جميعهم سيعرفونني

جميعهم سيعرفونني
صلاة البدء
أيها الرب يسوع، كم نحتاج إلى الرجاء والظواهر تقود عيوننا إلى اليأس. كم نحتاج إلى الأمل تجاه المصائب التي تصيبنا وتصيب مجتمعاتنا. نرى العدم والقلع، نرى بيوتًا تُهدم وأشجارًا تقلع، ولكننا لا نعرف أن نرى ما يُبنى وما يُغرس فأعطنا يا رب عيونًا ترى ما تفعله أنت في العالم رغم مخطّطات البشر.
قراءة النصّ
سيُقال في أرض يهوذا وفي مدنها، حين أعيد لشعبي أمجادهم ليباركك الربّ ما مسكن العدل، أيها الجبل المقدّس! فيسكن الشعب في يهوذا وجميع مدنها، ومعهم الفلاّحون والذين يسرّحون القطعان. وأروي النفس العطشانة، وأشبع كل نفس خائرة. فيقول كل واحد: أفقتُ وتأمّلت ولذّ لي منامي.
سيأتي أيام أزرع الأرض (الخربة) بالبشر والبهائم ... ستأتي أيام أي هو فيها بيت يهوذا عهدًا جديدًا، لا كالعهد الذي عاهدته آبادهم يوم أخذت بايديهم واخرجتهم من أرض مصر... أما العهد الجديد الذي أعاهد به بيت اسرائيل، فهو هذا: أجعل شريعتي في ضمائرهم، وأكتبها على قلوبهم، وأكون لهم إلهًا، وهم يكونون لي شعبًا. فلا يعلهم بعدُ واحدهم الآخر، والأخ أخاه، أن يعرف الرب فجميعهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم، لأني سأغفر ذنوبهم ولن أذكر خطاياهم من بعد.
وقال الرب القدير اسمه، الذي جعل الشمس نورًا في النهار، والقمر والكواكب نورًا في الليل، والذي يثير البحر فتعجّ أمواجه: "إن زال نظام الكون من أمامي، فنسل اسرائيل يبطل أن يكون أمّة إلى الأبد" (إر 31: 23- 36).
نتوقّف بعد القراءة ثلاث دقائق، ونطرح على نفوسنا الأسئلة التالية:
- كان عهد بين الشعب الأول والله، بواسطة موسى والأنبياء كيف كان ذاك العهد وما كان أساسه؟
- وهناك عهد بين الشعب الثاني والله، بواسطة يسوع، على ماذا يرتكز؟
- وهناك عهد بين الله والكنيسة، بل عهد مع كل واحد منا، ماذا يفعل الله لنا؟ وكيف نقابله في حياتنا؟
دراسة النصّ
يتحدث النصّ عن إعادة بناء يهوذا، كما عن بناء كل جماعة تهدمت وتشرزمت والبناء سيكون للجميع لا لفئة دون فئة: الفلاّحون والذين يسرّحون القطعان: أي أهل الحضر وأهل الوبر، ومنهم تألّق المجتمع فمنذ البدايات، حاول قايين (الفلاّح) أن يلغي هابيل الراعي، وبعد المنفى، حاول الذين لبثوا في فلسطين أن يمنعوا الآتين من المنفى، من الإقامة في الأرض. وحاول العائدون أن يلغوا الذين لم يتركوا فلسطين. واختبأت كل فئة حول شخص إبراهيم. ولكن سيجمع هؤلاء وأولئك، فلا يكون أحد خارج الحظيرة، بل تكون الرعيّة واحدة بإمرة راعٍ واحد.
ذاك هو حلم النبيّ، وما ألذّ الأحلام. بل هو حلم الربّ في شعبه وفي كل جماعة من جماعاتنا. ولكن حين أفاق النبيّ، رأى أن الواقع هو غير هذا. ومع ذلك، فالربّ بعد وهو صادق في مواعيده سيقيم عهدًا جديدًا، مع أن الشعب في الماضي. هو لن بيدّل أمورًا بسيطة، ولن يرقّع ما تمزّق. لن يعطي تعليمات تشبه تلك التي أعطيت في سيناء، ولن يطلب التزامات تقف على مستوى شعائر العبادة وغيرها من الأمور الخارجيّة. بل هو سيجعل شريعته في أعماق القلوب. يحفرها، يكتبها، يسجّلها في كائن الإنسان الحميم. وهكذا تتبدّل بنية الإنسان يُولد من جديد بعد أن خلق فيه الله هذا القلب الجديد. عند ذاك، لن تعود به حاجة إلي أن يعلّمه بعد أن تصبح شريعة الله جزءًا منه. يصير المؤمن إنسانًا جديدًا، فلا يمكن إلاّ أن يعطي الثمر الذي ينتظره منه الربّ.
التأمل:
بعد صمت يمتدّ عشر دقائق، نتأمل في هذا العهد الذي لن يكون جديدًا حقًا ونهائيًا إلاّ مع يسوع المسيح. نقي العشاء السري، تحدّث يسوع عن العهد الجديد والنهائي وعن الدم الذي يُهرق لمغفرة الخطايا. هذا العهد رباطه يسوع المسيح. هو كافل الله بين الإنسان والله، فما عاد هناك من وسيط بين الله والبشر سوى الإنسان يسوع المسيح.
المناجاة:
نعيد قراءة النصّ ونتتبع مسيرة الله في الخلق وفي التاريخ هو كلّي القدرة وقد جعل نظامًا للشمس والقمر والكواكب، وهي لا تستطيع أن تتجاوز هذا النظام. وهو قدير لأنه سيّد التاريخ. يهدم الإنسان، فيحوِّل الربّ هدمه إلى بناء. يقلع الإنسان، فيحوِّل الرب قلعه إلى غرس. هو يحوّل الشرّ إلى خير، والخطيئة إلى مناسبة نعمة. هو الرب يقول ويفعل. فكما خلق الكون في البداية، هو يخلق الآن شعبه، ويقدر أن يخلق كل واحد منا من جديد، شرط أن لا نعاند ونرفض عمله فينا.
التأوين:
نتذكّر الوضع الذي كُتب فيه هذا النص: راح الشعب إلى المنفى بعد أن دمِّرت أورشليم وأحرق الهيكل. فظنّوا أن الله لم يعد أمينًا على عهده، بعد أن ترك شعبه يمضي إلى السبي ومدينته تُهدم. هو الذي سمح بأن تهدم المدينة ويُقتلع الشعب اقتلاعًا. عمل بيد البشر. وهو يعمل بأيدي البشر فتعود المدينة والشعب. ولكن هذا لن يكون في زمن النبي، بل بعد مئة سنة ونيّف. ومع ذلك، حلم النبيّ بأن الرب عمل من جديد: بدأ في القلوب بانتظار أن يصل إلى المؤسسات. بدأ في البشر وسوف يصل إلى الحجر. كيف نقرأ كل هذا في جماعاتنا وفي العالم؟
صلاة الختام
نردّد صلاة الشعب: "أدَّبتني فتأدّبت كالعجل غير المروّض. أعدني إليك فأعود، لأنك الرب إلهي. بعد رجوعي إليك ندمتُ، وبعدما عرفتُ لطمتُ وجهي وقرعتُ صدري استحييت واستولى عليّ الخجل" (إر 31: 18- 19) ونسمع صوتك يا ربّ "افرائيم ابن عزيز عليّ، ولد يبهجني كثيرًا. أذكره بالخير وأحشائي تحن إليه" (آ20).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM