه قلبه.
(آ 24) تأثير الاخلاق على طبيعة الإنسان. رج 13: 12؛ 15: 30؛ تكمِّل هذه الآية آ 21 و 30 عن الكلام العذب والمشجّع.
(آ 25) رج 14: 012 الآيتان متشابهتان.
(آ 26) العامل الفقير لا يجد ما يأكله. حينئذ يدفعه الجوع إلى العمل. قالت السبعينيّة: العامل يعمل لنفسه ويُبعد عن نفسه الدمار، أما المعوجّ فيحمل الدمار إلى فمه.
(آ 27- 28) قولان عن الكذب والنميمة. الأخبار التي يحملها رجل شرير أو غير واع تحمل للآخرين ضررًا كبيرًا. زادت السبعينية في آ 18 أ: يشعل جمر مكر للأشرار ويُغرق الأصدقاء.
(آ 29) دور العنف والجور في حياة الإنسان: لا يقوده إلى الخير. رج 1: 10- 19.
(آ 30) تنبيه من الرجل السيّئ الطباع الذي يفكّر بالشرّ في قلبه، ويعبّر عنه بالحركة الخارجية (6: 12- 15؛ 10: 10).
(آ 31) الحياة الطويلة بركة من الله، والرجل الشرير يموت قبل الأوان (3: 2؛ 4: 10؛ 10: 27؛ 14: 27).
(آ 32) قوّة الجبار وقوّة الحكيم. الحكيم يمتلك نفسه. والمدبّر الذي يصبر يصل إلى القمّة ويبقى فيها (رج 17:14؛ 5:24؛ 28:25).
(آ 33) كانوا يلقون القرعة ليكتشفوا إرادة الله (1 صم 14: 14- 21)0 اما هنا فلا رجوع إلى الله، ولاسيّما إذا كانت القرعة تُلقى لاقتسام الأسلاب والمغانم (مز 22: 18). قالت حكمة امينيموفي: ما يقوله الناس من كلام شيء، وما يفعله الله شيء آخر

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM