على عود بعشرة أوتار لو لم يكن الرب معنا

124
لو لم يكن الرب معنا

ثلاث محطّات تتوزّع مزامير المراقي (120- 134)، مزامير الصعود إلى أورشليم وهيكلها. أو مزامير الحجّاج لأن المؤمنين الذين يحجّون إلى المدينة المقدّسة يتلونها صلاة تهيّئهم للمشاركة في الاحتفالات. المحطة الأولى: الصعود إلى أورشليم بحصر المعنى مع مز 120- 122. والثانية: الثقة التي تقيم قي قلب المؤمنين حين يدخلون أورشليم (123- 128). والثالثة: بركات تكفل المستقبل الذي بدا غامضاً إن لم يكن مظلماً.
في مز 124، لا نجد ذكرا لصهيون. فنحن في داخلها تتجاذبنا عاطفتان من الذلّ والضيق بسبب المنفى والعبوديّة. أترى "زال" الضيق بعد أن رفع المصلّي عينيه إلى يد الله التي تفعل؟ فظلال الماضي بدأت تتلاشى حين تذكّر المؤمن الأخطار الكبيرة التي نجا منها بشكل عجيب وبمساعدة الربّ.
يتذكّر الحجّاج قبل انطلاقهم، أو خلال مسيرتهم إلى أورشليم والهيكل، محنة غير محدّدة: تصدّى لهم أناس وأرادوا أن يقتلوهم. هل هم اللصوص؟ هل هم جيش غريب؟ هل هم المضطهدون؟ المهمّ هو أن هؤلاء الحجّاج كانوا على حافة الدمار ولكنهم نجوا بقدرة الله. وها هم قد جاؤوا يشهدون لهذا الخلاص أمام الجميع. خبرتهم لا تخصّهم وحدهم. فجاؤوا يتقاسمونها مع اخوتهم.
وهكذا يرى الشعب كله هذه المعجزة (آ 1). فما حصل لواحد حصل للجميع. وما احتمله الأعضاء وصل إلى الجسد كلّه. والنجاة التي نعم بها الأفراد يجب أن تفرح الجسد كلّه. كما قال بولس الرسول: "فإذا تألمّ عضو تألّمت معه جميع الأعضاء. وإذا أكرم عضو فرحت معه سائر الأعضاء" (1 كور 12: 26).
ومن كان سبب هذه النجاة؟ "الربّ معنا". "الربّ لنا". فالربّ هو المعين الوحيد لشعبه (آ 9). فلولاه لدُمّر هؤلاء الناس. ولهذا جاؤوا يشهدون في هيكله. هم لم يأتوا ليمتدحوا فضائلهم أو ليقولوا إنهم "ساعدوا" الربّ. كادوا يُبتلعون فنجّاهم الله. ويشبّه الاعداء بالحيوانات المفترسة والسيول الجامحة والفخاخ والاشراك. مزّق الربّ الشباك. بعثر الحيوانات المفترسة. وهدّأ السيول كما فعل مع. البحر الأحمر حين مرّ شعبه كما على أرض يابسة. كل هذا الخلاص تمّ يوم استعان المؤمن بالرد الذي خلق السماوات والأرض.

نشيدنا اليوم نشيد الثقة والاتكال، وإليك نرفع عيوننا يا ربّ
نشيدنا نشيد الثقة، فمتى يأتي عوننا يا خالق السماوات والأرض
نشيدنا نشيد الاتكال، وإياك ننتظر يا من لا تنعس ولا تنام
إليك نرفع نشيدنا، وبك نتقوّى، يا من يحرسنا من كل سوء
أنت تحرسنا يا رب في رواحنا ومجيئنا من الآن وإلى الأبد.

إليك ننظر يا رب، ومنك ننتظر كل عون ومساعدة
العبد ينظر إلى يد سيده، والأمة تنظر إلى يد سيدتها
ونحن ننظر إلى يدك، فهي تغدق علينا العطايا والنعم
يمينك قديرة، يمينك قويّة، فهي تفعل وتعاملنا بالرحمة
فأرسل إلينا يا ربّ يمينك، وتخّن علينا بعد أن عيرّنا المتكبرون، وهزىء بنا الوقحون.

لو لم يكن الربّ معنا، ردّدوا يا بني إسرائيل،
لو لما يكن الربّ معنا حين قاموا علينا.

صرختنا صرخة الألم والضيق بعد أن حلّ بنا ما حلّ
ولكن صرختنا تنقلب فرحاً بعد ما فعل الله ما فعل
لو لم يكن الله معنا، ماذا كان حلّ بنا، وأية شرور كانت أصابتنا
ولكن الله كان معنا، ولهذا لم تكن صرختنا صرخة يأس بل هتاف فرح.

فأنت الذي تنصرنا على من يضايقنا وتخزي من يبغضنا
لهذا نهلّل لك النهار كله، ونحمد اسمك على الدوام
فلا تنبذنا، ولا تخزنا، ولا تتخلَّ عنا
لا توقف يدك، بل تدخّل، لا تبقَ مكتوف اليدين، بل افعل
تعال إلى مساعدتنا ضد المضايق، لأن عون البشر عون هزيل.

نحن آمنا فماذا يصيبنا؟ نحن سنرى عونك، فإلى ماذا نحتاج
نحن رجوناك يا ربّ، ولهذا ننتظرك، فنتشدّد ويتشجّع قلبُنا بك
لو لم تنصرني يا ربّ، لصرت إلى الموت، وسكنت الجحيم
فأنت معنا، وأنت في وسطنا، وأنت تعمل من أجلنا
فما أعظم عنايتك بنا يا الله.

أنت حاضر يا ربّ، وحضورك فاعل من أجل محبّيك
أنت عمانوئيل، أنت إلهنا القائم في وسطنا والفاعل من أجلنا
حضورك أكثر من حضور خفيّ، وظهورك واضح في شعبك وضح النهار
تعمل بيد قوية وذراع ممدودة، ولهذا نشكرك ولا نملّ من شكرك يا ربّ.

لو لم يكن الربّ معنا لابتلعونا ونحن أحياء يوم احتدَّ غضبهم علينا
ولجرفتنا المياه بعيداً، وعبرت السيول علينا
نعم لعبرت علينا تلك المياه الطاغية.

لو لم يكن الربّ معنا، لكنّا كقطيع غنم لا راعي له
هاجمته الوحوش ومزّقته، وما تركت له من أثر
فبك أحتمي، أيها الربّ إلهي، ومنك أطلب أن تخلّصني من خصومي.
فهم كالأسد يفترسون نفسي، ويمزّقونها وليس من ينقذ.

لو لم يكن الربّ معنا، لكنا كالمسافر الذي ضلّ الطريق وتاه
هبّت عاصفة وفاضت المياه، فجرفته المياه الطاغية
ولكني أثق بك يا ربّ، تُرسل من عليائك فتأخذني، وإلى البحار فتنشلني
تنقذني من العدو مهما كان جباراً، ومن الخصوم مهما كثر عددهم.

هذا ما قال إرميا بلسان شعبك الذي دُمّرت مدينته أورشليم
أكلني نبوكدنصر ملك بابل، وأفناني، وتركني كإناء فارغ
ابتعلني كالتنين، وملأ جوفه من طيّباتي، ثم رماني
وقال اشعيا: جاءت مياه النهر العظيمة الغزيرة، جاء ملك أشور،
فطفت على شطوط يهوذا، وطفحت وغطّت كل شيء.

ولكن أسمعك يا ربّ تقول: هذا ما قال الربّ خالقك: لا تخف
أنا افتديتك وتبنّيت قضيتك، أنا دعوتك باسمك وجعلتك في خدمتي
فأنت لي وأنت تخصّني. من يجسر أن يمسّك، وإن فعل كان كمن يمسّ حدقة عيني.

وتقول لي: إذا اجتزت في المياه، فإني معك
وإذا عبرت في الانهار، فلا تغمرك
وإذا مررت في النار، فلا تحرقك ولا يلفحك اللهيب
فأنا الربّ إلهك، أنا الإله القدوس الذي يخلّصك
لا تخف فإني معك، فأنا خلقتك وجبلتك لتُظهر مجدي.

تبارك الذي لم يجعلنا فريسة لأسنان أعدائنا
نجونا كالعصفور من فخ الصيادين. انكسر الفخ ونحن نجونا
عوننا باسم الربّ خالق السماوات والأرض.

خلصتنا يا ربّ، ونحن لن ننسى خلاصاً هيأته لنا
خلّصتنا يا ربّ، ولهذا نشكرك ونمدحك ونباركك
بك احتميت، مهما شدّ الأشرار أقواسهم وسدّدوا سهامهم
بك احتميت، وأنت تنقذني من فخ الصياد
تظلّلني بريشك وتحميني تحت جناحيك.

تباركت يا ربّ، فأنت سمعت صوت تضرعي
تباركت يا ربّ، لأنك ترس تحميني
تباركت يا ربّ، لأنك أظهرت لي رحمتك العجيبة وجعلتني كمدينة حصينة
تباركت يا ربّ، منذ الأزل وإلى الأبد.

تباركت يا ربّ، فأنت لم تردد صلاتي، ولم تحرمني من رحمتك
تباركت يا ربّ من صهيون؟ يا ساكناً في أورشليم
تباركت يا ربّ، أنت يا رحمتي وملجأي، يا معقلي ومنقذي
تبارك اسمك القدوس مدى الدهر وإلى الأبد.

توكّلنا عليك في الماضي يا ربّ، فما خيّبت آمالنا
وتوكّلنا عليك اليوم، فصنعت لنا خلاصاً عظيماً
ونتوكّل عليك في المستقبل ولا نخاف على مصيرنا
لأن خالق السماء والأرض يحنو علينا،
لأنك أنت يا ربّ تحنو علينا، لهذا لا نخشى شيئاً.
أنت عوننا وترسنا، وإياك تنتظر نفوسنا يا ربّ
أنت عوننا وخلاصنا، فلا تبطىء في خلاصك يا ربّ
إليك نرفع عيوننا، فمنك يأتي عوننا يا صانع السماوات والأرض
إليك نرفع عيوننا، فترسل إلينا عوناً من هيكلك المقدس، وعضداً من مدينتك صهيون.

عوننا باسمك يا ربّ، فلا تُشح بوجهك عنا
فما أعظم اسمك في الأرض كلها أيها الربّ ربنا
وما أكرم الحماية التي يؤمّنها اسمك لشعبك.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM