إحمدوا الرب لأنه صالح

إحمدوا الرب لأنه صالح

يقف مز 106 في خطّ مز 105. لا لأنه يقدّم لنا مثله لوحة تاريخيّة وحسب، بل لأنه يطرح السؤال الملحّ الذي تركه 105 جانباً: هل يستطيع شعب إسرائيل أن ينشد مدائح الله مع أنه يخضع لسلطة أجنبية؟ هل يستطيع أن يحتفل بأمجاد الماضي تاركاً الحاضر وما فيه من مآسٍ؟ وتأتي المقدّمة بشكل جواب يوجّه النظر إلى خلاص ينتظره إسرائيل حين تدقّ ساعة غفران إلهه (آ 2- 5). ولكن إن أراد المؤمن أن ينعم بهذا الغفران، فعليه أن يقرّ بخطيئته وهو الطالب عدالة الله ودينونته. من هنا اعتراف طويل بالخطايا في هذا المزمور.
ولما أراد الشاعر أن يقدّم لائحة خطايا شعبه، ذكر الثورة على موسى وهارون، وحدث بعل فغور، وحدث العجل الذهبيّ. أما الخطيئة التي كانت السبب الذي قاد الشعب إلى المنفى، فهي تنجيس الأرض: سفك الدم البريء. سفك دم الأطفال كذبائح لمولك. كل هذا يدلّ على تأثير الكنعانيّين على شعب الله، لا العكس.
لن نجد في هذا المزمور لاهوت الخطيئة كما في مز 78 مع تحليل لتمرّد إسرائيل ومقاومته لنداء الربّ. كل ما نجده هو تعداد للأحداث، إن لم يكن بشكل تاريخيّ، فبشكل منطقيّ. فحدث مياه مريبة مثلاً، ليس في مكانه في نهاية الاقامة في البرية (آ 32-33). ولكنه وُضع هنا ليدلّ على الفشل النهائيّ لمهمة موسى.
ما معنى هذا الاعتراف؟ ما أراد الكاتب من الاحداث التي أوردها هو أن يسند القول المذكور: "خطئنا نحن وآباؤنا". ثم، حين يقول الانسان: "أنا أخطأت" (2 مل 18: 14)، فهو يدلّ على أن الله عادل، وان الانسان مسؤول عن خطيئته، فيسلّم نفسه إلى رحمة ذلك الذي أغاظه. وفي نظر اليهود بعد المنفى، الحدث الذي يتحمّلون وزره هو وضع شامل على مستوى تاريخ اسرائيل. هو كل خطايا الآباء التي تجمّعت منذ الدخول إلى أرض كنعان. إذن، ما قهر شعبَ الله ليس قوى التاريخ العمياء، بل مقاومته لإرادة الله.
وإذ يعلن الشعب المختار: "خطئنا"، فهو يعطي لفشله منظار الرجاء. وإذ ينسب إلى نفسه مسؤوليّة شقائه، يستطيع أن يحافظ على إيمانه التامّ بالله الذي أبان له الصبر وطول الأناة. وحتى في أرض المنفى، لم يتخلَّ الله كلياً عن أخصائه. بل هو ما زال يذكر عهده. وبما أن الله لم يقل كلمته الأخيرة، فكل مؤمن يستطيع أن ينشد عظائم الله في انتظار القيامة.

نشيدنا اليوم نشيد الحمد والمديح، نتذكّر فيه أعمالك من أجلنا
نشيدنا اليوم نشيد اعتراف وتوبة، فيه نبكي على خطايانا.
نشيدنا اليوم صلاة وتوسّل، نتعلم فيه أي حبّ أحببتنا وبأية رحمة عاملتنا
نشيدنا حمد واعتراف وصلاة يرتفع نحوك، يا إلهاً سامعاً ورباً مجيباً
فاسمع دعاءنا وتحنّن علينا.

نحمدك يا رب على صلاحك رغم خياناتنا المتكرّرة
نعترف أمامك يا ربّ بخطايانا، وندخل في أعماق رحمتك العجيبة
إن كانت عادتنا نحن البشر أن نسقط في الخطيئة، فالرحمة هي العلامة الفارقة عندك
وإذا ارتفعتّ خطيئتُنا ارتفاع الجبال، فرحمتك أرفع من الجبال فتكفّر خطيئتنا.

تاريخك يا ربّ مع البشر هو تاريخ المغفرة المتواصلة
وهذا ما يملأ قلبنا حزناً أمام خطيئة كل واحد منا، أمام خطايا شعبنا وخطايا العالم
ولهذا نتوسّل إليك أن تضع حداً لتلك الشرور التي تصدر منا ضد قلبك المحب
ونطلب منك ندامة من خطايانا، وثقة برحمتك، وأمانة لكل ما تفرضه علينا.

نحن اليوم في زمن الفصح وهو العيد الذي يجمع فيه كلّ خلاص قمت به من أجل البشر
ننظر إلى الماضي فنجد قوّة للحاضر ورجاء لمستقبل فيه خلاص جديد
نحن في زمن الفصح، والزمن زمن عيد نتذكّر فيه أعمالك ووصاياك
نقف أمامك يا يسوع القائم من الموت، ونقدّم لك وعودنا ومقاصدنا
أعطنا الأمانة لما نعده بك والثبات في مقاصدنا.

هللويا. احمدوا الرب لأنه صالح، لأن إلى الأبد رحمته.
كيف أحدّث بجبروت الرب وأسمع كلَّ تهليل له؟
هنيئا لمن يراعي العدل، ويعمل بالصدق في كل حين.

هللويا، هذا هو نشيد مديحنا، وكل اعتراف بخطايانا هو اعتراف بعظمة رحمتك وأعمالك
هللويا، هذا نشيد يعبّر عن فرحتنا بك يا إلهاً محباً للبشر
هللويا، نسبّحك أيها الربّ، يا من تحنو على البشر رغم ذنوبهم، وتقترب منهم رغم ابتعادهم عنك
هللويا، نشكرك أنت يا من تحت إكراماً لاسمك، يا من تغفر مدفوعاً بنعمتك وحدها.

بعد أن ساد الموت البشر بالخطيئة، فاضت نعمتك وعطاياك
بعد أن قاد الموت الناس إلى الهلاك، جاءت رحمتك فقادت البشر إلى البرّ والقداسة
بنعمتك سادت الحياة، فنلنا فيض النعمة وموهبة البر
بنعمتك تبرّرنا، رغم خطايانا، بربّنا يسوع المسيح، من أجل الحياة الأبدية.

ولكن أنبقى في الخطيئة حتى تفيض نعمتك علينا يا رب؟ كلا
فغفرانك نداء لنا نحن الذين تعمّدنا في ابنك يسوع حتى نَسلُك في حياة جديدة
متنا معه في موته، وشاركناه في قيامته، فكيف لا نحيا من حياته
ولهذا يدعونا الكتاب ويهنئنا إن عشنا بالعدل في أعمالنا والصدق في أقوالنا
هذه هي الطريقة التي بها نخبر بجبروتك وأعمالك العظيمة يا الله.

نحمدك يا رباً صالحاً، فأنت إله عليّ رهيب، وملك عظيم على جميع الأرض
نحمدك يا رباً صالحاً، يا من أنت أرفع من السماوات، ومجدُك يملأ الأرض
نحمدك يا رباً صالحاً، وننظر إلى أعمالك المرهوبة وصنائعك عند بني آدم.

نمجّدك يا رباً صالحاً، يا من لك البحر وأنت صنعته، يا من لك البرّ وأنت جبلته
نمجّدك يا رباً صالحاً، فالبهاء والجلال أمامك، والعزة والمجد في موضعك المقدس
نمجدك يا رباً صالحاً، ونسجد أمامك يا إلهاً عظيماً وقديراً، وسيداً لا قياس لإدراكه.

أذكرني برضاك على شعبك، وافتقدني يا رب يوم خلاصهم
لأرى هناء الذين اخترتهم، وأفرح بفرح أمتك، وأتهلّل معهم وهم ميراثك
خطئنا نحن وآباؤنا، وفعلنا الاثم والشرّ.

أذكرني يا رب يا إله آبائنا، ولتبلغ صلاتي إليك
لا تُشح بوجهك عن توسّلاتنا، ولا تتحوّل عن طلباتنا
أنت تعلم أننا لا نتجاسر أن نقول لك بوقاحة: ما خطئنا نحن ولا آباؤنا
أنت ترى أنّنا لسنا بقساة القلوب، ولهذا نقول لك: خطئنا،
فيا إلهاً أميناً وعادلاً، إغفر لنا خطايانا، وطهّرنا من كل شرّ.

أذكرني يا الله بالخير، أذكرني وارحمني بحسب كثرة مراحمك
أذكرني يا الله وخلّصنى، لأحمد اسمك القدوس وأفتخر بالتهليل لك
أذكرنا يا الله، فأنت أبونا واسمك منذ الدهر فادينا
أذكرنا يا الله، وانظر إلينا من مسكنك المقدس، وأظهر غيرتك وجبروتك.

أذكرني إكراماً لشعبك وما أقمته من عهد معه بشخص ابنك يسوع
أنت تحبّني وتحبّ كل واحد منا، ولكنك تحبّنا لأننا أفراد من شعبك، أعضاء في كنيستك
أنا ابنك، وكلّ منا ابنك، ولكننا أبناء في ابنك يسوع المسيح
نحن يقودنا روحك يا الله، فنحن أبناءك يا الله، وبهذه الثقة ندعوك أبّا، أيها الاب
فلا تخيّب رجاءنا، واستجبنا بموت ابنك الحبيب وقيامته
واقبل تضرعنا برضاك على كنيستك التي هي علامة حضورك في الكون.

غضب الرب على شعبه وكرههم وهم ميراثه
سلّمهم إلى أيدي الأمم، فتسلّط عليهم مبغضوه
ضيقّ عليهم أعداؤهم، فخضعوا تحت أيديهم.
وكثيراً ما أنقذهم، فاستمرا على عصيانهم، وهلكوا في ذنوبهم
لكنه رأى ضيقهم، عند سماعه صراخهم
فذكر عهده لهم، وندم لكثرة رحمته.
أبدى لهم رأفته، أمام الذين سبوهم.

نسجد أمامك يا رب، ونقرّ لك بخطايانا، بخطايا شعبك
لا نريد يا رب أن نبرّر نفوسنا على حساب جدودنا والذين سبقونا
بل نعلن لك أن شعبك اليوم كشعبك في الماضي خاطىء هو رغم ما أفضتَ عليه من نِعَم
شعبك اليوم كشعبك في الماضي، ما عرف نواياك وما فهم مقاصدك
تسير الامور كما نريد، فندعوك الاله الخيّر الصالح، ونتقرّب منك
تسير الامور عكس ما نشاء، فنحسبك إلهاً غائباً بعتَ شعبك كالغنم.

ولكنك الاله المخلّص، خلّصتنا إكراماً لاسمك
ولكنك الاله القدير، انتهرت البحر فجفّ، وسيّرت شعبك في لججه كما في القفر
ولكنك الاله العظيم، غمرت شعبك بعجائبك وعرّفتهم جبروتك
فآمنا بك ووثقنا بكلامك، ولكن ثقتنا تبخّرت أمام الصعوبات
لأننا وثقنا بنفوسنا وما وثقنا بك، واتكلنا على مشورتنا لا على مشورتك وكلامك.

جرّبناك يوم خفَّ إيماننا، وطلبنا وما زلنا نطلب منك المعجزات
جرّبناك فرفضنا أن نسير معك في الطريق الذي تدلّنا عليه خوفاً من الصعوبات والمحن
جرّبناك فطلبنا الطريق السهل، لا الطريق الصعب المؤدّي إلى الحياة
جرّبناك فطلبنا طريق المجد والظفر
ونسينا أن المسيح حمل صليبه ومات قبل أن يصل إلى مجد القيامة.

وهكذا نجد نفوسنا في ما نحن عليه من تعاسة وألم وشقاء
نحسب أنك تغضب علينا وتكرهنا، وهل يكره أب أبناءه،
نحاسب أنك تتخلّى عنا وتسلّمنا إلى أيدي أعدائنا.
ولكن هل تنسى أم أبناءها وتتخلّى عن ثمرة حشاها
نظنّ أنك لا ترى ضيقنا، ولا تسمع صراخنا،
نظن أنك نسيت عهدك معنا.

ولهذا نطلب منك السماح، بعد أن رأينا ما أبديته من رأفة لنا
أنت يا منقذنا رغم عصياننا، أنت يا سامع صراخ البائسين والمساكين
أذكر عهدك معنا، ولا تسمح أن نعاملك معاملة تنكر جميلك ومعروفك.
الخطيئة هي أن ننسى، والإيمان هو أن نذكر
فاعطنا أن نذكر نعمك ولا ننساها، وأن نتذكر خطايانا التي أبعدَتنا عنك.

خلّصنا يا رب إلهنا واجمعنا من بين الأمم
لنحمد اسمك القدوس ونسبحّ ونهلل لك
تبارك الرب الإله من الأزل إلى الابد. آمين. هللويا.

الآن وقد عرفنا تاريخك مع شعبك، نتجرّأ فنطلب منك
أنت يا من فضبُك ساعة ورحمتك كل ساعة، إرحم ولا تغضب
باسمي، باسم كل واحد منا، خلّصنا، خلّص شعبك، فنحمد اسمك القدوس
إذا كنت عاقبتنا بسبب العهد الذي قطعناه معك فخنّاه وما عملنا بوصاياك،
فخلصنا بسبب العهد الذي قطعته أمامنا بأن ترحمنا إلى أجيال فأجيال.
آباؤنا في الإيمان، صنعوا الشرّ في عينيه في مصر وفي البرية
تناسوا أعمالك العظيمة، وما شعروا بكثرة نعمك وأفضالك
وآباؤنا في العهد الجديد الذين عرفوا محبّتك منذ يوم الجمعة وصليب يسوع أغاظوك مراراً.
ونحن أغظناك معهم بتبجّحاتنا وتحدّياتنا لإرادتك ووصاياك.

فاذكرنا، وكن رؤوفاً بنا، كما كنت في الماضي مع آبائنا
برحمتك لشعبك وبأمانتك لعهدك، تعال افتقدنا وخلّصنا
من أجل آبائنا الذين أرضوك بأعمالهم، تقبّل أعمالنا ولا تذكر خطايانا
وكما وجد آباؤنا مجداً في ميراثك ومشاركة في مديح حبك
أعطنا أن نشاركهم سعادتهم وهناءهم معكم مدى الدهر.

فيا يسوع الوديع والمتواضع القلب، أعطنا قلباً مثل قلبك
خذ قلبنا واجعله مجرفة حبّ لتكفّر به عن خطايانا وخطايا جميع العالم
خذ أعمالنا، خذ تضحياتنا، خذ كل همومنا وآمالنا
واجعلنا لك شعباً مباركاً يمجّد اسمك مدى الدهر وإلى الابد

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM