طوبى للسالكين في شريعة الربّ

طوبى للسالكين في شريعة الربّ
المزمور المئة والتاسع عشر

1. يتكوّن هذا المزمور من 22 بيتًا على عدد الحروف الابجدية عند العبرانيين، وكل بيت يتكوّن من ثمانية أشعار (لا 23: 36: عيد المظال بأيامه الثمانية، وعيد المظال هو عيد الشريعة). يبدأ كل شعر منها بالحرف ذاته.
لسنا أمام نوع أدبي واحد، بل أمام عناصر الحكمة (آ 1) والمديح (آ 7) والتشكي (آ 17) والثقة (آ 50) والشكر (آ 44) والمثل (آ 72). يتميّز المزمور 119 عن المزمورين 1 و18 بأنه صلاة بالمعنى الحصري: يتوجّه المرتّل مباشرة إلى الله، يتوسّل لغة الحب التي تستعمل الترداد كطريقة خاصّة للتعبير عمّا في القلب.
موضوع الحوار بين الله والمرتّل يدور حول كلمة الله، ولها في هذا المزمور ثماني تسميات: شريعة (25 مرة) ارشاد (22 مرة) أوامر (21 مرة) فرائض (22 مرة) وصيّة (22 مرة) كلام وقول (19 مرة) كلمة (23 مرة) أحكام (23 مرة). ونزيد عليها تسميات طريق (13 مرة) وسبيل (5 مرات) ودرب (مرتين). في كل شعر نجد إحدى هذه التسميات.
أية شريعة يعني المرتّل؟ هل يعني الكتاب المقدس كما عرفه المرتّل في زمانه؟ هل يعني وصايا الله كما أعطيت على جبل سيناء؟ هل يعني تعليم الكهنة كما يسمعه القادمون إلى الحج؟ هل يعني تعليم الحكماء في حلقاتهم؟ إنه يعني الكتب المقدسة، لأنه ينشد الشريعة والكتب المقدسة مع كل حرف وكلمة وسطر. لا يتوقّف المرتّل على معنى كلمة الله، بل على الكلمة بحدّ ذاتها فيردّدها (كما نفعل في الطلبة) خالقًا في ذاته ظاهرة روحية بدائية تجعل المؤمن يترك فهم المعنى جانبًا ليدخل في اتحاد مع الله الذي هو كلمة.
كلمة الله أعظم عطاء من الله للبشر (يو 1: 1 ي)، ولهذا نشكره على الكتاب المقدس، على الشريعة التي هي علامة واضحة أن الله يريد أن يتصل بشعبه ويكشف له عن مخططه وقصده. والكتاب المقدس هو ما يمنعنا من الضياع في متاهات يلفُّها الغموض. نحن نعرف أين نسمع إلى الله وأين نقرأ كلمته: في الكتاب المقدس. ولكن بالنسبة إلينا كلمة الله تجسّدت في يسوع المسيح. فإن نسينا هذه الحقيقة تحجَّرت كلمة الله، فظهرت في كلمات جافّة وحروف ناشفة، وصار الكتاب المقدس مستودع كلمات ميتة لإله ميت، لإله قال كلمته في الماضي ولم يبق له شيء يقوله لنا الآن. إذا كان الكلمة صار جسدًا، فالجسد لم يصر كلمة، وإذا كان الروح تجسّد في الحرف، فالحرف لا يستطيع أن يحوي الروح.
كاتب المزمور هو أحد اللاهوتيين الذين تحلّوا بروح الحكماء، فأخذوا كلماتهم من الكتاب المقدس الذي يعتبرونه ينبوع معرفة حقيقيّة (آ 99 ي): ألَّف نشيدًا يعبّر فيه عن نفسيّته من جهة، ومن جهة ثانية يسعى في أن يجلب المؤمنين إلى مدرسة المعلم الالهي. أين كانت تتلى هذه الكلمات؟ في مدارس الحكمة حيث كان المعلم والتلميذ يتعمّقان في درس الكتاب المقدّس. وفي الاحتفالات الدينية حيث كان المؤمنون يتلون بعضًا من هذه المقاطع بعد استماعهم إلى كلام الشريعة والأنبياء.

2. مزمور أبجدي ينشد الشريعة ويعلن تعلّق المؤمن بكلمة الله.
البيت الأول (آ 1- 8): الله يبارك السائرين في طرقه. لا تتركني يا رب فأنا أعمل بفرائضك.
البيت الثاني (آ 9- 16): سعادة من يسير في الطريق القويم. أنا شاب، علّمني فرائضك.
البيت الثالث: (آ 17- 24): حتى في الضيق تبقى كلمة الله نورًا للانسان وحياة وعزاء.
البيت الرابع (آ 25- 32): الرب يجازي أحبّاءه. اخترت طريق الحق وجعلتُ أحكامك أمامي.
البيت الخامس (آ 33- 40): تمييز إرادة الله والعمل بها. اهدني سبيل وصاياك.
البيت السادس (آ 41- 48): حياة الابرار تشهد لله. أجيبُ من يعيِّرني: اتكلت على كلماتك.
البيت السابع (آ 49- 56): كلمة الله تحفظ أحبّاءه. أذكر كلمتك، هي تعزيتي في بؤسي وفي غربتي.
البيت الثامن (آ 57- 64): من رحمتك امتلأت أرض الميعاد. وأنا شريك مع المؤمنين، ولي نصيب في تعليمك.
البيت التاسع: (آ 65- 72): عندما يضرب الرب أحبّاءه فهو يوصلهم إلى الحكمة. حسن لي أني شقيت حتى أتعلّم.
البيت العاشر (آ 73- 80): جماعة أحبّاء الله يعرفون أن كل شيء يأتيهم من الرب: أحكامك عدل.
البيت الحادي عشر (آ 81- 88): انتظار كلمة الله وسط الشدائد. تتعرّف نفسي إلى خلاصك، وأنا أرجو كلمتك.
البيت الثاني عشر (آ 89- 96): كلمة الله كائن سماوي: كلمتك يا رب ثابتة في السماوات إلى الأبد.
البيت الثالث عشر (آ 97- 104): حكمة المعلم الالهي نعيم للمؤمن: أقوالك أحلى من العسل في فمي.
البيت الرابع عشر (آ 105- 112): كلمة الله نور وفرح: كلمتك سراج لقدمي ونور لدربي الضيّق.
البيت الخامس عشر (آ 113- 120): تعلُّق بأحكام شريعة الرب: أسندني فأخلص وأراعي فرائضك.
البيت السادس عشر (آ 121- 128): حماية المعلم الالهي ملجأ لأحبائه: لا تسلّمني إلى ظالمي. كن لي كفيلاً بالخير.
البيت السابع عشر (آ 129- 136): تشوق إلى نعمة الكمال: أضئ بوجهك على عبدك.
البيت الثامن عشر (آ 137- 144): شريعة الرب عادلة وأحكامه مستقيمة وكلامه صادق.
البيت التاسع عشر (آ 145- 152): توسُّل مبنيّ على اليقين. ارشاداتك أسّسَتها إلى الأبد.
البيت العشرون (آ 153- 160): أمانة الله مع أحبّائه المؤمنين: مراحمك كثيرة يا رب.
البيت الحادي والعشرون (آ 161- 168): سعادة من يخاف الرب: سلام جزيل لمحبّي شريعتك.
البيت الثاني والعشرون (آ 168- 176): صلاة مديح. أحيني لاسبِّح لك.

3. نتوقّف على أربعة مواضيع. الأول: الله هو من يعلّم شريعته (آ 12، 26، 27، 33). يستطيع المؤمن أن يسمع للمعلّمين وأن يقرأ في الكتب، ولكن الله وحده يجعله يفهم، يفتح له أذنيه وعينيه (آ 18)، يكشف له عن سره الخفي، (آ 19) يدلّه على إرادته (آ 105) ويحييه.
الثاني: على الانسان أن يحفظ شريعة الله (آ 2، 22، 33، 34). فالانسان ضعيف والشريعة متطلّبة: لكل كمال رأيت حدًا، أما وصيتك فلا حدّ لها (آ 96). ويذكر المرتّل أخطاءه تجاه سموّ الشريعة.
الثالث: على الانسان أن يصلي ليعطيه الله قوة تساعده على حفظ الشريعة. الله يعطي الفهم الضروري للشريعة ويعطي القدرة والمثابرة: أمل قلبي إلى ارشاداتك، اصرف عيني عن الباطل (آ 36- 37).
الرابع: الطاعة لشريعة الرب ينبوع فرح للانسان (آ 24، 77، 92). يعرف المؤمن أن المسافة التي تفصله عن الرب شاسعة، ولكنه يكتشف أيضًا أن الرب جعل جسرًا بين السماء والأرض، بين قداسة الله وضعف الانسان. وهكذا يستطيع الانسان أن يكون، في حدوده، شبيهًا بالله. يصبح الانسان قريبًا إلى الله برحمة الله ومحبته.

4. لغة المزمور 119 هي لغة الحب. فالمرتّل يرى علاقاته مع الرب من القلب إلى القلب، وهو يتوق إلى أن يحب الرب من كل قلبه ومن كل نفسه ومن كل قدرته (تث 6: 5)، وأن يبرهن على صدق هذا الحب بتعلقه بكلمة الله المعلنة للبشر، لكي يحمل معه في هذا الاندفاع أكبر عدد ممكن من الناس. وأحكام العهد ليست ثقلاً أو عبئًا، بل هي تعبير عن حب وبركة ونعمة، لأنها تقود البشريّة عبر مسيرتها القاسية والمظلمة في الحياة.
ما يجعل تعليم عهد سيناء صلاة المؤمنين في كل عصر، هو أنه يمثّل جوهر الشريعة التي لم يرفضها العهد الجديد. ويذكر النبي ميخا (6: 8) هذا التعليم فيقول: "قد بيّن لك الرب أيها الانسان ما هو صالح وما يطلب منك: أن تُجري الحكم وتحب الرحمة وتسير بتواضع مع الهك". كما أن يسوع يلخّص الوصايا العشر بوصيتين أساسيتين: حب الله وحب القريب (مت 22: 37- 40)، ويشدّد على العدالة والمحبّة (مت 19: 16 ي؛ 25: 24 ي) في علاقاتنا مع الغير.
جوُّ المزمور 119 هو جوُّ يعيش يسوع فيه ويعلّم فيه. ففي الرسالة إلى العبرانيين (10: 7) نقرأ: "ها أنا آت لأعمل بمشيئتك يا الله". وخلال تجاربه (مت 4: 1- 11) يصدّ هجمات الشيطان فيستشهد بكلام مأخوذ من الكتاب المقدس. ويجعل فوق رباط القرابة سعادة الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها (لو 11: 28).
مزمور طويل. يمكننا أن نتوقّف عند هذا المقطع أو ذاك لنقرأه أو نتأمل به. قالوا فيه إنه مزمور الشريعة، والاصحّ أنه مزمور كلمة الله المتعدّدة الوجوه، تلك الكلمة التي ستأخذ في آ 89 شخصية الكلمة الالهي. وهكذا نصل إلى قمة من قمم الكتاب المقدس الذي يهيّئنا لأن نقرأ الفصل الأول من إنجيل القديم يوحنا (1: 1): في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله.

5 أ. نشيد الشريعة
ينشد هذا المزمور الشريعة (أو التوراة) فيشدّد على خمس نقاط:
أ- تسامي الشريعة
إنها حقيقة أزلية ولا متغيّرة. إذًا ثابتة وأكيدة (آ 86، 138، 412، 511، 512، 160). إنها اشعاع من الله بالذات (آ 89- 91).
إنها عادلة إلى أقصى حدّ، وهي تهتم بحاجات الانسان الحقيقية (آ 72، 103، 141، 127، 129، 137، 140، 144، 172).
إنها الهادي الحقيقي والوحيد الذي يتيح للانسان أن يفعل الخير ويتجنَّب الشر (آ 9، 11، 28، 45، 59، 101، 104، 105، 128، 130، 133).
ب- معرفة الشريعة
يجب أن يكون فينا رغبة عظيمة، بل جوع لنعرفها (آ 12، 19، 20، 26، 27، 29، 33، 40، 43، 64، 68، 71، 73، 95، 108، 142، 125، 131، 135، 169).
يجب أن ندرسها (آ 6، 7، 12، 23، 45، 78، 82، 123) ونتأملها (آ 15، 23، 27، 48، 78، 97، 99، 148) ونبحث فيها (آ 2، 18، 94) ونفكّر فيها مثابرين (آ 13، 59) ونحفظ بنودها في ذاكرتنا (آ 16، 52، 55، 61، 83، 93، 109، 141، 153) ونجعلها مشيرة لنا (آ 24). وكل هذا في مناخ من التواضع والصلاة (آ 50، 66، 68، 169، 170)
يجب أن نحبّها ونصادقها ونفضّلها على أي شيء (آ 47، 97، 113، 119، 127، 132، 140، 159، 163) ونتعلّق بها (آ 31) ونجعلها حصة ميراثنا (آ 30، 57، 173) ونجعل ثقتنا فيها (آ 42، 66، 74، 81، 147، 166).
ج- ممارسة الشريعة
يجب أن لا نحيد عنها أبدًا (آ 10، 51، 67، 102، 110، 128، 176) بل نحفظها ونراعيها بدقة (آ 2، 4، 5، 8، 9، 17، 33، 34، 44، 56، 60، 63، 69، 88، 100، 101، 115، 129، 136، 145، 146، 153، 158، 167، 168) ونمارسها خطوة خطوة (آ 33) وبطريقة حرفية (آ 112) وكاملة (آ 80) وذلك رغم الاغراءات الشريرة (آ 29، 37، 51، 95، 110، 134، 157). وفي كل هذا نخاف أن لا نرضي الرب (آ 38، 63، 74، 79) فننال عقوباته (آ 120، 161) التكفيرية (آ 67، 71، 75، 176).
يليق بنا أن نلزم نفوسنا تحت طائلة القسم بأن نحفظ الشريعة (آ 94، 106) ونجعل من هذا الحفظ موضوع نعيمنا (آ 14، 16، 24، 35، 47، 70، 77، 92، 110، 117، 143، 162).
نتعلّق بالشريعة. ونتحلّى بالشجاعة لنعلن هذا التعلّق أمام العظماء والاشرار (آ 42، 46، 172) ولا نخاف.
د- ثمار الشريعة
الشريعة تكشف الله (آ 156، 168) في واقع صفاته الاساسية من عدل ورحمة (آ 64، 65، 68، 73، 75، 137، 142، 156، 160)، وفي دوره كمربٍّ للبشر (آ 4، 71، 75، 77، 104).
الشريعة تهب الانسان العون الالهي والخلاص (آ 41، 64، 81، 88، 94، 114، 155، 174) والحياة الحقة في رفقة حميمة مع الرب (آ 23، 37، 40، 50، 88، 93، 107، 149، 154، 156، 159) والسلام والفرح (آ 1، 3، 50، 52، 76، 103، 111، 165).
الشريعة تجعل المؤمن يتجاوز المحن بسهولة (آ 23، 51، 61، 69، 78، 83، 87، 95، 110، 157) وتجعله منيعًا أمام الشكوك (آ 109، 140، 143، 165).
هـ- الناس أمام الشريعة
هناك موقف الابرار الذين يتقبلون الشريعة.
وهناك الاشرار الذين يتجاوزون الشريعة بطريقة مبدأية وظاهرة (آ 53، 136، 158) والذين لا يهملون شيئًا ليحوّلوا الابرار عنها (آ 21، 23، 42، 46، 51، 69، 70، 78، 84، 87، 95، 98، 110، 115، 121، 122، 139، 150، 157، 161)
وهناك الذين يجرُهم الاشرار باغراءاتهم وبما يقدّمون لهم من خيرات زائفة (آ 37، 67، 69، 78، 104، 133).

5 ب. قراءة مسيحية للمزمور 119
استقبل العالم المسيحي بحماس هذا المزمور المبتكر في بنيته والذي هو برهان قاطع عن هذه الديانة الالهية التي توحي بعواطف الحب الرقيق والمجرد لشريعة الله. كل ما تقدر الكلمة الالهية أن تكونه للنفس التي تسمع وتصغي وتتأمل وتمارس، نجده في هذا المزمور الذي نردّده بهدوء ونتذوّقه مطولاً.
عارضه القديس امبروسيوس بسائر المزامير فرأى فيها نجمات صغيرة وفيه الشمس ببهائها وقوتها، كما حسبه وسيلة الكمال التام. كما القديس أوغسطينس فانتشى أمام عمق الروح الدينية، واستوحى منه ليؤلف صلاته الجميلة لينال فهم كلمة الله. أما القديس ايرونيموس فشرح الامثولات الادبية الواردة فيه وتذوّق بعمق الرهافة التقوية: أية لذة عذبة، أية كلمات، أي عسل أعذب من أن نتذوّق حكمة الله وندخل في معابده. ليحتفظ الآخرون بغناهم. أما نحن فنعيمنا في أن نتأمل شريعة الرب نهارًا وليلاً. وسنعود إلى هيلاريوس أسقف بواتييه الذي اكتشف فيه تعليمًا عن طبيعة الانسان ومعرفته للحقيقة. كما سنعود أيضًا إلى تيودورس المصيصي الذي رأى في هذا المزمور تنبيهًا وتعليمًا لكل انسان.
وقال الشراح الحديثون في هذا المزمور: إنه مزمور القديسين. إنه الالفباء الذهبية للصلاة والحب الالهي وفاعلية كلمة الله وفائدتها. إنه ورديّة شريعة الرب. وقالوا: إن لم يكن جميلاً فهو غنيّ بجمالات لا تنفد.
ينعم المزمور 119 بمكانة في ليتورجية الكنيسة، فيبقى للمسيحيين مجموعة الطلبات الرسميّة اكرامًا لكلمة الله المتجسّد في يسوع المسيح من أجل خلاص البشر. فهو من يعترف به المسيحيون الاله القريب. هو الحقيقة والنعمة والامانة والحياة الذي صار لنا نورًا وأشركنا في امتيازاته وأوصلنا في طريقه ومنحنا السبل لنصل إلى الحياة الحميمة مع الآب. هو الذي صلى وعمل وعلم فأوصل الشريعة القديمة إلى كمالها النهائي فصار لنا الشريعة الحيّة التي نعيشها لنرضي الله ونجد السعادة عبر المحن وعداء البشر.
نتأمّل يسوع كلمة الآب ونتّحد بتسبيحه وسجوده لارادة الله. هذا هو اهتمامنا، وفي هذا نستطيع أن نجدّد المطلب الأساسي في الصلاة الربيّة: أيها الآب، لتكن مشيئتك. تجاه هذا يجعلنا الآب نتذوق الحضور الداخلي والحي لابنه الذي فيه قال لنا كل شيء وأعطانا كل شيء والذي فيه يكشف عن ذاته في شهادة حنانه الذي لا يُدرك.
ونصل إلى هذا الهدف إذا ردّدنا على مهل في صلاتنا ألفباء الكمال هذه، وتذوقنا كلماتها آية آية، متوخين أن نحصل على معرفة تامة لارادة الله في كل حكمة وفهم، وأن نطابق في كل شيء هذه الارادة كما كان يفعل يسوع (رج يو 4: 34). وقد قال أحد الصوفيون اليهود: "المهم يا أخي هو ما تضعه في نقاوة نفسك ونيّة قلبك. ردّد صلاتك على مهل بالنصوص التي تحيط بها. لا يسرع لسانك أكثر من فكرك. فحبيب الرب يمتلك الفرح والبهجة في الله، وفي معرفته ينال رغبة إرادته وبهجة التوراة والرأفة للذين يخافون العلي".

6 أ. هدف شرح المزامير أن نجد لكل مزمور المفتاح الخاص. والمزمور 119 أراد أن يعرض معرفة الحقيقة ليعلّم الجهل البشري. فالمزمور لا يتضمّن شيئًا آخر إلاّ تعليم حياة للانسان وهو يصبو أن يدرّبنا على معرفة الله والطاعة لوصاياه. فهذه الطاعة وهذه المعرفة هما الموضوعان الرئيسيان في تفسير مزمور يكوِّن الانسان الكامل ويوجِّهه إلى الكمال بحسب تعليم الانجيل.
أ- الطبيعة البشرية
يقدّم المفسّر الانسان المدعو إلى الكمال كما هو. أما سمات طبيعته فوجدها في التعليم الكلاسيكي اللاتيني وفي رسائل القديس بولس.
ماذا يقول التعليم الكلاسيكي عن الانسان؟ هو الكائن الوحيد على الأرض الذي صُنع مع عقل وذكاء وحكم وعواطف، هو كائن حي يشارك في العقل. أما هدفه: أن يعرف ويكرم الذي هو خالق كل هذه الخيرات وأبوها.
وماذا يقول القديس بولس؟ الانسان هو الكائن الحي الذي يشارك في العقل ولكنه يمتلك أيضًا طبيعة داخلية وطبيعة خارجية، لا تتوافق الواحدة مع الأخرى. ويبحث هيلاريوس عن أصل هذه الطبيعة المضاعفة فيجدها في الخلق الذي يميز فيه: خلق النفس، جبل الجسد، نفخ النسمة التي تعطي الحياة. ويذكر أنه كان زواج بين النفس والجسد.
فالنفس تحمل في ذاتها طبيعة أولى، إلهية وعاقلة ولا جسدية. هي تنتشر في كل الأعضاء وليست غائبة عن أي قسم من الجسد، ودعوتها أن تطير إلى المسكن السماوي والمعرفة السماوية. ومع أنها سماوية فهي لا تفلت من المحن وتخضع للتجارب. أما الجسد فقد خُلق في المقام الثاني من تراب الأرض بيد فنّان. لقد جهّز الله هذه المادة من الأرض فلا تذهب إلى الزوال، لأن فيها تقدَّم كلمةُ الله. الجسد حقير ومتواضع ومنجَّس بالخطيئة وخاضع لشريعة الموت.
وتتّحد النفس بالجسد. فكلاهما نالا وقت الخلق النسمة التي تجعلهما متضامنين بحيث يصلان معًا إلى الحياة النهائيّة. فخلال الحياة ليست النفس حرّة في حركاتها، ولا تقدر كلمة الله أن تدخل إليها إلاّ عبر الجسد. ولكنها تصارع، فيصبح الانسان إطار صراع بين الجسد والروح كما نقرأ في الرسالة إلى غلاطية (5: 17).
ب- الانسان الكامل
بعد أن بنى الانسان الذي يرضي الله، اهتمّ النبي يتربية تامة وعلمنا كمعلم يتوجّه إلى أبناء لا خبرة لهم في التقوى والعفة والفهم والايمان والمخافة. ويميّز في تعليمه ما هو مفيد أن نعلمه وما يجب أن نخافه ونتجنّبه ونصلحه. ويعطي لمن يريد أن يكون أهلاً لصورة ومثال الله، معرفة الحياة في الله، معرفة لا عيب فيها. وهذه المعرفة تقوم بأن نقولب جسدنا بحيث لا نحب الرذائل ولا نبغض الاستعدادات الصالحة. وتبدو المعارضة بين الفضائل والرذائل في شرح قريب من القديس بولس: شريعة الخطيئة وشريعة الله، الانسان القديم والانسان الجديد، طريق الخطيئة وطريق الله.
أولاً: الانسان القديم
ليس من حيّ بلا خطيئة وذلك بسبب ضعف طبيعته. فبحالته التي تربطه بالأرض قد أخذ نجاسة الخطيئة وحمل في ذاته المادة التي تغذّي الرذائل. فهذه المادة لا سلطة لها في ذاتها، ولكن الشيطان يشعلها فيثير فينا الرذائل. تساعده قوى معادية فيدفع إلى الرذائل طبيعة جسدنا ويشدُّها باغراءاته. ولكن الله لا يترك إلاّ الذي يريد أن يخطأ. فالانسان وحده الذي يحمل إرادة الخطيئة هو فارغ من الله. إنه كمنزل فارغ يهاجمه الشيطان ويدخله. إذًا الارادة هي في أصل الخطيئة، وحين تكون غير بارة يحصل الانفصال عن الله. ثم إن إرادة الخطيئة تمنع كل رجوع إلى الله. وهكذا يصل هيلاريوس إلى مسؤولية الانسان وحريته.
الخطايا المنسوبة إلى رذائل البشر عديدة، وأعمالهم الشريرة كثيرة ومتنوِّعة. ويميِّز هيلاريوس الخطايا ضد الذات وضد الآخرين وضد الله. ويميز الخاطئين: هناك الذين ينفصلون بإراداتهم عن الله أي الجاحدون والذين لا مغفرة لهم. والذين يقدرون أن يتوبوا لأن خطيئتهم طفيفة.
ثانيًا: الانسان الجديد
وتُبرز حريةُ اختيار الانسان طريق الله أو طريق الحقيقة أو الطريق التي تستحق أن تكون تحت نظر الله. هي تعارض سائر الطرق لأنها وحيدة. "طوبى للأنقياء في الطريق". يتحدّث المرتّل عن طرق: طريق موسى، طريق أشعيا، طريق يشوع، طريق داود، طريق إرميا، طريق الرسل. وبهذه الطرق نصل إلى الذي قال: أنا هو الطريق، لا يذهب أحد إلى الآب إلاّ بي. وتختلف هذه الطريق عن طرق الخطيئة لأنها صعبة وضيّقة، ومن سار فيها يسير إلى النهاية فيقطع كل علاقة بماضيه، يشدّ نفسه إلى رجاء الخيرات الآتية.
كيف ندخل على مثال النبي في هذه الطريق المفيدة والضرورية التي تتيح لنا أن نصل إلى الملكوت؟ يربط هيلاريوس الشريعة بالطريق. الشريعة هي المربّي الذي يقود إلى الانجيل. هي ظلّ الخيرات الآتية ومرآتهم، وهي روحية. إذًا نتجنّب أن نفسّرها تفسيرًا حرفيًا كما يفعل اليهود الذين يمارسون الوصايا ويجهلون تحقيق الوصايا وساعتها. يقرأون الشريعة ولا يفهمون. أما المسيحيون فيفهمون. فالطقوس والفرائض التي تحتويها هي علامات الخيرات الآتية. السبت مقدّس، ولكن المسيحي يرغب أن يعرف راحة السبت الابدي. يذبح الحمل في الفصح، ولكن المؤمن يتوق أن يقف أمام الحمل الذي أوحى به يوحنا. في الشريعة ترتسم صورة الحقيقة كما يمثّل الجسد في ظله، وتنكشف الشريعة للنبي حين يتحرر من جسده الضعيف. ولكن يعرفها الشعب الاصغر (أي المسيحي) الذي عرف علامات برّ الله الابدية فاشتراها بإيمانه. وهكذا ليس له ظل الشريعة بل الحقيقة لأن الشريعة تقود إلى الذي قال: أنا الطريق. وهدفها هو المسيح.
ج- معرفة الحقيقة
حاول النبي في المزمور 119 أن يهيّئنا لحياة لا عيب فيها، وعملَ أيضًا لكي يرفع عقلنا إلى فهم الاسرار الالهية اللامنظورة. فالطاعة لله والخدمة الواجبة لا تنفصلان عن معرفته التي يجب أن تكون كاملة مثل مخافته.
المعرفة هي من صميم دعوة الانسان الذي وُلد من الأرض وجُبل بالطين ليصل إلى معرفة الله. لهذا فالجهل خطيئة عندما يكون إراديًا، وهو لا يُغفر لأن قواعد بر الله لم تُكتب إلاّ لتنتشر في الكون علمًا ومعرفة.
أولاً: موضوع المعرفة: الكلمة، الله، المسيح
يُطلب من الانسان العاقل والحكيم أن يميّز الشريعة والفريضة والشهادات وقواعد البرّ والاحكام. فالشريعة ظلّ الخيرات الآتية، والوصية تصيب المستقبل ولكنها تفترض تحقيقًا مباشرًا لعمل من الأعمال. الشهادات هي شهادات كل الشهود، ملائكة الله أو خدّام الشيطان الذين يحفظون الاعمال وكل حركات الارادة البشريّة. وقواعد البر هي ما يُجبر عليه الانسان نحو قريبه، والمسؤول نحو الكنيسة، والملاك نحو الله. أما الاحكام فتتكوّن من قرارات عدالة الله التي لأجلها يُمدح الله. ويعترف هيلاروس بأن كلمات الله غامضة، لأنها تحتوي أسرار الحقائق السماوية. ثم أن نبيًا تلفظ بها حسب الهام ناله من الله، فيجب أن توضّح هذه الكلمات بالاناجيل حيث تنكشف في المسيح أسرار الشريعة وأسرار النبوءات. فالمسيح بكرازته وحركاته وأعماله كشف ما كان خفيًا فعرف فيه النبيّ سيّد المعرفة السماوية.
تكمن حقيقة الايمان في معرفة الله الآب والسيد. فالذين يبحثون عن مثل تلك المعرفة يجب أن يحفظوا نفوسهم من الضلال الذي تاه فيه فكر الوثنيّين واليهود والهراطقة، وأن يسعوا أن يستخلصوا تعليمًا واحدًا وحيدًا من الأنبياء والأناجيل. وهكذا يشدّد هيلاريوس على وحدة التعليم الذي تكفله السلطة الكنسيّة، ويشجب التفاسير الشخصيّة التي هي خميرة الضلال.
ثانيًا: شروط الحصول على المعرفة
الوصول إلى معرفة الاسرار الالهية الخفيّة أمرٌ صعب جدًا لمن انخرط في الحياة الجديدة. والسبب يعود إلى موضوع هذه الحرفة الصعب والغامض وإلى ضعف عقلنا وفقره. ويعطي هيلاريوس بعض الشروط: إن لم تبدأ بممارسة أعمال الايمان لن تحصل على معرفة التعليم. ولكي تحصل على المعرفة، فابدأ بالعمل بإيمان. لهذا فالمؤمنون وحدهم يقدرون أن يحصلوا على تعليم المعرفة. ولكن كيف تتمّ أعمال الايمان إلاّ إذا طابقت حياتُك فرائضَ الشريعة. ليست الشريعة هدفًا بحد ذاتها بل وسيلة لتكون فينا معرفة الله. وهذه لن تكون كاملة إلاّ بمساعدة الله. ولكن على الانسان أن يطلب هذه المساعدة ويدلّ على إرادته التي تسعى أن تصل إلى فهم الشريعة. لهذا عليه أن يفتح قلبه ويعبّر عن رغبته في أن يفهم الله. إن المعرفة لا تعطى إلاّ للذين يبحثون عنها.
وحين يحصل الانسان على فهم الاسرار بنعمة إلهية، يصل إلى المعرفة بالشروط عينها التي بها يدخل الحياة الجديدة فينضمّ إلى عائلة الله إذا بادر وطلب العون الذي يحتاج إليه. وهكذا يتكوّن الانسان الذي يرضي الله في لقائه بين إرادة الانسان ورحمته تعالى. (هيلاريوس).

6 ب. ثم تفسير المزمور 119 الذي ألفه مار تيودورس، مفسّر الكتب الالهية.
قال الطوباوي داود هذا المزمور متنبِّئًا عن الشعب في بابل منطلقًا من الاحداث عينها من أجل التنبيه. نجد في معرفة الاشياء الآتية تنبيهًا كاملاً يؤول إلى اصلاح كل إنسان وتعليمه ويساعد على إفادة الذين يلتقون بكتابه. وهذا ما بيَّناه وبدقة في تفسير كل المزامير تفسيرًا مفصلاً.
بهذا الشكل تصرَّف أيضًا هنا الآن، فألبس بشخص كلمات المزمور الذي يتكلّم في شخص (أو باسم الناس) أفاضل كانوا هناك في السبي وأعني بهم دانيال وحزقيال وزكريا وبيت حننيا. كل هؤلاء ساروا سيرة لائقة وفاضلة وسط المسبيّين.
آ 9: "بم يجعل الشاب طريقه مستقيمة؟ بحفظ وصاياك" قال: أنا أعرف أنه لا يمكن لشاب أن يسير حسب متطلبات الواجب إن لم يهتمّ بحفظ وصاياك. فماذا يقول إذن في هذا السبيل؟ يقول:
آ 10: "من كل قلبي طلبتك". قال: من كل قوتي سهرت لأصنع ما يرضيك. هذه الملاحظات تليق بأهل بيت دانيال وحننيا الذين منذ صغرهم اهتموا أكبر الاهتمام بأن يتعلّقوا بمخافة الله. وما يليق بهم فعلاً عبّر عنه المرتّل كتعليم عام يتوجّه إلى كل انسان، إلى الذين عاشوا في زمانه وإلى الذين جاؤوا اليوم إلى الو جود.
آ 11: "في قلبي أخفيت أقوالك لئلا أخطأ اليك". قال: قررت في نفسي أن أحفظ وصاياك، كما تعلم أنت أيضًا بذلك، حين كنت أسهر لأقدر أن أحفظ نفسي من أن أخطئ إليك. قال "أخفيت" بدل "حفظت" ثم عاد إلى الطلب فقال:
آ 12: "مبارك أنت يا رب، علمني وصاياك". قال أنت أهل للاعجاب بسبب كل شيء، يا رب كل شيء، وبسبب الطريقة التي فيها عاقبتنا وبسبب الطريقة التي فيها وعدتنا بالنجاة من العقاب أو بسبب ما تأمرنا به. فلا شيء من كل هذا إلا ويبيّن أنك كائن جدير بالاعجاب. أعطني إذن منذ الآن معرفة إرادتك معرفة ثابتة. فهذا ما يعبّر عنه بكلمة "علّمني". ثم يزيد ما يليق بهم فيقول:
آ 14: "بطريق شهادتك تنعّمت كما بغنى من كل جنس". قال: لا أعدِّد فقط كل ما أمرتنا أن نعمل، بل سهرت لأحفظه وليتجاوز اصلاحي كل الغنى وليتفوق عليه. كل هذا فُرض علي. وهذا أيضًا يليق بأولئك الذين يحتقرون من أجل مخافة الله الاكرامات العديدة من أي نوع التي يعدهم بها الملك. وكمثال على فضيلتهم أشار النبي داود إلى هذه الامور التي تعرفنا بحبهم للرب فقال: "في قلبي أخفيت". وزاد: "بشفاهي عددت". ثم: "ابتهجت بطريق وصاياك". عرف أولاً إرادة نفسه الصالحة التي يعبّر عنها بالقلب، والتي يتبعها الكلام ثم الاعمال. فكل إنسان مهما كان، يقول أولاً ما يحب ثم يمارسه. وبعد هذا يتابع هذه الاقوال بمواعيد تخص المستقبل فيقول:
آ 15- 16: "أتأمّل في وصاياك وأطلب طرقك، أفكّر في شريعتك لئلا أنسى أقوالك". لا نجد هنا فقط مواعيد تخصّ المستقبل، بل كلمات تعبّر عن التعب والجهد. فكلمة طرقك هي العمل البسيط. وكلمة أتأمل تعني: أحاول باعتناء أن أطلب وصاياك. ثم كلمة أفكّر تعرّفنا الشيء نفسه.
آ 7: "إمنح عبدك جزاءه". هذا القول يلائم أصحاب السلوك الفضائلي وبالاخص بعد مقدمة ما سبق. قال: "لأني أرغب في مثل هذه الاشياء منحني حالتي النفسية" أي النجاة هنا. وكما قلنا فهو يقدّم ما يخصّ الفضيلة في شخص أهل بيت دانيال، ولكنه يطلبه من أجل كل الجماعة، فيبيّن في الوقت نفسه أن فضيلتهم هي للنفع العام. وفي الوقت ذاته يطلب بصراحة في شخصهم ويتابع:
"أحيني أحفظ أقوالك". قال: إذا حصلت على الخلاص من الشرور التي ترهقني أستطيع أن أهتم بحفظ وصاياك. ثم يضمّ إلى تعليمه طلبتَه. فيقول:
آ 18: "افتح عيني لكي أتأمل العجائب التي في شريعتك". لا يستطيع أحد أن يطلب بحق إلاّ ما يتعلّق بتعليم الواجب. فماذا قال: امنحني البحث الدقيق عن شريعتك، لأنني ما دمت هنا وسط الغرباء، لن أستطيع أن أتمِّم أي شيء تفرضه شريعتك. والسبب لأننا لا نقدر هنا أن نقدّم الذبائح أو نمجّد أو نتمّم ما يفرضه الواجب علينا. أعطنا أن نرجع إلى ديارنا. وعندما أقيم في بيتي، أستطيع أن أتنعَّم بوفرة في كل أسرارك السامية وأنفّذ تلك التي يمكن أن تتم من أجل خيرنا العام كلنا. فإن طلب الرجوع، فهو يطلب لا بسبب مادي بل من أجل عبادة الله وهو يعرف أن يستطيع أن يتمها كما يفرض الواجب. ما نستخلص من هذه الكلمات هو تعليم واضح كما يليق. لأن هذا هام. يضع خدمةَ الله فوق كل شيء. بعد هذا يقدّم طلبته متوسلاً، فيقول:
آ 19: "أنا ضيف على الأرض". قال: زمان حياتي ليس فترة طويلة تساعدني على الصبر بانتظار تحقيق طلبتي. بالعكس، فزماني قصير بحيث يحصل لي أن تنتهي شروري سريعًا. فماذا يطلب؟ يقول:
"لا تحجب عني وصاياك". قال: أنا أشبه الآخرين، لأني بسبب ولادتي وشبابي في المنفى لا أعرف حتى وصاياك ولا حتى تلك التي سلّمتها إلينا في الكتب. ولا أعرف أيضًا الطريقة التي أتم بها العبادة الالهية التي تتمّ بالتناسق مع الرضى لارادة شريعتك. فلا تحرمني غدًا من طعم هذه الخيرات العذبة واللامدركة، بل أرجعني بسرعة لاقدر أن أنال خبرة النعم التي بدونها ليس لي إلاّ الموت. (تيودورس المصيصيّ).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM