الفصل الرابع والعشرون: علّة خلاص أبدي

 

الفصل الرابع والعشرون

علّة خلاص أبدي
10: 1 - 18

مع هذا الاتجاه (10: 1 - 18) في القسم الثالث (5: 10 - 10: 39)، نصل إلى الذروة مع المسيح الذي هو علّة خلاص أبدي. فلا يبقى بعد ذلك، سوى خاتمة القسم (10: 19 - 39) التي هي تحريض طويل يدعو إلى الجهاد ويهدّد الخطأة بالعقاب الآتي.
إن أولى كلمات الاتجاه الثالث (10: 1 - 18) تربطه بالاتجاه السابق (8: 1 - 9: 28). ((الظلّ)). قد ذُكر في 8: 5: ((ليس للناموس سوى ظلّ الخيرات الآتية)) (10: 1). هذا ما ذُكر في 8: 4؛ 9: 19، 22. أما ((الخيرات الآتية)) (10: 1) فظهرت في 9: 11 مع المسيح حبر الخيرات الآتية. وما يلي من الجملة (الذبائح التي تقرّب كل سنة) قد هيّأه 9: 25 الذي يتحدّث عن ضرورة تفرض على الحبر بأن يقدّم كل سنة.
ونتذكّر أن بين الآية الأخيرة في هذا الاتجاه (10: 18) والآية الأولى (10: 1) هناك تعارض. من جهة 10: 1 يتكلّم عن تقديم الذبائح الواحدة على غير انقطاع. ومن جهة ثانية، يعلن 10: 18 بعد اليوم إلغاء كل تقدمة عن الخطيئة. وهكذا نكون في تضمين على مستوى تقديم الذبائح.
نلاحظ هنا أربعة مقاطع (آ 1 - 3؛ 4 - 10؛ 11 - 14؛ 15 - 18). يظهر اسم يسوع المسيح في نهاية المقطع الثاني، أي في قلب الاتجاه. ولما أراد الكاتب أن يؤمّن له هذه المكانة، امتنع عن ذكر فاعل الفعل في 10: 5، واكتفى بالضمير في 10: 12.

1 - المقطع الأول (10: 1 - 3)
هاجم المقطع الأول الشريعة، وأبرز لانفع الذبائح التي تفرضها. وما يدل على اللانفع هذا، هو ضرورة تكرارها.
10: 1 وإذ ليس للناموس سوى ظلّ الخيرات الآتية، لا ذات الحقيقة بعينها،
كل سنة، بتلك الذبائح الواحدة التي تقرّب على غير انقطاع،
لا يمكنه أن يجعل المقتربين كاملين
10: 2 وإلاّ فما كان عُدل عن تقريبها
كون القائمين بهذه العبادة لم يعودوا يشعرون، بعد إذ تطهّروا دفعة واحدة، بشيء من الخطايا؟
10: 3 ولكن في هذه الذبائح عينها تذكرة الخطايا
كل سنة.
هناك تضمين مع ((كل سنة)). والبنية الداخليّة تخضع للتوازي: هناك جملتان تتقابلان والثانية توضح الأولى. ونحن نلخّصها كما يلي: الشريعة التي تفرض تقادم متكرّرة، لا نفع منها. ولو كان هناك نفع، لما كانت التقادم تتكرّر. وها نحن نقدّم رسمة تبيّن التقابلات الرئيسية:
- كل سنة بتلك الذبائح الواحدة
أ التي تقرّب بلا انقطاع
ب (1) لا يمكنه
(2) للذين يقتربون
(3) أن يمنح الكمال.
أ أ أفما عُدل عن تقريبها
ب ب (1) لم يعودوا يشعرون بالخطايا
(2) عند القائمين بالعبادة
(3) إذ تطهروا دفعة واحدة
- في هذه الذبائح عينها، تذكرة للخطايا كل سنة.
تستعيد الخاتمة بداية الجملة الأولى (هذه الذبائح، كل سنة)، وتقابل جزءًا من الجملة الثانية: تذكرة الخطايا تقابل الشعور بالخطايا.

2 - المقطع الثاني (10: 4 - 10)
عارض المقطع الثاني ذبائح الحيوانات بتقدمة المسيح الشخصيّة
10: 4 إذ من المحال أن دم ثيران وتيوس يزيل الخطايا
10: 5 فلذلك، عند دخوله العالم، يقول:
ذبيحة وقربانًا لم تشأ
غير أنك هيّأت لي جسدًا
10: 6 لم ترتض محرقات (وذبائح) عن الخطيئة
10: 7 حينئذ قلت: هاءنذا آتي
إذ عني قد كُتب في درج الكتاب
لأعمل، يا الله، بمشيئتك.
10: 8 فلقد قال أولاً: إنك لم تشأ ذبائح وقرابين ومحرقات (وذبائح) عن الخطيئة، ولم ترضَ بها مع أنها كلها تقرّب بموجب الناموس
10: 9 ثم يقول: هاءنذا آتي لأعمل بمشيئتك
يبُطل الاول
ليقيم الثاني.
10: 10 في هذه المشيئة قُدِّسنا نحن بتقريب جسد يسوع مرة لا غير.
ما هو دور آ 4؟ هل نربطها بما سبق فيبدأ هذا المقطع مع دخول المسيح إلى العالم (10: 5)؟ في الواقع، رأينا أن بنية المقطع الأول تامّة بدون آ 4. ثم إن التوزّع يتميّز الآن بانتقال متواصل بين استبعاد العبادة القديمة وتقديم المسيح. فإذا جعلنا من آ 4 بداية المقطع، يبدأ هذا الانتقال منذ بداية الايراد الكتابي. وأخيرًا، نؤمّن بين المقطعين رباطًا بواسطة كلمة عاكفة هي ((خطايا)) في 10: 3 التي تعود في 10: 4.
وها نحن نلاحظ هذا الانتقال بالتفصيل
(3) من المحال... دم الثيران
أ عند دخوله العالم قال
(3) ذبيحة وقربانا لم تشأ
أ هيّأت لي جسدًا
(3) محرقات ولا
أ جئتُ
ب لأعمل بمشيئتك
(3) لا ذبائح
(2) بموجب الناموس
(أ) جئت
(ب) لأعمل بمشيئتك
(2 + 3) يبطل النظام الأول
(ب ج) ليقيم الثاني
(ب) وفي هذه المشيئة
(ج) تقريب جسد يسوع.
لسنا هنا أمام تواز دقيق بين تقدمة ذبائحيّة لدم العجول، ودخول المسيح إلى العالم. فهذا الدخول هو مرحلة أولى تعلن إلغاء العبادة القديمة، ولكنها لا تعمل على إلغائها. وهكذا قابلنا هذا الدخول (أ) مع العبادة القديمة (3). وفي نهاية الايراد الكتابي، علمنا أن المسيح حين عمل بمشيئة الله ألغى العبادة القديمة، ولكننا لم نعلم بدقّة بما تقوم هذه المشيئة. لهذا، استعاد الكاتب قبل ذلك، وبطريقته الخاصة، نصّ المزمور، ودلّ بوضوح على أن هذه المشيئة هي ترتيب جديد يحلّ محلّ الناموس. وهكذا جعلنا الناموس (2) تجاه هذه المشيئة (ب). وأخيرًا، كشفت لنا الجملة الأخيرة التدخّل الحاسم الذي يحلّ محلّ العبادة القديمة ويلغيها: تقريب جسد يسوع المسيح مرّة لا غير. وهكذا وجد العنصر الأول (3) ما يوازيه (ج).
نلاحظ أولاً أن المرنّم استبعد كل تقدمة ذبائحيّة. ولكن عب تريد أن تحتفظ بتقدمة واحدة، مميّزة. ولهذا، حين استعادت نصّ المزمور أدخلت فيه تحويلاً خفيفًا: انطلقت من صيغة المفرد (ذبيحة، قربان، 10: 5) فحوّلتها إلى صيغة الجمع (ذبائح، قرابين، 10: 8). لهذا، لم نعد أمام أية ذبيحة، مهما كانت هذه الذبيحة، بل أمام كثرة الذبائح بحسب الشريعة. وهكذا لم يبق مكان لتقريب جسد يسوع المسيح مرّة لا غير (10: 10). وبعد هذا، نلاحظ أن المرنم لم يتطلّع إلى إلغاء الناموس لتحلّ محله ((مشيئة)) الله الجديدة، فما هي بين مشيئة الله والناموس. فترجمت السبعينيّة النص كما يلي: أعمل يا الله مشيئتك، أردتُ. وناموسك في وسط بطني. هذا ما يوافق موافقة تامّة النص العبري. هذا الوضع، شكّل صعوبة ثانية بالنسبة إلى عب. لهذا، جُعلت نقطة القطع حيث يجب، أي حالاً بعد ((مشيئة))، وهكذا تقابلت هذه ((المشيئة)) مع الناموس القديم الذي يفرض تكرار الذبائح.
ويُطرح سؤال: أترى الكاتب خان الاستشهاد الكتابي؟ بل هو أعطاه وجهته الصحيحة. هاجم الاستشهادُ عبادة ذبائحيّة خارجيّة (لا باطنية، لا تنبع من القلب) وفضّل عليها التزام الانسان نفسه. وذبيحة المسيح (هذا ما قالته عب في الاتجاه المركزي، 8: 1ي) ليست ذبيحة خارجية، لم تتم ((بدم آخر))، بدم غيره (9: 25)، بل هي الالتزام الشخصي الاكمل. إذن، هو لا يدخل في رفض عبّر عنه المزمور. ثم إن هذا الردّ على الطابع الخارجيّ (للذبيحة) قد شرح أيضًا موقف المرنم تجاه الناموس. فضّل على طقائس عباديّة تعلّقًا بمشيئة الله. وتواصلت عب في الخط عينه. عرفت أن الناموس لا يستطيع أن يقود إلى موقف داخليّ حقيقيّ. وحدها ذبيحة المسيح تقدر أن تجدّد البشر من الداخل. لهذا، عارضت الناموس القديم بمشيئة الله الجديدة التي تجلّت في المسيح وتحقّقت به. وهكذا كان التعارض: يستحيل على دم الضحايا أن يمحو الخطايا (4: 10). ولكننا قُدِّسنا في مشيئة الله الجديدة (10: 10). وهكذا أدركنا الموقف الداخليّ الذي يقوم بالعمل بمشيئة الله. أجل، هذا التعارض بين آ 4 وآ 10 ألقى ضوءًا حاسمًا على تفسير المزمور وبرّر ملء التبرير هذا التفسير.

3 - المقطع الثالث (10: 11 - 14)
ويتواصل المقطع الثالث بتعارض آخر:
10: 11 إن كل كاهن يقف
كل يوم خادمًا (في الليتورجيا)
ومقرّبًا مرارًا تلك الذبائح بعينها
التي لا قبل لها البتّة بأن تزيل الخطايا
10: 12 أما هو، عن الخطايا
إذ قرّب ذبيحة واحدة
جلس عن يمين الله إلى الأبد
10: 13 منتظرًا من بعد
أن يُوضع أعداؤه موطئًا لقدميه
10: 14 لأنه بتقدمة وحيدة جعل مقدَّسيه كاملين على الدوام.
ننتقل من التعارض بين ذبيحتين إلى التعارض بين وضعين على مستوى الكهنة، ينتجان عن الذبيحة المقدَّمة ويكشفان فاعليّتها. فما كان لنا انتقال من واحد إلى آخر كما في آ 4 - 10، بل تواز، يبدو الآن بشكل نقيضة وتعارض:
كل كاهن
1 - يقف
2 - كل يوم خادمًا
ومقرّبًا مرارًا الذبائح بعينها
التي لا تقدر أن تزيل الخطايا
هو
عن الخطايا
قرّب ذبيحة واحدة
1 - جلس
2 - ينتظر منذ الآن.
نلاحظ التقابل بين الوقوف والجلوس. كما نلاحظ الخاتمة التي تستعيد كل الشقّ الايجابي. بما أن عبارة ((عن الخطايا)) لا تكفي لتقيم التوازن مع ((لا قبل لها بأن تزيل الخطايا))، أحلّ 10: 14 محلّ عدم الكفاية هذه عبارة أوضح وأدقّ: ((منح الكمال للذين قدِّسوا)). واستعاد أيضًا ((بتقدمة وحيدة)) (10: 14) فأوضح متطلبات ((ذبيحة وحيدة)) (آ 12) مستعملاً ((إلى الأبد)). إن كان المسيح لبث جالسًا إلى الأبد، فلأن تقدمته تبقى فاعلة إلى الأبد: منح الكمال إلى الأبد للذين صاروا قدّيسين. إن وضع صيغة الكامل (تاتالايوكن، كامل) قرب صيغة الحاضر (هاغيازامانوس، مقدّسين) تُبرز ما في هذه الفاعليّة من مفارقة، وتؤكّدها في الوقت عينه أفضل تأكيد.

4 - المقطع الرابع (10: 15 - 18)
جاء المقطع الأخير قصيرًا فقدّم تثبيتًا للطرح ببرهان من الكتاب المقدس:
10: 15 وهذا ما يشهد لنا به الروح القدس أيضًا.
فإنه بعد أن قال:
10: 16 هذا هو العهد الذي سأقطعه معهم
بعد تلك الأيام،
يقول الرب:
إذ أعطي شرائعي
وأرقمها في قلوبهم وفي أذهانهم
10: 17 أما خطاياهم وآثامهم فلن أذكرها من بعد.
10: 18 فحيث تكون مغفرة خطايا
لا تقدمة بعدُ عن الخطيئة.
استعاد الكاتب هنا جزءًا من نص إرميا الذي ورد في الاتجاه المركزي (8: 10 - 12)، وحوّل بعض التفاصيل من أجل البنية التي يبينها. مثلاً، جعل ((القلوب)) قبل ((البصائر))، وجعل الموصوفين يرتبطان مع ((إبي))، وهكذا ارتبطا بفعل ((أرقم))، ولم يربط ((قلوبهم)) بفعل أعطى، وضمّ إلى ((خطايا)) ما يوازيه: ((آثام))، وجعل فعل ((منيستو)) (ذكر) في صيغة المضارع (منيستيسوماي). وهكذا حصل على عبارتين مع فعل في صيغة المضارع:
في قلوبهم وفي أذهانهم
أرقمُها
وخطاياهم وآثامهم
لن أذكرها من بعد.
وهكذا صارت عبارة ((أعطي شرائعي)) قاسمًا مشتركًا، ففُهمت في موازاة: ((هذا هو العهد)). واحتفظ الكاتب بسمتين فقط من وصف العهد الجديد: الوجه الداخليّ (تسجّلت في القلوب). غفران الخطايا. غير أن العلاقة وثيقة بين الاثنتين. شدّد الكاتب على الثانية في النهاية، لأنه يتيح له الكلام عن إلغاء الذبائح.

5 - الرباط بين المقاطع الأربعة
ما هي العلاقات التي تربط هذه المقاطع بعضها ببعض. نجد حدود المقطعين الأول والثاني بواسطة التضمين: 10: 1 و10: 3 (كل سنة). 10: 5 و10: 10 (تقدمة، قدّم، قرّب). ودلّ التوازي على نهاية المقاطع الثلاثة الأخيرة:
قدِّسنا بتقدمة (10: 10)
بتقدمة واحدة جعل الذين قدّسوا (10: 14)
حيث مغفرة لا تقدمة (10: 18).
سبق ولاحظنا أن آ 18 التي أعلنت إلغاء كل تقدمة، جاءت تناقض آ 1 التي تتحدّث عن ذبائح تقدَّم بلا انقطاع. غير أن التعارض يمتدّ إلى مجمل هذين المقطعين (1) إن 10: 1 - 3 وصف وضع الذين يُشرف عليهم الناموس (10: 1) أي شرائع العهد الاول. أما 10: 15 - 18 فوصف وضع الذين نعموا بالعهد الجديد (10: 16) الذي تسجّلت شرائعه الباطنيّة في القلوب. (2) في ذبائح الناموس، ذكرت الخطايا كل سنة (10: 3). في العهد الجديد، ألغي هذا التذكر. قال الرب: لن أذكر خطاياهم وآثامهم (10: 17). (3) من جهة، هناك عجز عن التطهر (10: 2)، عن إعطاء الكمال (10: 1). ومن جهة ثانية، هناك حقًا غفران الخطايا (10: 18). (4) لهذا، إن فرضيّة 10: 2 (عُدل عن تقريبها) التي عارضتها فرائض الناموس، قد تحقّقت في العهد الجديد. من جهة، تقرّب ذبائح على غير انقطاع (10: 1). ومن جهة ثانية، لا تقدمة بعدُ عن الخطيئة (10: 18).
لم يذكر المقطع الأول ولا المقطع الرابع لفظة ((خلاص)) التي استعملت لاعلان موضوع هذا الاتجاه (5: 9؛ 9: 28). ولكنهما، في الواقع، يعالجان هذا الموضوع. إستبعد المقطع الأول اعتبار الناموس نفسه بأنه يحمل الخلاص. وحدّد الرابع العهد الجديد على أنه الحامل الحقيقي للخلاص. فتكرار الذبائح أو إلغاؤها هو السمة التي تدلّ على هذا الاختلاف. أما المقطعان الثاني والثالث فظلاّ أمينين للمنظور ذاته. أرادا أن يؤكّدا تحوّل العهد وأن يدلاّ على أشكال هذا التحول، فتحدّثا عن حلول ذبيحة واحدة محل ذبائح كثيرة (10: 4 - 10) وعن حلول مسيح يجلس عن يمين الله محلّ كهنة منشغلين بكثرة الذبائح. فقد لاحظنا في المقطع الذي يتحدّث عن الذبائح (10: 4 - 10) أن الكاتب يشدّد مرّة أخرى على علاقة الذبائح القديمة بالناموس (10: 8). وبعد الإشارة إلى هذه العلاقة، أشار إلى تعارض بين الناموس و ((مشيئة)) الله الجديدة (10: 9)، فقال: ((أبطل الأول ليقيم الثاني)) (10: 9). وهكذا قدِّم الانتقال من الذبائح الكثيرة إلى تقدمة المسيح الوحيدة، كإلغاء للناموس ووضع نظام للاشياء جديد وفاعل. وفي نهاية المقطع، لم يقل الكاتب فقط ((قُدِّسنا بتقدمة جسد يسوع المسيح))، بل ((في هذه المشيئة قُدسنا)). هذه المشيئة قد حلّت محلّ الناموس.
والمقطع الثالث (10: 11 - 14) يتضمّن هو أيضًا سمة لها معناها، فيقابل بين المسيح والكهنة، ويبيّن هنا أيضًا أننا أمام تحوّل في العهد. نجد هذه السمة في الخاتمة، في آ 14. كان المقطع الأول قد تحدّث عن الناموس، فقال: ((لا يمكنه أن يمنح الكمال)) (10: 1). أما آ 14 التي تكلّمت عن المسيح، فقد قالت عكس ذلك: ((منح الكمال)). وهكذا نفهم أن المسيح لم يأت فقط لكي يحلّ محلّ الكهنة، بل حلّ أيضًا محلّ الناموس نفسه، فاتّخذ الدور الذي لم يستطع الناموس أن يقوم به. ما حاول الناموس، ولكن عبثًا، أن يناله ((بتلك الذبائح التي تقرّب على غير انقطاع)) (10: 1)، قد ناله المسيح ((بلا انقطاع (على الدوام) بتقدمة واحدة وحيدة)) (10: 14). فلا نقول فقط: أولئك الذين يقتربون (آ 1 ، المقتربين)، بل نقول الآن: أولئك الذين يصيرون قديسين (آ 14، مقدّسيه).
منذ ف 7 حتى ف 10، استعاد الكاتب أكثر من مرّة المعطيات عينها، ولكنه في كل مرة أضاء عليها بضوء جديد. يبقى أنّ المنظور الخاص بهذا الاتجاه هو منظور العهد الجديد والابدي، أو منظور تقديس الكنيسة، الذي هو الثمرة المستمرّة لذبيحة المسيح الوحيدة.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM