الفصل السادس عشر
ميزان الغش يمقته الرب
11: 1 – 31
(11: 1) هناك شريعة في تث 13:25- 16 حول هذا الموضوع الذي تطرّق إليه امينيموفي (هو رجس عند رع الاله) وسائر شرائع الشرق، وقد ندّد الأنبياء (سي 6: 11 ؛ عا 8: 5) بالميزان المغشوش.
(آ 2) إن جنون الكبرياء يعارض عهد الربّ. وهذا ما يندّد به الأنبياء في الوجهات الوطنيّة والاجتماعيّة... (حز 7: 10 ؛ إر 49: 16). أما هنا فالفكرة تبدو في وجهتها الاجتماعيّة الشاملة (12: 10؛ 36:15؛ 16: 18 ؛ 18: 12...). يربط الأنبياء بين العدالة من جهة والتواضع والفقر من جهة ثانية. أما أم (رج 11: 10) فهو يربط بين الحكمة والتواضع.
(آ 3- 6) أربعة أقوال حول المجازاة. هي أمثال متشابهة تعطينا مثالاً عن أسلوب التعليم الشفهيّ عند الحكماء والمؤسّس على التكرار. أما الفكرة الأساسية فهي الاستقامة التي تعارض الاعوجاج. وتتحقّق نتيجة الاعوجاج على هذه الأرض وفي الموت.
في آ 2 ب تقرأ السبعينية: فم الوضعاء يعلن الحكمة.
وتقرأ السبعينية في آ 3: حين يموت الصديق يترك وراءه الحسرة، أما دمار الأشرار فسريع ويبعث على الفرح.
في آ 4 يوم الغضب (أو يوم العقاب) يقابل الموت في الأقوال النبوية مثل صف 1: 15، 18؛ 2: 2؛ التي هي صدى، لما نقرأ في عا 18:5؛ 9:8؛ أش 13:13؛ مز 110: 5. نحن إذًا أمام عقاب فردي يصيب الإنسان على هذه الأرض ؛ آ 4 ب هي تكرار 10: 2 ب.
(آ 7) يتحدّث النصّ الماسوري عن الأمل والرجاء. أما السبعينية فقالت: حين يموت الصديق لا يبيد أمله، أما رغبة الأثيم فتزول. لقد صرنا في جوّ الحياة بعد الموت.
(آ 8) هذا قول يقبل به الحكماء. ولكنه موضوع جدال في أيوب. الصدّيق ينجو من الضيق، أما الشرّير فيقع في الضيق.
(آ 9) المعرفة هي الحكمة، والحكمة تساعد الإنسان أن يرى مقاصد الإنسان الشرّير ويقف في وجهها. في السبعينية: في فم الشرّير فخّ لمواطنيه، ولكن معرفة الأبرار طريق صالحة.
(آ 10- 11) الكلمة الأساسية في هاتين الآيتين هي المدينة. والموضوع المشترك هو علاقة الأفراد بالجماعة. الله يرسل كل بركة فيحملها البشر وهي تفيض على الجماعة: المدينة، إسرائيل، كل الشعوب (تك 12: 2- 3؛ يه 13: 18- 20). والمدينة تنهدم بكلام الأشرار الذين يزرعون الجور والخصومات (أش 32: 6- 8؛ أم 29: 2- 8، 12).
(آ 12) وهكذا لا يتعرّض لأن يسيء إلى قريبه ولا أن يتحمّل نتائج الاحتقار الذي تحمّله منه الآخرون. ناقص الفهم أو القلب، والقلب هو مركز العقل.
(آ 13) النميمة إساءة إلى القريب، ولا يتماسك مجتمع إن لم يُحفظ فيه السرّ. هذا التعليم نجده أيضاً في امينيموفي. وقد قال احيقار: يا ابني، ان سمعت كلمة فلا تكشفها لأحد، ولا تخبر بكل ما رأيت. قالت السبعينية: الإنسان ذو اللسانين يكشف الأسرار في الجماعة. وقالت السريانية: والذي يؤمن بروحه (أي الامين) يخفي الكلمة.
(آ 14) بغير هداية أو سياسة، أي فن تدبير الأمور العامة، وهذا هو نطاق الحكمة الأولى. هناك المستشارون الصالحون والمستشارون الأردياء (2 صم 16: 20- 17، 14). غير أن مستشاري الملوك ضايقوا الأنبياء والحكماء (أش 22: 15- 23 ؛ أم 29: 16). قالت السبعينية: حيث لا حكم، يسقط (الشعبُ) كورق الشجر.
(آ 15) رج ما قلناه في 6: 1- 5 عن كفل الاجنبي.
(آ 16) في النصّ الماسوري بيتان (أ، د). أما في النصّ السبعيني فنجد البيتين ب، ج ويكون النصّ اليوناني على الشكل التالي: المرأة الحنون تحمل الكرامة إلى زوجها، والمرأة التي تمقت الصلاح هي عرش من العار. الكسالى يصبحون فقراء، والشرفاء يحظون بالغنى.
(آ 17) نجد هنا تعبيرًا مصوّرًا عن تطويبة مت 7:5 في إطار هذا العالم.
(آ 18) تبدأ هنا أربع آيات عن مصير البار والشرير. هي صورة الزرع والثمار (رج هو 10: 11- 13 ؛ إر 3:4). أما غلّة الشرّير فسريعة العطب وزائلة (25:10؛ 11: 4). (آ 9 1- 20) بعض نتائج السلوك الاخلاقي (1: 32- 33؛ 2: 21- 22؛ 2:3؛ 2:10، 16...). يمقته الربّ رج 32:3 ؛ 11: 1.
(آ 21) لا ريب. ترجمتها اليونانية: الذي يعطي من يد إلى يد. زرع (أو نسل) الصدّيقين. صارت من يزرع الصدق (أو البرّ). وقالت السريانية: من يمدّ يده على صاحبه لا ينجو من الشر الصديقون ونسلهم: هم يجازون بنسلهم، أما الأشرار فلا نسل لهم. (آ 22) تشبيه شعبي كما في 10: 26: كان الخاتم (أو الخرص أو الحلقة) يزّين الناس في المدنيّات القديمة (تك 47:24؛ أش 3: 21 ؛ حز 16: 12). تشدّد القرينة هنا على صفات المرأة العقليّة والاخلاقيّة.
(آ 23) الغضب. هذا لا يعني أن الأشرار يتأملون الغضب، بل إن رجاءهم المركّز على الشرّ يجلب عليهم غضب الله (28:10). أما نحن فعدنا إلى العربية وقلنا: أمل عابر (عبره في العبرية).
(آ 24- 26) ثلاثة أقوال في السخاء والطمع، والتشابيه مأخوذة من عالم الزراعة والتجارة.
في آ 24. معنيان. الأول: قد لا تعود الأمور إلى ما ننتظر. الثاني: السخاء يحمل مجازاته والبخل لا يفيد في النهاية. قد يكون الكاتب ترك النصّ غامضاً ليحصل على المعنيين معًا.
في آ 25 السخيّ أي الرجل المبارك والذي نال رضى الله.
في آ 26 الأيام أيام جوع. على الغني الذي خزن القمح أن لا يمنعه عن الناس (تك 41: 47- 57). ولكنه سيرفع الأسعار دون أن يتأثّر بألم الشعب.
(آ 27) حرفيا: الرضى. ولكن المعنى واضح: رضى الله، وهذا ما يهتمّ به مرارًا سفر الأمثال (8: 35؛ 11: 1، 20؛ 12: 2، 22). وهو يهتمّ أيضاً برضى الملك (16: 13، 15 ؛ 12:19). ولكن ليس في هذا النصّ.
(آ 28) صور تعبِّر عن الخصب. رج أي 14: 7 ؛ أش 66: 14؛ مز 1: 3 ؛52: 10 ؛ 8:112، 13. لا تحتفظ السبعينية بهذه الصور. ونجد هنا فكرة الغنى الباطل. رج أي 31: 24؛ مز 7:49؛ 9:52 ؛ 62: 11؛ أم 2:10؛ 11: 4...
(آ 29) ان كلمة "روح" العبرية تعني الريح والغضب، وقد يتلاعب الكاتب على المعنيين. ثم إن الأحمق يُستعبَد للحكيم بسبب الأموال التي استدانها بخفّة (7:22).
(آ 30) جزاء الأبرار الحياة أي السعادة على أنواعها. صورة شجرة الحياة صورة ميتولوجية. قد يكون الكاتب عاد إلى تك 2: 9؛ 3: 22 حيث تمنح شجرةُ الحياة الحياةَ الأبدية التي لم تعد في متناول يد الإنسان. قالت السبعينية: من ثمر البر تنمو شجرة الحياة، ولكن نفوسَ الأشرار تُقتلع باكرًا (أو: قبل أوانها).
(آ 31) إذا قرأنا النصّ الماسوري اعتبرنا أن المجازاة تقتصر على وجودها على الأرض. ينطلق الكاتب من قول الحكماء (مز 37: 25- 26) ويتأكّد من مصير الأشرار. ولكن النصّ اليوناني قال: إذا كان البار يخلص بصعوبة، فكيف الشرّير والخاطئ. أما القبطية فاشارت إلى حياة في العالم الآخر. وقالت السريانية: إن كان البار يحيا (أو يخلص) بالجد والكد، فكيف يكون الأمر للشرير والخاطئ. وهكذا نرى أن اليونانية والقبطية والسريانية شدّدت على المجازاة بعد الموت