الفصل الثالث عشر اليوم ولد لكم مخلص
 

 

الفصل الثالث عشر
اليوم ولد لكم مخلص
(لوقا 2: 1- 20)

يُعتبر خبر مولد يسوع العجيب من أكثر الصفحات المعروفة في إنجيل لوقا. فقد رسمه لنا الفنّ المسيحيّ جيلاً بعد جيل. ومثّلته "المغارة" التي اعتدنا أن نجعلها في بيوتنا وكنائسنا. ولكن هذه الصفحة الإِنجيلية تُخبئ صعوباتٍ ترتبط بأناجيل الطفولة. فكم نتمنى أن لا تحرمنا هذه الصعوبات من البحث عن التعليم العميق الذي أراد لوقا أن يوصله إلينا.
إذن، نبدأ أوّلاً فنُقدّم أسلوب لوقا في عرض خبر الطفولة. ثم نقرأ خبر مولد يسوع. وبعد أن نتفحّص المشاكل التي يطرحها الخبر على المؤرّخ، نتوقّف عند المعنى العميق الذي نكتشفه في هذه الصفحة الإِنجيليّة.

أ- أسلوب لوقا في إنجيل الطفولة
يُعلن لوقا في أولى أسطر كتابه أنّه سيتكلّم عن الأحداث التي جرت بيننا. إنّه يبحث عنها بدقة، وها هو يُقدّمها في خبر مُرتب وأكيد (1: 1- 4). هذا هو هدفه الواضح، ولكن كيف قام بمُهمّته هذه؟ نحن نستطيع أن نتحقّق من هذا الأمر بعد الفصل الثالث، فنُقابل ما كتبه مع ما كتبه مرقس (الذي كان مرجع لوقا) ومتى. أمّا فيما يخصّ أخبار الطفولة، فلوقا مُستقلّ عن مرقس الذي لا إنجيلَ طفولةٍ عنده، وعن متّى الذي شدّد في أخباره على أمور أخرى.
أمّا إن قرأنا أخبار لوقا في ف 1- 2، فنكتشف فيها السِمات الرئيسيّة التالية:
أوّلاً: تبينّ ف 3- 24 كيف أنّ التلاميذ اكتشفوا سرّ يسوع اكتشافاً بطيئاً، وتلمّسوا طريقهم في التعبير عن إيمان غير دقيق. أمّا أخبار الطفولة فتقدّم أوضح التعابير عن هذا السرّ في سلسلة من التدخّلات الملائكيّة والأقوال النبوّية (1: 32- 33، 35، 43؛ 2: 11، 30- 32، 34- 35، 49). من الواضح أنّ لوقا أرادْ أن يجعل من إنجيل الطفولة هذا عرضًا لسرّ يسوع، ومقدمة كرستولوجيّة (تحدّثنا عن يسوع المسيح) شبيهة بالمقدّمة التي وضعها يوحنا في مطلع إنجيله (يو 1: 1- 18). سنرى أنه استعمل عدّة عبارات من الكرازة المسيحيّة الأولى.
ثانيًا: حين أراد لوقا أن يبني خبره، لجأ إلى نهج عرفه المؤرّخون اليونانيّون
في عصره، نهجِ الموازاة. مثلاً، في سفر الأعمال نجد مُقابلة بين بطرس وبولس. وفي إنجيل الطفولة نجد موازاة بين يوحنا المعمدان ويسوع: كلاهما بشّر بهما الملاك جبرائيل (1: 5- 25، 26- 38) فالتقيا في شخص ام كلٍّ منهما. وتحدّث لوقا عن مولد يوحنا وختانته، فأدخل في إعلان ونشيد رسالة السابق بفم والده زكريا (57:1- 79). وينتهي الخبر بتعليق قصير على ذلك الصبيّ الذي كان ينمو ويتقوّى بالروح (1: 80).. وتضمّن مولدُ يسوع أحداثًا مشابهة (2: 1 -40).
ففي كلّ من هذه المشاهد الموازية، نجد عبارات مختارة تُشدّد على التطابق بين الحدثين. يدلّ هذا الأسلوب على وحدة مُخطّط الله. وفي الوقت عينه يمنعنا من أن نجعل يوحنا يُناقض يسوع، كما فعل تلاميذ يسوع ويوحنا في القرن الأوّل المسيحيّ (يو 3: 25- 36). ويبرز هذا الأسلوب بصورة خاصّة سموّ يسوع على يوحنا، ويبينّ ما تفرّد به يسوع. سنرى كيف أنّ هذا الأسلوب يُلقي ضوءاً على خبر ميلاد يسوع.
ثالثًا: ويعود لوقا في ف 1- 2 إلى العهد القديم بأشكال ثلاثة. في الشكل الأوّل تبدو لغة الخبر هي لغةَ التوراة اليونانيّة (المسمّاة السبعينيّة)، وهذا ما يطبع الخبرَ بالطابع القُدسيّ. في الشكل الثاني، نجد أنّ بعض المقطوعات بُنيت حسب الفنون الأدبيّة التي عرفتها التوراة: أخبارُ ظهورات ملائكيّة، بِشاراتٌ بولادةِ وَلَد (مثلاً: ولادة شمشون في قض 13). وتتبَعُ الأناشيدُ طريقةَ المزامير. والثالث: إنّ المواضيع اللاهوتيّة هي مواضيع الرجاء النبويّ: المسيح، الآيات، الخلاص، السلام، الوحي للأمم... كل هذا يجعلنا نُدرك كيفَ أن حدث مولد يسوع يتمّم مواعيد الأنبياء.

ب- خبر مولد يسوع
إنّ خبر مولد يسوع وختانته (2: 1- 21) يُقابلُ، في إنجيل لوقا، مولدَ يوحنا وختانته (57:1- 66). ولكن خبر يوحنا يُشدّد بصورة خاصّة على الختانة، لأنّ التوافق غيرَ المُنتظر بين زكريا وأليصابات على اسم الصبيّ، يُشكّل علامة على تدخّلِ الله. أمّا خبر يسوع فيتوقّف بالأحرى عند مولده الحقير الذي يُشكّل علامة تدلّ المؤمينين عليه (آ 12).
وُيروى هذا المَولد في مشاهد ثلاثة: الحدَث (آ 1- 7)؛ كلام الملائكة الذين يكشفون للرّعاة معنى هذا الحدَث (آ 8- 14)؛ نقل هذا الكلام بلسان الرعاة (آ 15- 20).

1- مولد يسوع (آ 1- 7).
تورد أولى كلمات الخبر اسم سيّد الكون في ذلك الزمان: أوغسطس قيصر، كما تورد القرارَ الذي أصدره "بإحصاء جميع المسكونة" أي المملكة الرومانيّة (آ 1). يَطرح هذا الإِحصاءُ مُشكلةً تاريخيّة سوف نُعالجها فيما بعد. ولكن الإِشارة إليه في هذا المكان من الإِِنجيل، لها معناها في نظر لوقا. أوّلاً، هناك وظَيفة تاريخيّة. إنّها تُحدّد مولد يسوع في إطار التاريخ العامّ. فلوقا، شأنُه شأنُ مؤرّخي عصره، يهتمّ بالمعالم الكرونولوجيّة (توقيت الأحداث التاريخيّة) (3: 1- 2). ثانيًا: إنّ لهذه الإِشارة بُعدًا آخر أكثر أهميّة: حين سمّى لوقا أوكتافيوس بلقبه الإِِلهيّ "أوغسطَس "، فقد أراد أن يُشير إلى عبادة الناس للأمبراطور، كما تُعبَد الآلهة الوثنيّة. وفوق ذلك، هو يتلفّظ باسم ملك من ملوك الأرض، ساعةَ يستعدّ لإعلان مملكة المسيح (وهذا، سيفعله فيما بعد في 3: 1، 22؛ 7:9- 9، 18َ- 21؛ 13: 31- 35؛ 22: 25، 29- 03؛ رج 3:4- 6)، يقف الأمبراطور الرومانيّ مع المسيح الربّ (آ 11). يأمر أوغسطس قيصر، وعلى المسيح أن يخضع. كان يسوع طائعًا منذ وِلادته، وسيُولَد ولادة حقيرة في مذود في بيتَ لحم. وفيما بعد سيُتهم ويُسَلّم إلى يديّ بيلاطس الذي سيعلن بتشامخ سلطانَه عليه (يو 10:19). ولكن سلطة القيصر الوثنيّ على المسيح الطفل هي سلطة مؤقّتة. وسيتجاوزها يسوع في مجد تنصيبه الفصحيّ ملِكًا (24: 26؛ أع 2: 36). ومنذ الآن سيعلن الملائكة قائلين: إن ولدَ المذود يملك وحدَه الألقاب التي يتباهى بها قيصر: هو وحدَه المُخلّص، هو وحدَه الربّ (آ 11)، هو وحدَه ذلك الذي يجد فيه البشر السلام الحقيقيّ (آ 14).
لو تمّ الإِحصاء في إيطاليا، لذهب ربُّ البيت إلى مركز القضاء الذي يُقيم فيه. أمّا في فلَسطين فقد فرضت الإِدارة الرومانيّة على كلّ واحد أن يذهب إلى مسكنه الأصليّ. لم يكن كلّ نسل داود مُجبرًا على الذهاب إلى بيت لحم. ولم تكن مريم مُجبرة على أن تُرافق يوسف. ولكن طُرق الله ليست طُرقَ الانسان، ونحن لا نفهمها إلاَّ فيما بعد وعلى ضوء الإِِيمان.
ماذا كان موقف يوسف، يومَ أصدر الأمبراطور الوثنيّ قراره؟ ثار الغيورون (أع 37:5)، أمّا الفرّيسيّون فخضعوا. وخضع يوسف مثلَهم، فصعد من الجليل إلى اليهوديّة، من الناصرة إلى بيتَ لحم، خضع مع أنه ابن داود (آ 4). رأى في الطفل الذي سيولَد، المسيحَ المُحرّر. فعل كما سيقول يسوع فيما بعد: أعطى ما لقيصر لقيصر (20 :25). صعد "إلى مدينة داود التي تدعى بيت لحم ". عبارة فريدة في التوراة حيث مدينة داود هي دومًا أورشليم (من 2 صم 7:5 حتى 1 مك 36:14). حين سمّى لوقا بيت لحم بهذا الاسم الاستثنائي، أرادَ أن يبينّ أنّ برار أوغسطس قد أتمّ نبوءة مي 5: 1 التي حيّت بيت لحم على أنّها المدينة التي سيولد فيها المسيح. وهذه الفكرة التي نجدها أيضًا عند متى 2: 5 - 6 ويو 42:7، لا تظهر في النصوص اليهوديّة القديمة التي لا تبدو مُهتمّة بالموضع الذي وُلد فيه المسيح. هذا يعني أنّنا أمام قراءة مسيحيّة لنصّ مي 5.
وأخيرًا يرد اسم مريم (آ 5). يُحدّد لوقا وضعها ببضع كلمات: هي البتول وخِطّيبة يوسف. هي حُبلى. ويعرف قرّاء لوقا كيف حبلت بعد أن حلّ الروح القدس عليها وظللتها قدرة العليّ (35:1). إنّ عطيّة الله التي لا توصَف، لا تحمي هذه المرأة من الضيق وصعوبات السفر بعيدًا عن البيت العائليّ.
وترد ولادة الطفل (آ 6- 7) بألفاظ نجدها في تك 25: 24، وبكلمات ترد في ولادة يوحنا المعمدان (57:1). سمّى لوقا يسوع بكرَ مريم، فلم يَعنِ بقوله أنّه كان لها أولاد آخرون: فهو قد سبق له وشدّد على بتوليّة مريم (27:1 - 34)، ولبث مًتحفّظًا حول تقليد إخوة يسوع (ذكرهم في 19:8- 20 لا في 22:4؛ أع 17:12؛ 13:15؛ 21: 17). ونحن نعرف نصوصًا يهوديّة تحدّثت عن امرأة ماتت وهي تضع ابنها البكر. لا شكّ في أنّ لوقا يوضح بكلمة "بكر" الوضع الشرعي ليسوع. هو لا يعني حقّ البكوريّة الذي يؤمّن له الميراث المسيحانيّ، بل يؤكّد صفته كمكرّس للآب. وهذا ما سيُشير إليه الإِِنجيليّ فيما بعد (23:2) حين يذكر شريعة الأبكار (خر 13: 2؛ 34: 19).
إنّ الطابع الدينيّ الذي يُشير إليه بهذه الكلمات في مولد يسوع، لا يُخفّف من وقع الفقر الغريب. فالذي سيُسمّيه المخلّص ومسيح الربّ هو فقير بين الفقراء. ليس له بيت عائليّ يستقبله، بل ملجأ مؤقّت في إحدى زرائب الحيوانات. قالت الشعبيّة اللاتينيّة: لم يكن لهما مكان في الفندق. ولكن لوقا يستعمل كلمة أخرى ليدلّ على الفندق (10: 34- 35). أمّا الكلمة المُستعملة هنا فتدلّ على "قاعة" (رج 22: 11). إذًا، أراد لوقا أن يقول: لم يكن لهما موضع في الغرفة التي تجتمع فيها العائلة. فذهبت مريم الى غرفة مَحاذية. أمّا التقليد عن المغارة التي قيل أنّها وُجدت في بيت لحم، فيعود الى يوستينولس، فيلسوف نابلس في فلسطين. ونجد هذا التقليد أيضاً في إنجيل يعقوب المنحول، عند أوريجانس وإيرونيموس. وكان أوريجانس أوّل من تكلّم عن الثور والحمار راجعًا الى أش 1 :3 (عرف الثور صاحبه، والحمار السيّدَ الذي يطعمه).
سيُوضع هذا الطفل في القُمط، وستهتمّ به أمّه وحدَها وليس مَن يُساعدها. ووضعته في مذود الحيوانات (13: 15) لئلا تدوسَه البهائم. وإنّ الفقر الذي سيتحدّث عنه الانجيل فيما بعد، ولا سيّما في إنجيل لوقا، سيكون السِمة التي تُميّز طفولته الأولى. وهذا ما سيقوله الملاك: "هذه هي العلامة لكم: تجدون طفلا ملفوفًا بقُمط، ومُضْجَعًا في مذود" (آ 12).
ويشدّد لوقا على فقر مولد يسوع في الموازاة مع مولد يوحنّا: فناسك البرّيّة يلد في رفاهيّة بيت كهنوتيّ، وقد جاء الجيران والأقارب عديدين ليُهنّئوا الأمّ "العجوز" وُيقدّموا لها خدماتهم (58:1). وسوف يتحدّث الناس عن ابنها في كلّ جبل اليهوديّة (1: 65). في هذه المُقابلة يبدو الحدَث التاريخيّ لمولد يسوع أكثر تعاسةً ووَضاعة.

2- كلام الملائكة للرعاة (آ 8- 14).
ولكن في هذه التعاسة وهذه الوضاعة سيشعّ مجد الله ومسيحه إشعاعًا بعيدًا جدّاً عن أحلام البشر. إن القسم الأوّل من الخبر يُحدّثنا الآن عن هذا المجد الذي كُشف للرعاة، وطُلب اليهم أن يُبشّروا به. لا شك في أنّ لوقا يقدّم هنا صورة مسبّقة عن تعليم الخلاص الذي حملَه الرسل.
إنّ حاملى هذه البُشرى هم رعاةُ جِوار بيتَ لحم (آ 8). رأى عدد من الشُرّاح في تدخلهم تلميحًا إلى داود الذي كان راعيًا في بيتَ لحم (1 صم 16: 11؛ 15:17؛ 2 صم 8:7). ولكن لا شيء يدلّ على أنّ لوقا اهتمّ بهذا الرمز. فحسب نظرته العاديّة، هو يرى بالأحرى في هؤلاء الرعاة، الفقراءَ العزيزين على قلبه. كان مُعلّمو عصره قاسين عليهم لأنّ مهنتهم تُبعدهم عن تعليم المجامع (لا يقدرون أن يأتوا الى الصلاة) وعن المُمارسات الدقيقة. أمّا لوقا فرأى فيهم "الصغار" الذين كشف لهم الآب سرّه (10: 21) لأن ليس فيهم تكبّر يغلقهم على نعمته.
وجاءهم تعليم الخلاص بواسطة ملاك الربّ (آ 9) الذي هو شخص معروف في العهد القديم. بشّرهم بمولد المسيح كما بشّر هاجرَ في الماضي بمولد إسماعيل (تك 16)، وأمَّ شمشون بمولد ابنِها (قض 13). أو كما نقل كلام الخلاص إلى موسى (خر 3: 2؛ 4: 17) أو إلى جِدعون (قض 6: 11- 24). ولكن الملاك يتراءى الآن بتَسامٍ لم يعرفه التقليد السابق: شعّ حول الرعاة المجدُ الذي كشفَ عن حضور الله لشعبه خلال مَلْحمة الخروج (خر 16: 10؛ 16:24- 17؛ عد 10:14) أو من خلال تكريس الهيكل (1 مل 11:8). وأمام هذا الظهور (ابيفانيا) السرّيّ الذي أعلنه الأنبياء من أجل يوم الخلاص (حز 43: 1- 12؛ أش 40: 5؛ 60: 1- 11)، امتلأ الرعاة خوفاً (1: 12- 29). هذا ما حدث للأنبياء والرائين الذين شاهدوا الربّ (أش 6: 5؛ دا 17:8؛ 7:10- 11). لسنا هنا أمام خوف العبيد من سيّدهم، بل أمام خشيةٍ مُقدّسة يُثيرها سرّ الله فينا بنعمته ومُتطلباته.
وأوّل كلمة قالها الملاك للرعاة، كما لزكريا (13:1، 30)، جاءت لتُفهمهم معنى هذه الخَشية المُقدّسة (101). فالظهورات ترافقها عادة دعوة الى الثقة (تك 15: 1؛ 21: 17؛ 26: 24؛ قض 6: 23؛ دا 10: 12). كلام الملاك هو كلام الفرح (1: 14، 28)، هو منذ الآن بُشرى و"إنجيل" (1: 19؛ 17:4). نُقلت هذه البُشرى الآن الى الرُعاة، فعنت كلّ شعب الله، لأنّنا أمام المسيح الذي هو حاضر منذ الآن. وإنّ لوقا الذي استعمل مرارًا كلمة "بشّر" (أنجل من إنجيل) يُشير هنا الى نقطة انطلاق تعليم الرسل.
وتحدَّد سرُّ يسوع الآن (آ 11) بدقّة وتسامٍ تجاوزا كلَّ التجاوز انتظاراتِ العالم اليهود،، كما تجاوزا لغة تلاميذ يسوع خلال حياة مُعلّمهم على الأرض. هناك لقَبان أَعطيا للمولود الجديد رنّةً إلهيّة: إنّه المُخلّص، إنّه المسيح الربّ.

أوّلاً: إنّه المُخلّص.
تُشير هذه اللفظة الى اسم يسوع (الرب يخلص، متى 1: 21). وتدلّ على الخلاص الذي انتظره الشعب منذ أقدم النبوءات المسيحانيّة في التوراة. ولكنّه لا يوافق تمامًا الاستعمال البيبلي (أي في الكتاب المُقدّس). يتحدّث النصّ العبريّ مرارًا عن "إله خلاصنا" أو عن "الله الذي يُخلّصنا"، ولكنّه لا يملك لفظة "مُخلّص ". أمّا التوراة اليونانيّة (السبعينيّة) فتملك هذه اللفظة وتُطّبقها 35 مرّة على الله، وه مرّات على البشر (قض 3: 9، 15؛ 12: 3؛ نح 27:9؛ أس 8: 12)، ولكنّها لا تطبّقها أبداً على المسيح. والأناجيل الإِزائيّة (أي متى ومرقس ولوقا) لا تُسمّي يسوع بهذا الاسم إلا في هذا المكان. ولكنّنا نجد هذا الاسم في سفر الأعمال (5: 31؛ 13: 23) وعند القديس بولس، سَواءٌ أكان في الرسائل الأولى (فل 3: 20؛ أف 23:5) أم في الرسائل الرعائية (2 تم 1: 10؛ تي 1: 4؛ 13:2؛ 6:3)، وعند يوحنا (يو 42:4؛ 1 يو 14:4)، وفي رسالة بطرس الثانية (1: 1- 11؛ 2: 20؛ 2:3، 18). من الواضح أنّنا أمام تسمية مسيحيّة استعملتها الكنائس اليونانية ردًّا على الوثنيين الذين تحدّثوا عن "الآلهة المُخلّصين"، وعن القيصر المؤلَّه الذي سُفي هو أيضًا المُخلّص. أمّا لوقا فيستعمل هذه اللفظة ليُعلن المُخلّص الحقيقيّ بوجه الإِمبراطور الوثنيّ.

ثانيًا: إنّه المسيح الربّ.
ولقَبُ "المسيح الربّ " هو أصيلٌ أيضًا. فالتوراة العبرية تتحدّث عن "مسيح يهوه" (12 مرّة تقريباً)، فتُترجم اليونانيّة اللقب "مسيح الربّ ". ولكنّنا نجد في مرا 4: 20 (اليوناني) عبارة "مسيح الربّ " (وكذلك في مزامير سليمان المنحولة 36:17). ولكن لا تُستبعد أن يكون هذان النصّان قد تأثّرا بالمسيحية. وبتفرّد لوقا بين الإِزائيّين فيُسمّي عادةً يسوع "الربّ في إنجيله (14 مرة، ولكن مرة واحدة في متى 3:21 ومرّة في مر: 3:11) وفي سفر الأعمال (عشرات المرّات) ولا سيّما في خطبة بطرس يوم العنصرة، وهي قريبة جدّاً من كلام الملاك الى الرعاة: إنّ يسوع هذا قد جعله الله ربًّا ومسيحيًّا". (أع 36:2). لا شكّ في أنّه أخذ هذه التسمية من الكرازة الرسوليّة (فل 3: 20) برنّتها الإِلهيّة.
نلاحظ أيضًا سِمَتين مُميّزتَين في كلام الملاك: هو يُعلن أن الطفل وُلد "اليوم". يستعمل لوقا هذه اللفظة 12 مرّة في إنجيله ليدلّ على آنيّة الخلاص (4: 21؛ 19: 9...)، ليدلّ على تدشين الزمن الجديد الذي ستتمّ فيه مواعيد العهد القديم. وُيشير لوقا إلى هذه المواعيد عندما يذكر للمرّة الثانية "مدينة داود" (ذكرها مرّة أولى في آ 4).
ورافقت الآية (آ 12) الوحي الذي ناله الرعاةُ من السماء. هذا ما حصل لزكريّا ومريم (18:1- 20، 36) ولعدد من مُرسَلي الله في الأيّام القديمة (خر 3: 12 ؛4: 1-9؛ قض 17:6 ،36- 40؛ 1 صم 10: 1-9، 1 مل 20: 8؛ أش 7: 11، 14). كانت الآيات (أو العلامات) في العهد القديم ذاتَ طابَع استثنائي يدلّ على قدرة الله ويكفل إتمام الخلاص الموعود به. أمّا هنا، فالآية عاديّةٌ ويوميّة: "طفل بائس في مذود البهائم ". تكفي هذه الآية لتُقنع الرعاة أنّ كلام الملائكة ليس حُلمًا. ولكن هذه الآية هي في الوقت نفسه وَحىٌ: فهذا الولد هو المُخلص المُنتظَر، وفقرُه يدلّ على الذين يعرفون أن يستقبلوه، كيف يُتم الله الخلاص. وهذه الآية تُشبه إلى حدّ بعيد الآيات التي كان يُقدّمها كارزو الإِِنجيل ليثبّتوا تعليمهم: مرّاتٍ يصنعون مُعجزات (أع 3: 1- 10؛ 5: 12، 15- 16؛ 9: 32- 42؛ 14: 8- 12؛ 8:28- 9؛ رج 2 كور 12: 12؛ روم 15: 19)؛ ومرّاتٍ أخرى يقدّمون المُخلّص المصلوب الذي هو شكّ لليهود الذين يطلبون علاماتٍ مُثيرة، والذي هو علامة فاعلة لقدرة الله وحكمته بالنسبة الى الذين يقبلونه بالإِيمان (1 كور 2:2- 25). ففي شقاء طفل المذود، بدا حضورُ الله المُحرّر واضَحًا لمن يريد أن يراه.
وفجأةً جاء كلُّ جيش السماء (أع 18:7؛ 2:8؛ 13:19) فساندَ كلامَ ملاك الربّ (آ 13). إنّه يقوم هنا بوظيفة ليتورجيّة، هي في العهد القديم أُولى وظائف الملائكة (أش 6: 3؛ أي 38: 7؛ مز 29: 1- 2؛ 103: 10- 21؛ 148: 1- 2)، كما في العالم اليهوديّ في زمن المسيح.
والمديح الذي ينشدُه الملائكة يعود بنا الى العالم السامي. إنّه يُعلن مجد الله في مقامه العلويّ والسماويّ؛ إنّه يعلن تساميَه السرّي الخاص به الى الأبد. وسيصير هتافُ الغلبة هذا هتافَ تلاميذ يسوع (لو 38:19)، ثم هتافَ الليتورجيّا: المجد لله في العلى. ولكن الله يجعل مجده في خدمة حنانه. إنّه يسكُب على أحبّائه السلامَ الذي وعد به ليوم الخلاص (مي 5: 4؛ اش 9: 5- 6؛ 11: 6؛ 53: 5؛ 17:60؛ 66: 12). لسنا هنا أمام "السلام الرومانيّ" والطمأنينةِ الزمنيّة التي ينتظرها العالم من أوغسطس، بل أمام مِلءِ الحياة العُلوّية التي يمنحها الربّ وحدَه. وهو وحدَه ينبوعُ الخلاص الحقيقيّ. هو وحدَه يمنح هذا الخلاص بحريّته السامية. يمنحه أوّلاً للفقراء (10: 21)؛ ولكنّ لوقا يعرف بخبرته أنّ الرب لا يحرم أحدًا من هذه العطيّة سَواءٌ أكان يهوديًّا أم يونانيًّا.

3- الرعاةُ هم أوّلُ المُرسَلين (آ 15- 20).
دام ظهور الملائكة لحظةً واحدة. ولكن الرعاة لم يشكّوا أو يرتابوا بالكلام الذي سمعوه في الحال (آ 15). لقد تقبّل قلبُهم البسيط هذا الكلامَ منِ دون تحفّظ. إنّه بالنّسبة إليهم كلام الربّ. لا شكّ في ذلك. فأسرعوا نحو بيت لحم مثل مريم الذاهبة إلى مدينة أليصابات (1: 39)، وتحقّقوا من واقع الآية التي أُعطيت لهم: فالطفل هو هنا، كما صوّره الملاك. ومريم المذكورة أوّلاً هي الشاهد الأكبر لسرّه (آ 16).
إنّ فقر المذود الذي يصدُم عظماء هذا العالم، ثبّت الرعاةَ في إيمانهم. تعرّفوا الى الواقع الذي أكّد الرؤية التي حصلوا عليها، وروَوا ما شاهدوا للمجموعة الصغيرة التي تحيط بالطفل (آ 17).
لم يكن السامعون عديدين (في بيتَ لحم) ليتقبّلوا كلام الرعاة (آ 18).
ولكن تحدّث للوقا عن "كل الذين سمعوا". هذه هي طريقته في الكتابة، وهو يُفكّر بكلّ الذين سيتقبّلون فيما بعد تعليم الإِِنجيل.
وتعَجُّبُ السامعين يشبه التعجُّبَ الذي أثارته ختانةُ يوحنّا المعمدان (63:1). هو أقرب إلى الدهشة منه إلى الإِيمان. يُشير لوقا مرارًا إلى ردّة فعل مُماثلة أمام أقوال يسوع (22:4؛ 20: 26) أو عجائبه (25:8؛ 43:9؛ 14:11)، فيُبيّن أنّ هذا التعجّب يبقى بعيدًا عن فهم السرّ (22:4- 24؛ 25:8؛ 11: 14- 16؛ 10: 26؛ 12:24- 41). ويُقابل موقفَ مريم بهذا التعجّب السطحيّ (آ 19). أنها "تلك التي آمنت" (45:1). وُيبيّن إنجيلُ الطفولة الواقعَ البشريّ لإِيمانها: تحدّث عن اضطرابها العميق أمام تحيّة (سلام) الملاك، وعن أسئلتها (1: 34؛ 48:2)، وعن دهشتها أمام قول سمعان النبيّ (33:2)، عن تصرف يسوع (47:2) وعجزها عن ولوج سرّ ابنها ولوجاً كليّاً (2: 50). غير أنّ لوقا يُقابل هنا بين تعجّب الحاضرين وأمانتها على حفظ هذه الأمور (أو الأقوال) في قلبها (2: 51؛ 1: 66). نجد هذه العبارة في دا 28:7 (وفي 28:4 حسب نصّ السبعينية) وفي نصوص رُؤى عديدة، وهي تبيّن كيف أنّ "الرّائي" يحفظ للمُستقبل الوحي الذي ناله والذي ظل خفيًّا على الذين يُحيطون به. أمّا هنا، فلم تتقبّل مريم وحدَها كلامَ الرعاة. إلاَّ أنَّ لوقا قال إنها وحدَها تأمّلت فيه وحاولت ولوجَه في الإِِيمان. هي، منذ الآن، نموذجُ كلّ سامعٍ للكلمة، نموذج الكنيسة التي تعيشُ من هذه الكلمة.
وينتهي الخبر برجوع الرعاة وهم "يمجّدون الله ويُسبّحونه" (يُنشدون مجد الله وتسابيحه) (آ 20)، كما فعل جيشُ السماء خلال الرؤية السماويّة (آ 13- 14). يورد لوقا مرارًا مدائح مُشابهة على ألسنة شهود نَعِموا بمُعجزات يسوع (5: 25- 26؛ 7: 16؛ 13:13؛ 17: 15؛ 18: 43؛ 37:19)، على لسان الرسل أمام ظهور القائم من بين الأموات (53:24؛ أع 47:2)، على لسان صانعي العجائب باسمه (أع 8:3- 9؛ 4: 21)، على لسان الذين سمعوا بنموّ الإِِنجيل وتقدّمه (أع 18:11، 21: 20)، على لسان الذين قبلوا البشارة (أع 48:13). منذ ولادة المُخلّص انضمّ شكرُ الرعاة الليتورجيّ إلى عبادة الملائكة السماويّة فدُشِّنت العبادة في الكنيسة. فالعبادة هي جواب البشر على عطيّة الله.

ج- من التاريخ إلى الإِِيمان.
إنّ إحصاء الإِمبراطورية الرومانيّة على يد أوغسطس، أمرٌ معروف وقد ترك بعض الأثر في التاريخ. أمّا كيرينيوس فشخصٌ عرفه المؤرّخ تاقيتس والمؤرّخ اليهوديّ يوسيفوس. ونجد اسم يوسف ومريم عند متى ومرقس ولوقا ويوحنا، في إنجيل الطفولة (نسل داود، مت 16:1-10؛ لو 1: 27؛ رج 23:3)، وفي مقاطع أخرى من الانجيل (يوسف، لو 22:4؛ يو 1: 46؛ 42:6؛ مريم، مت 13: 55؛ مر 3:6؛ أع 1: 14). ثمّ يُحدَّد موضعُ ولادة يسوع في بيت لحم (آ 4- 6، 11، 15؛ رج مت 2: 11)، هذا مع العلم أنَّه يسوع الذي عرفوه كالناصريّ.
ونُشير أيضًا الى طريقة لوقا في تقديم ما حدثَ ليسوع وما تعيشه كنيسته، في لوحة واحدة. سُمّي يسوع "المُخلّص " و"مسيح الربّ ". ماذا فهم الرعاة من هذين اللقَبين اللذَين لم يفهمهما الرسل قبل القيامة؟ لا شكّ في أنّ لوقا تحدّث عن هذين اللقبَين كما تحدّث عن الإِِنجيل (آ 10) والآية (آ 12) والسلام (آ 14) على ضوء القيامة وفي إطار كنيسة تعيش في الرُبع الأخير من القرن الأوّل المسيحيّ.
ولا ننسى أخيرًا أنّ لوقا أخذ رسمة العهد القديم ومواضيعه اللاهوتيّة ليتحدّث عن مولد يسوع. نشيد الملائكة (آ 14) يُشبه أناشيدَ يهوديّة أو مسيحيّة دوّنت في جوّ يهوديّ. نجد تدخّل ملاك الله في عدد من النصوص التوراتيّة التي تتحدّث عن دعوة نبيّ (أش 6؛ ار 1) أو إعلان ولادة (تك 16: 11- 21) أو إيصال كلمة الله (دا 8: 15- 27؛ طو 12: 11- 21). فأخبار الدعوة تتضمّن أمر مُهمّة، واعتراض المدعوّ، وعلامة تُقنع المدعوّ. هذا ما نقرأه في إنجيل الطفولة.
ويبقى واقعُ ظهور الملائكة للرعاة، وتدخّلات الله في العهد القديم. هنا نترك عالم النقد التاريخيّ والتشكيك، وننتقل إلى مستوى الإِِيمان حيثُ نلزم نفوسنا فنعترف بالله وبعمله في مُجمل التاريخ المُقدّس. نُميّز بين اللامؤمن والمؤمن. كلاهما ينطلقان من موقف لوقا الذي يعبّر عن سرّ المسيح بعباراتٍ كرستولوجيّة عرفتها الكنيسة الأولى. يرى اللامؤمن في صورة يسوع هذه تفسيرًا لاهوتيُّا، يبقى على مستوى الرمز ولا يصل إلى الواقع. أمّا ظهور الملائكة للرعاة فهو تعبير من تعابير الإِِيمان. أمّا المؤمن فيرى في صورة يسوع هذه إِيمانه الشخصيّ وإِيمان الكنيسة. هو يعرف كم تطلّب هذا الإِِيمان من وقت ليُعبّر عن نفسه، وكم يبقى سرّيا فلا يحويه تعبير . ولكنه ، بالنسبة إليه ، الحقيقة التي يحاول التعمق بها في كلّ حياته، وبالأخصّ في بحثه عن يسوع المسيح.
نحن نؤمن بألوهية المسيح، ولهذا نؤمن بأنّ هذا اللاهوت تراءى وظهر: في يوم الفصح، في الكنيسة، لشهود حياة يسوع على الأرض، منذ الطفولة حتى الموت والقيامة. أجل، إنِّ حدث ولادة يسوع لا يأخذ كامل بُعده ومعناه في نظر لوقا إلاَّ في الإِِيمان بيسوع. هنا وهنا فقط تدخل الله في تاريخ النصوص. هذا ما يقودنا إلى الحَديث عن الإِِيمان في إِنجيل لوقا.
أراد لوقا أن يصوّر واقعًا حصل في بيت لحم، في زمن أوغسطس قيصر، في تقليد الكنيسة. إنّه يهتمّ بهذا الواقع كحدث مُحدَّد في زمان ومكان، ولكنّه يتجرّد من بعض التفاصيل ليُشدّد على المعنى الروحيّ.
ما يهمّ لوقا في هذا الواقع هو مدلوله في تاريخ الخلاص. الحدَث هو يوم الخلاص. وهذا اليوم يمتدّ في كل حياة يسوع، من بيتَ لحم إلى الفصح.. وحين يتحدّث عن يسوع كالمُخلّص ومسيح الربّ، فهو لا يتوقّف عند الحقيقة التي فهمها الناس يومَ مولد يسوع، بل يرى شخص يسوع على ضوء الفصح. وحين يروي خبر الرعاة، فهو يفكّر بكلّ الذين نقلوا هذا التعليم في الكرازة الرسوليّة، كما يُفكّر بالذين قبلوه. ولهذا يعنينا هذا الخبر اليوّم. إِنّ السرّ يتّحد في نظر لوقا بالتاريخ اتّحادًا لا طلاق فيه. وهو يعتقد أن الخلاص أعطي في حدَث يسوع، ولهذا دوّن كتابه.
لا يتأسّس إيمانه على الخبر وحدَه. بل هو يُولد منٍ معرفته ليسوع في كلّ تاريخه، في كلّ شخصيّته السرّيّة التي اكتشفها اكتشافا بطيئًا، في تعليمه الخلاصيّ وفي حضوره الدائم. فوحيُ يسوع هو واقع فريد تمّ في زمن يسوع وما زال حاضرًا إلى أيّامنا في زمن الكنيسة. فكلّ واحد منّا مدعو ليتّخذ موقفًا بالنسبة إلى هذا الواقع. وهو قرار صعب لأنّه يلزمنا بكلّيّتنا. وهو قرار لا ينتهي أبدًا، لأنّ معرفتنا ليسوع هي اكتشاف يدوم ما دامت الحياة.
وهكذا يتّخذ خبر بيت لحم كلّ معناه للذي رأى في يسوع المُخلّصَ والمسيحَ والربّ. هنا نفهم فقر يسوع ومجده اللذَين حيّرا اليهود ولا يزالان يُحيّران البشر: وَلَدٌ ضعيف وخاضع منذ ولادته لقرارات امبراطور وثنيّ.. تستقبله أمّه بعيدًا عن البيت العائليّ، ونجّار يعمل في القُرى، وبعض الرعاة. ومن جهة ثانية، ظهور ساطع للجيش السماوي، للمجد الإِلهيّ، وإعلانُ المُخلّص والمسيح الربّ. إنّ هذا اللقاء بين شقاء البشر ومجد الله هو دخول الله في تاريخنا. هو يتّحد ببشريّتنا لينعش فيها الأمل، بل ليكون فيها حاضرًا بمحبّته الدائمة.

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM