الفصل السابع والعشرون: أختنا الصغيرة

الفصل السابع والعشرون
أختنا الصغيرة
8: 8 – 14

بعد أن انتهت القصائد الخمس، وانتهت دراما الحبّ، ماذا جاءت تعمل هنا هذه الأشعار الأخيرة أو ربّما هذه الأقوال الأخيرة التي وردت في شكل نثريّ؟ هنا تتباين الآراء.
الاول: هنا نجد مفتاح نش. سيلخّص الكاتب الملهم قصّة العروس فيزيل الحجاب عن نهاية عمله الدراماتيكيّ. الثاني: هذه الآيات تتابع الخبر بشكل طبيعيّ. "هاجمت " العروس اخوتها الذين لم يؤمنوا بسعادتها. ولكنها قد انتصرت الآن. الثالث: إن نش ينتهي في 8: 7 (ناله الاحتقار). أما آ 8- 14 فهي قطع زيدت بشكل ملحق. لقد انتهى العمل الدراماتيكي حين أقسم العروسان بأمانة تدوم إلى الأبد. الرابع: هذه الآيات لا تتحدّث عن موضوع نش الوحيد، وهو الحبّ المتبادل بين العريس والعروس. فنحن أمام ثلاثة مواضيع متفرّقة: الأخت الصغيرة (آ 8- 10). كرمة سليمان (آ 11- 12)0 الجنّات (آ 13- 14)0 الخامس: نحن أمام هجومين تتبعهما صلاة (آ 13- 14) يتلوها حاخام يماهي بين العروس والحكمة الالهيّة. والهجوم الأول (آ 8- 10) يلوم بناة أسوار أورشليم بعد هجوم انطيوخس السابع. والهجوم الثاني يصيب جماعة الحشمونيين الذين أرادوا أن يكونوا ملوكًا، كما هاجم النص موظفي هذه السلالة "الجديدة".
(آ 8) "لنا أخت صغيرة" (كما في السريانيّة). أو"الأخت التي لنا هي صغيرة" كما في السبعينيّة والشعبيّة. نفضّل الترجمة الأخيرة إذا افترضنا أن للمتكلّمين أختًا واحدة، وأنها ما زالت صغيرة لكي تكون عروس "الملك ".
من هي هذه الأخت؟ هي تدلّ على مدينة كما تقول آ 9، هي تدلّ على أورشليم. هل تدلّ على عروس نش؟ استعمل النصّ "ا ح ت ي. ك ل ه" أي أختي العروس في 4: 9، 10، 12، 5: 1) و"ا ح ت ي. رع ي ت ي "، أختي رفيقتي. فدلّ في الحالتين على حنان عميق. وهكذا يبدو أننا أمام اخوة من أب وأم سيذكرهم نش في 1: 6 (بنو أمي نقموا عليّ). هذه الأخت صغيرة بمعنى أن أرضها ضيّقة ومواردها محدودة (حز 16: 46، 61). "لا ثديان لها". إذن، ما تزال قاصرة. وعلى مستوى المدينة، لا سور لها (آ 9-10).
ويتساءل الأخوة: ماذا يفعلون لها؟ قد يدل حرف الجر (الباء) على عداوة كما في عد 12: 1، 8؛ 21: 5، 7؛ مز 50: 20. قد يكون هناك من يهاجم فضيلة الأخت فينبري أشقّاؤها للدفاع عنها. ولكن السياق يدلّ بالأحرى أننا أمام مشروع زواج. "إن جاءها الخاطب يومًا، فماذا ترانا نفعل "؟ فلرجل كلمته في زواج الأخت أو البنت (تك 24: 29 ي، 50، 55 60 ؛ 6:34-17 ؛ قض 21: 22).
(آ 9) طرح الأخوة السؤال وأجابوا عنه. بنوا برجًا من فضة، وجعلوا أبوابه من خشب الأرز. هذا ما يدلّ على الغنى، لا على المتانة فقط. وهذا يعني أن التكاليف كانت باهظة. وقد تكون المدينة كلها صارت هيكلاً بما فيها من فضّة وأرز. قد يكون السور هو الذي يضع حاجزًا بوجه "العشّاق" (قد تكون الآلهة الوثنيّة). أما الباب فيدعوهم إلى الدخول. فهل تكون أورشليم بابًا مفتوحًا لكل طارئ، أم سورًا يحمي ويدافع؟
(آ 10) هذه الآية هي جواب الصبية أي أورشليم، وهو يدل على نبلها وأنفتها. استعادت التشبيه بالسور وتركت التشبيه بالباب وأبقت صورة البرج. لقد صارت هكذا في عينيه أي في عينيْ الرب. هذا ما فهمه الترجوم فقال: "في عيني ربّها". فكتّاب الحكمة لا يوردون اسم الله الحاضر دومًا في القلب. وإن أوردوه فبخفر وتحفّظ (أم 10: 24 ؛ أي 3: 20 ؛ 24: 23). ونجد "ك م ص ا ت ": تلك التي وجدت السلام". لقد وجدت الأمان والازدهار.
(آ 11) "كان لسليمان كرم". رج أش 5: 1. "ب ع ل. هـ م ون ". قالت السريانيّة: "ثمره وفير" (واكه سجي). لا ترد هذه العبارة إلاّ في هذا المكان من التوراة. ولكننا نقرأ في يه 8: 3 "بالامون" التي تقع قرب دواتانين، والتي حدّد موقعها في تل بعل عمي التي تبعد 2 كلم إلى الجنوب من جنين. ولكن عددًا من الشرّاح رأوا أن لا فائدة من البحث عن تحديد موت هذه "المدينة". لهذا ترجموا: "المأهولة"، التي تتضمّن عددًا كبيرًا من السكان. أتكون أورشليم؟ أو بالأحرى كل فلسطين التي فيها يمتدّ كرم يهوه؟ أما النواطير فهم موظّفو المملكة الذين يؤمّنون جمع الضرائب. وعليهم أن يؤمّنوا كمية كبيرة من المال، وهذا ما يرمز إليه عدد 1000.
(آ 12) نجد هنا تعارضاً بين مالكين. الكرم الذي لي. هي أمامي. أنا أهتم بها ولا أحتاج إلى مساعدة أحد. لسليمان ألف. ومن هذا المال يعطي النواطير أجارهم: 200 من الفضة. نجد هنا هجاء للأمير الذي يقابل نفسه بسليمان ويريد أن يوسّع مدينته ويكثر من عدد موظّفيه. ولكنه، على مستوى الايمان، يتعدّى على حقوق الله الذي هو وحده ملك في اسرائيل. ثم إنه يتّكل على جيشه وعدد موظّفيه، ولا يتّكل على الله، يتّكل على أسواره "المنيعة".
(آ 13) "يا ساكنة الجنات، الأصحاب يصغون إليك، فأعينا صوتك ". ما معنى هذه الآية التي حاولت الترجمات القديمة أن تفهمها والشرّاح أن يجدوا معنى لألفاظها. هناك آراء عديدة. الأول: عادت العروس إلى بلادها وذاقت حلاوة الحياة في الريف حيث تجد راحتها. و"الأصحاب " هم أبناء بلدها ومن عمرها. شاركوها في أعمالها حين كانت راعية وناطورة الكروم. الثاني: تذكّر الحبيب مشهدًا من الماضي يُروى في 3: 8- 17. أما الآن وقد امتلك موضوع رغبته، فهو يتذكّر تعرّفه إلى الحبيبة. الثالث: أفلتت الحبيبة من قبضة سلمان، فعادت إلى حبيبها تعيش حياة الحقول. في الجنة أخذت بحبّ حبيبها وها هي الآن في الجنّة. الرابع: تقيم العروس في جنّة أي في الهيكل الثاني، وتدعو العريس للمجيء إليها. والعريس هو أخوها كما في 8: 21 أي المسيح. فالعروس التي اتّحدت مع يهوه ترغب بشكل جديد من الاتّحاد (يو 3: 23). والاصحاب (أي الملائكة، نش 1: 7) ينقلون إلى العريس رغبة الحبيبة (كل شيء استعارة).
لا شكّ في أن هذه الآية تستلهم نش ولاسيمّا 2: 14. نحن هنا أمام اعتبار أو بالأحرى أمام صلاة تتوجّه إلى الرب الذي يقيم في الجنّات أي في فلسطين. والعروس هي الحكمة كما في سي 24. وهي مدعوة إلى أن تسمع صوتها إلى الأصحاب، إلى جماعة الاتقياء (حسيديم).
(آ 14) إن هذه الآية تكرّر 2: 17 ب مع تبديل طفيف: "أهرب يا حبيبي وكن كالظبي أو كوعل صغير على جبل الأطياب ". آية ترتبط بالمعنى العام لسفر النشيد. في رأي أولا، دُعيت العروس لتنشد أمام "الأصحاب" فاعتذرت بطريقة ضمنيّة ودعت عريسها إلى الهرب. في رأي ثان، هي تريده أن يهرب معها. في رأي ثالث، آ 14 هي جواب لما في آ 13. تحدّث العريس فأجابته العروس. في رأي رابع، جبل الأطياب يقابل تلة الهيكل كما الجنات المذكورة في آ 13. هناك تقف العروس، أي الأمّة، وترسل نداءها الأخير إلى المسيح.


Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM