إنجيل يوحنا: كتاب الآيات

تقديم

لماذا هذا الكتاب؟
سنة 1992، نشرت كتاباً عن القديس يوحنا، وحاولت فيه بعد المقدمات أن أقدّم شروحاً لنصوص الكتاب المقدس. ولكن بعض النصوص لم تشرح فعاتبني القراء. فأحببت أن أكمّل العمل. لهذا، كتبت جزءاً في سلسلة الصلاة الربية على غرار متى ومرقس ولوقا، وسمّيته (يسوع كلمة لله في إنجيل يوحنا). واتبعته بجزئين يشرحان ما لم يُشرح في الجزء الأول من هذه النزهة في إنجيل يوحنا. وها هو الكتاب بين يديك وأرجو أن يساعدك على التأمّل، على تهيئة حلقة إنجيلية أو عظة يوم الأحد.
توقفت في هذه الشروح عند الوجهة الفيلولوجية، في دراسة النص الأصلي وطريقة انتقاله لكي يصل إلينا. وعند الوجهة التاريخية، أي كيف وُلد النصّ الأصلي. وانتقلنا الى الوجهة الرسالية: ما الذي يحمله هذا النص من إعلان لانجيل المسيح ومن غنى لتعليمه؟ أخيراً وصلنا إلى ناحية اللاهوت الكتابي. ماذا تعلّمنا النصوص البيبلية الاخرى عن الموضوع الذي نكتشفه في هذا النصّ.
من الوجهة الفيلولوجية، نعرف أن أقدم مقطع لإنجيل يوحنا وُجد في بردية مصرية تعود الى سنة 125 ب. م. وهي تتضمّن بضعة آيات من ف 18. هذا ما يدلّنا على أن إنجيل يوحنا دوّن في نهاية القرن الأول، وانتشر حتى وصل الى مصر في الربع الأول من القرن الثاني. وحوالي سنة 200 كُتبت كودكسات (الكودكس هو مجموعة نصوص) كاملة وقد حُفظت لنا شبه كاملة. مثلاً، بردية 66 التي نشُرت سنة 1956 (اسمها: بردية بودمر، الثانية، باسم صاحبها). وبردية 75 التي نُشرت سنة 1961 (بودمر الخامسة عشرة). وفي القرن الرابع، وُلدت المخطوطات الكبرى على الرق (جلد الحيوان يهيّأ لهذا الإستعمال) بالخط الاسفيني (أي الحرف الكبير): الفاتيكاني، السينائي. ثم جاءت المخطوطات الجرارة، ويعمل العلماء على اكتشاف النص الأكيد كما نُقل إلينا منذ سنة 95 إلى أيامنا.
أما على مستوى أساليب النقد الأدبي والتاريخ الأدبي، فنتساءل: كيف تكوّن النص بين سنة 30 وسنة 95، بين موت يسوع وقيامته، وبين التدوين النهائي للانجيل الرابع. لا مراجع مكتوبة في أيدينا، ولكننا نحاول أن نتتبع مراحل النص من خلال ما نعرف من التاريخ العام، فنكتشف الموقع الحياتي لهذا النص أو ذاك. وتجاه هذا، إن التعرّف إلى الظروف التاريخية يساعدنا على فهم الانجيل فهماً أفضل. فكلمة الله تتوجّه إلى بشر محدّدين في مكان وزمان معينين.
وهكذا نصل إلى الوجهة الرسالية. ماذا أراد الإنجيل أن يعلن من بشارة؟ ما هو هدفه الاصلي؟ ماذا أراد هذا الإنجيل أن يقول لجماعات محدّدة في عصره؟ ما هي السبل التي استعملها؟ هنا ينتهي عمل التحليل والتفسير. ويبدأ عمل اللاهوت الكتابي الذي يقابل النصوص بعضها ببعض، فيساعدنا على اكتشاف غنى الكتاب المقدس الذي هو عمل لله وعمل الانسان معاً.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM