خاتمة عامة

 

خاتمة عامة
تلك هي الرسالة إلى العبرانيّين التي حاولنا أن نقرأها قراءة بلاغيّة، وتفسيريّة ورعائيّة. بعد مدخل حاول أن يحدّد هويّة كاتب الرسالة والأشخاص الذين أرسلت إليهم، توقّفنا عند كرامة ابن الّله الذي هو بهاء مجد الّله وصورة جوهره.
وكما قابلنا بين اسم يسوع واسم الملائكة، شدّدنا على تفوّق يسوع الذي حسبه بعض ((العبرانيّين)) أدنى من الملائكة، لأنه أخذ جسدًا مثل جسدنا وتلبّس الضعف البشريّ. وهذا ما قادنا إلى الكلام عن يسوع الذي هو حبر اعترافنا: هو عظيم كهنة واحد يفترق عن عظماء الكهنة في العالم اليهودي: هو رحيم يرأف بضعفنا. وهو أمين يتمّ فيه مخطّطُ الخلاص كاملاً. أما القسم المركزيّ (5: 11 - 10: 39) فجاء في مطلع يهدّد القرّاء ويشجّعهم: في الاتّجاه الأوّل (7: 1 - 28) يحدّثنا عن يسوع الذي هو كاهن على رتبة ملكيصارق. وعنوان الاتّجاه الثاني (8: 1 - 9: 28) الكمال. ينبّهنا الكاتب أننا وصلنا إلى النقطة الرئيسيّة: لنا رئيس كهنة جلس عن يمين عرش الجلال. وفي الاتّجاه الثالث (10: 1 - 18) نعرف أن المسيح هو علّة خلاص أبديّ لجميع الذين يطلبونه. ينتهي هذا القسم المركزي بتحريض (10: 19 - 39)يدعو القرّاء إلى تذكّر الأيام السالفة. وفي النهاية، كانت دعوة إلى الإيمان والثبات رغم الاضطهادات، وإلى سلوك صحيح في علاقتنا مع الّله ومع القريب.
رسالة غنيّة جدًا. في اللاهوت العقائديّ واللاهوت الأخلاقيّ. فيها التوسّع الفكري والدعوة إلى الممارسة العمليّة التي تنبع من عمق حياة المؤمن. رسالة تفتح المؤمنين على آفاق جديدة لم يعالجها سفر من أسفار العهد الجديد. انطلقت ولا شكّ من بعض ما قيل في الأناجيل والرسائل البولسيّة، وتوسّعت فيه توسّعًا يقدّم جوابًا لكنيسة تساءلت عن معنى العهد القديم في التدبير الجديد. أجل، إن عب هي في خطّ روم. طرحت روم سؤالاً حول مكانة الشريعة تجاه الإيمان بيسوع المسيح. كما طرحت سؤالاً آخر حول أمانة الّله لشعب استعدّ لمجيء المسيح ولكنه في النهاية رفضه. أما عب فتوقّفت عند أسفار الشريعة وما فيها من كلام عن الكهنوت القديم والمعبد والذبائح التي يقدّمها الكهنة بشكل عام، وعظيم الكهنة بشكل خاص، في يوم عيد التكفير. كهنة عديدون. يموت بعضهم فيحلّ محلّهم بعض آخر. وذبائح تتكرّر. فلو نالت مبتغاها لما تكرّرت. ومعبد هُدم سنة 70 فضاع معه رمز حضور الّله في أرضه ووسط شعبه.
فما يكون جواب عب؟ المعبد الوحيد هو يسوع المسيح المتجسّد. هو الكاهن الأعظم الوحيد، قدّم ذبيحته مرّة واحدة لا غير، فنالت الفداء الأبديّ. وهكذا استغنينا عن دم الجداء والعجول. هنا نتذكّر يو2: 15 الذي أظهر لنا أن يسوع استغنى عن ((الغنم والبقر)). كما نفهم أن الهيكل الجديد الذي يبنيه يسوع في ثلاثة أيام هو جسده (أ 20). وهكذا تلتقي عب مع إنجيل يوحنا وخطبة اسطفانس في سفر الأعمال (ف7). بل مع تعليم الأنبياء الذين شدّدوا على العبادة الروحيّة. يسوع قدّم نفسه (عب7: 27). والمؤمنون، في خطاه، يقدّمون نفوسهم ذبيحة حيّة مقدّسة مرضيّة عند الّله (روم12: 1). وهم لهذا يستعدّون كي يقاوموا حتى الدم إزاء الخطيئة. يستعدّون لأن يجروا في ميدان الجهاد ناظرين إلى يسوع الذي تحمَّل الصليب مستخفًا بالعار، من أجل الفرح الذي ينتظره (عب12: 2).

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM