الفصل الثاني: أهداف الرابطة،

الفصل الثاني
أهداف الرابطة، أعمالها وتطلعاتها
الأب بولس الفغالي
ماذا عساي أقول بعد الذي قاله الأمين العام للرابطة الكتابية؟ سأقول في العربية ما قاله في الفرنسية، وأشدّد على بعض الأمور التي ما تزال ملتبسة على البعض منا فيما يخص رسالة الكتاب المقدس.

1- أهداف الرابطة
قبل أن أتحدث عن أهداف الرابطة أذكر بهويتها: تجمّع يتألف من تنظيمات كاثوليكية تهتم برسالة الكتاب المقدس. إنطلقت سنة 1969، وما زالت في انطلاقتها وهي تتوخّى أن تصل إلى كل بلد من بلدان العالم، بل إلى كل معهد ورعية ومجموعة مهما كانت صغيرة.
أما أهدافها فهي أربعة:
الأول: الاهتمام بترجمة الكتاب المقدس وطبعه ونشره وتوزيعه وذلك بالمشاركة مع سائر الطوائف المسيحية. وهذا ما تم بالنسبة إلى الشرق الأوسط. شارك المطران أنطونيوس نجيب في ترجمة العهد الجديد، والأب بولس الفغالي في ترجمة العهد القديم، شاركا مع جمعيات الكتاب المقدس. أما الهدف من كل هذا العمل فهو جعل الكتب المقدسة في متناول الجميع. أسلوب سهل على مستوى اللغة والكتابة. سعر معقول على مستوى وصول الكتاب المقدس إلى جميع الناس حتى الفقراء منهم.
الثاني: نشر التعليم البيبلي على مستويين: تقديم تفاسير للكتب المقدسة. وهذا ما تقوم به الرابطة الكتابية بعد أن نشرت تفسير إنجيل يوحنا. وهي تستعد لنشر تفسير لوقا. هذا عدا عن المجموعات التي تصدرها مختلف دور النشر. والمستوى الثاني هو تسهيل قراءة الكتاب المقدس لشعب الله من كل الأعمار. لهذا تفرح الرابطة حين تعرف بما ينظَّم من سهرات إنجيلية وحلقات دراسية ورياضات ولقاءات. حقا تفرح بما يصدر من كتب ومجلات تتوجّه إلى كل الأعمار. وأخيراً تفرح بما يقدّمه الراديو والتلفزيون والصحف من تسهيلات لينتشر كلام الله انتشاراً لم تعرفه وسائل النقل في الكنيسة في الأيام الماضية.
الثالث: تشجيع المؤمنين على قراءة الكتاب المقدس. لقد عرف العالم الكاثوليكي فترة طويلة كان فيها الكتاب المقدس مهملاً. وسيطرت في محيطاتنا العبادات التقوية على حساب الليتورجيا، فصارت كلمة الله المكتوبة على هامش اجتماعاتنا وصلواتنا الخاصة. لهذا، لا بد من العودة إلى الكتاب المقدس نقرأه أفراداً وجماعات، فيصبح الأساس في صلاة العائلة والمرجع في اجتماعات الحركات الرسولية والرعائية.
الرابع: تشجيع المشاركة في العمل بين شرّاح الكتاب المقدّس ومفسريه من جهة، وبين الرعاة الذين يحاولون الاتصال بشعب الله ونقل كلمة الله بلغة يفهمها الشعب. هناك البحث العلمي الذي يكتشف يوماً بعد يوم غنى الكتاب المقدس، وهناك النشاط الرعائي الذي يستفيد من الأبحاث العلمية. فالرابطة الكتابية لا تكتفي بنشر الكتاب المقدس وتوزيعه، بل هي تقدم الأساليب من أجل قراءته داخل الكنيسة وداخل التقليد الذي يرتبط بالآباء فيصل إلى العاملين في إطار كنسي.

2- أعمال الرابطة
إنطلقت الرابطة سنة 1969 وعرفت جمعيتين عامتين قبل أن تصل إلى الشرق. المؤتمر الأول في فيينا (1972) والثاني في مالطة (1978)0 أول من نسّق العمل في إقليم الشرق الأوسط كان الأنبا أنطونيوس نجيب، مطران المنيا (مصر) للأقباط الكاثوليك. وفي 11 تشرين الأول (أوكتوبر) سنة 1991 تسلم المشعل الأب بولس الفغالي في اجتماع عقد في باريس بينه وبين الأمين العام لودجر فلدكمبر.
تنظَّم مؤتمر أول في لارناكا سنة 1985، فكانَ مناسبة تعارف وتبادل خبرات بين العاملين في رسالة الكتاب المقدس. في سنة 1987، قام الأمين العام بزيارة لبلدان الشرق الأوسط. رافقه في تجواله المطران أنطونيوس نجيب الذي كان بلده أول من انتمى إلى الرابطة سنة 1979. على أثر هذه الزيارة، إنضمت سورية إلى الرابطة الكتابية من خلال لجنة الكتاب المقدس برئيسها المطران أنطون طربيه وأمين سرها الأب متري هاجي أثناسيو. كما انضم إليها عضوان مشاركان يقيمان في الأراضي المقدسة (أورشليم، طبريا).
وانعقد المؤتمر الثاني في لارناكا سنة 1988 حول موضوع: القراءة المسيحية للعهد القديم. شارك فيه عدد من أساتذة الكتاب المقدس في بلدان الشرق الأوسط. ولكن تأخرت أعماله ولم تطبع قبل سنة 1991.
كانت محاولة لعقد مؤتمر ثالث في لارناكا حول العهد الجديد. أُرسلت الإستمارات وتنظَّم العمل. ولكن الوضع في الشرق الأوسط جعل المنسّق يُلغي هذا الاجتماع.
سنة 1992، انتمى إلى الرابطة عضوان جديدان هما إيران ولبنان. ونحن بانتظار العراق والأردن...
أصدرت الرابطة سنة 1992: إنجيل يوحنا: دراسات وتأملات، وهي تستعد لإصدار الجزء الأول من إنجيل لوقا. كما أصدرت العدد الأول من النشرة الإخبارية (في اللغة الفرنسية والعربية). والعدد الثاني هو بين أيديكم.
وتفرح الرابطة بالمشاركة في العمل البيبلي على مستوى الشرق: تبادل بين لبنان وسورية، بين العراق ولبنان، بين لبنان ومصر... بانتظار تبادلات أخرى. لا شيء يوقف مسيرة كلمة الله، فهي لليهودي واليوناني، للأعجمي والأسكوتي، للرجل والمرأة، للعبد والحر (غل 3: 28؛ كو 3: 11).

3- تطلّعات الرابطة
تتطلّع الرابطة إلى يوم تصبح الكتب المقدسة في متناول الجميع، تصل كلمة الله إلى البشر في لغتهم وحياتهم وحضارتهم وطريقة عيشهم. وهي تتوخى العمل على ثلاثة مستويات.
المستوى الأول: مستوى البحث العلمي. وهو الذي يقوم به أساتذة الكتاب المقدس في مختلف المعاهد التي تتوزع الشرق العربي من العراق إلى مصر، من سورية إلى لبنان والأراضي المقدسة... وربما إلى أبعد من ذلك. وكم تتمنّى الرابطة من هؤلاء الباحثين أن لا ينقلوا الغرب بما فيه، أن لا ينقلوا إلى الشرق مشاكل الغرب من مدارس تكوينية وتدوينية، بل أن يستقوا من الغرب غنى أبحاثه فيمضغوها ويقدّموها إلى الشرق في لغة الشرق وحضارته. ولا ننسَ غنى الآباء القديسين في تقاليدنا.
المستوى الثاني: مستوى العاملين في التكوين البيبلي. هم مرشدو الجمعيات والمنظمات الذين يقدّمون الكتاب المقدس في إطار خاص لأشخاص يكرّسون وقتاً هاماً للتعمّق في كلام الله. يعظون الرياضات، يقومون باللقاءات، ينظّمون الندوات. عددهم كبير جداً وهم بحاجة إلى التعاطي الدائم مع الأسفار المقدسة. يجب أن لا يقولوا يوماً: نحن لسنا بمتخصصين، فما نعرفه يكفينا. فالمسيرة مع الله في كلامه مغامرة لا تنتهي، والويل لمن ينسى قول الإنجيل: "نحن عبيد بطالون". الويل لمن يتجاسر ويقول: "فعلنا ما يتوجّب علينا" فلم يبقَ لنا شيء نعمله (لو 10:17)!
المستوى الثالث : هو مستوى العمل الشعبي في المدارس والرعايا، مع الكبار والصغار، أكان الوعظ أو التعليم المسيحي أو السهرات الإنجيلية. لن نقبل أن يقال: "الأطفال طلبوا خبزاً، ولم يكن من يكسره لهم" (مرا 4 :4). إن أكبر عدد من شعب الله ينتظر هذا الخبز، وهذا يعني أن مسؤولية الكنيسة التعليمية كبيرة. كيف نسمح لنفوسنا بعظات محض أخلاقية لا ترتكز على عمق كلام الله؟ كيف نقبل بتعليم مسيحي (أو مدارس الأحد) يكون ترداداً لما نقرأه في كتاب ملخّص، فلا تنعشه حياتنا المسيحية وصلاتنا التأملية وبحثنا وتعمقنا في الأسفار المقدسة؟
على هذه المستويات الثلاثة تقف الرابطة الكتابية وهي تحاول أن تشجّع العاملين في رسالة الكتاب المقدس في كل المجالات. وبقدر ما يكون اتصال بين هذه المستويات تبلغ الرابطة أهدافها، وتصبح كلمة الله في متناول الجميع، فتتابع جريها ولا تتوقّف.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM